الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ- العمليات الفئوية:
وتتضمن عمليات الوضع في فئة القدرة على التفكير في الأجزاء والكل تفكيرًا مستقلًا، فمثلا إذا أعطى طفل في الخامسة صندوقًا به خرز خشبي، 18 خرزة ذات لون بني وخرزتان ذات لون أبيض، وسئل "هل الخرز البني اللون أكثر أم الخرز الخشبي؟ فإنه يميل إلى الإجابة بأن "الخرز البني أكثر"، فهو لا يستطيع أن يعالج في وقت واحد مفهومين منفصلين "الخرز البني" "الجزء" و"الخرز الخشبي" "الكل"، لأنه عندما يفكر في الجزء يتحطم إلى حد ما الكل، وتتحدد استجابته، بواسطة الجزء، غير أن الطفل في الثامنة أو التاسعة من العمر قادر على أن يبقي الجزء والكل منفصلين في تفكيره وإدراكه، فهو قادر على فهم أن الشيء يمكن أن يصنف بطريقتين في وقت واحد "خرزة بنية اللون، وخشبية في نفس الوقت".
ب- عمليات السلسلة:
تستلزم عمليات الترتيب المتسلسل تنظيم الأشياء في أي تتابع أو تسلسل حيث يكون الشيء أكبر أو أصغر من الآخر، ويمكن أن تتضمن فكرتي "أكبر منه" كثيرًا من الأبعاد، الارتفاع، الوزن، الطول، العرض، الإحمرار، ومقدار النقود
…
إلخ، وخلال مرحلة العمليات الحسية، العيانية يفكر الطفل مستخدمًا الترتيب المتسلسل أو الوضع في فئة مع الأشياء العيانية والحقيقية، ويجد صعوبة في استخدام العمليات عقليًا دون وجود أشياء محسوسة أمامه يمكن ملاحظتها، وتتميز مرحلة العمليات الصورية في المراهقة بالقدرة على الاستدلال باستخدام الأفكار والقضايا والاحتمالات الممكنة والربط.
النمو الخلقي:
يشير "بياجيه" في إحدى كتبه عن الحكم الخلقي عند الأطفال بأنه يعتبر بمثابة عمر مرتبط بتغير فهم الأطفال للمعضلات أو الخيارات الخلقية، واختيار أحد بديلين كليهما في غير صالحه، في إحدى تجاربه قدم للأطفال قصتين، كل منهما تصف اقتراف طفل بعض الأعمال، ومن المحتمل استحقاقه العقاب عليها، ففي إحدى القصص يقترف الطفل ذنبا من غير عمد، والقصة الأخرى توضح أداء طفل آخر لبعض من الأعمال
الخاطئة بتعمد، وبعد سماع كل من القصتين يطلب من الأطفال تقرير أي من الطفلين كان أكثر ذئبًا، وفيما يلي قصتان قدمها بياجيه في إحدى دراساته.
أ- "طفل صغير يدعى جون جالس في حجرته، دعي لتناول الغذاء وذهب إلى حجرة الطعام، وفتح باب الحجرة بينما كان وراءه صينية موضوع فوقها عشرة أكواب، ولم يعرف جون أن هذه الأكواب وراء باب حجرة الطعام وعندما دخل وقعت الصينية بما عليها من أكواب وكسرت جميعها".
ب- "طفل صغير يدعى هنري عندما كانت أمه خارج المنزل في أحد الأيام حاول أن يحصل على بعض من الحلوى الموضوعة بالدولاب، وتسلق على الكرسي ومد ذراعه لكي يأخذ الحلوى، إلا أنها كانت مرتفعة عن متناول ذراعيه، ولم يستطع الوصول إليها والحصول عليها، وأثناء محاولاته في الحصول على الحلوى ضرب كوب موضوع بالدولاب وسقط على الأرض وانكسر هذا الكوب".
وبعد قراءة هاتين القصتين على الأطفال سأل بياجيه الأطفال أن يعيدوها حتى يتأكد من فهمهم لها، وبعد ذلك سألهم بياجيه هل كل من الطفلين متساويين في سلوكهما السيئ "حتى يلاما"؟ وأي من الطفلين يكون سلوكه أكثر سوءًا "أي يجب أن يلام"؟
وعمومًا فإن الأطفال الصغار ما بين عمر السادسة والسابعة أشاروا أن الطفل الذي تسبب في الإتلاف الأكبر هو الطفل الأكبر سوءًا "ويستاهل اللوم"، وبالتالي يجب أن يعاقب بصورة أكبر، إلا أن الأطفال ما بين الثامنة والتاسعة من العمر حكموا على سوء السلوك بواسطة تعمد الطفل له أو عدم تعمده له، حيث قالوا إن الطفل الذي كان يعمل بعض الأشياء، والذي كان يفترض ألا يقوم بها هو الطفل الذي يجب أن يعاقب بصورة أكبر، ولقد استنتج بياجيه أن الأطفال الصغار لديهم مفهومًا أكثر موضوعية للسلوك الخلقي، بمعنى أنهم يحكمون على الجرم تبعًا لكمية التلف أو الضرر الحادث، وعلى نقيض ذلك وجد الأطفال الأكبر سنًا كان لديهم شعورًا أكثر ذاتية للسلوك الخلقي، حيث كان حكمهم على الإثم أو الجرم وفقًا لقصد فاعل هذا السلوك.
