الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: الطفولة
الفصل الرابع: النمو قبل الولادة
مدخل
…
الباب الثاني: الطفولة
الفصل الرابع: النمو قبل الولادة
منذ لحظة الحمل، وعندما يلقح الحيوان المنوي الذكري البويضة، تحدث أطوار نمائية متدرجة، حيث ينتج نتيجة اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة طبقات زرقاء blue prints خاصة بالنمو الإنساني، تتضح وتتجدد على مدى فترة زمنية معينة، وكيفية عمل هذه الطبقات الزرقاء واستخدامها في تشكيل الكائن يعتبر بمثابة أمر يتعلق بالتركيب الوراثي للإنسان.
الموروثات والأمشاج Gametes & Genes:
عادة ما يطلب على الحي المنوي والبويضة الأنثوية الأمشاج، ولكي تكون هذه الأخيرة كائنا جديدًا يجب أن تمتلك خصائص معينة، ويمكن إيجازها فيما يلي.
1-
يجب أن تحمل مادة مغذية كافية لكي تولد خلايا وبالتالي تستطيع التحرك بصورة ملائمة لكي تتحد بأخرى.
2-
يجب أن تكون قادرة على التحول من دور القصور الذاتي أو عدم الفعالية المألوف داخل الكائن الراشد إلى دور أكثر نشاطًا وفعالية في توليد الخلايا.
3-
يجب أن تكون ذات بنية منظمة مرتبة حيث إنها لا تبدأ في عملية التوليد إلى أن تلتقي بمشيج متمم، بمعنى أن يلتقي الحي المنوي بالبويضة.
4-
وهذه الأمشاج عادة ما تحمل خصائص من كل من الأب والأم والتي تكون الطبقة الزرقاء لنمو الكائن الجديد، ولكن كيف يحدث ذلك؟ هذا ما سنوضحه في ثنايا الصفحات التالية.
حركة الأمشاج:
المطلب الأول هو في توفير التغذية الكافية لهذه الأمشاج حتى تكون قادرة على توليد كائن جديد، وبالتالي يكون لها القدرة على التحرك بصورة كافية للالتقاء والالتحام، ويحدث ذلك عن طريق تقسيم
العمل والنشاط لها داخل رحم الأم، فالمشيج الأنثوي أو البويضة كبيرة نسبيًا وثابتة، في حين نجد المشيخ الذكرى أصغر نسبيًا ومتحرك بسرعة ولكي نعطي فكرة تقريبية عن أحجامها النسبية، فإن البويضة تكون عبارة عن 0.014 ملليمتر من قطرة دائرة "أي في حجم حرفين أو ثلاثة من هذه الصفحة تقريبًا"، وتحت الظروف الجيدة يمكن بالجهد أن ترى بواسطة العين الإنسانية، والحي المنوي الذكري نجده على نقيض ذلك يبلغ 0.006 من الملليمتر، ولا يمكن أن يرى بواسطة العين المجردة، كما أن البويضة تكون في صورتها على هيئة بيضة، والحي المنوي يشبه في مظهره الشرغوف tadpole وتتكون معظم المادة الوراثية في مقدمته.
والمطلب الثاني للأمشاج، هو أن تتحول من دور سلبي إلى دور إيجابي بمجرد اتحادها، ومن المعروف أن البويضة تستثار عن طريق المادة في الأكروزوم acrosome وهي تشبه القبة على رأس الحي المنوي، وهذه المواد التي بداخل الأكروزوم تجعل من الممكن للحي المنوي اختراق البويضة والحي المنوي كذلك قد يتضمن بعض أنواع النظم الموجهة والتي يكون بمقدورها أن تعوم أو تسبح تجاه الحركة البطيئة للسوائل الأنثوية لكي تعثر على البويضة وتوجهها في الاتجاه الضروري للإخصاب.
