الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفاعلات الأم والجنين:
عندما تكون اتجاهات أم المستقبل ذات طبيعة سلبية، فقد تكون مضطربة من الناحية الانفعالية، ولقد أجريت عديد من الدراسات لإلقاء الضوء على تأثير الحالة الانفعالية للأم على الجنين بالإضافة إلى تركيز دراسات أخرى على تأثير عدد من العوامل على الجنين بالإضافة إلى تركيز دراسات أخرى على تأثير عدد من العوامل كالتدخين واستخدام العقاقير والمرض على الجنين أثناء فترة الحمل، وسوف نوضح بعضا من هذه الدراسات في الصفحات التالية.
تأثير انفعالات الأم على الجنين:
هناك عديد من العادات الشعبية والأقوال المأثورة التي تشير إلى أن المرأة الحامل إذا أخيفت من شيء فإن طفلها سيكون جبانًا فيما بعد، أو أنها إذا قرأت ودرست كثيرًا أثناء حملها فإن طفلها سيكون ذكيًا، جميع هذه الأساطير الشعبية تفترض أن ما يحدث للمرأة أثناء حملها يمكن بالتالي أن يؤثر على جنينها، ولقد حدد العلم الحديث وبصورة أكثر دقة العوامل التي تؤثر على الجنين أثناء فترة الحمل، حيث أشارت نتائج دراسات كل من نيسوندر Niswander & Gordon؛ "1972"، ودرلين وانجرام Drillien & Lngram؛ "1966" إلى عديد من التأثيرات الجسمية مثل تشوه الأذن والأصابع، والفراغ الواسع بين الأصبع الأول والثاني وانحناء أو تقوس الأصابع الخمسة، أشارت هذه الدراسات السابقة إلى ارتباط هذه الأعراض بالضغوط الانفعالية للأم خاصة أثناء فترة الجنين غير المكتمل Embroyonic والتي تقع ما بين 6-12 أسبوع وهي الفترة التي يكون فيها جسم الجنين في مرحلة البناء والتكوين، وعلى الرغم أن هذه المعوقات تحدد عن طريق الجينات، إلا أنها ليست وراثية، بمعنى أنها تعزى إلى الصبغيات الأموية المصابة أو المعوقة، وليست إلى الخصائص المعوقة المتضمنة في الأليليات، إلا أنه لم يكتشف حتى الآن كيفية تأثير الضغوط
الانفعالية على الأم الحامل في أسابيعها الأولى للحمل في إنتاج هذه اللاسويات.
كما أن الضغوط الانفعالية على الأم الحامل يرتبط بعمليات الإجهاض، حيث أشارت بعض الدراسات أن المرأة التي تكرر لديها الإجهاض تميل إلى أن يكون لديها صراعات نفسية أكثر، وأن ميلها ورغبتها في امتلاك طفل تكون ضعيفة وذلك إذا قورنت بالمرأة التي تحمل بصورة عادية ويتم ولادتها طبيعيًا، وجدير بالذكر فإنه يجب الإشارة إلى أنه بالنسبة لهؤلاء النساء نجد الإجهاض الأول الذي حدث لهن قد يقودهن إلى القلق على الحمل الثاني.
كما أن ولادة الأطفال المبتسرين "وهم الأطفال المولودون بعد فترة حمل تقل عن 37 أسبوعًا" تكون كذلك مرتبطة بالحالة الانفعالية للأم.
ففي إحدى الدراسات أشارت النتائج إلى أن أم الأطفال المبتسرين كانت أكثر اضطرابا من الناحية الانفعالية وأكثر اعتمادًا واتكالا على الآخرين، ولديها اتجاهات سلبية أكثر نحو الحمل، إذا قورنت بمجموعة النساء اللاتي لم يكن لهن ولادات مبتسرة.
ويجب أن نشير أن هذه الدراسات، دراسات بعدية بمعنى أنها أجريت بعد الولادة، فيجب على الباحث إدراك أنه من الممكن تغير أحوال الأم واتجاهاتها بعد عملية الولادة، وبالتالي يجب أن يضعها الباحث نصب عينيه أثناء إجراء بحثه.
