المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسيران بيئيان لتعلم سلوك الأطفال: - علم نفس النمو من الجنين إلى الشيخوخة

[عادل الأشول]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات:

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول:‌‌ مدخللدراسة علم نفس النمو

- ‌ مدخل

- ‌الفصل الأول: تعريف علم نفس النمو "تاريخه وتطوره

- ‌الأهمية العلمية والعملية لعلم نفس النمو:

- ‌تطور علم النفس النمو

- ‌مدخل

- ‌أولا: الأطوار غير العلمية

- ‌ثانيًا: بداية علم نفس النمو الحديث

- ‌الصورة العامة لتطور النمو:

- ‌مفهوم المراحل في علم نفس النمو:

- ‌الفصل الثاني: محددات السلوك الإنساني

- ‌مدخل

- ‌النضج

- ‌مطالب النمو:

- ‌مبادئ النمو:

- ‌مراحل النمو

- ‌مدخل

- ‌ مساهمات "جيزل وآلج وآمز

- ‌ نظرية بياجيه في النمو المعرفي:

- ‌نظرية كولببرج في نمو التفكير الخلقى

- ‌نظرية "فرويد" في النمو:

- ‌نظرية "أريكسون" النفسية الاجتماعية:

- ‌تفسيران بيئيان لتعلم سلوك الأطفال:

- ‌نظرية الدوافع:

- ‌هرمية "ماسلو" للحاجات:

- ‌أنماط تعلم الأطفال:

- ‌ الوراثة

- ‌الفصل الثالث: طرق الدراسة وأدوات البحث في علم نفس النمو

- ‌مدخل

- ‌أولا: الطرق الترابطية

- ‌ثانيًا: الطرق السببية

- ‌ثالثًا: الطرق التمايزية

- ‌رابعًا: الطرق التتبعية

- ‌خامسا: الدراسات المعيارية:

- ‌الباب الثاني: الطفولة

- ‌الفصل الرابع: النمو قبل الولادة

- ‌مدخل

- ‌تطور الجنين:

- ‌النمو غير العادي للجنين:

- ‌الحمل:

- ‌تفاعلات الأم والجنين:

- ‌الفصل الخامس: الوليد والفطيم

- ‌أولا: النمو الجسمي والحركي

- ‌الرضيع في السنة الأولى:

- ‌السنة الثانية:

- ‌ثانيا: النمو العقلى

- ‌الجوانب الكمية للنمو العقلى

- ‌ الجوانب الكيفية للنمو العقلي:

- ‌ثالثا: السمع

- ‌الحواس الأخرى:

- ‌رابعًا: اللغة

- ‌مراحل التعبير عند الطفل:

- ‌خامسا: العمليات المعرفية

- ‌حل المشكلة:

- ‌سادسًا: التفكير

- ‌المفاهيم الرئيسية لطفل العامين:

- ‌تعليم الآباء استشارة الرضيع

- ‌الأنماط السلوكية التوجيهية:

- ‌العوامل المؤثرة في الأنماط السلوكية الإشارية والتوجيهية:

- ‌الارتباطات مع الأشخاص الآخرين

- ‌مدخل

- ‌الأنماط السلوكية المدعمة للأرتباط

- ‌قلق الغرباء:

- ‌قلق الانفصال:

- ‌نظريات أصول الارتباطات المتبادلة:

- ‌الانفصال والتفرد:

- ‌تأثير الأطفال على العناية التي يتلقونها:

- ‌تطبيقات لتنشئة الرضيع:

- ‌التأثيرات طويلة وقصيرة المدى للعناية بتدريبات الأطفال:

- ‌الفصل السادس: الطفولة المبكرة "سنوات ما قبل المدرسة 2: 5

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو الجسمي والحركي:

- ‌النمو العقلي

- ‌مدخل

- ‌قياس الذكاء:

- ‌مقياس ديفيد وكسلر:

- ‌اختبار القدرة اللغوية المصور

- ‌النمو الإدراكي:

- ‌التذكر:

- ‌التعلم التمييزي:

- ‌السلوك الاحتفاظي

- ‌الاستدلالات الانتقالية:

- ‌ثبات العدد

- ‌النمو اللغوي:

- ‌اكتساب اللغة:

- ‌نظريات التحصيل اللغوي:

