الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العالم التصوري للطفولة الوسطى:
عندما يصل الأطفال للعمليات الحسية، فيمكنهم من الناحية العقلية تعلم ثقافة الطفولة، وهذه الثقافة تتضمن لغة واسعة شاملة، ومعتقدات تقليدية ومعارف مكتسبة تلائم ميول الأطفال، ويحدث التناغم والتساوق بينها جميعًا لتفادي أذى الأحداث غير المرغوب فيها "فعادة ما نجد مجموعة الأناشيد والألغاز والسخريات شائعة بين الأطفال".
وتلك اللغة ومجموعة المعارف المكتسبة أو التقليدية يبدو شيوعها في أغلب الثقافات، وعلى الرغم من اختلافها من ثقافة إلى أخرى، إلا أنها دائمًا ما تتعامل وتعبر عن تخيلات الأطفال العامة ومخاوفهم وغضبهم وعدم شعورهم بالسعادة، وهكذا، كما أن هذه المعارف والمعتقدات عادة ما تكتسب عن طريق إرجاعها إلى مرحلة مناسبة.
كما أن هذه المعارف والمعتقدات عادة ما تكتسب عن طريق الخبرة وتنتقل من جيل إلى آخر، فقد يتغنى الأطفال بقواف أو إيقاع معين ويسألون الألغاز التي يمكن أن ترجع إلى سنوت عديدة مضت، وعلى الرغم من أن ثقافة الطفولة قد تخدم أهدافًا كثيرة، إلا أننا نجد أن الهدف الرئيسي هو تمكين الطفل التمثل Assimlate داخل جماعة رفاقه، فعن طريق تعلم الإيقاع والأنغام المناسبة والألغاز، نجد طفل المدرسة الابتدائية قد أصبح عضوًا أساسيًا في جماعة الرفاق.
وثقافة الطفولة عادة ما تكون ثقافة احتفاظية Conservative بمعنى أنها تسرمد النموذج المقدم لها بواسطة الجماعة الأكبر وبدون تغيير جذري "على نقيض جماعة المراهقين الذين عادة ما يرغبون إدخال
تغييرات جذرية لعالم الراشدين من حولهم، وسنرى هذا فيما بعد".
ولا يعني ذلك أن أطفال هذه المرحلة "الطفولة الوسطى" يتسمون بتبلد الحس أو أنهم لا يتسمون بسعة الخيال، ولكنهم على العكس من ذلك حيث نجد تصورات الأطفال في سن المدرسة وتخيلاتهم لا تكون عادة مهتمة بالتغير الحادث في المجتمع، فهو ما يزال وراء إمكانية قدراتهم العقلية، وما يهتمون به يتمركز حول المغامرة والألغاز التي قد توجد في كتب الأطفال والتليفزيون والسينما، وكذلك في ألعابهم الخاصة، فأطفال هذه المرحلة يميلون إلى استكشاف المنازل المهجورة والأماكن العالية والأدوار تحت المنزل والأماكن الأخرى المتشابهة، حيث لا يوجد الراشدون في هذه الأماكن وكذلك يخبئ الأطفال ممتلكاتهم الخاصة بهم بهذه الأماكن، وجدير بالذكر فإن الحاسة والميل إلى الاستكشاف وحل الألغاز تكون جلية ظاهرة في عقول أطفال سن المدرسة.
وجانب أخير لعالم الطفل التصوري في هذه المرحلة وهو التفاؤل الدائم، بسبب عدم درايتهم بكثير من القيود التي توضح على محاولاتهم وبالتالي نجد الأطفال يعتقدون بإمكانهم أن يصبحوا ما يرغبون أن يكونوا عليه، على الرغم من عدم تأكدهم مما هم راغبون فيه حقيقة، ولا يكون الأطفال في هذه المرحلة النمائية متقدمون بصورة كبيرة لآلائهم أو مدرسيهم، أو مجتمعهم، ويكونون سعداء بصورة عامة مع عالمهم، ويرجع ذلك لأنهم يحيون هنا والآن Here & Now، كما أن الضغوط الاجتماعية عليهم ما تزال خفيفة، بالإضافة إلى قدرتهم في هذا السن التصور الكامل وتفهم كثير من المشكلات والمخاطر من حولهم والتي عادة ما نجدها مثار قلق وتوتر للمراهقين والراشدين من حولهم. فأطفال هذه المرحلة لا يزالوا يعتقدون أن المستقبل سيكون كما يرغبونه أو يأملون أن يكون عليه، وفي تلك المسألة يكمن جوهر عملية التفاؤل الداخلي التي يتسم بها أطفال مرحلة الطفولة الوسطى.
تعلم القراءة:
إحدى المهارات الأكثر أهمية لمرحلة الطفولة الوسطى والتي يجب تعلمها أثناء سنوات المدرسة الابتدائية المبكرة تتمثل في كيفية القراءة، فالقراءة ليست فقط ذات أهمية بالنسبة لكل مقرر دراسي كالحساب والعلوم، واللغة والدراسات الاجتماعية، ولكن أهميتها تنسحب إلى جميع جوانب الحياة، وعلى الرغم من أهمية تعلم القراءة، إلا أننا لا نجد نظرية
مقبولة وشاملة لتعلم القراءة Miller؛ "1974"، وعمومًا فإن تعلم القراءة يمكن أن يتم بطرق كثيرة مختلفة متدرجة من منحى العامية "غير الفصحى" إلى اللغة ذات الشكل البنائي العالي.
