الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: التغيرات الجسمية والفسيولوجية
أثناء سنوات فترة الطفولة الوسطى تميل الزيادة في نمو الطول والوزن وهيئة الجسم إلى أن تكون تدريجية وبطيئة إلا أننا نجد في بداية فترة المراهقة تغيرات نمائية سريعة ومفاجئة في حجم الجسم، وتغيرات في نسب الجسم ونموا سريعًا مفاجئًا في الغدد التناسلية، والخصائص الجسمية التي تميز النضج الجنسي، وكثيرا من التغيرات التي تحدث أثناء فترة المراهقة تكون متماثلة متشابهة عند البنين والبنات، كما توجد خصائص جنسية نوعية أخرى فالذكور على سبيل المثال يحدث لديهم زيادة ملحوظة في القوة البدنية وأنسجة العضلات، في حين نجد الإناث تنمو لديهن أنسجة دهنية بصورة أكبر حيث تساعد على استدارة أجسامهن، ومن الممكن افتراض أن هذه التغيرات تعتبر انعكاسًا لعملية التكيف التطوري، فقوة الذكور عادة ما تؤهلهم إلى الاصطياد والحرب والغزو والإغارة، كما أن هيئة الإناث وشكلهن تجذب الذكور إليهن وتميل بهن إلى التزاوج وبالتالي يؤكدان بقاء النوع الإنساني، ولكننا نجد أن هذه الاختلافات الجنسية بين الذكور والإناث خاصة في المجتمعات الصناعية عادة لا تكون ذات أهمية أو دلالة كبيرة كما نجدها في المجتمعات الأقل تقدمًا.
والبنات عادة ما تبدأ لديهن فترة المراهقة قبل الأولاد بما يقرب من عام أو عامين، كما يصلن إلى عملية اكتمال النضج قبل الذكور، وهذا يفسر لنا ظاهرة الطول والوزن في نهاية فترة الطفولة المتأخرة، فعادة ما نجد البنات أطول من البنين وأثقل منهم وزنًا وأكثر نضجًا من الناحية الجنسية، وفي بداية المراهقة نجد الذكور يبدءون في اللحاق بالإناث وبعد ذلك يصبحوا أثقل وزنًا وأطول قامة من البنات.
وتشير الدراسات أن التغيرات الجسمية في فترة المراهقة تعزى عادة إلى حركة الهرمونات وهي المواد الكيميائية المتفردة التي تفرزها الغدد، فبعض الهرمونات تفرز لأول مرة أثناء فترة المراهقة في حين نجد أخرى تزيد من كمية إفرازاتها، وعمل هذه الهرمونات تبعًا لطرق مختلفة، إلا أنها تثير بصورة عامة المستقبلات في واحد أو أكثر من الأعضاء أو الأنسجة ويشير Tanner؛ "1972" أن الهرمون الواحد يمكن أن يكون له عددًا من الأغراض والتأثيرات، فالتستوسترون Testosterone هرمون ذكري تفرزه الخصية يؤثر في كثير من المستقبلات في خلايا القضيب، وجلد الوجه، وفي غضاريف ومفاصل الكتف وأجزاء معينة للمخ، وغير واضح بدقة حتى الآن كيف تنجز هذه الهرمونات عملها، وعلى الرغم من أن علم الغدد الصم الحديث قد خطا خطوات كبيرة في تفهمنا لهذه الغدد، إلا أننا سوف نحدد في ثنايا الصفحات التالية مناقشتنا للتأثيرات المختلفة للإفراز الهرموني المتزايد الذي يحدث أثناء مرحلة المراهقة.
تغير حجم الجسم وشكله:
على الرغم من أننا يمكن أن نقارن النتائج النهائية للنمو الجسمي عند كل من البنين والبنات، إلا أنه توجد اختلافات فيما يتعلق بسرعة هذا النمو وبدايته لدى كل منهما بالإضافة إلى طول فترته أو أمده لديهما.