- ‌مهارات الاتصال المرجعية:

- ‌العالم التصوري للطفل الصغير:

- ‌التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة:

- ‌الشخصية والنمو الاجتماعي:

- ‌العلاقات الاجتماعية لطفل ما قبل المدرسة

- ‌مدخل

- ‌دور الأب:

- ‌العلاقات مع الإخوة والأخوات:

- ‌مقدم طفل جديد:

- ‌التفاعلات مع الإخوة والأخوات الأكبر:

- ‌التفاعلات مع الصحبة والنظراء:

- ‌التطبيع الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ التدريب أو فرض النظام

- ‌تساوق التدريب أو النظام:

- ‌التدريب المرشد

- ‌السلوك التدريبي الموجه:

- ‌التقمص

- ‌الفصل السابع: الطفولة الوسطي

- ‌‌‌النمو الجسمىوالعقلى

- ‌النمو الجسمى

- ‌النمو العقلي:

- ‌النمو اللغوي:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌العالم التصوري للطفولة الوسطى:

- ‌الشخصية والنمو الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دخول المدرسة

- ‌ثانيًا: الاهتمام المتزايد بجماعة الرفاق

- ‌ثالثًا: هوية دور الجنس

- ‌رابعًا: العلاقات الأسرية

- ‌خامسا: الآباء لطفل المدرسة

- ‌سادسا: إعادة تقييم أطفال سن المدرسة لآبائهم

- ‌سابعًا: النمو وتكامل الشخصية

- ‌نظريات النمو

- ‌أولا: مفهوم دورة حياة الإنسان

- ‌ثانيًا: بعض نظريات النمو

- ‌بعض مشكلات النمو ووسائل مواجهتها:

- ‌الممارسات المدرسية ودورها في توجيه النمو:

- ‌الباب الثالث: المراهقة

- ‌مدخل

- ‌أولا: نظريات المراهقة

- ‌ثانيًا: التغيرات الجسمية والفسيولوجية

- ‌ثالثًا: النمو العقلي

- ‌النمو الخلقي:

- ‌دلائل التفكير الإجرائي الصوري:

- ‌رابعا: هوية المراهق وقيمه الخلقية

- ‌استمرار نمو الشخصية:

- ‌نماذج نمو المراهقة:

- ‌الشخصية والنمو الاجتماعي:

- ‌سادسا: الإرشاد النفسي للمراهقين

- ‌الاضطرابات النفسية والسيكوفسيولوجية

- ‌مدخل

- ‌القلق:

- ‌اكتتاب المراهق

- ‌توهم أو وسواس المرض

- ‌الاضطرابات السيكوفسيولوجية:

- ‌اضطرابات الأكل:

- ‌العلاج والإرشاد النفسي للمراهقين:

- ‌الباب الرابع: مرحلة الرشد

- ‌مرحلة الرشد المبكرة

- ‌مرحلة الرشد الوسطى

- ‌الباب الخامس:‌‌ الشيخوخة

- ‌ الشيخوخة

- ‌نظريات الشيخوخة:

- ‌المجال الاجتماعي:

- ‌الشيخوخة والمفاهيم والأفكار الخاطئة

- ‌مدخل

- ‌الخرافة الأولى أكثر تشابها:

- ‌الخرافة الثانية أن يصبح الفرد خرفا:

- ‌الخرافة الثالثة: الشيخوخة فترة الصفاء

- ‌الخرافة الرابعة: انعدام القدرة الجنسية

- ‌الخرافة الخامسة: الجمود وعدم المرونة

- ‌الخرافة السادسة: عدم الابتكارية وعدم الإنتاجية

- ‌الخرافة السابعة: صعوبة تعلم مهارات جديدة

- ‌الخرافة الثامنة: غرابة الأطوار أو الخبل

- ‌الخرافة التاسعة: الوحدة

- ‌الخرافة العاشرة: أكثر تدينا

- ‌الخاتمة

- ‌‌‌الموت كنهاية لدورة حياة الإنسان

- ‌الموت كنهاية لدورة حياة الإنسان

- ‌عملية الموت:

- ‌نظرية كويلر -روس

- ‌الإنكار

- ‌الغضب

- ‌المساومة

- ‌الاكتئاب

- ‌التقبل

- ‌نمو مفهوم الموت:

- ‌المراجع:

الفصل: ‌تفسيران بيئيان لتعلم سلوك الأطفال:

وأثبتت الدراسات كذلك أن الأطفال يستطيعون تعلم المتطلبات الحركية في أعمار زمنية مبكرة، فالباحثون في معهد دراسات الأطفال بموسكو أشاروا أن النمو الحركي يمكن التعجيل به من خلال عمليات التدريب وتدليل عضلات الأطفال الصغار.

