الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخر حيث يجذب الآباء انتباه الطفل إلى الطرق التي يكون سلوكه مؤذيًا إلى الآخرين مثل قولهم "أنا حزين لمضايقتك أخيك، وعندما تفسد شيئًا فإن صاحبه يجب أن يصلحه وهذا يكلفه أو هو عمل شاق بالنسبة له
…
".
وتشير الدرسات في تأكيد القوة، وسحب الحب، ووسائل الحث أن الطريقة المختارة التي تتخذ لها تأثيرا ذات دلالة في ما إذا كان الطفل سينمي تنظيمًا سلوكيًا تذويتيًا "خلق قوي" أو وضعًا خرجيا للضبط الذاتي "خلق ضعيف" فاستخدام تأكيد القوة يرتبط بالنمو الخلقي الضعيف للأطفال في حين نجد وسائل الحث Induction خاصة عندما تكون موجهة ذاتيًا ترتبط بالنمو الخلقي المتقدم، ومما يجدر الإشارة إليه أننا بإعطاء الأطفال التفسيرات والتأويلات للأفعال السلوكية يساعدهم على تكوين موقف داخلي من القواعد والتوقعات والتي تساعدهم بالتالي على التحكم في أنماط سلوكهم، وأخيرًا فإن سحب الحب لا يدل على أنه يحمل أية علاقة متسقة بالنمو الخلقي، وكما سنرى فيما بعد أن تعبيرات التعاطف الإيجابية تساعد بصورة منتظمة على التعجيل بتكوين النماذج السلوكية التذويتية "الداخلية".
السلوك التدريبي الموجه:
إن التدريب يمكن أن يوجه سواء إلى سلوك الطفل مثل قولنا: "إن هذا الشيء سيئ فلا تفعله". أو يمكن أن يوجه إلى الطفل كشخص: "لماذا أنت شخص سيئ؟ ". وبصورة عامة فإن التدريب أو التهديد الموجه نحو سلوكهم يساعد الأطفال على المحافظة على احترام ذواتهم، في حين نجد التهذيب الذي يهدف شخصياتهم يميل إلى جعلهم يحسون بأنهم غير محبوبين أو يشعرون بعدم الحب وعدم الكفاءة ويشير Haim Gimolt؛ "1965" أن الآباء يجب أن يميزوا في معاملتهم بين أطفالهم كأشخاص "الذين يحبونهم دائمًا" وبين أفعال أطفالهم، والتي قد تكون محببة أو غير محببة لهم، وبالتالي فإن الأطفال يتقبلون التدريب بصورة أفضل ويتعلمون بصورة أكثر فعالية، إذا ما قورنت بنتائج النقد للأطفال باعتبارهم أشخالص غير محبوبين.
وليس بغريب أن نجد إدارة التدريب بواسطة اتجاهات دافئة محبة يساعد الأطفال على تذويت معايير السلوك، فتقبل الآباء لصغيرهم يجعلهم معولا ومصدرًا للمكافأة، وعلى ذلك نجد الآباء النابذين أو
الرافضين وبالتالي يؤثر الآباء على الأحكام الاجتماعية والضبط الذاتي لأطفال هذه المرحلة النمائية، ويشير MacDonald؛ "1971" أن إدارة التدريب بطريقة دافئة حانية معززة عادة ما تشجع عوامل الضبط السلوكي الداخلي عند الأطفال في حين نجد التدريب غير المدعم بالدفء والتعاطف عادة ما يشجع الأخلاقيات غير المذوتة، أو تكون مجرد مظاهر خارجية Externalized.
ويشير هوفمان Hoffman؛ "1970" إلى العلاقة بين وسائل التدريب والنمو الخلقي عند الأطفال وذلك بمقارنته أجواء ثلاثة من التدريب وأثر ذلك على الأنماط السلوكية التي يؤتيها الأطفال، والجدول رقم "2" يوضح نتائج التجربة السابقة:
إسكانر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الرافضين وبالتالي يؤثر الآباء على الأحكام الاجتماعية والضبط الذاتي لأطفال هذه المرحلة النمائية، ويشير MacDonald؛ "1971" أن إدارة التدريب بطريقة دافئة حانية معززة عادة ما تشجع عوامل الضبط السلوكي الداخلي عند الأطفال في حين نجد التدريب غير المدعم بالدفء والتعاطف عادة ما يشجع الأخلاقيات غير المذوتة، أو تكون مجرد مظاهر خارجية Externalized.
