الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: الوليد والفطيم
أولا: النمو الجسمي والحركي
الرضيع في السنة الأولى:
على الرغم من أن كثيرا من الدراسات الحديثة أشارت إلى أن الوليد يمتلك كثيرًا من الكفايات والأهليات، ولكن يجب ألا ننسى أنه يظل بعيدًا من أن يكون كائنًا كامل الوظيفة والتكوين، فالمولود الحديث نجده يمتلك جميع أعضاء الجسم الضرورية، إلا أن القلب والرئتين والجهاز الهضمي ما تزال في حاجة إلى نمو لاحق قبل أن تستطيع أداء وظائفها تحت الظروف العادية، والمعدة تحتاج إلى سنوات قبل أن تصبح قادرة على التأمل مع الأطعمة العادية.
وبصورة مماثلة، فعلى الرغم من أن البناء الجسمي للوليد عادة ما يكون كاملا منذ الميلاد، إلا أننا نجد عظامه لينة إذا ما قورنت بعظم الطفل الأكبر سنًا، نجدها تنمو وتتشكل في صورة مختلفة، وحيث أن عظام الجمجمة لا تكون مرتبطة ارتباطا كاملا بعضها مع البعض الآخر، كما توجد منطقة لينة على قمة رأس الوليد وتسمى باليافوخ Fontanelle وتلتحم العظام بعضها مع البعض لتشكل غطاء كاملا للجمجمة أكثر صلابة، ويتم ذلك فيما بين التسعة شهور الأولى والعام الأول من حياة الرضيع، كما أن الأسنان نجدها في حالة كامنة وفي حالات نجدة قد يولد طفل بأسنان لبنية إلا أن الغالبية العظمى من المواليد يكون لديهم براعم أسنان فقط والتي تنمو أثناء السنة الأولى ومنتصف الثانية.
كما أن الجهاز العصبي للوليد يختلف عما لدى الأطفال الأكبر والراشدين، ففي حين أن مخ الوليد يتشابه في بنائه مع ما عند الراشد، وذو بناء كامل من الخلايا العصبية، إلا أن تلك الخلايا بدون غلاف نخاعي عازل، وهذه النخاعية تكون على هيئة ممرات تبنى بين العضلات والمخ والمتطلبة لجميع المهارات الحركية والنخاعية، وعمومًا فإن هذه النخاعية تتكون بصورة كلية في الأربعة شهور الأولى تقريبًا، ولكنها تستمر طوال فترة الطفولة المبكرة.
ونمو الرضيع أثناء السنة الأولى يكون سريعًا، فعند الميلاد يكون وزن الطفل العادي ما بين 6 إلى 8 أرطال، وطوله ما بين 18 إلى 22 بوصة، وعند نهاية السنة الأولى عادة ما يصل الرضيع إلى ضعف وزنه ويكتسب ثلث طوله، ويبطئ النمو تدريجيًا بعد ذلك، وعند نهاية السنة الثانية يصل الطفل إلى ما يقرب من ربع وزنه عند المراهقة وما يقرب من ربع طوله كراشد.
كما نجد عند الطفل منذ الميلاد نماذج انعكاسية عديدة كاملة البناء قابلة للرؤيا والتمييز والإدراك بسهولة، وتسمى إحدى هذه الانعكاسات بانعكاس مورو Moro reflex ويمكن ملاحظة ذلك عندما يروع الطفل بصوت يصاب بضربة فجائية على رأسه، فعندما يحس الطفل يفقد السند، نرى ارتفاع ساعديه، ويحاول التعلق بأي شيء والتي تبدو كمحاولة من الرضيع لاستعادة السند الذي فقده، ونموذج انعكاسي آخر يتمثل في المسك أو القبض الانعكاسي، يحدث عندما يقبض الوليد بكفيه على الأشياء، ويمكن أن يرفع عندما يتعلق بأصابع الراشد كما لو أنه في وضع الجلوس.
