الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هرمية "ماسلو" للحاجات:
لقد وجد في أعمال "ماسلو""1943-1954"، إحدى المحاولات الأصلية للتعامل مع نظم الحاجات المركبة، إذ يشير أن الحاجات يمكن أن توصف بدقة وبوضوح بواسطة الهرمية المرتبة من الحاجات البسيطة إلى الأكثر تركيبًا، وبالتالي تصبح الحاجة مهيمنة ومسيطرة عندما يشبع فقط الحاجات الأدنى من هذه الهرمية.
وتبعًا "لماسلو" نجد الحاجات الفسيولوجية أساس نظرية الدافعية حيث نراها مهيمنة مسيطرة في حالة عدم اشباعها، فالأطفال الذين يكونون تحت وطأة هذه الحاجة لا يهتمون مثلا بحاجات الاجتماع أو حاجات الاستحسان الاجتماعي، حيث نجد المدعمات الاجتماعية العادية ذات تأثير ضعيف على سلوكهم، وحاجات الأمن، أي الحاجة، إلى بيئة آمنة مستقرة تلي ذلك، وقد نجد هذه الحاجة تهيمن على وجود بعض الأطفال سيئوا الحظ والتي تكون حياتهم العائلية مضطربة بسبب الانفصال الأبوي مثلا، ويلي ذلك الحاجة إلى الحب والانتماء، فالشباب الذين يشعرون بعدم التقبل والذين لا يشعرون بالألفة والوئام مع زملائهم في المدرسة، عادة ما يصبحون ذوي مشكلات سلوكية أكثر، كما أن حاجات التقدير عادة ما يشبع من خلال الإنجاز، ويستطيع الآباء والمدرسون أن يدعموا هذه الحاجات عن طريق مكافئة تلك الحاجات وتوفير فرص النجاح أمام التلاميذ، ومع ذلك، وحتى في حالة إشباع هذه الحاجات يشير "ماسلو" إلى أن الطفل سوف يشعر بعدم الرضا والقلق إلا إذا عمل ما يرغب فيه وما يستطيع القيام به، أي ما يسميه "ماسلو" بحاجات تحقيق الذات وتحدث عندما يتمكن الأطفال من إشباع الحاجات إلى الفهم والمعرفة.
يوضح الشكل رقم "1" هرمية "ماسلو" للحاجات الدافعية
الدافعية الداخلية والخارجية:
يميز علماء النفس بين ما يسمى بالدافعية الداخلية والدافعية الخارجية Extrinsic Motivation وتحدث الدافعية الخارجية عندما تكون النشاطات موجهة نحو موضوعات خارجية لخبرة التعلم كالمكافآت المالية التي تعطي للسلوك الطيب، والدافعية الداخلية Lntrinsic Motivation تعزى إلى الدافعية والتي تستخدم الخبرة نفسها كهدف فقد يدفع الأطفال داخليًا إلى العلم والقراءة. وذلك لأن القراءة تعتبر بمثابة شيء ممتع مشوق والدافعية الداخلية بهذا المعنى تعزى إلى ما يسميه السلوكيون بالنشاطات المدعمة ذاتيًا.
ويشير "هارلو وال" Harolw & al؛ "1950" أن الكائنات الإنسانية غالبًا ما تكون مدفوعة بحب الاستطلاع والحاجة إلى الاستثارة، بمعنى أن الشيء الجديد غير المألوف لخبرة التعلم يمكن أن يستخدم كهدف أو غرض، ويبدو أن الأطفال يستمتعون بالاستكشاف بدون الحاجة إلى مكافأة لافتة للنظر، ومما هو جدير بالذكر فإن هذه الحقيقة تدعم مفهوم أن الدافعية الداخلية يمكن أن تكون العامل الأساسي للتعلم.
ونجد أن كثيرًا من طرق التدريس الحديثة تستغل الدافعية الداخلية، فمثلا الطريقة المعروفة بسوزوكي Suzuki في تعليم الأطفال ما بين 1.5: 2 سنة عزف الكمان وذلك عن طريق إجراء لعب الكمان بالنسبة لهم كمكافأة بغض النظر عن أي مكافأة خارجية Pronko؛ "1969"، كما أن بعض المناهج المبتكرة التي أشار إليها Moore؛ "1968" تستغل الدافعية الداخلية لدى الأطفال بواسطة طريقة البيئة المستجيبة، حيث ندد أن الدافعية تأتي من خلال معرفة الأطفال أنهم يتعلمون، كما أن التعليم المفتوح والذي يساعد فيه الأطفال على بناء منهجهم الخاص بهم يعتمد كذلك وبصورة كبيرة على الدافعية الداخلية.