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن الأمهات الحوامل اللائي لديهن مشكلات نفسية واضطرابات حادة في الشخصية، مثل الفصام، يبدو أنهن أكثر عرضة وبصورة مرتفعة لحدوث مشكلات وتعقيدات ولادية "كالإجهاض، والولادة المبتسرة، والمضاعفات أو التعقيدات الولادية" وذلك إذا ما قورنوا بالنساء الأسوياء، وتشير دراسات أخرى إلى أن ذلك قد يرجع إلى طول الفترة التي تكون المرأة مصابة فيها انفعاليًا، أكثر من كون المرض شديدًا.
عادات الأم:
من أكثر العادات التي درست في الخمسة عشرة عامًا الماضية كانت
عادات التدخين، ولقد قام يروشلمي Yerushalmy بعديد من هذه الدراسات، وأشارات النتائج إلى وجود العلاقة بين تدخين الأم أثناء فترة الحمل وبين قلة وزن المولود، كما أن المواليد ذوي الأوزان الأقل كانت مرتبطة بصورة عامة بتعويقات جسمية متنوعة، وكانوا أعلى في معدل الوفيات من الأطفال العاديين، ولكن وكما في حالة جميع الدراسات السابقة، فإن الارتباط السببي لم يكن قاطعًا في هذه الدراسات، ففي دراسة أخرى "ليروشلمي" وجد أنه حتى بالنسبة لهؤلاء النساء اللاتي توقفن عن التدخين أثناء حملهن، كان لديهن أطفالا ذوي أوزان منخفضة وعمومًا فإن هناك خصائص معينة للمرأة المدخنة هي التي تقود إلى هذه الأحوال.
وهناك مؤشر جدلي آخر يتضمن الغذاء المناسب أثناء فترة الحمل، فهناك كثيرًا من الأساطير الشعبية في هذا الجانب تنتشر كما لو أنها حقائق، ومنها ما يعتقد أن تناول الأم أطعمة معينة "خاصة الأطعمة المخية" أثناء الحمل قد يجعل الطفل ذكيًا، والذي يجب أن نضعه في الاعتبار في أي مناقشة نقدية أن الجنين النامي يصل إلى كفايته الغذائية عندما تتوفر للأم الحامل التغذية الأساسية الضرورية، بمعنى أن التغذية الفقيرة أثناء فترة الحمل قد تسبب ضررًا للأم أكثر من الجنين، فإذا لم تتناول الأم الحامل الكالسيوم بصورة كافية مثلا، فإنه سوف يتحول من عظامها وأسنانها لكي يسد حاجات الجنين، وفي حالة النقص البروتيني الشديد أشارت بعض الدراسات أنه ينتج أطفالا أقل في معدلات ذكائهم، ومن جانب آخر فإن نقص البروتينات قد يرتبط ببعض الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الأخرى للأم الحامل والتي يمكن أن ينتج مواليد أقل ذكاء، كما أشارت إلى ذلك دراسة كل من "بيرش Birch؛ "1971"، وسيرمشو Sermshaw؛ "1969".
وعمومًا فإن المرأة الحامل يجب أن تتناول غذاء بكميات معتدلة ومتكاملة، بالإضافة إلى فيتامينات معينة خاصة الكالسيوم والحديد حتى تقابل متطلبات الجنين النامي، وهناك جدل حول الزيادة المرتقبة في وزن الأم الحامل، حيث نصح أنها يجب أن تزداد في وزنها ما يقرب من رطلين كل شهر وبالتالي تكون معدل الزيادة الكلية 18 رطلا إلا أن الأطباء اليوم لا تكون نصائحهم المتعلقة بزيادة وزن الأم الحامل صارمة قاسية نظرًا للاختلافات والفروق الفردية بين النساء، ومن الممكن أن تكون الزيادة المرتقبة للأم الحامل ما بين 18-24 رطلا.