والنمو العضلي أثناء الشهور الأولى للرضيع يكون سريعًا، ففي الشهر الثاني يظل الرضيع مستيقظًا لفترة أطول عما سبق بالإضافة إلى أنه يصبح أكثر حركة ونشاطًا من ذي قبل، ولا تكون يديه وأرجله وأصابعه كما كانت عليه في حالة تصلب عند الميلاد، وكثير من الأطفال في هذا السن يمكنهم رفع رءوسهم وصدورهم قليلا، وكثيرًا منهم يمكنه العثور على إبهامه ويبدأ في مصه كما أنه أثناء الشهر الثاني يمكن الرضيع أن يبدي أول ابتسامة اجتماعية حقيقية، وأثناء الشهر الثالث والرابع تصبح الأفعال الحركية الإرادية أكثر فعالية، وقد يرجع ذلك إلى نخاعية الخلايا المخية؟ وتبدأ الرأس في التضاؤل عن ذي قبل في اتجاه النضج والنمو، حيث يمكن أن يدور الرضيع رأسه ويصل إلى الأشياء في ما بين الشهر الثالث والرابع إلا أننا نجد عملية الزحف والمشي تتطلب نموا عضليا وعصبيا أكبر حيث نجدها تتأخر عن تلك الحركات السابقة، وفيما يتعلق بالنظام الهضمي فإن نضج التحكم العضلي العصبي للسان والحلق يمكن الطفل من أن يبدأ في تناول الأطعمة الطرية اللينة.
وفي الشهر الرابع تقريبًا نجد اهتمام الأطفال بأصابعهم وأطرافهم وعادة ما يلعبون فيها، ويستطيع الأطفال في هذا الوقت من الانقلاب على بطونهم أو ظهورهم، وعادة ما يستطيعون ذلك وبسهولة في الشهر الخامس، كما أنهم يتمكنون من الجلوس عندما يمسك بهم ويحتفظون برؤوسهم قائمة إلى أعلى لمدة كافية لكي ينظروا إلى ما يحدث من حولهم، وفي حوالي نهاية الشهر الخامس وبداية السادس يبدأ الأطفال في عمل حركات زاحفة ويتعلقون بالأشياء ويمسكون بها ويهزونها جميع هذه الحركات تعتبر عامة شائعة في هذا السن، كما يبدأ الأطفال في عملية المضغ عندما تبذغ أولى أسنانهم اللبنية في الشهر السادس تقريبًا.
وفي النصف الثاني من السنة الأولى نجد الأطفال كثيرا من الحركات الاستقلالية ويكون أكثر استجابة لعالمهم المادي والاجتماعي عن ذي قبل، حيث نجد أن التحكم والضبط الحركي قد وصل إلى مرحلة حيث يمكنه الوصول والتمسك بالأشياء التي تقع تحت ناظريه وكذلك ضربها بعنف أو هزها أو عمل جلبة وإزعاج بها، وأثناء الشهر السابع يصبح ظهر الرضيع أكثر صلابة وعضلات بطنه تسمح له بالجلوس بدون مساعدة وفي حالات كثيرة يمكنه أن يزحف، وفي الشهر الثامن نرى الرضيع قد نمى لديه ضبط وتحكم دقيق بصورة كافية، وبالتالي نجده يستطيع أن يضع أصابعه ويمسك ويرفع الأشياء الصغيرة، وفي هذا الوقت يجب أن يكون الآباء حذرين من ترك الأشياء الصغيرة أمام ناظري الطفل والتي يمكن أن يتناولها ويسقطها في فمه.
وأثناء الشهر التاسع يحاول الرضيع أن يزيد من تحركه وتنقله، ويقضي وقتا طويلا في تدريب مهاراته الحركية عندما يكون في سريره ولذلك نرى كثيرا من الأمهات تندهش حين تترك وليدها نائمًا وتعود فتجده جالس في مهده، كما أنه يستطيع أن يقف ممسكًا بجانب سريره ويبتسم ابتسامة رضاء وإشباع عندما يرى أمه، ولا يستطيع الأطفال في هذا السن المشي إلا أنهم يستطيعون التحرك بسرعة مدهشة بواسطة الزحف والتسلق، وعلى ذلك يجب أن يوضعوا تحت الملاحظة الدقيقة من هذا السن فصاعدًا.
وأثناء الشهر العاشر يستطيع الأطفال الزحف والتسلق والجلوس بمفردهم وأن يشهدوا أنفسهم في حالة انتصاب كما أننا نلاحظ الاستقلال