كما أن الحيوانات المنوية تفرز بكميات أكبر من البويضة، فمثلا نجد أن أغلب النساء تنتج ما يقرب من 300 إلى 400 بويضة طوال فترة إخصابها، وعلى نقيض ذلك نجد أن الذكر العادي يفرز ما بين 200 إلى 300 مليون حيوان منوي في المرة الواحدة، ويجب ملاحظة أن هذا العدد الضخم غير العادي للحيوانات المنوية عادة ما يكون ضروريًا لعملية الإخصاب، حيث نجد أن الذكور ذوي العدد الأقل قد يكونوا غير مخصبين، ومن ملايين هذه الحيوانات المنوية التي تقذف، ما يقرب من 100 فقط تصل إلى قنوات البويضات من خلال الحركة الانقباضية للمهبل الرحمي وكذلك من خلال جدار قناة البويضات أثناء حركتها العائمة، حيث تستقر البويضة، وعلى الرغم من أن حي منوي واحد هو الذي يقوم بدور إخصاب البويضة، إلا أننا نجد أن وجود الحيوانات المنوية الأخرى معًا، ومع السائل المهبلي يسهل إتمام عملية الحمل.
وعندما تتحرر البويضة من الجريب fallicle وتتحرك نحو قنوات البويضات، حيث يمكن أن يحدث الإخصاب نجد أنها ما تزال محاطة بخلايا
جريبية، وتشير الدلائل أن الحي المنوي يطلق ويفرز إنزيما حيث تذيب المادة الغروية المسامية التي تربط الجريبات أو التجويفات الصغيرة بعضها مع البعض، كما أن وجود حيوانات منوية كثيرة في منطقة مجاورة للبويضة قد يكون ضروريًا لكي تسمح بمرور واحد منها والذي سوف يخصب البويضة بالفعل، وبمجرد أن يصل الحي المنوي إلى الأغشية المحيطة بالبويضة، فإن الأغشية تنتفخ وتجذب الحيوان المنوي الفائز، وبعد أن يكون الحي المنوي داخل البويضة، نجدها مقاومة لاختراق أي حي منوي آخر. وبمجرد أن يصبح الحي المنوي داخل مركز البويضة نجده ينحل لكي تتشكل خلية واحدة مع نواة واحدة، وحينئذ تسمى باللاقحة Zygote وتعتبر بمثابة كائن جديد.
الموروثات Genes:
كل مشيج1 يتكون من عدد كبير لخصائص التركيب الوراثي والتي تحمل كائنات كيماوية دقيقة تمسى بالموروثات أو الجينات، وتنظم هذه الموروثات في أجسام أكبر من المواد والتي تسمى بالكروموزومات أو الصبغيات Chromosomes وكل نوع يمتلك عددًا معينًا من الصبغيات والتي تساعد في تحديد هويتها المتفردة، ومنذ عشرات السنين كان يعتقد خطأ أن الكائن الآدمي يمتلك 48 صبغيًا، إذا اكتشف أن الخلية الإنسانية تتكون من 46 صبغيًا، وهذه الصبغيات تنتظم في أزواج، حيث نجد أن كل زوج متماثلا إذ أنها متشابهة في أحجامها وشكلها ومظهرها العام.
والشكل "1" يوضح عملية انقسام الخلية الفتيلي أو غير المباشر Mitosis.
1 المشيج عبارة عن خلية جرثومية ناضجة إذا اتحدت بخلية جرثومية أخرى كونت كائنا جديدًا.
الشكل رقم "1" يوضح عملية انقسام الخلية الفتيلي أو غير المباشر
الشكل رقم "2" يوضح عملية الانقسام للخلية
وبمجرد أن تتكون اللاقحة Zygote تبدأ الخلية في الانقسام مخولة لكل الخصائص المورثة الموجودة والتي تتضمن في اللاقحة أن تنتقل إلى كل الخلايا المتولدة كما أن انقسام الخلية والذي يسمى بالانقسام الفتيلي أو غير المباشر Meiosis بمعنى حدوث انقسام طولي لكل من الستة وأربعين صبغيًا وبمجرد أن ينقسم كل صبغي، فإنه يبني وينظم نفسه من جديد وبالتالي يصبح كل نصف متماثل مع الأصل ويتضمن موروثاته المتممة له بصورة كاملة.