كما درست تأثير خبرة التعلم على سلوك الطفل مثلا دراسة "براكيل" Beackbill؛ "1958" أشارت إلى تأثير الإشراط الآدمي على استجابة الابتسام للأطفال، وأجرى كل من "روس وآخرون" Ross& Others؛ "1959" دراسات متشابهة على النحو اللغوي أشارت إلى نتائج متطابقة مع الدراسة السابقة، ويشير بعض علماء نظرية البيئة مثل "جاجنه" Gegne وبرونر Bruner أن العمر الزمني يؤدي إلى وجود الاختلافات في كيفية تعلم الأفراد، فالمراهقون لا يتعلمون بنفس الطريقة التي يتعلم بها الأطفال ويرجع ذلك إلى الاختلافات في خبرة كل من الفئتين، ويشير "سكينر" Skinner كذلك أن كثيرًا من مبادئ التعلم تكون عامة وتنطبق بصورة متساوية على الأفراد في جميع الأعمار الزمنية.

ص: 100

‌تفسيران بيئيان لتعلم سلوك الأطفال:

اهتم كثير من علماء نظرية البيئة بالتعرف على المبادئ العامة وراء تعلم جميع الأفراد، وسنتأمل سويًا في ثنايا الصفحات التالية تفسيران مختلفان في كيفية تعلم الأطفال التفسير الأول الذي يناصره السلوكيون حيث يقصر تلك الدراسة إلى ما يمكن أن يلاحظ في سلوك الأطفال، أي على سلوك الطفل نفسه، والثانية هي نظرية الدافعية والتي تفسر السلوك التعلمي على وصف ما يجري بداخل الطفل من حاجات ودوافع ويعتبر "واطسون" Watson؛ "1930" ويتفق كثير من السيكولوجيين اليوم مع وجهة نظر "واطسون" في أن السلوك الإنساني يعتبر بمثابة شيء حقيقي وموضوعي، وعلى ذلك نجدهم يدرسون فقط الأنماط السلوكية القابلة للملاحظة أو القياس

1-

الإشراط الكلاسيكي:

أشار "واطسون" نتيجة تجاربه المعملية أن التعلم يحدث عندما تكون موضوعات البيئة مرتبطة الواحدة منها بالأخرى، وفي دراسة "لواطسون

ص: 100

ورينور" Watson& Raynor؛ "1930" أشارا إلى أن طفل الحادية عشر شهرًا من العمر يمكن أن يتعلم إبداء استجابات الخوف من فأر أبيض

ولقد أشار إلى الحالة "ألبرت" Albert حيث كان يستجيب بالابتسام والتهويل عند تقديم الفأر الأبيض له، وفي نفس الوقت كان يبدي استجابة خوف "صياح وبكاء" عندما كان يعرض إلى ضجيج، وبعد قرن قدم "واطسون ورينور" الفأر مرات كثيرة مع الضجيج المرتفع، فقد بدأ الطفل في إبداء الخوف عند تقديم الفأر بمفرده، وبعد ذلك عمم استجابة الخوف على جميع الحيوانات المتشابهة مع الفأر أو ذات الفراء.

وتعلم الطفل هذا وسمي بالإشراط الكلاسيكي Classical Conditioning والتقليدي، وعادة ما يحدث هذا الإشراط في الحياة اليومية للأطفال، فمثلا صوت جرس المدرسة عادة لا يثير أي استجابة خاصة لدى الطفل الصغير والذي لم يدخل المدرسة بعد، ففي معظم الأحيان يكون ذلك الصوت مثيرًا محايدًا حيث يصبح مرتبطًا مع بداية اليوم الدراسي وعادة ما يستجيب التلاميذ له بأخذ أماكنهم داخل الفصول وجذب انتباههم إلى المدرس، أي إن هذا المثير أنتج استجابة اجتماعية مرغوب فيها.