ويشير هوفمان Hoffman؛ "1970" إلى العلاقة بين وسائل التدريب والنمو الخلقي عند الأطفال وذلك بمقارنته أجواء ثلاثة من التدريب وأثر ذلك على الأنماط السلوكية التي يؤتيها الأطفال، والجدول رقم "2" يوضح نتائج التجربة السابقة:
التقمص Identification:
هي العملية التي يستجيب بها الأفراد لأحاسيس واتجاهات وأفعال الآخرين عن طريق تبنيها كما لو أنها خاصة بهم، والتقمص الذي أشارت إليه مدرسة التحليل النفسي يعتبر عملية لا شعورية، بمعنى أن الأفراد الذين يتقمصون سلوك بعض الأفراد لا يكونون بالضرورة على دراية بتبنيهم لخصائص هذا الشخص، وعلى ذلك فالتقمص يختلف عن عملية التقليد أو المحاكاة الشعورية لشخص من الأشخاص، وعلى الرغم من أن كلا العمليتين تسهمان في النمو الشخصي للكائن الآدمي.
وكما أشرنا سابقًا أن الأطفال يبدءون في مرحلة مبكرة من حياتهم في تقليد كلام وحركات وإيماءات آبائهم، فعلى المائدة مثلا قد نجد أطفالا ينتزعون لب الخبز عندما يرون أمهاتهم تفعلن ذلك، وقد يقولون: إنهم لا يحبون مأكولا معينًا لسماعهم أبيهم يقول ذلك، وثمة أنماط سلوكية تعزز عن طريق التشجيع الرقيق أو غير الرقيق من الآباء، والذين عادة ما نجدهم يفرحون لتقليد وليدهم أفعالهم السلوكية.
وأثناء سنوات ما قبل المدرسة، نجد هذه الأفعال التقليدية تنمو تدريجبًا نتيجة عملية التقمص، وبنمو الطفل نجده يفعل ما يفعله الأب ليس فقط لمجرد التقليد ولكن بسبب حبه لأبيه، وبالتالي يبدأ في إتيان الأنماط السلوكية التي يحبها الآباء، أو نجدهم يفكرون على نمط ما يفكر فيه آباؤهم حتى ولو لم يكونوا في حالة حضور مادي، فالطفل مثلا قد يجلس على الكرسي المخصص لأبيه ويقول:"أنا بابا الآن" أو قد يوبخ أخاه الأصغر أو أخته الصغرى لتصرفها بطريقة يعتقد أن الأم أو الأب لن توافق عليها، وأطفال هذه المرحلة عادة ما يبدءون في قول الأشياء التي تشير إلى التقمص والتوحد مع أبويهم فقد نسمع منهم مثلا: "أنا أريد أن أكون مثل بابا عندما أكبر، أو متى يمكنني حلق ذقني مثل أبي، أو أسوق السيارة
…
إلخ".
ولم يتمكن كثير من دراسي سيكلولوجية النمو عمل تمييز بين عمليتي التقمص والتقليد، فمثلا نرى علماء بارزين في التعلم الاجتماعي مثل باندورا Bandura ووالترز Walters؛ "1964" يشيران أن مبادئ التعلم هي التي تحدد ميول الفرد لكي يمذج أفعال واتجاهات الآخرين، وبالتالي فإن مفهوم التقليد يفسر بصورة كاملة هذا الجانب من نمو
الشخصية، ومع ذلك فإننا نشعر بأن هناك بعض الأسباب الوجيهة للاستخدام الشائع لمفهوم التقليد Imitation لكي يعني تقليد أو محاكاة أفعال معينة للآخرين والتي تبدأ منذ مرحلة الطفولة المبكرة، والتقمص يعني القيام بدور أو اتخاذ الدور العام لشخص آخر، ويمكن أن نعلل هذا التمييز للأسباب الآتية.