وعندما يتكون الكائن بصورة كاملة، ونرى حدوث نموذج آخر من انقسام الخلية مولدًا أو منتجًا جديدة، وتسمى هذه العملية بالانقسام المنصف Neitosis وهذا يعني أنه في حالة الإخصاب نجد مشيجان "البويضة والحي المنوي"، يتحدد كل منهما بالآخر لتكوين خلية جديدة بجانب الـ46 كروموزوم، وجدير بالذكر فإننا نرى في حالة الانقسام المنصف تنقسم الخلايا الكاملة لكي تنتج المشيجات مع نصف الصبغيات فقط من خلايا الأبوين. والشكل رقم 1 يوضح عملية الانقسام المنصف للخلية، ومن الجدير بالذكر أن عملية الانقسام المنصف هذه مع عملية الإخصاب تسبب وجود الاختلافات الفردية بين الكائنات، كما نرى في الصبغيات المتماثلة عادة ما يكون المورث الذي ينتج سمة معينة متقابلا بصورة مباشرة مع آخر، وعادة ما يعملان معًا لكي ينتجا سمة معينة، وفي أثناء الانقسام المنصف، نرى انقسام الصبغيات تميل إلى طرد كل منها الآخر "كما نرى ذلك في الأعمدة المغناطيسية" لا يكون كاملا، حيث تتصل أو تتشابك الأزواج المقسمة من الصبغيات المتماثلة في بنية تسمى بالسنترومير Centromere.
وعمومًا، فعند هذه المرحلة من الانقسام المنصف توجد 22 حزمة مجدولة لأربعة صبغيات، في حين الانقسام الفتيلي أو غير المباشر mitosis عند تلك المرحلة 46 حزمة لجديلتين صبغيتين.
1 النمط الوراثي أو الطراز الأصلي Cenotype.
الطراز البنياني الكامن وراء الخصائص البدنية للجسم أو ما وراء الطراز البدني، وهو طراز لكي تحدده، ومن ثم سلوك وشخصية الفرد ونستطيع أن نتنبأ بتصرفاته لا يكفي فيه أن نعرف مقاسات بنائه الجسمي بل ينبغي أن يكون لدينا تاريخ كامل للفرد وسجل لأجداده ولنسبه وصور لطرازه البدني على فترات منتظمة خلال حياته.
ومع الاستمرار في عملية الانقسام المنصف، فإن الأزواج المتماثلة من الصبغيات كميًا تأخذ في الانقسام الفتيلي أو غير المباشر، وتأخذ صورة جدائل أربع، وتندمج في اثنين متجهة نحو الأقطاب المقابلة من الخلية، وتبدو الصبغيات كما لو أنها عشوائية، حيث تتجمع بعض الصبغيات الأنثوية وبعض الصبغيات الذكرية عند كل قطب للخلية أو البويضة، وأثناء عملية الانقسام المتبقي، فإن الصبغيات تنفصل في مجدولات متفردة وكلما انقسمت الخلية، نجد كل خلية جديدة تتكون من 22 صبغي فقط وحينئذ يتكون كل مشيج بصورة عشوائية من كروموزمات "صبغيات" من كل من الأم والأب، وترجع الاختلافات إلى هذا التصنيف العشوائي لصبغيات الأب.
فعندما تتحد مشيجات ذكرية وأنثوية أثناء فترة الإخصاب فإن اللاقحة أو الكائن الجديد يكون معرضًا لتأثيرات وراثية من كل الأب والأم، فالتوائم غير المتماثلة عادة ما يكون لديها تركيبات مختلفة من الصبغيات الوالدية، ويرجع ذلك إلى الانفصال العشوائي للأزواج الصبغية للأب أثناء عملية الانقسام المنصف وتكوين المشيجات وحقيقة أن للكائن الآدمي 46 صبغي يؤكد أو يشير إلى وجود ثمة اتساق معين بين الأنواع، إلا أن العدد غير المحدد من تركيب الصبغيات يومئ إلى التفسيرية والمتقلبية.
حركة المورث:
كما أشرنا سابقًا أن كل صبغي يتكون من عدد كبير من المورثات وكل منها له موضع محدد على جدلية الصبغي، "أو أن كل مجموعة مؤتلفة أو اتحاد مستقبل" يكون مسئولا عن سمة معينة وبسبب عمل الصبغيات معًا كأزواج، فإن كل واحد منهما يمكن أن يزود بإرشادات في كيفية تحقيق سمة ما، والمورثات أو تركيب المورث الذي يعمل في مكان معين لكي تنتج سمة نوعية خاصة تسمى بالأليلي Alleles واثنين من هذه الأليليات تكون ضرورية لمعظم السمات، كما أن الصبغيات المتماثلة تكون في حالة منتظمة وبالتالي فإن اثنين من الأليليات لسمة معينة عادة ما تعملان في صورة تساوي وانسجام، فإن كان للكائن أليلي لعيون سمراء أو بنية اللون في كل من الصبغيات الأبوية والأموية، فإن الكائن سيكون متماثلا للعيون السوداء أو البنية اللون، ومن جانب آخر إن كان للشخص أليلين مختلفين لنفس السمة "مثلا واحد للعيون الزرقاء والآخر للعيون السوداء"، حينئذ فإن الشخص قد يكون غير متماثل أو متغاير العناصر
Heterozygous مع تلك السمة، وعمومًا فإنه يجب أن نشير إلى أن كثيرًا من السمات المركبة قد تنتج عن طريق اتحاد الأليليات وليس عن طريق زوج أليلي منفرد، وهذا يجعل إمكانية التنوع أو الاختلاف أكبر.