واكتشف بياجه كذلك مفهوم العدالة الوشيكة Imminent Justice فالأطفال الصغار يميلون إلى الاعتقاد أن الشخص الذي يحصل على العقاب عند تورطه في عمل ممنوع "ولنقل الطفل الذي تحرق يديه عندما يلعب بالكبريت لكونه نشاطًا ممنوعا" وهو في الواقع يعاقب نتيجة لإثمه أو جرمه كما أن الأطفال الأكبر سنًا أشاروا إلى أن الشخص يمكن أن يتورط في ثمة نشط ممنوع ولكنه يفلت من العقاب، وتشير كثير من الدراسات الأخرى إلى نتائج متشابهة مع ما جاء به بياجيه في هذا الصدد، ففي إحدى الدراسات لكولبرج Kohlberg؛ "1971" أشار أن النمو الخلقي يحدث تبعًا لثلاثة مستويات متضمنة ستة مراحل للتوجه الخلقي.
المستوى قبل الأخلاقي Prelnoral Level:
وعادة ما نجد سلوك الطفل يحدد بواسطة عوامل خارجية.
المرحلة الأولى: التوجه الإذعاني والعقابي، ونجد فيه إذعان الطفل إلى السلطة والمركز الأقوى.
المرحلة الثانية، التوجه البسيط، المادي ذو المتعة، حيث نجد أن أفعال الطفل تحدد بأنها صحيحة عندما ترضي الذات وترضي الآخرين أحيانًا.
مستوى الأخلاق التقليدية Conventional Morality Level:
وتعرف الأخلاق في هذا المستوى بأنها أداء الأفعال الحسنة والجيدة، والمحافظة على النظام الاجتماعي التقليدي.
المرحلة الثالثة: تشير الأخلاق في هذه المرحلة إلى التوصل والمحافظة على علاقات حسنة مع الآخرين، والتوجه نحو الاستحسان المختار، وكذلك نحو إسعاد ومساعدة الآخرين.
المرحلة الرابعة: وتكون موجهة نحو السلطة والواجب والقانون والحصول على المركز "سواء كان اجتماعيًا أو دينيًا" الذي يفترض أنه قيمة أولية.
مستوى أخلاقية مبادئ تقبل الذات، وتعرف الأخلاق بأنها التطابق
والتكيف للمعايير العامة، والحقوق والواجبات.
المرحلة الخامسة: أخلاقية العقد أو الاتفاق، مراعاة حقوق الآخرين، تقبل القانون بصورة ديمقراطية.
المرحلة السادسة: أخلاقية المبادئ الفردية للضمير والموجهة نحو المبادئ والمعايير الموجودة، ويكون الضمير بمثابة وكالة موجهة.
وفي اختبار هذا المراحل، استعمل كولبرج قصصًا مشابهة للقصص التي استخدمها بياجيه، ولكن بسبب أن مراحل كولبرج أكثر تمييزًا، فقد كانت هناك صعوبات في تقدير استجابات الأطفال، وبالتالي كيف يمكن إرجاعها إلى مراحل معينة، وللتغلب على هذه الصعوبة فلقد أعد Turiel؛ "1966" أحد تلاميذ كولبرج مقياسًا موضوعيًا للنمو الخلقي يمكن أن يحسب بسهولة أكبر وكذلك كان صادقًا، ولقد أشارت بعض الأعمال الأولية لهذا المقياس بأنه يمكنه التغلب على بعض المشكلات التي وجدت بقوائم درجات كولبرج الأصلية، كما أنه يوفر قياسًا أكثر موضوعية للنمو الخلقي.
وعمومًا فإن أحد أبعاد الحكم الخلقي التي لم تكتشف سواء كان بواسطة بياجيه أو كولبرج هو حالة الأذى أو الضرر الشخصي، ففي قصص كل من بياجيه وكولبرج طلب من الأطفال أن يحكموا على مدى استحقاق اللوم الموجه للأطفال الذين اقترفوا قدرًا صغيرًا أو كبيرًا من الضرر سواء بقصد أو بدون قصد، ولكننا نجد في القانون وكذلك في الفلسفة الخلقية أن الحيف أو الظلم الشخصي يعتبر بمثابة بعدًا هامًا للحكم الخلقي، ولقد اكتشفت دراسة حديثة أجراها Rest؛ "1972" أشارت إلى هذا الجانب من الحكم الخلقي لدى الأطفال، حيث طبقت الدراسة على أطفال سن الحضانة والسنة الثانية والسنة الرابعة، وكانت التجربة عبارة عن ستة أزواج قصصية تتساوق مع جميع التركيبات الممكنة كالجرم المتعمد وغير المتعمد، ونمط الضرر أو الأذى الشخصي أو في الممتلكات، وحاول المقارنة بين الأذى الشخصي والضرر يقع على الممتلكات "مثل الأنف المدمية في مقابل تفريغ إطار عجلة السيارة".
وتشير نتائج الدراسة السابقة أن الضرر الذي يقع على الشخص سواء بقصد أو بغير قصد كان أكثر خطورة من الضرر أو تلف الممتلكات الخاصة بالشخص حيث أشار أطفال سن العاشرة أن الأشخاص أكثر قيمة من الأشياء وعلى ذلك ففي جميع الأعمار اتضح أن الضرر الذي يقع على الشخص كان ظاهرًا بصورة كبيرة في أحكام الأطفال، ويعين هذا أن الأذى الشخصي يعتبر بمثابة بعدًا هامًا للحكم الخلقي لدى الأطفال.