أولا: التقليد لا يتطلب قدرات معرفية معينة، والتي تكون ضرورية لحدوث التقمص، فالأفراد يمكنهم تقليد أفعال معينة للآخرين عن طريق الروتين أو الاستظهار بدون فهم، إلا أنهم لا يمكنهم أخذ أدوار أفراد آخرين إلا إذا أمكنهم التوحد معهم Empathize، بمعنى أن يضعوا أنفسهم في قوالب هؤلاء الأفراد الآخرين، ويشير Selman "1971" أن الأطفال عادة ما يبدءون في تنمية القدرة على أخذ هذا الدور في الثالثة أو الرابعة من عمرهم تقريبًا، وتمدنا بيانات الدراسة السابقة بأساس للتمييز بين السلوك التقليدي المبكر وبين عملية التقمص والتي لا تكون متيسرة إلا بعد ظهور القدرة على أداء دور معين.
ثانيًا: يختلف التقمص عن التقليد فيما يتعلق بالمدى أو بحلقة الأفراد الذين يستخدمون كنماذج لكل منهما، فالتقمص عادة ما يحدث وبصورة أولية في سياق علاقة مغلقة نامية بين شخصين، في حين نجد التقليد يمكن أن يحدث نتيجة ملاحظات وجيزة غير مهمة بصورة نسبية، أو حتى نتيجة ملاحظات غير شخصية للآخرين، وعلى ذلك فإن أطفال ما قبل المدرسة غالبًا ما نجدهم يتقمصون شخصيات آبائهم وفي نفس الوقت نراهم يقلدون كثيرًا من الأفراد الآخرين متضمن ذلك أقرانهم وزملاءهم ومدرسيهم وشخصيات أفلام الكرتون والشخصيات السينمائية والتليفزيونية وما إلى ذلك.
ولقد اهتمت كثير من دراسات تقمص الأطفال مع آبائهم، بالعوامل التي تسهم في تعزيز نموذج الدور Role Modeling، فيشير Hetherington وآخر "1967" أن العلاقة الدافئة والحب يساعدان على الإسراع بأخذ دور النموذج، ولذلك نجد الأطفال عادة ما يتقمصون بصورة شديدة مع الآباء الذين يشعرون بالحب والتقبل منهم، وتسمى هذه النماذج بالنماذج الأبوية التعزيزية الخاصة Nurturant Models، على
نقيض الآباء الذين يشعر الأطفال بعد الحب أو عدم التقبل لهم وتسمى هذه بالنماذج الرافضة النابذة Rejecting Models، وبالنسبة للسلطة الأبوية أشارت نتائج الدراسة السابقة أن الآباء الذين يظهرون كفاية واقتدار في حل المشكلات السلوكية، في حياتهم اليومية يجعلون عملية التقمص القوي عند الأبناء، في حين نجد الآباء غير القادرين على التعامل مع مشكلات الحياة اليومية، أو الذين لا يبذلون التحكم والضبط على بيئاتهم يعوقون من عملية التقمص هذه.
وتشير نتائج دراسات كل من Bandura؛ "1969"، Sears & Others؛ "1965" إلى ثلاثة عوامل أخرى بالإضافة إلى ما سبق الإشارة إليه تؤثر على تقمص الأطفال الصغار لآبائهم.
1-
عادة ما يحدث التقمص بسهولة وعن طيب نفس في حالة وجود تشابهات مدركة بين الأطفال وآبائهم، بمعنى أن الشخص يمكنه القيام بدور شخص آخر بسهولة أكثر، يدركون أحيانًا التشابهات بينهم وبين آبائهم كقولهم مثلا "أنا آكل بيدي اليمنى مثل ما يفعل بابا أو ماما" أو أنا استعمل يدي اليسرى مثل ماما، وقد يدركون هذا التشابه بينهم وبين آبائهم عن طريق ما يستمعون إليه:"فمثلا عندما تقول الجدة أو الجد الطفلة ما قبل المدرسة بأنك تشبهين أمك فيما كانت تفعله عندما كانت في مثل سنك"، وفي أحايين أخرى نجد الأطفال الصغار يقلدون بعض أفعال الآباء لا شعوريًا لكي يلقوا الحب والاهتمام منهم وبالتالي يعزرون تقمصاتهم.