والتفسيرات التي أعطيت للحاجات والحوافز والدوافع تساعد على توضيح الأسباب التي يعزى إليها أن كثير من الأطفال يبدون كما لو أنهم غير مدفوعين إلى التعلم، فدافعية نمو الإنجاز والتحصيل في كثير من جوانبها تتفق مع دافعية الرضيع للحصول على صدر أمه، بمعنى أنها تنمو فقط عندما يكون الطفل قد تعلم توجيه النشاط نحو هدف أو غرض معين، وقد يكون هذا الهدف خارجيًا "كالتقدير المرتفع أو الدرجة العالية،
وقد يكون داخليًا "كالمتعة في حل المسائل والمشكلات الجديدة". والدافعية يمكن أن تحدث فقط بعد حدوث خفض الحافز، فالأطفال الذين قد فشلوا في الماضي في كل شيء حاولوه، لن يكون لهم أبدًا فرصة إخبار تخفيض الحافز في مواقف التعلم ومثل هؤلاء الأطفال يمكن توقع عدم قدرتهم على التحصيل والإنجاز إلى أن تحدث تغييرات أساسية في الموقف التعلمي، وبالتالي فبدلا من قولنا أن "أ" لا يتعلم لأنه لا يكون مدفوعًا إلى التعلم، نجد المدرس الناجح يقول: إن "أ" لا يكون لديه الدافعية بسبب كونه لا يتعلم.
وعادة ما نفترض أن الأطفال سوف يدفعون برغبة تحاشي الإخفاق أو العقاب، وهذا المنحى يمكن أن يكون صادقًا أحيانا خاصة مع الأطفال الذين قد تعلموا بالفعل كيفية تجنب الإخفاق، إلا أنه بالنسبة للطفل الذي يخفق دائمًا، فإن علماء الدافعية يشبهون في تفسيرهم علماء التعلم بأنهم يتنبئون نقصًا مستمرًا في الدافعية لدى هذا الطفل.
ولقد اقترح "جاجنه" Gagne؛ "1970" طرقًا أكثر إيجابية بواسطتها يمكن أن يكون الأطفال في حالة دافعية للتعلم؛ فمثلا الدافعية من خلال الرغبة في الحصول على الاستحسان الاجتماعي من الأقران، ولبناء مراكز تقدير الذات والتحكم أو البراعة في المهارة، وللتعامل بصورة استقلالية وكذلك للإنجاز والتحصيل.
ويشير اقتراح سيكولوجي آخر في أن نجعل التعلم ذا معنى وهدف حيث اتضح أن الغرضية Meaningfulness ذات أهمية قصوى في التعلم Underwood؛ "1964" فعندما يفهم الأطفال الفوائد التي يمكن أن تسفر عنها مجهوداتهم حينئذ تكون دافعيتهم متزايدة، كما أنهم عندما يكونوا قادرون على الوصول إلى أهدافهم نجد تزايد دافعيتهم كذلك. وعلى ذلك فعن طريق ترتيب وتنظيم التعلم في خطوات قصيرة، نجد أن الخطوة التالية يمكن أن تفهم بسهولة ويصل إليها الطفل ويعتبر بمثابة طريقة أكثر فعالية وتأثيرًا في التدريس، إذا ما قورنت بطريقة المثيرات المبغضة أو التي يكرهها الطفل.