الذكور:
تشير نتائج دراسات Tanner؛ "1962" أن النضج في بناء جسم الإنسان وحجمه يبدو أنه يسير خلال دورات أثناء العقدين الأولين من حياة الكائن الآدمي، فالدورة الأولى تبدأ بعد الحمل وتمتد حتى نهاية السنة الثانية تقريبًا، حيث نلاحظ نموًا سريعًا في حجم الجسم، ويصل ذلك إلى ذروته في منتصف فترة الحمل، وبعد ذلك ينخفض معدل النضج تدريجيًا ويبطئ أثناء السنة الأولى والثانية للطفولة المبكرة، وتبدأ الدورة النمائية الثانية منذ السنة الثانية من حياة الوليد البشري وتصل إلى ذروتها في سن الثانية والنصف، وبعد ذلك تنخفض ببطء وتدريجيًا حتى سن السابعة وتبدأ الدورة الثالثة في سن السابعة أو الثامنة تقريبًا، وتسرع تدريجيًا وتبلغ ذروتها أثناء السنوات الأولى بعد العاشرة، وبعد ذلك نرى انخفاضًا تدريجيًا في معدلات النضج وأثناء ذلك وعند بلوغ ذروة النضج في هذه الدورة، تسمى بالنمو المفاجئ لنضج المراهقة حيث تحدث تغيرات
ملحوظة في حجم الجسم وشكله لدى المراهقين:
ويختلف العمر الذي تحدث فيه طفرة النمو عند الذكور والإناث، كما يؤثر فيه بعض العوامل الأخرى مثل الوراثة ومركز الزيادة النمائية في حجم الجسم تتأثر أيضًا بهذه العوامل سابقة الذكر، وعادة ما تعزى طفرة النمو في هذه الفترة إلى عدد من الهرمونات المختلفة التي تنظم النمو، وتبعًا لذلك فإننا نرى الحجم النسبي لبعض الذكور والإناث سوف يتغير بصورة ذات دلالة إذا ما قورنوا بأقرانهم، والطفل الذي يكون في طول زملائه أثناء فترة الطفولة، عادة ما يكون متساويًا معهم في الطول تقريبًا عند وصوله إلى Tanner؛ "1962" أن ما يقرب من 30% من طول الراشد يحدث أثناء طفرة النمو التي تحدث في فترة المراهقة، والشكل رقم "1" يوضح معدل نمو الطول للبنين والبنات مع بداية فترة المراهقة.
إسكانر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كما أن أجزاء الجسم تختلف في سرعة نموها، فالنمو يميل أن يكون سريعًا في مناطق انتهاء الأعصاب ويتحرك بعد ذلك إلى الجذع "النمو الذنبي" فأيدي المراهق ورجليه عادة ما تكون متساوية لما لدى الراشد، وبعد أن تصبح أيدي المراهق ورجليه في حجمها الكامل يتشعب النمو بعد ذلك إلى الفخذين، وتقدم نمائي متشابهة يحدث للأيدي والسواعد، ويحدث نمو القلب الرئتان والمعدة والكليتين والجهاز العضلي وحجم الدم في صورة متزايدة وتصل إلى حجمها النهائي ما بين 11: 15 سنة، كما نرى تزايد في نمو القدرة الوظيفية للجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والجهاز الدوري أثناء فترة المراهقة.
ويجب أن نشير أن بعض أجزاء جسم المراهق لا تشترك في طفرة النمو هذه، فالرأس والمخ مثلا تصل إلى 90% لحجمها عند الراشد في سن الخامسة، كما أن الأنسجة الليمفاوية للون والأمعاء تزداد تدريجيًا في حجمها مع بداية فترة المراهقة، وبعد ذلك تقل تدريجيًا من حيث الحجم كما أن الوجه كذلك يستمر في النمو أثناء هذه الفترة، حيث يصبح الفك والأنف أكبر عن ذي قبل وذلك لارتباط النمو فيهما بمنطقة الرأس العليا والتي تكون قد حصلت على نموها وحجمها الكامل.