2-
ومن الأسهل بالنسبة للأطفال التذوت مع نماذج الآباء وعندما يمكنهم إدراك ما تكون عليه هذه النماذج، فلكي تحاول أن تكون محبوبًا من شخص آخر، فإنك في حاجة إلى معرفة كيف يفكر هذا الشخص وكيف يشعر أو يحس، وهذا يعني أن الأطفال لا يمكنهم بسهولة التذوت Idntigy مع آبائهم الغائبين بسبب الطلاق أو الموت أو الانفصال، أو دائموا التغيب عن المنزل، كما أن الأطفال يكون لديهم صعوبة في التذوت مع آبائهم عندما لا تتوفر الفرص الكثيرة للتعلم فيما يفكر أو يعتقد فيه الآباء، بمعنى أن الآباء الذين يحتفظون بأفكارهم وآرائهم وميولهم وخبراتهم، وحتى طبيعة
عملهم لأنفسهم فقط لا يهيئون فرص تذويت سلوكهم عند أطفالهم.
2-
والتذوت أو التقمص يشبه التقليد عندما يكون مدعمًا باستحسان الآباء في تشبه أطفالهم بهم، فعندما يقول الطفل الذي يجلس على كرسي والده "أنا بابا" فعندما يسمع الطفل من أمه قولها "أنني متأكدة بأنك ستكون مثل بابا عندما تكبر" نجد أن عملية أخذ دور الأب تدعم وتشجع عند الطفل، ومن جانب آخر فإن الآباء الذين لا يشجعون مثل هذه الأفعال تقول الأم في المثال السابق، "إنك تعرف أنه غير مباح لك أن تجلس على هذا الكرسي بحذاء وسخ غير نظيف"، أو قولها:"إنك دائم الشغب وتسبب لي المتاعب، أو أنني لا أعتقد أنك ستكبر أبدًا" كل هذه الأقوال والاستجابات تميل إلى أن تضعف عملية التقمص.
ولقد أشرنا إلى بعض تأثيرات تدريبات تنشئة الطفل على عملية التقمص Idenification، حيث إن التقمص الشديد يعزز ويشجع عملية التطبيع الاجتماعي الفعال، فكلما تقمص الأطفال أو تذوتوا مع آبائهم كلما كانوا أكثر تذويتا لأنماط الوكالة الضمنية لعملية التطبيع الاجتماعي، في حين يمثل التدريب الوكالة الصريحة له، فعن طريق التدريب نجد الآباء يعبرون بطريقة لا لبس فيها عن معايير نوعية للسلوك سلوكهم، وكلما كان هذا النمو معززًا كلما كان أكثر تقبلا حتى يتبنى بواسطة الأطفال وبالتالي يتبنون جوانب متعددة من ضمير آبائهم وذواتهم المثالية.
وعمومًا، فهناك ثلاثة مظاهر لنمو الشخصية أثناء سنوات ما قبل المدرسة تتمثل في العدوانية والتغيرية والتقمص أو التذويت الجنسي، وبالتالي يؤثران على نوعية الشخصية التي سيكون عليها الطفل في مقتبل عمره وسنتكلم عن هذه المظاهر الثلاثة بشيء من التفصيل.
أ- العدوانية Aggression:
يسلك جميع الأشخاص بعدوانية في بعض الأوقات، كما أن السلوك
العدواني قد يكون مظهر متعذر اجتنابه في الظروف والنوع الإنساني. ولقد حاولت عديد من النظريات تفسير مصادر السلوك العدواني هل هو سمة وراثية؟ أو أنه ينمو نتيجة الاستجابة للخبرات المحيطة في مرحلة الطفولة؟ أو أنه متعلم عن طريق التدعيم الأبوي أو بواسطة المكافآت الاجتماعية الأخرى "V. Fesbach" ومع ذلك فعلى الرغم من الدراسات المكثفة الواسعة، إلا أن معلوماتنا مازالت عن السلوك العدواني كيفيته وعلته قليلة جدًا، وما نعرفه أن السلوك العدواني يختلف مع اختلاف العمر الزمني لدى الأطفال، كما أننا يمكن استثارة هذا السلوك العدواني بواسطة ملاحظة الأطفال النماذج العدوانية بمعنى أن يكون عن طريق التقليد والتذويت "التقمص".
وقبل أن نصف الاختلافات في الأعمار الزمنية التي يعزى إليها السلوك العدواني عند الأطفال، فإننا يجب أن نميز بين نوعين من السلوك العدواني.
العدوان العدائي Hostile Aggression:
وهو الذي يهدف الأشخاص الآخرين وعادة ما يكون مصاحبًا بأحاسيس ومشاعر الغضب نحوهم.
