الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تساوق التدريب أو النظام:
اتضح من الدراسات التجريبية في التعلم أن السلوك المكافئ جزئيًا "في بعض الأحيان وليس في كل الأوقات" Partial Reinforcement يكون أكثر ثباتًا ويقاوم التغير، عن السلوك الذي يلقي مكافئة باستمرار، وبطريقة مماثلة فقد وجد أن العقاب المتسق والثابت لسلوك معين كالعدوان مثلا سوف يقلل من حدوثه بصورة كبيرة، أكثر من حدوث ذلك نتيجة عقاب هذا السلوك في بعض الأوقات وتجاهل ذلك في أوقات أخرى، وعمومًا فإن السماح الجزئي لسلوك ما "من وقت إلى آخر" يكون بمثابة مدعمًا ضمنيًا جزئيًا لهذا السلوك.
ويشير كل من دير Deur وبارك Parke إلى تأثير التدعيم الجزئي، ففي إحدى الدراسات اختبرت ثلاثة مجموعات من الأطفال في عقاب دمية كبيرة تحت ثلاثة ظروف تدريبية معينة، حيث تلقت إحدى المجموعات مكافأة مستمرة لمعاقبة الدمية، وتلقت المجموعة الثانية المكافأة نصف الوقت ولم تكافأ في النصف الآخر، وتلقت المجموعة الثالثة مكافأة نصف الوقت ولكنها تلقت عقابا في النصف الآخر بواسطة صوت عال مرتفع والذي قيل لهم: إن هذا الضجيج يشير إلى أنكم تلعبون بصورة سيئة، وفي اختبارات فرعية لاحقة لوحظ مدى استمرار تلك الجماعات في معاقبة الدمية في حالات عدم تلقي المكافأة أو العقاب.
والنتائج الموضحة في الشكل "3" تشير إلى أنه سواء عوقب السلوك العدواني للأطفال بصورة ثابتة أو حدث تجاهل لهذا السلوك، فإن الأطفال الذين تلقوا 50% مكافأة، و50% عقابًا لمعاقبتهم الدمية، استمروا في معاقبتها لمدة أطول من المجموعتين الأخريين، كما أظهر الأطفال الذين تلقوا مزيجًا من العقاب والمكافأة، أظهروا عقابًا موجهًا إلى الدمية فيما بعد بصورة أطول من المجموعة التي كانت تتلقى العقاب المستمر، حيث كان معدل سلوكهم العدواني 21.1 من الوقت، وكان الأطفال الذين يتلقون المكافأة 100% من الوقت ويتجاهل عقابهم اللاحق أظهروا سلوكًا عدوانيًا بمعدل 26.5 من الوقت. انظر الشكل "2".
وتشير هذه النتائج أن الآباء يمكنهم مساعدة أطفالهم تعلم الأحكام الصائبة الجيدة، والضبط الذاتي وذلك عن طريق الاستقرار على معايير السلوك المطبقة والتدعيم المنتظم لهذه المعايير، ومن جانب آخر إذا لم يتفق الوالدين على ما يجب لأطفالهم أن يسلكوا، أو يعاقبون بعض الأفعال المعينة في بعض الأوقات وليس باستمرار نجد الأطفال يصدرون ثمة أنماط سلوكية غير سوية كالعدوان والتهور والاندفاعية والأفعال غير المسئولة نحو الآخرين.
والطرق التي يؤدي إليها التدريب غير المتناسق إلى تطبيع اجتماعي غير سوي يفترض أن الأطفال الذين يواجهون بتدريب غير متناسق يميلون إلى استنتاج أن آباءهم يعتبرون بمثابة أشخاص غير موثوق بهم ولا يعول عليهم، حيث إنهم لا يعنون ما يقولون، وهؤلاء الأطفال عادة ما يكون لديهم صعاب ومشكلات نمائية معينة Rotter بفقدان القدرة الداخلية على الضبط، وبالتالي نجدهم يسلكون وفقًا لكيفية رؤيتهم الأحداث الخارجية وفهمهم لها، وعادة ما يخلق هؤلاء الأطفال في تكوين الضمير المناسب حيث يرون قدرتهم قضاء وقدرًا، أو أنها قد ترجع إلى من يسوسهم، ويرجع عدم اقترافهم أعمالا غير خلقية إلى الخوف من الإمساك والقبض عليهم وإنزال العقاب بهم، وعلى نقيض هؤلاء كان الأشخاص ذوي التذويب الداخلي للأخلاق يعتقدون بأنهم يملكون الضبط والتحكم على مصائرهم أو قدرهم، وقراراتهم السلوكية تنبع من شعورهم وإحساسهم الخاص بالخطأ والصواب وذلك أكثر من الخوف من النتائج والعواقب الخارجية.
وتشير نتائج دراسات Hoffman؛ "1974" أن الأطفال الذين نموا شعورًا أو إحساسًا داخليًا بالخلق، يكونون أميل للشعور بالذنب عندما يكون سلوكهم ضارًا أو مؤذيًا للآخرين، وذلك أكثر من هؤلاء الأطفال الذين كانت أفعالهم محكومة بصورة أولية عن طريق وسائل الضبط الخارجي، كما أنهم كانوا أمثل إلى تقبل اللوم في حالة وقوعهم في الأخطاء، ويعترفون بالإثم والجرم الذي ارتكبوه دون أن يكتشفوا. وعادة ما يقاومون تشجيع الآخرين لهم في اقتراف الأفعال غير الخلقية أو التافهة، وبالتالي فإن الأطفال الذين طبق عليهم التدريب الأبوي أو النظام الأبوي المتناسق والمتسق لكي ينموا ضبطًا داخليًا كانت الفرصة أمامهم أفضل للنمو إلى راشدين يقدرون على تحمل المسئولية.