ويتساءل الآباء كثيرًا في أي عمر يجب أن يبدأ التعليم الرسمي؟ فالتعليم الرسمي الذي يتضمن دروس قراءة وتعلم أصوات الكلام والهجاء والتعليم غير الرسمي الذي يتضمن بعض النشاطات لإثراء اللغة كالاستماع إلى القصص، وتسجيل القصص وكتابة الحروف وهكذا. وبصورة عامة فإن التعليم الرسمي يعني تعلم مجموعة من القواعد في حين التعليم غير الرسمي يتمركز في أن يصبح الكلمات والأحرف مألوفة لدى الطفل.
وحتى الآن نجد عدم اتفاق في هذه القضية، فبعض الباحثين يشيرون أن التعليم الرسمي يمكن أن يبدأ سن أطفال مدارس الحضانة Berciter & Engleman؛ "1966"، ومن جانب آخر نجد Elkind & Briggs؛ "1973" يشيران أن التعليم الرسمي يجب أن يبدأ إلا بعد وصول الأطفال إلى العمليات العيانية "الحسية" Concrete، وعادة ما يكون ذلك في سن السادسة، وهذا التناقض في وجهات النظر هذه عادة ما تنبثق من مفاهيم مختلفة لعملية القراءة، فالفريق الأول الذي يؤيد التبكير في تعلم القراءة، يشيرون إلى أنها تعتبر بمثابة عملية تمييز، وتكون متاحة لقدرة الأطفال الصغار، والفريق الآخر المؤيد لتأجيل تعلم القراءة حتى سن السادسة يعتقدون أن القراءة البسيطة تتطلب عمليات عقلية مركبة وعادة ما تكون فوق قدرة معظم الأطفال الذين ما يزالوا في المرحلة قبل العيانية Preconcrete.
وعمومًا فإن البيانات والمعلومات للقطع في وجهات النظر هذه لم يبت إلى الآن، فلقد وجد Durin أن الأطفال ذوي القدرة المتوسطة الذين تعلموا القراءة، مبكرًا، قد احتفظوا بتفوقهم على الأطفال المتشابهين معهم في قدراتهم في السنوات اللاحقة للمدرسة، ومن جانب آخر نجد نتائج دراسة Briggs، C. & Elkind؛ "1973" تشير أن الأطفال الذين تمكنوا من القراءة في صورة مبكرة، ذوي القدرة المتوسطة، وصلوا إلى مرحلة العمليات العيانية مثل الأطفال المتشابهين معهم في قدراتهم والذين لم يتمكنوا من القراءة، كما أن البيانات معهم في قدراتهم والذين لم يتمكنوا من القراءة، كما أن البيانات ونتائج الدراسات في ثقافات مختلفة قد دعمت وجهة النظر الأخيرة، ففي الاتحاد السوفييتي والدول
الأسكندنافية، حيث يبدأ التعليم الرسمي بعد سن السادسة، وجد أن عددًا صغيرًا من أطفال هذه الثقافات يوجهون صعوبات في القراءة، وفي فرنسا مع ذلك حيث يبدأ التعليم الرسمي في سن الخامسة فإن ما يقرب من 25% من الأطفال يعيدون السنة الأولى لعدم تمكنهم تعلم القراءة.
وتشير نتائج دراسة Washburne؛ "1973" إلى فوائد التأخر في التعليم الرسمي للقراءة، حيث اشتملت الدراسة على مجموعتين من أطفال بداية الصف الأول، والمجموعة الثانية تلقت تعليمًا غير رسمي لتعلم القراءة في الصف الأول، وفي نهاية العام الدراسي أشارت النتائج أن الأطفال الذين حصلوا على تعليم رسمي كانوا أفضل من القراءة من الأطفال الآخرين الذين لم يحصلوا على ذلك، وفي الصف الثالث مع ذلك فإن هؤلاء الذين تلقوا تعليمًا غير رسمي أثناء الصف الأول قد لحقوا بزملائهم الذين كان لديهم تعليمًا رسميًا، وأجريت دراسة تتبعية لهؤلاء الأطفال في المدرسة المتوسطة، وانتقى الباحثون ملاحظين لا يعرفون الأطفال، ولا يعلمون شيئا عن الدراسة المبكرة التي أخذها بعض الأطفال، وطلب من هؤلاء الملاحظين أن يقيموا الأطفال على أبعاد مختلفة، وأشارت النتائج أن الأطفال الذين لم يبدءوا التعليم الرسمي للقراءة حتى الصف الثاني الابتدائي كانوا أكثر تمييزًا بصورة واضحة من الأطفال الذين بدءوا تعلم القراءة في الصف الأول، حيث وصفت المجموعة الأولى بأنها محبة للاستطلاع متحمسة للتعلم وفي حالة ابتهاج دائم في حين لم توصف المجموعة الأخرى بهذه الخصائص.
وبإيجاز، فإنه لا يوجد دليل نهائي ثابت حتى الآن، يقطع بأن تعليم القراءة في سن مبكرة يكون ذا فائدة، وعلى نقيض ذلك فلقد أشارت بعض الدلائل بنقيض ذلك، ولكن يجب أن نشير في هذا المقام أن الأطفال الذين يميلون للقراءة قبل أن يصلوا إلى السادسة أو السابعة، يجب على الآباء وكذلك على المدرسين أن يساعدهم في ذلك ويشجعونهم عليها، وعمومًا فإن التعليم الرسمي للقارة يكون أكثر فائدة لأغلب الأطفال عندما يصلون في نموهم العقلي إلى مرحلة العمليات "الحسية".