الدوافع والتغير النمائي:
يشير علماء سيكولوجية النمو أن الأنماط من الداوفع تهيمن
في أعمار زمنية مختلفة، فتبعًا لكاجان Kagan؛ "1971" أن الدوافع التي تشغل البال هي عادة تلك المرتبطة بالأهداف التي لا يكون الواحد فيها مؤكدًا إنجازه أو الحصول عليه وهذا الشك أو عدم التأكد يتغير كلما نضج الطفل، ويستطرد كاجان أن الطفل في بداية شهور حياته الأولى لا يوجه بأي شيء أو لأي أهداف ما عدا تلك المرتبطة بإشباع حاجاته الفسيولوجية، وبنهاية السنة الأولى وعندما تشبع هذه الحاجات نجد الدوافع المرتبطة بالأهداف غير الفسيولوجية تبدأ في الظهور، فالرضيع ذو التسعة شهور الذي يعبر عن القلق والاندهاش لاختفاء دميته عن ناظريه، يومئ لنا بأنه يريد تلك الدمية، وبصورة مماثلة فإن طفل الثمانية عشر شهرًا عندما يبكي عندما تغادر أمه الحجرة يظهر لنا الحاجة إلى وجود أمه، وعندما يصل الطفل إلى الثالثة فإنه لا يقتنع فقط في مجرد التماس وجود الأم، ولكنه يلتمس كذلك الاستحسان الأموي، فطفل الثالثة يريد أن يعانق، وفي فترة لاحقة في الرابعة من لا يريد كثيرًا أن يعانق، ولكن في جعل أمه متعلقة به أو معاقبة له.
كما أن سنوات المدرسة المبكرة تتصف بنمو حاجات الكفاية وذلك كما يشير "كاجان" فأثناء هذه الفترة نجد الرغبة في الكفاية والجدارة بالإضافة إلى التقبل من الأقران تكون تلك الحاجات قوية لدى طفل الحضانة، كما يظهر أطفال السنة الأولى حاجات قوية للبرهنة أو إظهار أنهم ذوو قيمة، فالمديح يكون ذو فعالية وتأثير كما هو في العناق، ونجدههم عادة ما يؤدون الواجبات المدرسية لتلقي المديح فقط من المدرس. وأطفال السنة الأولى الذين يكون لديهم مشكلات في القراءة فعلا لا يشعرون بعدم الجدارة أو التفاهة فقط، ولكنهم كذلك يكونون على دراية شديدة بأن أقرانهم يمكن أن يرو إخفاقهم.
ويدخل الفرد طور المراهقة، وينبثق لديه اهتمامات وميول جديدة، ومن أولها الدوافع الجنسية القوية، والجاذبية الجنسية التي تشعره بالتقبلية، والمرغوبية، وعمومًا فإن المراهق الذي يشعر بعدم الأمان في الأمور المتعلقة بالجنس غالبًا ما نجد لديه صعوبة كبيرة في التكيف مع أقرانه، وأيضا إلى بيئته المدرسية، والأنماط السلوكية الجنسية تتعلم تدريجيًا خلال فترة الطفولة فنجد الفتاة مثلا تلتمس بصورة شديدة اكتساب المديح والثناء ونراها تقضي ساعات في ضم شعرها وتسريحه وتجريب عدة تسريحات عليه، كما أن المراهق الذي يعتقد أن أبوه سوف يفتخر به لمهاراته الرياضية
قد يعمل ويتدرب لساعات كثيرة في النادي ليكتسب مديح وثناء والديه، وبطبيعة الحال نجد أن في المقبولات الثقافة يؤثر في نماذج السلوك الجنسي، إلا أن الحاجة إلى التقبل ذات فعالية وبغض النظر عما إذا كان السلوك المختار صحيحًا من الناحية الثقافية أم لا.
النموذج والدافعية:
يدفع الأطفال منذ أعمارهم المبكرة بالحاجة إلى الحصول على تواجد أمهاتهم، ومع تقدم العمر نجدهم يتلمسون مجرد وجود الأم، بالإضافة إلى استحسان وتقبل الأم، وتشير باندورا Bandura؛ "1969" أنه ليس بمستغرب أن يتعلم الأطفال أنماط سلوكية جديدة من خلال تقليد أمهاتهم أو القائمين برعايتهم وتنشئتهم، فالأطفال ابتداء يتعلمون الاستماع وبعد ذلك تقليد ومحاكاة أصوات الوالدين أو القائمين مقامهم. ويشير Hureh& Sherman؛ "1973" أنه عندما يدعم التقليد، بالاستحسان يؤدي إلى تكوين اللغة، ويختار الأطفال النماذج التي تكون مشابهة لهم وتبعًا لآراء "كاجان" Kagan "1971" يشير أنه كلما كانت السمات والملامح متشابهة، كلما كان اعتقاد الطفل أرسخ بأن النموذج يشبهه، ولأجل ذلك نجد الأطفال يميلون إلى تقليد سلوك الأب من نفس الجنس، فالطفل الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، عندما يقلد سلوك الأب بأن يجلس في حجرة مكتبه ويكتب في أوراقه نجده يبدي سلوك نموذج الجنس Sex Typed Behavior كما أن الطفلة التي تحاكي سلوك أمها بالجلوس في المطبخ ومحاولة مسك الأواني، تظهر صورة جديدة لسلوك نمط الجنس.
