الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنماط تعلم الأطفال:
في مناقشة نظريات التعلم السابقة لم نميز بين أنماط كثيرة من التعلم الممكن، ولقد ميز جاجنه Gegne؛ "1972" بين خمسة ميادين منفصلة أو أنماط للتلعم وهي التعلم الإدراكي، تعلم المعلومات اللفظية وتعلم المهارات العقلية، وتعلم الاستراتيجيات أو الخطط والتدابير المعرفية، وتعلم الاتجاهات، وكل منها تتصف بطرق تعلم ناجحة ومختلفة كل منها عن الأخرى، وسوف نتأمل هذه الأنماط بشيء من التفصيل، كما أننا سوف نتطرق إليها في كثير من الفصول التالية.
1-
تعلم الإدراك الحركي:
يتضمن الإدراك تمييز معنى المثيرات داخل البيئة، ويشتمل التعلم الحركي استخدام الجسم في ثمة طرق ويستخدم أمثل الطرق في الأشياء المدركة، ونمو الأطفال في كل من مهاراتهم الإدراكية والحركية يعتبر بمثابة شيء هام بالنسبة لهم، وهذه حقيقة سواء كانت طوال السنوات المبكرة حيث تكون المهارات الأساسية كالزحف والمشي قد تعلمت وكذلك في المراحل اللاحقة أثناء سنوات الدراسة كما نجد أثناء فترة الطفولة الوسطى مهارات كثيرة دقيقة تنمي كالمهارات المتطلبة للقراءة والكتابة والنشاطات الحركية الإدراكية تتدخل في جميع مجالات الحياة، وبالنسبة للراشدين نجدهم مثل الأطفال حيث نجد أن المهارات المتقدمة تكون ضرورية للأداء الاجتماعي المقبول.
ويشير "ميرل Merrill؛ "1971" أن المهارة الحركية ما هي إلا سلسلة من الحركات الدقيقة المتكاملة والتي تؤدي لغرض معين، كما أن التعلم الحركي يشبه الأنماط الأخرى من التعلم، ويتأثر بصورة كبيرة بواسطة التدعيم ومعرفة النتائج أشير إليها بأنها تعتبر مدعمًا قويًا بالنسبة للطفل في نمو قدرته الحركية، كما أن توضيح الأهداف يحسن الأداء. ويشير Locke& Bryan؛ "1966" أن صعوبة الأهداف والغايات يعتبر شيئًا مهمًا في تعلم المهارات الحركية، فالهدف الذي يكون سهلا للغاية الوصول إليه سوف ينتج الملل، وعلى نقيض ذلك نجد أن الهدف عندما يكون صعب للغاية ولا يمكن إنجازه سوف ينتج الإحباط عند الأطفال.
ويتضمن الإدراك استخلاص المعنى من العالم المحيط بنا وعالم الطفل مليء بالمثيرات، لكي يتمكن من استخلاص معلومات ذات معنى بالنسبة له منها، فالطفل قد يتعلم أولا أن يختار وأن يميز، والتعلم الإدراكي مهم في كثير من نماذج أو أنماط الواجبات والتي تندرج من المستوى الحسي البسيط إلى الأفعال المركبة المعقدة، وتعلم التمييز بين الأشكال المميزة لكل من الأحرف الأبجدية والتعرف عليها يعتبر بمثابة الخطوة الأولى في تعلم القراءة.
وتشير "جيبسون""1978" في تجربتها على تعلم أطفال في الرابعة من العمر القراءة أن خطتها أظهرت ملامح معينة من الأخطاء التي وقع فيها الأطفال وكانت هذه الأخطاء نتيجة الخلط أو الالتباس الإدراكي، وتستطرد جيبسون أن المعنى كذلك يكون ذو أهمية كبيرة لتعلم القراءة حيث أشارت نتائجها أن تعلم الكلمات ذات المعنى كان أسهل وأسرع للأطفال عن تعلم الكلمات عديمة المعنى.
2-
تعلم المعلومات اللفظية:
يشير جاجنه Gagne أن المعلومات اللفظية تعني تعلم الحقائق والمبادئ والتعميمات المتضمنة فيما نسميه بمجموعات المعرفة Bodies of Knowledge ويشير كثير من علماء النفس النمو أن عندما نجعل المواد اللفظية ذات معنى ومغزى بالنسبة للطفل حينئذ تكون أسهل للمتعلم، ومثال على ذلك إذا سألنا طفلا لكي يحفظ صفحة واحدة من الشعر الجاهلي القديم، نراه يجد صعوبة بالغة إذا ما قورن ذلك بسؤالنا إياه أن يحفظ صفحة من الشعر الحديث. ويشير Travers أن السبب في ذلك يرجع إلى أنه عندما تكون المادة المتعلمة ذات معنى ومغزى تكون أسهل في تعلمها من المادة التي ليست كذلك.
بالإضافة إلى أن الزمان والمكان اللذين يتم فيهما تعلم المعلومات اللفظية يشكل كذلك عاملا هامًا في عملية التعلم، وعموما فإن التعب يحل بالمتعلم إذا أرهق في تعلم شيء من الأشياء وعلى نقيض ذلك إن كان التعلم على فترات نظامية Gibson؛ "1968"، وليس بمستغرب أن الدراسة المتعجلة لأداء الامتحانات نادرًا ما تنتج النتائج المرغوب فيها.