إلا إننا نجد في بعض الأحيان أن هذا الإشراط الكلاسيكي لا يثير لدى الأطفال استجابة اجتماعية مرغوب فيها وذلك عندما يكون المدرسون معاقبين مستبدين وبالتالي نجد الأطفال عادة ما يربطون الخوف من العقاب بكونهم داخل الفصول المدرسية ومن ثم ينمي هؤلاء الأطفال استجابات خوف شرطية كلاسيكية، فالأطفال الصغار الذين خبروا الألم والمرض أثناء إقامتهم بالمستشفى، غالبًا ما يكونون ارتباط الألم بالأطباء والممرضات، وهم الأشخاص الذين كانوا متواجدون أثناء شعورهم بالألم والمرض، وبالتالي قد نجدهم ينمون استجابات خوف معممة ترتبط بأي زيارة إلى المستشفى وربما لزيارة عيادة طبيب، ولسوء الحظ فإن أغلب هذه الحالات تبقى معهم هذه المخاوف لسنوات عديدة من طفولتهم.

2-

الإشراط الأدوى:

الإشراط الكلاسيكي عبارة عن تعلم يكون نتيجة المثيرات التي تسبق الاستجابة المتعلمة، ففي الحالة التي رأيناها سابقًا يرى أن تقديم الفأر

ص: 101

الأبيض والصوت أو الضجيج الصاخب قد سبقتا استجابة الخوف للطفل، وفي نمط آخر لدراسات التعلم بواسطة السلوكيين، فقد تبعت الاستجابة المتعلمة بأنواع من مثيرات متنوعة أخرى، ويسمى ذلك بالإشراط الآدوي، فالإشراط الآدوي يمكن أن يحدث في نفس الوقت، كما في حالة الإشراط الكلاسيكي.

ويركز، "سكينر" أن السلوك يتأثر بما يتبعه، حيث أشار إلى أن الأنماط السلوكية المتبوعة بأنواع معينة من المثيرات تكون أكثر ميلا في أن تحدث مرة أخرى في المستقبل Skinner؛ "1953، 1968"، فمثلا إذا قرأت هذا الفصل بعناية هذه الليلة، وتلقيت درجة ممتاز في الامتحان في اليوم التالي، فإنك ستكون أميل لاستخدام نفس الطريقة التي استخدمتها من حيث العناية في الامتحانات المستقبلية، وذلك أكثر مما إذا كنت قد حصلت على تقدير منخفض، فالسلوك الدراسي الدقيق المتهم يسمى حينئذ بالاستجابة الآدوية Operant resonse أي إنك تعمل وتجتهد في داخل بيئتك لكي تحصل على النتيجة المرغوب فيها بالنسبة إليك، والتعلم الآدوي أحيانًا يعزى كما لو أنه أشراط وسيلي Lnstrumenral Cond وذلك لأن الاستجابة التي فعلت تكون وسيلية لتحقيق نتائج معينة.

والتدعيم وفقًا لعلماء نظرية التعلم الآدوي، يعتبر بمثابة أي مثير له تأثير في ازدياد الاستجابة الفورية السابقة، والتغذية الرجعية Feed Back للامتحان، إن كانت أخبار حسنة تكون تدعيمًا، كما أن قيمة أي مثير معين كمدعم يعتمد على الشخص الذي يجري عليه التدعيم، فمعظم الطلاب الجامعيون الذين يريدون تحقيق تقديرات عالية عادة ما يستخدمون كمدعمين، كما نجد في جماعة المراهقة نرى أن استحسان الأقران الاجتماعي للقائد، يميل إلى أن يكون مدعمًا قويًا جدًا أكثر من أي تغذية رجعية يستطيع المدرس تقديمها، وبين أطفال ما قبل المدرسة وجد أن استحسان الأقران والأصدقاء يعتبر بمثابة مدعم قوي أكثر من استجابة المدرس لهم، وكما يشير Calrk؛ "1974" ورفاقه، أن ما نعتبره في أحيان كثيرة مثيرًا غير سار، قد يثبت فيما بعد على أنه مدعم قوي.