وتشير بعض الدراسات أن استخدام المرأة الحامل للكحول يؤذي الجنين، خاصة إذا بلغت صورة الإدمان، حيث إن الإدمان يقلل من كمية الطعام التي تتغذى بها الأم وبالتالي يؤثر ذلك على صحتهن بالإضافة إلى تأثيره على الجنين.
استخدام العقاقير:
للأسف نجد أنه حتى الوقت الحاضر هناك بعض الأطباء يصفون علاجات بعقاقير معينة مهدئة للأعصاب للمرأة الحامل، وأحد هذه المهدئات الثاليدوميد Thalidomide الذي اكتشف عام 1958، ولقد تسبب هذا العقار في كارثة للأمهات الحوامل، فقد كان لهذا العقار تأثيرات مشئومة على آلاف من الأطفال، حيث كانت الأمهات الحوامل تتناول هذا العقار أثناء الفترة الأولى من الحمل، وكثير من هؤلاء الأطفال قد ولدوا بزعانف قصيرة بدلا من الأذرع والأرجل، وتشير "الكيند" ELkind "ووينر" Weinr؛ "1978" أن معظم هؤلاء الأطفال كانوا من أوربا وبالتالي لم توافق على استعماله مؤسسة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ مأساة الثالوميد نجد أن الأطباء يمتنعون عن وصف العقاقير للمرأة الحامل، وينصح ألا تستعمل أية عقاقير فيما إذا كانت الفوائد الممكنة لها ولجنينها أكثر من المخاطر المرتقبة.
المرض أثناء الحمل:
من ضمن الأمراض ذات التأثيرات الضارة ما هو معروف بالحصبة الألمانية German Measles فعند إصابة الراشد به عادة ما يكون هذا المرض معتدلا حيث ينتج عنه طفح جلدي خفيف وارتفاع في درجة الحرارة تستمر لأيام قليلة، إلا أنه بالنسبة للمرأة الحامل فإن العدوى بالحصبة الألمانية أثناء الفترة الأولى من الحمل تزيد بصورة كبيرة احتمالية تعويق الجنين واحتمالات الخطر والتعويق تختلف تبعًا لعوامل كثيرة منها نوع ميكروب الحصبة، وعمومًا فإن أصيبت المرأة الحامل بها أثناء الأسبوع الرابع من الحمل فاحتمالية إصابة الجنين بعاهة تصل إلى 50% وتزداد سمعية أو بصرية أو عقلية وفي بعض الأحيان بأكثر من عاهة.
وعلى الرغم من أن معظم معلوماتنا عن التأثيرات الضارة للفيروسات Viruses على الجنين اشتقت من الدراسات على الحصبة، إلا أن هناك
فيروسات أخرى تحدث أضرارًا، فالتهاب الغدة النكفية يزيد من مخاطر موت الجنين، أو يولد بعاهات عندما تصاب الأم الحامل بها، وكذلك التهاب الكبد الوبائي، وحتى بعض الفيروسات العامة للبرد والأنفلونزا قد تزيد كذلك من خطر ظهور بعض العاهات على الجنين وبصورة عامة فإن هذه الأخطار تميل إلى أن تكون أكبر في حالة إصابة الأم الحامل أثناء الأسابيع أو الشهور الأولى من الحمل، حيث يكون جسم وأعضاء الجنين ما تزال في مرحلة التكوين الأولى.
المخاض والولادة:
وفي نهاية المطاف فإنه ما بين الأسبوع الخامس والثلاثين والأسبوع الثالث والأربعين من آخر حيض حل بالأم الحامل يكون الطفل جاهزًا للولادة، وفترة الحمل عمومًا تصل إلى أربعين أسبوعًا تقريبًا، وسوف نلقي الضوء في الصفحات التالية على عملية الولادة، وبعض مخاطرها، والتكيفات التي يجريها الوليد للتكيف مع بيئته الجديدة، وبعض وجهات النظر فيما يتعلق بمعدات وتجهيزات حجرة الولادة.