العدوان الآدوي Instrumental Aggression:
وهو الذي يهدف إلى إحراز أو استرداد بعض الموضوعات أو الأشياء المعينة كالأرض أو امتيازات أخرى، إلا أنه غالبًا ما يكون غير شخصي على الرغم من أن هؤلاء الآخرين قد يعانون ويقاسون نتيجة لهذا السلوك العدواني.
ولقد اتفقت نتائج دراسة Hartup؛ "1974" مع ما جاءت به دراسة Dawes منذ ما يقرب من خمسين عامًا، حيث لخصت الدراسة الأولى التفاعلات بين جماعات متعددة من أطفال ما قبل المدرسة ما بين 4، 6 سنوات، وكذلك أطفال المدارس الابتدائية ما بين 6، 7 سنوات وكانت مدة هذه الدراسة عشرة أسابيع.
وأشارت كل من هاتين الدراستين السابقتين إلى النقاط الآتية،
1-
ردود الفعل العدوانية بين أطفال ما قبل المدرسة عادة ما تكون أدوية "كالتشاجر لامتلاك دمية ما"، إلا أننا نلاحظ ما بين 2-5 سنوات تميل هذه العدوانية إلى الانخفاض تدريجيًا".
2-
ومع انخفاض العدوان الآدوي نرى ازدياد في العدوان العدائي "كالخناق والضرب
…
إلخ".
3-
ويستمر كل من هذين المنحيين في مرحلة الطفولة الوسطى، وفي المدرسة، إلا أن الأطفال أميل إلى أن يظهروا العدوان العدائي عندما يسلكون بعدوانية.
وهذه التغيرات في السلوك العدواني يمكن أن تعزى إلى عملية التطبيع الاجتماعي، وبالتالي فإن طفل الخامسة يمكن أن نتوقع منه سلوكًا عدوانيًا أقل عما يؤتيه طفل الثانية، إلا أنهم غالبًا ما يوجهون عدوانيتهم نحو الآخرين.
وتشير نتائج دراسات باندورا Bandura؛ "1961" أن التعلم الشهودي Observational Learing يلعب دورًا حاسمًا في السلوك العدواني عند الأطفال مع شخصيات آبائهم الذين يسلكون بعدوانية، بالإضافة إلى تقليدهم للأفعال العدوانية التي يرونها في الآخرين وتشير نتائج الدراسة السابقة أن هذه العوامل تساعد على نسخ الأطفال للأنماط السلوكية العدوانية، ففي إحدى الدراسات شاهدت مجموعة من الأطفال ما بين 3، 5 سنوات من بنين وبنات راشدًا يسلك سلوكًا عدوانيًا تجاه دمية وذلك بضربها وركلها إلى أسفل، في حين شاهدت مجموعة أخرى من أطفال مدرسة الحضانة في نفس العمر الزمني للمجموعة السابقة راشدًا يسلك سلوكًا تجاهليًا نحو الدمية.
وعندما ترك الأطفال بمفردهم مع الدمى لوحظ أن الأطفال الذين شاهدوا النموذج العدواني، تعاملوا مع الدمى بعدوانية أكبر من المجموعة الثانية التي كانت لا تلاحظ هذا السلوك العدواني من الراشد، ولقد دعمت نتائج ذلك نتائج دراسة أخرى لباندورا وآخرين "1963" عن طريق عرض صور وأفلام لأطفال يسلكون بعدوانية نحو بعضهم البعض،
فالأطفال الذين يشاهدون الأفلام العدوانية كانوا يميلون إلى التصرف بعدوانية أكبر في مواقف اللعب التالية من الأطفال الذين لم يشاهدوا أفلام العنف.
وعمومًا، فلقد أشارت كثير من الدراسات أن مشاهدة أفلام العنف والعدوانية يزيد من كمية العدوانية لدى الأطفال يظهرونها أثناء لعبهم، وهذه النتائج لها تطبيقات ظاهرة في إمكانية تأثير العنف بالأفلام التليفزيونية على السلوك العدواني لدى الأطفال، وسنلقي الضوء على ذلك في نهاية هذا الفصل.