المدعمات الأولية والثانوية:

تسمى بعض المدعمات أحيانًا بالمدعمات الأولية، وهي التي تعتبر شيئًا ضروريًا للبقاء أو الحياة وأمثلة ذلك الطعام بالنسبة للجائع، والمأوى

ص: 102

بالنسبة للتائه في البرية، وثمة مثيرات أخرى لا تكون ضرورية للبقاء الحيوي أو المادي مثل النجاح والاستحسان الاجتماعي، إلا أنها تكون ذات فعالية وتأثير كبير على سلوك الإنسان، وتسمى بالمدعمات الثانوية، وتكتسب تأثيرها وفعاليتها من خلال الفرص المتكررة لها، فالطفل المولود لا يغير سلوكه بسبب التقدير، كما أن الأطفال في بداية مهدهم لا يتأثرون بالاستحسان الأبوي، إلا أن ذلك يحدث فقط فيما بعد عندما يصبح الاستحسان الاجتماعي مرتبطًا بإشباع الحاجات الأولية، والنجاح يصبح مرتبطًا بالاستحسان، فالمال يعتبر بمثابة مدعم ثانوي قوي لكثير من الأفراد، وذلك لارتباطه الوثيق بالمدعمات الأولية التي يمكن شرائها به.

والتدعيم قد يحدث بعد إجراء الاستجابة بصورة مباشرة أو قد يحدث أحيانا فيما بعد، ولقد أشار السيكولوجيون أنه كلما تأخر التدعيم كلما كان تأثيره على الاستجابة أقل، فالطالب الجيد في علم نفس النمو سيكون لديه دافع أكبر وأقوى إن عرف نتيجة امتحانه مباشرة، وذلك أكثر من الطالب الآخر الذي ينتظر أسبوعين مثلا لمعرفة نتيجة آدائه. والقدرة على التعلم بواسطة التدعيم المتأخر تنمو تدريجيًا فقط.

جداول التعزيز والانطفاء:

في أي موقف تعلمي، من الممكن أن يحدث التدعيم بعد إجراء كل استجابة فردية مرغوب فيها، كما يمكن أن يقدم بعد حدوث مجموعة من الاستجابات المرغوب فيها، ويطلق على النمط أو النموذج الذي يقدم المدعمات عن طريقها بجداول أو قوائم التدعيم.

وأول من أشار إليها "سكينر" حيث وجد تفاوتًا كبيرًا في الاستجابة تبعًا للطريقة التي تتم بها المكافأة، وليست المكافأة والعقاب عند "سكينر" مجرد عاملين مستقلين يؤثران على عملة التعلم، ولكنهما عاملان حاسمان في السلوك، ولقد أثبت "سكينر" بتجاربه أن توقيت واحتمال المكافأة يؤثران في كيفية ومتى وأين وما إذا كان الفعل سيقع، وكذلك ما إذا كان من الممكن تعلمه أم لا، فالتعزيز يشكل السلوك، وفي تجربته على الحمام وجد "سكينر" أن الطائر لو كوفئ على فعله كل خمس دقائق، فإنه لن ينشط بل وسينام لمدة أربعة دقائق، ثم ينشط فجأة بشكل غير عادي مستجيبًا كلما اقتربت لحظة المكافأة، وعلى عكس ذلك فإن الطيور التي كان يكافؤها بعد كل خمسين أو ستين استجابة كانت تتجاوب بالسرعة التي تستطيعها.

ص: 103

وتشير الدراسات النفسية أن الجداول المستمدة من التدعيم تؤدي بصورة أسرع إلى نماذج نظامية من الاستجابة، كما أنه من المفيد جدًا في المراحل المبكرة من التعليم توفير التدعيم في كل مرحلة يعمل فيها المتعلم استجابة مرغوب فيها، فإن ذلك سوف ينتج معدل راسخ وثابت من الاستجابة، ومع ذلك فبمجرد توقف التدعيم نجد اختفاء الاستجابة وانطفائها، فإذا تعود أحمد على تلقي المديح في كل مرة يفعل فيها شيئًا معينًا، وفجأة نرى الأم توقف من مديحها له، فإن أحمد يحدث لديه انطفاء للاستجابة التي كان يؤديها، وتشير الدراسات كذلك إلى أن جداول التوقيت الثابتة تؤدي إلى ازدياد الاستجابة في نهاية كل مرة، فالمدرس الذي يجري امتحان كل يوم سبت، نجد تلاميذه يستعدون له ويميلون إلى المذاكرة المنهمكة كل يوم جمعة من الأسبوع.