عملية الولادة:
إن بداية المخاض الذي يؤدي إلى الولادة يكون نتيجة عوامل متنوعة، يتضمن إشارات هرمونية من الجنين، فالإشارات الضاغطة من المشيمة المنتفخة، وكذلك الاستثارة الآلية من الجنين كامل النمو، هذه العوامل تكون باعثًا على انقباضات رحمية متوسطة والتي غالبًا ما تكون لافتة للنظر للأم الحامل، وعادة ما تبدأ قبل الولادة بأسبوع أو أسبوعين.
وكلما قرب موعد الولادة، نجد الانقباضات الرحمية أقوى وأكثر تكرارًا وأكثر جذبًا لنظر الأم الحامل، وما يسمى عادة بآلام الولادة ما هو إلا عبارة عن الانقباضات التي تحدث كل دقيقة تقريبًا، وتحدث الولادة عادة بعدما يقرب من 7-9 ساعات من بداية المخاض التي تشعر به الأم الحامل، ومما هو جدير بالذكر فإن النساء اللاتي يلدن لأول مرة عادة ما تكون الفترة الفاصلة بين المخاض والولادة أطول من النساء اللاتي ولدن قبل ذلك، حيث نجد تلك الفئة الثانية تخبر ساعات قليلة بين المخاض والولادة.
وفي المراحل الأخيرة لمخاض الولادة، نجد أن الانقباضات تستمر
لمدة أطول "ما يقرب من دقيقة" بالإضافة إلى أنها تكون أكثر تكرارًا عن ذي قبل، ويكون نتيجة هذه الانقباضات المتتالية أن يدفع الجنين ليتخذ وضعًا جديدًا حيث تتجه رأسه نحو عنق الرحم، ونتيجة ذلك فإن عنق الرحم يبدأ في التمدد والاتساع ويستمر في أداء هذه الوظيفة إلى أن تصبح رأس الجنين تجاهه، وعلى الرغم من أن رأس الجنين تعتبر أكبر جزء من جسمه إلا أن قدرة المولى عز وجل جعل لها القدرة على التغير في الشكل والقابلية للتكيس لكي تمر من خلال الرحم، وعادة ما نجد الطفل المولود حديثا يكون مظهر رأسه غريبًا مضحكًا لمدة أيام قليلة بعد عملية الولادة.
وأحيانا عند الولادة تحدث تمزقات في الكيس الأمينوتي وينتشر السائل الأمينوتي حيث يعمل كمنزلق لكي يساعد الجنين على المرور من خلال عنق الرحم إلى داخل قناة مهبل "الولادة" Vagina وعندما يكون الجنين جاهزًا للتحرك خارج المهبل نجد الطبيب المولد في بعض الأحيان يجري قطعًا صغيرًا في الرحم يسمى Episitomy لكي يمنع أية تمزقات للغشاء الخارجي، وهذا القطع يخيط مباشرة بعد الولادة، وبعد وقت قصير من الولادة فإن المشيمة تزاح من الجدار الرحمي وتفصل منه وتسمى بالخلاص.
مخاطر الولادة:
ليست كل حالات الولادة سهلة ميسرة، فأحيانا نجد أرداف الطفل بدلا من رأسه تضغط على عنق الطفل، وبالتالي ينحني الجنين مما يجعله أكبر ومن الصعب أن يولد وتسمى هذه الحالة بالولادة المؤخرية Breech Delivery فإذا لم يستطع الطبيب المولد إدراة رأس الجنين نحو عنق الرحم، فإن هذه الولادة تصبح أكثر صعوبة وخطورة من الولادة العادية، ويمكن كذلك أن تحدث مضاعفات أخرى إذا سدت المشيمة مؤخر الرحم، ولحسن الحظ فإن الخبرات الطبية الحديثة عادة ما تكون قادرة للتعامل مع هذه الأخطار المفاجئة والمخاطر القدرية للحمل والولادة.