3-
تعلم المهارات العقلية:
وهو عبارة عن ضرب من المثيرات ذو ملامح مميزة والتي فيها يميز الفرد بين مفهوم وآخر، ومفهوم التعلم القدرة على تصنيف المثيرات تبعًا لهذه الصفات المميزة العامة، كما أن التعلم التمييزي يتطلب القدرة على التمييز بين المثيرات تبعًا لاختلافاتها، وجدير بالذكر أن تعلم المهارات العقلية عملية مستمرة، فكل طفل وبسبب خبرته المفتردة يصنف تلك الخبرات بطريقة متفردة فمثلا قد نجد أن مفهوم "أحمد" عن البوليس قد يتضمن صفات الدفء والحنان والمساعدة، في حين نجد مفهوم "هشام" عن رجل البوليس قد يتضمن الإيذاء والقبض والعقاب.
كما أن القدرة على استخدام اللغة أمر مهم لنمو المهارات العقلية، فتبعا لنظريات المرحلة المعتمدة أو التابعة كما أشرنا سابقًا، ترى أن التفكير التصوري يزداد في التركيب مع ازدياد العمر الزمني للأطفال، وتبعًا لنظريات العلم البيئي فإن ذلك يتم من خلال الخبرات ذات المغزى والدلالة طوال حياة الفرد والتي يوصف فيها المفهوم الواحد في كثير من الأشكال أو الصور المختلفة، فالممارسات أو التدريب في حد ذاته فقط وبدون المعنى لا يحسن من تعلم المهارات العقلية، وفي ذلك يشير Elkind & Other؛ "1970" أن التعلم يزداد عن طريق التطبيقات التربوية التعليمية للمواقف الجديدة، وذلك أكثر مما يحدث نتيجة الممارسات أو التدريبات المتكررة.
وإحدى طرق تعلم الأطفال مفاهيم عامة مثل "الحرية" في المقررات الاجتماعية، يكون ابتداء بأن نضع في اعتبار الأطفال الحرية السياسية والشخصية والاجتماعية، كما هي حادثة فعلا في المجتمع، ويلي ذلك الفهم الشامل لمفهوم الحرية، حيث يجب أن يمارس الأطفال ويتدربون على ما تعلموه في مواقف جديدة وعلى سبيل المثال تكوين هيئة تحكيم طلابية ضابطة في داخل المدرسة والتي تسمح لهم باختبار هذه الحريات الفردية المختلفة.
4-
تعلم إجراء التخطيطات المعرفية:
يشير "جاجنه" Gagne أن الاستراتيجيات أو التخطيطات المعرفية تتضمن تنظيم المهارات الذاتية التي تضبط سلوك الطفل في عملية التعلم والتذكير والتفكير، ويطلق بعض علماء النفس عليها النماذج التعليمية أو المعرفية، وتظهر الاستراتيجيات المعرفية الفروق الفردية بين الأفراد في
الطرق التي يتعاملون بها ويحلون بها المشاكل، كما أن بعض الباحثين يشير إلى أنها مرتبطة بالاختلاف في الشخصية وكذلك في الدافعية.
ويشير Nations؛ "1967" أن الاستراتيجيات المعرفية تتأثر بمكونات ثلاثة هي التوجيه الحسي، وشكل الاستجابة، ونماذج التفكير، ويشير التوجيه الحسي إلى الطريقة أو الأسلوب الحسي الذي يستخدم بسهولة أكبر في التعلم، فالأطفال يختلفون في رؤياهم وسمعهم، وخبراتهم اللمسية ويميلون إلى استخدام الأساليب الأكثر ألفة لهم، وشكل الاستجابة وأسلوبها يعزى إلى هذا النمط الاستجابي الذي يستخدم بسهولة أكبر، ويشير Nation أن شكل وأسلوب الاستجابة يمكن قياسه بواسطة قدرات الأطفال على العمل بفاعلية أكثر داخل جماعات أو فرادى، النماذج التفكيرية تعزى إلى الطريقة التي يميل الأطفال إلى التعلم بها، هل تكون بواسطة الحصول على تفاصيل كثيرة في وقت واحد؟ أو تنظيمها داخل نماذج؟ أو قد تكون على نقيض ذلك بواسطة الانتقالات الحدسية المفاجئة؟
ويؤكد "ريسمان" Riessman؛ "1966" أهمية الاستراتيجيات المعرفية أو نماذج التعلم في تخطيط الخبرات التربوية، إذ يشير إلى أن بعض الأطفال قد يتعلمون بصورة واضحة وأكثر سهولة أثناء القراءة، وآخرون من خلال الاستماع وفريق ثالث من خلال آدائه للأشياء بصورة فعلية، ويستطرد "ريسمان" أنه بمجرد نمو هذه النماذج التربوية التعليمية فمن الصعوبة الشديدة تغييرها، ويقترح كذلك بأنه بدلا من محاولة تغيير الطفل لكي يتناسب مع نظام التعلم، فالوسيلة الأكثر فعالية وأجدى تطبيقًا هي محاولة تغيير نظام التعلم لكي يتناسب مع الطفل. فالطفل الذي يصل إلى حل المسائل والمشكلات بصورة أكثر فعالية عن طريق مناقشاتها مع جماعة صغيرة من التلاميذ يجب أن يبقى في جماعة كلما أمكن ذلك، وبصورة مشابهة الطفل الذي يعمل بصورة أفضل في حالة تفرده مع الورق والقلم يجب أن يشجع على هذه الاستقلالية. والجدير بالذكر هنا أن المدرس الأكثر فاعلية وتأثيرًا هو المدرس الأكثر مرونة.
5-
تعلم الاتجاهات:
على الرغم من أن الاتجاهات متعلمة، إلا أنها لا تتأثر بصورة كبيرة بالتدريب أو بالمعنى، حيث إنها تتأثر بصورة عالية بواسطة أشكال نموذجية والتي يتلقى الأطفال منها ما يسميه "باندورا""1967" بالتدعيم البديلي