ب- الغيرية Altuism:
تعزى الغيرية إلى ذلك السلوك الحنون المراعي لحقوق ومشاعر الآخرين، ذلك السلوك الكريم السخي المساعد للآخرين، وتشبه الغيرية العدوانية فهي سمة تظهر بعض من الاتساق خلال الزمن، بالإضافة إلى أنها تظهر بعض العمومية في مظهرها، وغالبًا ما تستمر هذه السمة، أي أن تعميم السلوك الغيري يبدأ في الظهور أثناء ما قبل المدرسة، فمثلا تشير نتائج دراسة Baumrind؛ "1971" إلى العلاقة الوثيقة بين تعاطف وتشجيع أطفال ما قبل المدرسة وزملائهم في الدراسة فيما بعد، كما أشار كل من Yarrow وواكسلر Waxler إلى نتائج متشابهة مع الدراسة السابقة حيث وجد هؤلاء الأطفال يتسمون بمساعدة بعضهم البعض، ولوحظت نماذج متسقة من المشاركة والمساعدة بين الأطفال ما بين 3، 7 سنوات في أثناء اللعب.
ويشير Hoffman؛ "1975" أن إحساس الغيرية يبدأ لدى الأطفال عندما يصبحون قادرين على تقييم أحاسيس الآخرين ويمكنهم التعرف على حاجة الآخرين للمساعدة، ويشير Krebs؛ "1970" أن الغيرية في جوهرها متعلمة كمعيار للسلوك الخلقي، أي أن الأطفال يتعلمون أن تقديم يد المساعدة والعون للآخرين من الأفعال التي يجب أن يفعلونها.
ومن الصعب أن نحدد كيف تتغير الغيرية مع تقدم العمر الزمني للأطفال، ففي العامين الأولين عندما يبدأ الأطفال في أظهار السلوك العدواني نحو بعضهم البعض، فإنهم يبدءون كذلك في تقاسم الدمى والحلوى ويشيرون في أنماط سلوكهم إلى التعاطف والمشاركة الاجتماعية.
فقد نجد طفل العشرين شهرًا يقدم لعبته إلى طفل آخر يصبح بسبب ترك والديه له، وتشير دراسات أخرى أن المشاركة والكرم يزداد مع الأطفال بزيادة عمرهم الزمني، ففي إحدى دراسات Severy & Others؛ "1971" عن سماحة النفس والكرم لدى الأطفال سمح لمجموعة من الأطفال بلعب مباراة، والفائز فيهم يأخذ بعض العملات الورقية الرمزية، وكلما كسبوا كمية أكبر من هذه العملات الرمزية كلما أمكنهم تبديلها بعملات حقيقية، وقبل أن تجري عملية التبديل هذه في نهاية المباراة، أعطي للأطفال فرصة في أن يهبوا بعض من عملاتهم الورقية للأطفال الآخرين المحتاجين، وتشير النتائج أن أطفال المدرسة عادة ما كانوا يعطون عملات أكثر لزملائهم إذا قورنوا بأطفال سن ما قبل المدرسة، وكان أطفال الإحدى عشر عامًا أكثر جودا وكرمًا من أطفال السابعة، كما لوحظ على أطفال ما بين 3، 5 سنوات أثناء نشاطات اللعب الطبيعية كانوا يتسمون بالمساعدة والتعاطف نحو كل منهم الآخر كما لوحظ ذلك في الأطفال ما بين 8، 10 سنوات، وأحد التفسيرات التي يعزى إليها تلك الفروق في التنافس والغيرية في الأعمار ما بين 7، 12 سنة يتمركز في أن أطفال سن العاشرة قد يكونون أكثر حساسية لحاجة الآخرين للمساعدة إذا ما قورنوا بأطفال الخمسة أعوام، وقد يرجع ذلك إلى ميلوهم الإنجازية والاستقلالية وهذا التفاعل الحياتي بين الرغبة في التفوق على الآخرين قد يجعل إحساس الغيرية يتقدم مع تقدم العمر الزمني، وهذا يتناقض مع نتائج الدراسات المختبرية عن الغيرية، وبالتالي فيجب علينا أن نكون حذرين من تعميم الموقف الاختياري الصناعي على المواقف السلوكية في الحياة الواقعية.