تشكيل السلوك:

في البداية عادة ما نجد الأطفال الصغار لا يعرفون كيفية عمل الاستجابة المرغوب فيها، فمثلا عندما نعلم الطفل كيف يكتب اسمه، فإننا يجب أولا أن نعلمه كيف يمسك القلم، وبعد ذلك نعلمه كيف يعمل الحركات المتطلبة لكل حرف، وفي النهاية نعلمه كيف يكتب الحروف في تتابع مناسب والتدعيم، الذي يتبع كل خطوة للطريقة يؤكد حدوث التعلم،

وهذه العملية التدعيمية المتتابعة حتى الاستجابة النهائية المرغوب فيها تسمى بعملية تشكيل السلوك Shapin behavior كما إن إجراء استجابات مركبة معقدة تتطلب تشكيلا متتابعًا للاستجابة النهائية.

المدعمات الإيجابية والسلبية:

جميع أنواع التدعيمات التي تحدثنا عنها تؤدي إلى ازدياد الاستجابات السابقة بصورة مباشرة فهذه التدعيمات تكون سارة ومشبعة وبالتالي يريد المتعلم أن تحدث، وتسمى هذه التدعيمات بالمدعمات الإيجابية، وجدير بالذكر أن هناك كثير من المثيرات تؤثر على التعلم بصورة مختلفة، فالمدعمات السلبية هي المثيرات التي يحاول المتعلم إيقافها وإنهاءها بثمة مثيرات تقوي وتدعم الاستجابات الهروبية، بمعنى أنه كلما تعلم الهروب من المدعم السلبي، فإنه سيكون أميل لإجراء ذلك في المستقبل Hilgard& Bower؛ "1975"، ويشير الباحثون أن الاستجابات الهروبية الاجتماعية المرغوب فيها قد تكون متيسرة للمتعلم، إذا كان التدعيم السلبي يتمركز في تعليم ما نرغب فيه Solomon؛ "1964" فعندما

ص: 104

لا نريد تعلم "أ" أن يأتي إلى المنزل متأخرًا في المساء، فإن كان الشيء الوحيد الذي نعلمه هو توبيخه بعد عودته متأخرًا، ولكن الأجدر أن نفسر لـ"أ" قبل مغادرته المنزل بعد الظهر ماهية السلوك المرغوب اجتماعيًا الذي يمكن أن يؤتيه حتى يتحاشى المدعم السلبي.

ولكن ما الذي يحدث عندما يصفع أو يضرب "أ" بعد حضوره متأخرًا في المساء والاحتمال الأكبر هنا أن الأم أو الأب يفعلا ذلك لأنهما يفترضا أن ذلك سوف يقلل احتمالية عودته متأخرًا فيما بعد، ويشير Estes "1944" إلى أن العقاب وحده وبدون أي تعلم آخر لا يوقف كليا السلوك غير المرغوب فيه، كما نجد "هليجارد وبارو" يشيران إلى أن الاستجابة لا يمكن أن تظهر من ذخيرة الكائن السلوكية بفعل العقاب بمفرده، حيث إننا نجد أنه عندما يزال العقاب فإن الفرد يعود تدريجيًا إلى معدل استجابته قبل العقاب، وبدون تعلم "أ" الاستجابة الاجتماعية المقبول فمن الممكن توقع وصوله دائمًا إلى المنزل متأخرًا، بغض النظر عن التوبيخ واللوم القاسي الذي يعطى إياه.

وجدير بالذكر فإن سوء الفهم الذي اكتنف تأثير العقاب قد شجع بعض المدرسين في المطالبة بالاستمرار في العقاب الجسدي عندما يكون سلوك التلاميذ غير طيع، فإن كان كل ما ينفعه هو الضرب أو التوبيخ الشديد وليس غير ذلك، فتبعا للسلوكيين فلزاما علينا أن نضرب ونوبخ إلى الأبد! ولكن قبل أن نأخذ هذا المسلك يجب علينا أن نتذكر تأثيرًا معروفًا آخر للمثيرات غير السارة المستمرة في داخل بيئاتنا، فعندما تكون البيئة مرتبطة بالمثيرات غير السارة، فإننا في نفس الوقت ننمي لدى أطفالنا استجابات خوف ارتباطية، وتعميم الخوف أو القلق يرجع غالبًا إلى العقاب المستمر أو التدعيم السلبي، وتبعا لذلك فإن والدة "أ" تحاول طرق أخرى غير التوبيخ الشديد أو الضرب فقط لكي تعلم "أ" أن يحضر إلى المنزل في الموعد المحدد.

