الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والغلاظة
وكان خليل سلطان لطيف الذات، ظريف الصفات، نسيم أخلاقه لا يحمل من خدايداد زعازعه، وبرد مزاجه اللطيف لرقة حاشيته، لا يثبت لمجاذبة المشاقة والمنازعة، فتولد من تلك القساوة بينهما العداوة، وسعت بينهما الوشاة، إلى أن دس له مهلكاً فسقاه فكأنه أحسه، فتدارك نفسه، وتعاطى علاجه، وما يصلح مزاجه، فقضى الزمان أن نصل من تلك الداهية، فنجا منها وليتها كانت القاضية، وبقى فيه من ذلك أرج أورثه العرج، فصارت العداوة الخاصة عامة، وغدت هذه الفعلة لهذا المعلول علة تامة
فصل
ثم إن ألله داد، حلف لخدايداد، الأيمان الغلاظ الشداد، وأكد هذه الأيمان، بأن استصحب معه القرآن، وأشار إليه، ووضع يده عليه، وزاد تأكيداً بأيمان الطلاق، وبالالتزامات والنذور والعتاق، أنه لا يقبض عن طاعته يدا، ولا يستحيل عليه أبدا، وأنه إن توجه إلى سمرقند يجهد في رأب ما انصدع،
ورد ما انفدع ورتق ما بين الجانبين انفتق، ورفع ما في خواطرهما من الشحناء والعداوة انخرق، وأن يجهز له تومان إحدى نساء تيمور وحاصل الأمر أن تكفل بحسم مواد الشرور، وإصلاح الأمور، وإن عجز عن رفع الشنان، ومحو سطور العدوان، فإنه لا يستحيل عن مصادقة خدايداد في السر والإعلان، وصار يتملق ويترقق، ويتوصل بتمويهات زخارفه إلى مجاري فكره ويتسلق ويشدد أيماناً ترجف القلوب وتصدع، بالله الواحد ويثنى بالطلاق الثلاث من زوجاته الأربع، وكان مخيمهم على ساحل سيحون ممتدا، وهو عن شاه رخية نحو من بريدين بعدا فعبر سهم ختله إلى سويداء قلبه بمكر ودخل، وغربله إذ طحن معه ناعماً ما زرعه بيمينه في ساحله ونخل، إلى أن سمح بإطلاقه، بعد تأكيد عهده وميثاقه، فرجع ألله داد إلى وثاقه، واجتمع بحاشيته ورفاقه، وكانوا في شاه رخية، وأخبرهم بهذه القضية، وكان قد هيأ قبل ذلك أمره، وأخذ من كل جهة أسلحته وحذره، ثم إنه شمر الذيل، وقطع سيحون بالمراكب تحت جنح الليل