ومشكلة أخرى قد تجابه الطبيب المولد عندما تكون عظام حوض المرأة صغيرًا جدًا على الولادة، أو لثمة ظروف أخرى مثل وجود لولبات في الحبل السري، فلا مناص أمام الطبيب في تلك الحالات إلا إجراء ما يسمى بالعملية القصيرة Cesaream Section حيث يجري فتح في البطن
ويحرك الجنين مباشرة من الرحم، ومما هو جدير بالذكر فإن هذه العمليات قد تدعمت الآن وأصبحت عملية روتينية آمنة، كما أن توفر الاستفادة من المضادات الحيوية، وعمليات نقل الدم الآن، قد أزاحت كثيرًا من مخاطر هذه العملية.
وثمة مشكلة أخرى من أخطار الولادة وهي الحرمان من الأكسجين فبسبب حاجة المخ الدائمة إليه، فإنه حتى الحرمان الخفيف قد يسبب موت الخلايا المخية، وعمومًا فإن هناك عديدًا من الأسباب يرجع إليها نقص إمداد المخ بالأكسجين منها، "أنه أثناء الولادة نجد أن الضغط الزائد على الحبل السري قد يقلص تدفق الدم وبالتالي ينقص مئونة الأكسجين، ونفس الشيء يمكن أن يحدث في حالة وجود انفصال مبتسر للمشيمة من الجدار الرحمي، بالإضافة إلى أن العقاقير التي تستخدم لتخفيف آلام الأم يمكن أن تخدر الجنين وتؤخر بالتالي عملية ولادته. وعمومًا فإن الأضرار الدائمة متدرجة من التلف المخي إلى الشلل المخي عادة ما ترتبط بالحرمان من الأكسجين عند الولادة، والدراسات الآن في طب الأطفال والطب النسوي ساعدت على علاج هذه المخاطر سابقة الذكر، وتشير الدراسات أن مخاطر ولادة الطفل قد نقصت بصورة كبيرة منذ عام 1920، حيث برهنت الممارسات الطبية الجيدة والأبحاث الميدانية في هذا المجال قد وفرت المعلومات والحقائق الأكثر عن الحمل، هذا بالإضافة إلى العناية الطبية والنفسية قبل الولادة، ساعد مما لا شك فيه على تقليل هذه الأضرار إلى الحد الأدنى.
العناية بالمولود:
هناك عدد من الخطوات يجب أن تتبع لضمان حياة المولود، ويمكن إيجازها فيما يلي:
أولا:
يجب أن ينظف فم الطفل وثقبي أنفه من المادة المخاطية الموجودة بهما بواسطة محقنة، وبعد ذلك يحمل الطفل إلى أسفل لكي يصرف أية سوائل متبقية في قصبته الهوائية، وعادة ما يبدأ الطفل في التنفس مباشرة وبصورة جزئية في الاستجابة لتدفق الهواء، ولكن في بعض الأحيان نجد الطبيب المولد يساعد هذا التنفس الأولي وذلك بأن يسقط المولود في ماء بارد أو يضربه على ردفيه، ومما هو جدير بالذكر أن الطفل المولود
حديثا يمكن أن يؤدي وظائفه لعدة دقائق بعد الولادة بدون تنفس ولا يصاب بأذى أو ضرر، إلا أنه إذا طالت مدة طويلة في حرمانه من الأكسجين فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى أضرار خطيرة.
ثانيًا: وبمجرد أن يتنفس الطفل، عادة ما يصدر صرخة عالية، ويجب أن يغسل الطفل حينئذ ويلف بدفئ، ولا يحتاج الطفل المولود حديثًا إلى كثير من الطعام للأيام الأولى القليلة من ولادته ولكن يمكن أن يعطى لبء الأم Colostrum ويعتبر بمثابة إفراز مائي رطب من صدر الأم الذي يسبق إفراز اللبن، وهذا المسمار "اللبني" يحتوي على كثير من الأجسام المضادة والتي تمد الطفل المولود حديثا بمناعة أولية ضد أي عدوى، كما أن امتصاص الطفل لصدر أمه يساعدها على إفراز هرمون الأكسوتسين Oxytocin الذي يجعل في تجلط الدم، وحينئذ يحدث نزف يعقب الولادة وبالتالي يساعد الرحم إلى أن يعود إلى حجمه الطبيعي.