الإناث:
تشير الدراسات أن الإناث يصلن إلى ذروة نموهن وتحدث عندهن طفرة النمو الجسمي في سن الثانية عشر تقريبًا، وعادة ما يسبقهن الذكور بما يقرب من عامين تقريبًا، كما أن النمو عند البنات يحدث في صورة ذنبية كذلك "من الرأس إلى الأطراف"، إلا أنهن يختلفن عن الذكور حيث يكن أكثر سمنة حول أذرعهن وأرجلهن من الذكور، ولذلك فإن أوردتهن عادة لا تكون ظاهرة، وفيما يتصل بنمو الجذع عند البنات، تبقى الأكتاف أرفع، في حين نجد مفاصل الفخذين تصبح أعرض وأكثر استدارة مما نجده عند الذكور، إلا أن الذكور تكون أكتافهم أعرض وأقوى، وتبقى أفخاذهم أرفع مما عند الإناث، وتشير نتائج دراسات Tanner كذلك أن زيادة السمنة تحت الجلد عند الإناث تعرض فقد النمو النسبي في العضلات الذي نجده عند الذكور، وبالتالي فإلاناث عادة ما يمتلكن نسبة مئوية أعلى في سمنة أجسامهن أكثر مما نجده عند الذكور، ونادرًا ما يكن لديهن قوة في عضلاتهن التي نراها عند الذكور فيما عدا حالة الفتيات الرياضيات، وفيما يتعلق بأحجامهن، فإن الذكور يكون لديهم قلوب
ورئتان كبر، وقدرة أكبر على حمل الأكسجين في الدم، وقوة أكبر في تعادل النواتج الكيميائية الخاصة بتدريب العضلات مثل الحامض اللبني Lacitc Acid، وعمومًا فإن هذه الاختلافات قد تكون نتيجة تمايز الوظائف التطورية عند الرجال والنساء.
نمو الخصائص الجنسية الأولية والثانوية:
يوجد نمطان من التغيرات تحدث في الجهاز التناسلي أثناء فترة المراهقة المبكرة، فالأعضاء التناسلية تزداد من حيث الحجم وفي نهاية النمط الأول تصبح فعالة في أداء وظيفتها عند كل من الذكور والإناث، حيث نجد الذكور يفرزون الحي المنوي بينما تنتج الإناث البويضات المخصبة، كما تحدث تغيرات في الخصائص الجنسية الثانوية في الجهاز التناسلي والأعضاء العرقية والغدد الدهنية وعضلات الحنجرة وتسمى الفترة التي تحدث أثناءها نمو تلك الخصائص الجنسية الأولية والثانوية بالبلوغ Puberty، وعلى الرغم من أن تتابع هذه العملية يكون متشابهًا عند الذكور والإناث، إلا أن تفاصيل هذه العملية تختلف اختلافًا ذات دلالة بينهم وسنرى ذلك في عرضنا القادم.
الذكور:
العلامة الأولى للبلوغ بين الذكور عادة ما تكون النمو التدريجي لوعاء الخصيتين "الصفن" والخصيتين معًا، مع ظهور التجعيد على الصفن ويصبح كيس الصفن قاتم اللون، ويبدأ شعر العانة في الظهور في هذا الوقت تقريبًا أو بعد ذلك بقليل، كما يحدث زيادة من حيث الطول والحجم لعضو الذكورة، وعلى الرغم من أن هناك اختلافات فردية بين المراهقين إلا أننا عادة ما نلاحظ قدرة المراهق على القذف المنوي الأول بعد عام من ظهور أوجه النمو سابقة الذكر Tanner؛ "1962".
ونمو الخصائص الجنسية الثانوية يتبع نفس التعاقب بين جميع المراهقين تقريبًا، فشعر الإبطين يظهر عادة بعد ظهور شعر العانة، ويصاحب ذلك ظهور شعر الوجه، ونموذج شعيرات دقيقة في البداية على جانبي الشفة العليا، وبعد ذلك ينمو الشعر على الشفة بأكملها، ويظهر
الشعر فيما بعد على الخدين، ويبدأ بعد ذلك في النمو على طول جابي الذقن وأسفلها، كما أن شعر الجسم "الصدر والأرجل" يبدأ كذلك في النمو في نفس الوقت الذي ينمو فيه شعر الإبطين إلا أنه قد يستمر حتى نهاية فترة المراهقة، والاختلافات الفردية في كمية الشعر التي تظهر ترجع بصورة كبيرة إلى العوامل الوراثية إلا أنه قد تكون هناك أسباب تعجل أو تأخر نمو شعر الجسم ولكنها ما زالت غير معروفة حتى الآن.