وتكتسب نماذج شخصية كثيرة من خلال تقليد الأطفال ومحاكاتهم النشاطات الأبوية، وعادة لا يكون الآباء على دراية بالأنماط السلوكية التي تحاكي فقد كان أحيانًا غير مرغوب فيها، ومثال ذلك نرى أن الأم العدوانية عادة ما تنشئ الابنة بأنماط سلوكية عدوانية، وتتضمن عملية المحاكاة كذلك نسخ الفعل وليس الشخص، فمحاكاة الأب من نفس الجنس ما هي إلا مجرد الخطوة الأولى في عملية التعلم، وكلما تقدم الطفل في عمره الزمني يتبع التقليد بما تسميه نظريات التحليل النفسي بعملية التقمص Ldentification، وهو عملية لا يتبنى الأطفال أنماطا سلوكية فقط، ولكن كذلك معايير النموذج والتي تتحكم في سلوكهم وبمرور الوقت نجد الأطفال يتمكنون من التحدث عن أهداف رمزية، وأحد هذه الأهداف الرمزية التي يحصل عليها أثناء عملية التقمص هي المتعة واللذة البديلية،
فالأطفال الذين يتقمصون مع نموذج يعتقدون أن بعض خصائص هذا النموذج تخصهم وتصفهم، وبالتالي يظهرون احتواء بديليا مع النموذج.
فالطفل ذو الأعوام الثلاثة الذي يقلد أباه عن طريق نسخ حركات والده في أي عمل، وطفل السادسة عندما يحاول أن ينظف سيارة والديه بنفسه عندما يسمع مثلا أن جدته سوف تأتي لزيارة الأسرة يفعل ذلك لأنه يعتقد أن والده قد يرغب أن تكون السيارة نظيفة في تلك المناسبة، وطفل السادسة هذا يستمتع بثناء جدته على تنظيف السيارة، كما أن المراهق الذي يحاول أن يرضي والده من خلال العمل الرياضي يتذكر المشاعر والأحاسيس المبكرة الأولى عند والده.
ويتقمص الأطفال النماذج المشابهة لهم، بالإضافة إلى النماذج التي تعطي الحب والانتباه وتشير نتائج دراسات Yussen & Ulevy "1975" أن الأطفال يولون الانتباه الأكبر إلى النماذج الدافئة المحبة، وذلك أكثر من تلك النماذج التي لا تمدهم بالدفء والحب، وبالتالي فإن الأطفال يميلون لمحاكاة الأمهات الدافئة الحانية، ويتجاهلون الأمهات الباردة غير المستجيبة.
ويتقمص الأطفال كذلك النماذج ذات القوة والسلطة، ويسمى ذلك بالتقمص مع المعتدي فالآباء مثلا قد يستخدمون كمصادر للتدعيم للأطفال الصغار، كما أنهم يتخذون كمصادر للعقاب والضبط والتحكم، فكل اللاءات تعلمت من خلال ما نسميه بالتعلم الكاف Prhibtion Learnig وهذا المصطلح عادة ما يصف تعلم اللاءات، حيث أنها غالبًا ما تتعلم من خلال التقمص مع نموذج في المدرسة ذو سلطة وقوة والذي يقول:"لا" ومثال سمعته من أحد تلاميذي في المدرسة إذ يقول "أ" إلى صديقه الحميم "ب" وذلك بعد أن أعلن المدرس عقاب "ب" لعدم أدائه الواجب المدرسي، يقول له: إنها غلطتك، فالمدرس قال بأننا جميعًا يجب أن نفعل الواجبات المدرسية، ونجد أن "أ" قد تلقى متعة بديلية بالتقمص مع السلطة أو القوة "المدرس" المعاقب، فبالتقمص مع المدرس نجده يتلقى أحاسيس ومشاعر بديلية من القوة والسلطة، كما أن مقاومة الإغراء والامتثال والطاعة نجدها قد تعلمت بنفس الطرق سابقة الذكر فالطفل الصغير الذي يغري بأخذ الحلوى من الدولاب مثلا عندما لا تكون أمه ملتفتة إليه ينتهي به الأمر بقوله: لا.. لا ويسحب يديه.