إدارة أو تشكيل السلوك:

عندما ندعم بصورة مقصودة السلوك المرغوب فيه ونتجاهل أو نعاقب السلوك غير المرغوب فيه، فإننا نستخدم في هذه الحالة ما يسمى بإدارة السلوك، وتحدث هذه العملية يوميًا داخل المنزل والفصول الدراسية، فعادة ما يدعم الآباء الأنماط السلوكية المرغوب فيها اجتماعيًا لدى ولديهم

ص: 105

عن طريق الاستحسان الاجتماعي والحب، كما نرى المدرسين كذلك يستخدمون المديح والدرجات الجيدة داخل فصولهم لنفس هذه الغاية.

ولكي نطبق مبادئ إدارة السلوك في طريقة منتظمة، فمن الضروري أولا أن ندرس بعناية ذخيرة الطفل من الاستجابات، وعلى ذلك فإننا لا يمكن أن ندعم السلوك الذي يظهر، فعندما لا تظهر الاستجابة المرغوب فيها بصورة أولية، بحيث ندرك أنه يجب علينا أن نشكل تلك الاستجابة فعن طريق التدعيم البطيء الدقيق والتقريبات المتتابعة للسلوك المرغوب فيه، إلى إن يظهر هذا السلوك في نهاية الأمر، وعندما تظهر الاستجابة المرغوبة فيها بصورة منقطعة، حينئذ يجب علينا أن نكون دائمًا منتبهين حتى نتبعها بالمدعمات لكي نتأكد من عدم انطفائها.

وجدير بالذكر، فإن أي شخص يستخدم وسائل إدارة السلوك مع الأطفال يجب أن يكون خبيرًا، مهتمًا في اختيار المدعمات، فلا يوجد مثير متفرد واحد سوف يدعم جميع الأطفال بصورة متساوية، فالمديح يعتبر مدعمًا مؤثرًا لبعض الأطفال، كما أن النجوم داخل الكراسات المدرسية أو التي ترتبط في أعلى صدر الطفل قد تكون أكثر تأثيرًا بالنسبة لأطفال آخرين، كما نجد بالنسبة للمراهقين أو استحسان جماعة المراهق يعتبر مدعمًا أكثر تأثيرًا وفعالية من أي مدعم آخر.

وإحدى طرق اختيار المدعمات في الموقف التعليمي تكون في أن تسمح للأطفال أن يعملوا الاختيار بأنفسهم، وتسمى إحدى الطرق لإجراء ذلك بمبدأ بريماك Premack؛ "1959"، حيث يتضمن ملاحظة سلوك الطفل بعناية أثناء اللعب الحر، وأن يسجلوا الأنماط السلوكية التي غالبًا ما تحدث بصورة متكررة، ويستخدمون نفس السلوك في مرحلة لاحقة أثناء عملية التعلم لإحداث التدعيم المرغوب فيه، بمعنى أنهم سوف يسمحون للأطفال أن يمارسوا السلوك كمدعم، فمثلا الأطفال الذين يهتمون بقضاء معظم أوقات فراغهم في قراءة الكتب الفكاهية المسلية، يسمح لهم بقراءة هذه الكتب كمدعم للسلوك المرغوب فيه، والأطفال الذين يقضون أوقات فراغهم في لعب المباريات من الممكن أن يستخدم اللعب كمدعم لما نرغب في تنمية من أنماط سلوكه.

ولقد أثار بعض النقاد الاهتمام حول الأخلاقيات المتضمنة في برامج إدارة السلوك، حيث يتساءلون هل من حق أي فرد أن يمارس الضبط والتحكم في سلوك الآخرين؟ وهذه الاهتمامات الأخلاقية كما نوقشت فيما سبق تستأهل اعتبارًا جادًا من الباحثين، فحقوق الأطفال، وكذلك الراشدين يجب أن توضع في الاعتبار دائمًا.

ص: 106