الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقاءهما، فجعلا يرحلان بمرأى منه ومسمع، وينزلان بمأمل فيهما ومطمع، وجعل يقتفيهما في كل منزل، فإذا رحلا يتبع قفاهما وينزل، وكان خليل سلطان معتمداً على عسكره، مستيقناً بحلول نصره وظفره فكأنه في بعض الليالي غفل عن التحرس، وكان لهم في جيشه من دأبه التجسس والتحسس، فخيبه الظن وخانه، وحط على مكان يسمى شرابخانه، وكان قد تقدم على الثقل، فطار جاسوسهما إليهما بما فعل، فأقبلا كالسيل، وبيتاه بالليل، فجرح من عسكره جماعة، وكأنما قامت القيامة في تلك الساعة، ثم تركاه وردا، وفرا عنه وندا، وتشتتا في المهامه والموامي، ومن أين للسلطان اقتناص الحرامي؟ فكف عنهما عنان الطلب، وقصد بالسلامة دياره وانقلب
ذكر مفارقة شيخ نور الدين خدايداد
وتقاسمهما تلك البلاد
ولما كانت مودة خدايداد وشيخ نور الدين كالجرة الفخار، وأساس ما بينهما من الصداقة كمن أسس بنيانه على شفا جرف هار، اختلفا وما ائتلفا، وتجاذبا شقة الشقاق، ونفق في تبايعهما بضائع النفاق " ولم يعلم أحد من راق، وظن أنه الفراق " فقهقر شيخ نور الدين نحو سغناق، واستولى على تلك الأطراف والآفاق
ذكر رجوع شيخ نور الدين إلى الاعتذار
والتنصل عند خليله مما كان منه وصار
ثم أرسل شيخ نور الدين إلى خليل سلطان، واعتذر عما صدر منه من العصيان، وطلب منه أن يقابل إساءته بالإحسان، ويرجع إليه عوائد صدقاته كما كان، فأجابه إلى سؤاله وأسبل على سوءه جرمه ذيل النسيان، وأرسل إليه امرأة جده تومان " فصل " ولم يزل على الوفاق، وشق شقة الشقاق، مرتبقاً ربقة الرفاق، حتى وقع خليل سلطان في الرباق، وصفا لشاه رخ " ملك " سمرقند وراق، توجه إليه شاه ملك مظهراً الصلح ومضمراً النفاق، واستنزله بالمكر من قلعة سغناق، بعد أن أحكما العهد والميثاق، ووقع بينهما الاتفاق، أن يتلاقيا ركبانا، ويتباثا الأشواق، بعد السلام والاستلام والعناق وكان في جماعة شاه ملك شخص يدعى أرغوداق، ثم أقبل
شاه ملك بجماعته، ونزل شيخ نور الدين من قلعته، وسار شاه ملك وحده، من غير عدة وعدة، وتعانق هو وذلك المغرور، وبثه ما نابه في غيبته من أمور، وسرور وشرور، فأكد عليه الميثاق والعهد، ووصى كل منهما ما يفعل الآخر من بعد، ثم ودعه وانصرف واتصل بجماعته ووقف، وسارع كل من جماعته بمفرده، إلى مصافحة شيخ نور الدين وتقبيل يده، حتى أفضت النوبة إلى أرغوداق، فتوجه بما أضمره من الخداع والنفاق،
وكان في الشجاعة أسداً، وكالفيل قوة وجسدا، فوصل إليه، وقبل يديه، ثم التزمه عناقا، وأحكمه اعتناقا، فاقتلعه من سرجه، وأهبط نجمه من برجه، وقطع رأسه، وفجع به ناسه ولما سمع بذلك شاه رخ طفق يندب ويصرخ، ولعن شاه ملك ونهره، وضرب أرغوداق وشهره، لكن ما أمكنه وصل ما قطعاه، ولا غرس ما قلعاه، كما قيل
وليس لما تطوى المنية ناشر
واستمر مدة لا ينظر إليهما، ثم بعد ذلك رضي عليهما، واستمر خدايداد متشبثاً بأذيال العناد، مشركاً بين العتو والفساد، غير مسلم إلى الصلح القياد، إلى أن أباره الدهر وأباد،