وبالنسبة للشخص الذي يرث من أبويه مجموعة متفردة من 46 صبغي تحدث أثناء فترة الإخصاب عادة ما تسمى بالبنية الوراثية للشخص Genotype وهذه تتكون من المجموع الكلي لإمكاناته التركيبية الوراثية، كما أن كيفية ظهور تلك الإمكانية تعتمد مع ذلك على ما إذا كانت متجانسة كان الكائن نتيجة لاقحة متجانسة1 Heterozygous، أو من لاقحة غير متجانسة أو متغايرة العناصر2 Heterozygous لسمة معينة، فمثلا أن كان الشخص غير متجانس أو متغاير العناصر بالنسبة للون العينين، قد يكون لديه أليلي واحد للعيون الزرقاء والآخر للعيون السوداء، إلا أنه يمتلك عيون سوداء، كما أن المفهوم الواقعي للطراز "أو البنية الوراثية" للسمات الجسمية أو السلوكية تسمى بطراز الشخص الظاهري3 Phenotype.
ونجد أن بعض الأليليات تكون سائدة والبعض الآخر يكون مسودًا، وعندما يحدث ذلك لزوج أليلي حيث يكون أحدهما سائدًا والآخر مسودًا، نرى أن الأليلي السائد فقط يدخل في بنية الشخص الظاهرية، فلكي يكون لدى الشخص عيونًا زرقاء، فإنه يجب أن يكون نتيجة لاقحة متجانسة للعيون الزرقاء فإذا كان من الوالدين له عيون سوداء ويكون كل من الوالدين غير متجانسين فيما يتعلق بلون العين، نجد أن
1 لاقحة متجانسة، الخلية أو الزيجوت الذي يتكون باتحاد زوج متماثل من الأمشاج أو الجامتيات.
2 الكائن الناتج من لاقحة متجانسة أو الكائن Heterozygous الذي يتكون من اتحاد زوج متماثل من الأمشاج.
3 الكائن الناتج من لاقحة غير متجانسة "مخالفة" Heterozygous أو الخلية تنتج من اندماج مشيجين غير متشابهين.
الطراز الظاهري phenotype اصطلاح ليفين استعارة من علم الوارثة، فالفرد يأخذ شكله وسماته البدنية عن أبويه عن طريق الجينات أو المورثات، وحيث أن بعض الجينات يغلب البعض الآخر، فإن الغالبية تظهر في شكل وسمات الفرد بينما تتراجع الأخرى وتكمن في بناء الفرد دون أن تظهر على شكله وسماته ولكنها تنتقل منه إلى أولاده، والطراز الظاهري هو المظهر الذي يبدو عليه الشخص أي أنه مظهره التي شكلته الجينات "المورثات" المسيطرة الغالبة.
بعض من أولادهما قد يكون له عيون زرقاء، وفي مثل هذه الحالة تكون احتمالية حدوث ذلك في أطفالهما بنسة 1-4.
وجدير بالذكر، فيجب أن نشير أن مناقشتنا سابقة الذكر عن وراثة لون العين قد بسطت بصورة كبيرة وذلك بهدف تقديم مفاهيم رئيسية وفي الحقيقة فإن لون العين قد يتحدد عن طريق أكثر من زوج واحد من الأليليات تعمل في أماكن أو مواضع مختلفة متعددة، كما أنه ليس جميع الأليليات تكون في حالة سائدة أو مسودة لكل منها بالآخر، فأحيانا نجد حدوث اندماج وتآلف لسمة معينة بينهما، حيث إن وجود العيون الرمادية أو الخضراء، ودرجات الأزرق المختلفة كلها تشير إلى الاندماج والمزج لأزواج أليلية غير متجانسة.