وهناك اختلاف في الرأي عادة ما يثار حول ما إذا كانت الأم يجب أن تستمر في إطعام وليدها من صدرها بعد الأيام الأولى القليلة التي تعقب الولادة، وعمومًا فكثير من الأطباء يشيرون بأنه يجب على الأم أن تفعل ذلك ولكن البعض الآخر ينادي أن اللبن البديل عادة ما يكون مشابها للبن الأم ومن وجهة نظر التغذية الأساسية للطفل، إلا أن وجهة نظرنا تخالف وجهة النظر الأخيرة حيث إن عملية الرضاعة كما أشرنا أنها تقي الطفل من كثير من الأمراض هذا من جانب، بالإضافة إلى تكوين الرابطة الانفعالية والعاطفية بين الأم ووليدها، زد على ذلك وكما سنشير فيما بعد أن اللبنات الأساسية من شخصية الطفل توضع أساسا وابتداء أثناء عملية الرضاعة، فالأم لا تمد وليدها فقط بتغذية مادية ولكنها بالإضافة تدعم جوانب شخصيته المستقبلية عن طريق عملية الرضاعة، فإننا لا ننصح أي أم باستبدال ذلك بواسطة مرضعة أو بالببرونة "رضاعة" إلا إن كانت هناك أسباب قهرية لذلك.
ويستثار أحيانا كما سبق وأن أشرنا بعض من الأفكار الخاطئة عن الأم بعد الولادة، فقد كان يعتقد أحيانا بأن الأم بعد الولادة أن تبقى في سريرها لعدة أسابيع بعد الولادة، ونشأت هذه الفكرة من الحقيقة التي
مؤداها أن الولادة ينتج عنها فقدان كمية كبيرة من دم الأم، وبالتالي فإن الإقامة الطويلة للأم لكي تستريح في السرير توفر لها الوقت الكافي لتعويض ما افتقدته من الدم أثناء الولادة، ولكن لحسن الحظ في العصر الحديث ونتيجة الإجراءات والتطورات الطبية الحديثة، فإن المرأة لا تفقد دمًا كثيرًا أثناء الولادة، وحتى وإن حدث هذا فيمكن تعويضها عما افتقدته بعمليات نقل الدم، وتشجيع الأم أن تنهض من سريرها خلال ساعات بعد الولادة وعادة ما تترك المستشفى خلال عدة أيام قلائل.
كما يوجد جدل هو مدى استخدام العقاقير لتسهيل عملية الولادة والتقليل من آلامها، إلا أن الأطباء ينصحون بعدم استخدام هذه العقاقير خاصة بعد مأساة الثاليدوميد Thalidomide التي أشرنا إليها فيما سبق.
ولقد أشار الطبيب الفرنسي "فردرش ليبويه" Frederick Lebyer إلى أن حجرة الولادة المضاءة بأضواء قوية، وباردة نسبيًا، والمفعمة بالضجيج يعتبر شيء مناقض للظلمة والرحم الدافئ والهادئ، فإن ذلك وفقًا لأقوال "فردرش" تنتج صدمة نحن في غنى عنها، وبالتالي فإنه يفضل أن يكون حجرة الولادة مظلمة قليلا دافئة، هادئة، أي أن توفر للمولود بيئة مشابهة بصورة عالية لبيئة رحم الأم، ونرى من جانب آخر أطباء ينادون بعكس وجهة النظر السابقة، وكل من وجهتي النظر من الممكن أن تكون صادقة بصورة نسبية حيث يمكن التوفيق بين كليهما.
تحديد جنس الوليد:
من المحتمل أن يكون أول سؤال يسأل سواء من الأم أو الأخرين عندما يعلن عن وصول الوليد هو، هل المولود ولد أم بنت؟.
ومنذ قرون عديدة، ظهرت مشكلتان هامتان لعلاقتهما بتحديد جنس الوليد، الأولى كانت محاولة التنبؤ مبكرًا في الحمل بجنس الوليد والثانية محاولة التحكم في الجنس المرغوب فيه، والحقيقة أن تلك المحاولات العديدة للتنبؤ بجنس الوليد كانت في معظمها مثيرة للضحك، وهيا بنا الآن لنتأمل سويًا كيفية تحديد جنس الوليد.