كما أن الحنجرة تصبح أكبر في حجمها، ويحدث نموًا للأحبال الصوتية كما يحدث في نفس الفترة انخفاض تدريجي في طبقة الصوت، إلا أن هذا الانخفاض ليس ثابتًا مطردًا مع ذلك، وعمومًا فإن طبقة صوت الراشد عادة لا تكتمل إلا بنهاية فترة المراهقة المتأخرة، كما أن جرس الصوت "وهي النوعية التي تمكنا من تمييز الأصوات من نفس طبقة الصوت من أخرى" يعتمد على حجم تجويف الفم والأنف، وتغير الجرس يحدث كلما ازداد حجم الفم والأنف أثناء فترة البلوغ Tanner، J؛ "1972".
ويوجد نمطان من التغير عادة ما تحدث أثناء فترة المراهقة.
أ- نضج الغدد الدهنية.
ب- نضج الغدد العرقية "خاصة في المناطق الإبطية والتناسلية".
فالغدد تفرز مادة دبقة "دهنية" والتي يمكن أن تتراكم وتنتج البثور على الوجه، وهذه بدورها من الممكن أن تثير المنطقة المحيطة بها وتنبثق خارج الجلد في هيئة حب الشباب كما أن الغدد العرقية والتي تنمو بسرعة كبيرة وأثناء البلوغ عادة ما تسبب رائحة غير طيبة.
الإناث:
عادة ما نجد أول علامة لبلوغ ظهور برعم الصدر ويلي ذلك مراحل خمسة لنمو الصدر، فعند بعض الإناث يظهر شعر العانة قبل ظهور برعم الصدر، ولكن بين ثلثي الفتيان عادة ما يسبق ظهور برعم الصدر شعر العانة، بالإضافة إلى كبر حجم الرحم والمهبل وشفري عضو التأنيث كما يحدث البظر في نفس الوقت الذي ينمو فيه الصدر.
ومما لا شك فيه فإن الشيء الأكثر إثارة للبنات في بداية البلوغ هو نزول الطمث لأول مرة عند البلوغ، وتوجد أسباب مختلفة يعزى إليها التباين في وقت الطمث الأول، فحوالي 50% من الإناث البيض في أمريكا يصلن إلى ذلك ما بين 12، 14 سن وحوالي 8% يصلن إليه ما بين 14.5:16.5، وأقل من 2% يصلن إليه قبل سن العاشرة أو بعد السادسة عشرة.
وتنمو عند الإناث الخصائص الجنسية الثانية بنفس التتابع الذي نجده عند الذكور، إلا أنها تكون أقل ظهورًا مما عند الذكور، فالشعر على سبيل المثال سواء في الجسم أو الإبطين يكون أقل، وجدير بالذكر فإنه توجد اختلافات فردية واسعة حيث نجد بعض الفتيات لديهن شعر في أجسادهن أكثر من بعض الشباب، كما يحدث عند كل من الذكور والإناث خشونة في جلد أجسامهم خاصة جلد الفخذين وأعلى الساعدين، إلا أن ذلك يكون أقل وضوحًا عند الإناث.
وتشير بعض دراسات سيكولوجية المراهقة أن الذكور والإناث في العصر الحديث خاصة في الدول المتقدمة صناعيًا مثل الولايات الأمريكية وأوربا واليابان والصين عادة ما يخبروا أو يصلوا إلى البلوغ، وبالتالي النمو المفاجئ للمراهقة بما يقرب من سنتين مبكرين عن أقرانهم في دول أخرى، وقد يكون هناك عدد من العوامل تفسر هذه الظاهرة، إلا أن أكثرها إثباتًا هي عامل التغذية وعامل العناية الطبية وعلى ذلك فإن المراهقين في الدول النامية حيث لا توجد التغذية المناسبة كما أن معايير الصحة ليست مرتفعة بما يقدم من العناية الطبية فمن المحتمل أن يكون سن البلوغ وبالتالي سنوات المراهقة متأخرة نسبيًا عما هو موجود في الدول الأكثر تقدمًا.