ونجد أن هناك استثناء واحد من قاعدة تماثل وتناظر الصبغيات وتحدث مع زوج الصبغيات التي ترتبط بعملية التمييز والتباين الجنسي، حيث نجد الإناث لديهن زوج من الصبغيات والمعروف بصبغيات x ذات الحجم المتوسط ويكون لدى الذكور صبغي x واحد، وآخر أصغر منه وهو y فعندما يفرز الذكور الحي المنوي أو الأمشجة، فإن الانقسام المنصف الذي يحدث في الأمشجة يكون مع صبغيات x أو صبغيات y، ومن جانب آخر نجد الإناث تنتج أمشجة مع صبغيات x فقط، وبالتالي فإن أمشجة الذكر هي التي تحدد جنس الوليد المقبل، ومثال ذلك عمى الألوان حيث غالبًا ما يحدث بين الذكور أكثر مما لدى الإناث، فسمة عمى الألوان سمة مسودة والتي لا يوجد فيها أليلي متم في كروموزوم "صبغي" y، ولهذا السبب فإذا تلقى الطفل أليلى عمى الألوان، فإنه سيكون كذلك، أما بالنسبة للطفلة التي يكون لديها عمى الألوان، نرى أنه يجب أن يكون لدى كل من الوالدين أو واحد منهما على الأقل أليلي واحد للسمة المتلقية، والاحتمال يكون ضعيفًا أن يكون لدى الأب أليلي أكثر مما يكون لدي الأم، ولذلك نجد نسبة حدوث عمى الألوان عند الذكور أكبر من حدوثه لدى الإناث وذلك بسبب أن صبغيات x ليسا متماثلين، وعلى ذلك فإن عملية السيادة والمسود قد تعمل في طرق غير عادية إلى حد ما.
ومنذ عام 1960 حدث تقدم كبير في الدراسات التي تناولت النشاط الكيميائي الذي يشكل أساس الانتقال الوراثي، فيمكن أن ينظر إلى الكروموزومات "الصبغيات" على أنها بمثابة حاملان للخصائص أو الصفات
أو على أنها مجموعة القوانين والصياغات والتي تعمل لكي تخبر الخلايا بكيفية أدئها، ومن الناحية الواقعية فإن الجينات "المورثات" لا تنتظم أو تصوغ الخلايا، ولكنها تنتظم في وحدات جزئية بروتينية أصغر وأكثر لبناء زملات من الخلايا وهذه الجزئيات هي بدورها مركبة بصورة عالية ومنتجة لسلاسل من الحوامض الأمينية، وحيث يوجد ما يقرب عن عشرين حامض أميني مختلف، وبسبب كونها تستطيع أن تنتظم في طرق كثيرة فإنها بالتالي تكون باعثًا على وجود ما يقرب من 1000 جزيء بروتيني مختلف.
والجينات "المورثات" نفسها بمثابة جزئيات مركبة من حامض DNA- Deoxyribonucleic Acid والتي تنتظم معًا في ترتيب أو تنظيم حلزوني مزدوج، ويعتقد الآن أن الجوانب الوراثية تتشكل بواسطة خصائص وصفات الـ DNA وهذه المورثات أو DNA تتجدل في جدايل وتؤثر في البروتينات الجزئية وتؤثر في كيفية بناء أنواع مختلفة من الخلايا، فمثلا نجد بعضا من هذه المورثات تعمل على توليف البروتين اللوني المتصل بالخلايا الدموية الحمراء Hemoglobin ففي هذه الحالة نرى الجينات "المورثات" تمد الكائن بصياغة أو تنظيم، أو طبقة زرقاء Blue Print تساعد الخلايا على إنتاج الحامض الأميني الذي يرتبط بالهيموجلوبين، والخلية المسودة توفر المواد أو التركيبات لترجمة الخصائص والصياغات المعطاة من المورثات لكي تنتج المادة أو التركيب المرغوب أو المرفوض وفي الحقيقة فإن العمليات الوراثية جد مركب معقدة، وما يزال هناك الكثير يجب تعلمه في مجال ميكانزمات الانتقال الوراثي.
وبعد أن ألقينا الضوء على بعض جوانب النظام الفسيولوجي الوراثي الرئيسي، فهيا بنا الآن نتحول من الفسيولوجيا الوراثية إلى علم الأجنة، متأملين الطريقة التي يتكون بها الكائن الإنساني من اللاقحة إلى كائن إنساني ذو فعالية وقدرة.