إن جميع خلايا الجسم الإنساني، فيما عدا الحي المنوي والبويضة تحتوي على 46 كروموزوما "صبغيًا" مرتبة في النواة في 23 زوجًا، وأحد متماثلين وكلاهما يطلب عليها الكروموزوم X أما عضوا هذا الزوج متماثلين، وكلاهما يطلق عليه الكروموزوم X أما عضوا هذا الزوج عند
الرجل لا يكونا متماثلين إذ تحتوي الخلايا الذكرية على كروموزوم X وعلى نمط آخر مخالف تمامًا يعرف باسم كروموزوم Y.
ولا يوجد هذا الاختلاف فقط في التركيب الكروموزومي لخلايا جسم الرجل والمرأة ولكن الحييات المنوية البويضات تختلف في عدد الكروموزومات التي تحتويها عن باقي جميع الخلايا في الجسم، إذا يحتوي الحي المنوي والبويضة على 23 كروموزوم فقط في كل منهما، أي عضو واحد من كل زوج، وهذا الاختزال في العدد ضرورة إذا كان للبويضة المخصبة أن تحتوي على 46 كروموزوما فقط، ويحدث هذا عن طريق نمط خاص من انقسام الخلية يعرف باسم الانقسام المنصف Meiosis. فحيث إن الخلية التي تنشأ منها البويضة تحتوي على كروموزوم X، فإن كل بويضة تحتوي على كروموزوم واحد X، ولكن الأصل الذي يأتي منها الحي المنوي تحتوي على كروموزوم X وعلى آخر y لذلك فعندما يحدث الانقسام المنصف يكون الحي المنوي المتكون محتويًا بناء على ذلك إما على كروموزوم X أو كروموزوم y ويبدو أن مجرد الصدفة هو الذي يحدد أي حي من الحييات المنوية هو الذي سيخترق البويضة ويخصبها، هل هو الحي المنوي الذي يحمل الكروموزوم X أم ذلك الذي يحمل الكروموزوم y؟ ولكن متى حدث الاختراق فلا توجد أي فرصة لاحتمال آخر فإذا كان الكروموزوم هو X تتكون الأنثى وإن كان y يتكون الذكر والشكل رقم 4 يشير إلى هذه العملية.
والعلم لا يعرف حتى الآن ما هي الخصائص التي يسمح لحي منوي معين من بين الملايين بأنه ينجح في النهاية في اختراق البويضة1، ولكن العلم يعرف مع ذلك أنه متى حدث هذا الاختراق فإن نواة الحي المنوي والبويضة يتحدان ويصبحان نواة واحدة، ومن ثم تبدأ السلسلة الطويلة للأحداث المعقدة والتي إن سارت طبيعية ينتج في نهاية تسعة أشهر ميلادية أو عشرة أشهر قمرية ميلاد طفل جديد.
ولقد وجد أيضًا أن الكروموزومات التي تحدد الجنس تحمل أيضًا جينات تتحكم في خصائص أخرى، وتوجد هذه الجينات على الكروموزومات X فقط، ولا توجد على الكروموزوم y وحيث أن الذكر يحتوي على كروموزوم واحد فإن الصفات التي تحملها هذه الجينات تظهر عليه سواء أكانت سائدة أو متنحية، في حين أن الإناث تحمل كروموزومين X، ولذلك تظل قاعدة الجينات السائدة والمتنحية سارية، ونتيجة لذلك فإن الصفات المتنحية المتصلة بالجنس تظهر دائمًا على الذكور في حين أنها تبقى غير ظاهرة في الإناث إذا زاوجت صفات سائدة، ومن الصفات المتصلة بالجنس "العمى اللوني والصلع"، كما أن هناك مشاكل أخرى مرتبطة بكروموزومات الجنس تؤدي إلى بعض الإصابات أو الأمراض وظهور العديد من الأعراض التي ذكرناها فيما سبق مثل أعراض كلينفلتر وأعراض تبرنر وأعراض داون.