وعلى الرغم من عدم التأكد الحالي في كيفية بداية أحاسيس الغيرية وكيف أنها تتغير مع العمر الزمني، إلا أننا نعرف أن هذه الأحاسيس يمكن أن تدعم بواسطة ملاحظة النماذج التي تتصف بالسلوك الغيري، ويشير إلى ذلك نتائج دراسات Yarrow وآخرين "1973" إلى أنه في المواقف المعملية والمختبرية والتي يرى فيها الأطفال نماذج لأفعال العطاء والكرم ومساعدة الآخرين، وجد أن الأطفال قد أظهروا كذلك أنماطًا سلوكية مع النموذج خاصة إن كان محبوبًا لديهم، وهذا التأثير وجد سواء كان النموذج طفلا أو راشدًا، وسواء كان هذا النموذج في فيلم سينمائي أو كان في الحياة الواقعية، كما أن الملاحظات الطبيعية قد أشارت كذلك أن أطفال مدرسة الحضانة عادة ما يقلدون الأنماط السلوكية الغيرية التي تصدر عن أقرانهم بالإضافة إلى ما يفعله الآباء من أنماط سلوكية غيرية.
وجدير بالذكر، فإننا نرى أن سلوك النموذج المتصف بالغيرية، ذو تأثير أكبر على الأطفال من الوعظ والإرشاد، فعندما يقول الكبار للأطفال:"إنه من الحسن أن تكون كريمًا معطاء" ولا يظهرون الكرم في العطاء بأنفسهم، فإن الأطفال لا يميلون أن يكونوا كرماء، وعلى نقيض ذلك عندما يلاحظون أفعال هؤلاء الكبار تتصف بالكرم والسخاء، وهذه تتفق مع عملية التقمص التي أشرنا إليها فيما سبق في أن الأطفال يفعلون ما يفعله الآباء وليس بالضرورة ما يقولونه.
تقمص الجنس:
هذه العملية التي يكون الأفراد بواسطتها مفهومًا لذواتهم كذكور أو كإناث، ولقد أشرنا فيما سبق أن أطفال بنين وبنات مرحلة ما قبل المدرسة يمكنهم التعرف على الاختلافات التشريحية والبيولوجية بينهم، وعملية تقمص الجنس يوسع هذه الدراية عن الجنس، ويعزى هذا إلى الحقيقة التي مؤداها أن الأطفال يميلون إلى تقمص أو التوحد مع الأب من نفس الجنس وكذلك بالدور المرتبط بجنسهم.
ولقد أشارت نظريات كثيرة إلى أهمية هذا التقمص الأولى للأبن مع أبيه والبنت مع أمها، كما أن هناك دراسات أخرى أشارت إلى التعلم الملاحظي أو الشهودي كتفسير بسيط لهذه العملية إذ تشير إلى ما يلي.
أ- إن الاختلافات الجنسية تجعل الأطفال أكثر تشبهًا بالأب من نفس الجنس وبالتالي يمكنهم التذوت معهم بسهولة أكبر.
ب- كما أن معظم الآباء يشجعون ويكافئون ما يعتبرونه سلوكًا مناسبًا لدور جنس الطفل، بينما لا يشجعون النقيض.
كما أن أنواع التمييزات التي يجريها الأطفال بين الأنوثة والذكورة تختلف تبعًا للمستوى الثقافي والاجتماعي من أسرة إلى أخرى، ووجهة النظر التقليدية والمقولبات عن السلوك المناسب من الناحية الجنسية قد برهن على استمراريته بصورة ملحوظة، وفي ذلك يشير Dubin؛ "1965" أن أطفال ما قبل المدرسة لا يزالون يميلون إلى الاعتماد على أن الآباء يعملون بينما الأمهات تعتني بهم وتهتم بشئون الأطفال والمنزل وحتى الأطفال الذين كانت أمهاتهم تعمل خارج المنزل أشاروا كذلك إلى نفس وجهة النظر السابقة.
وتؤيد نتائج دراسة Bardwick؛ "1971"، والذي كتب كتابات موسعة في سيكولوجية المرأة، ما أشرنا إليه سابقًا، في أنه على الرغم من التطور الشامل في الميادين التي دخلتها المرأة للعمل والمهن والأعمال التي اقتحمتها والمتدرجة من المجال الهندسي إلى قيادة السيارات، إلا أننا نجد الأطفال ما يزال لديهم أفكارًا تقليدية عن أدوار الجنس.
وعمومًا فإنه على الرغم من الدلالات العديدة في تغيير أدوار الجنس، إلا أن تدريبات عملية التطبيع الاجتماعي في كثير من المجتمعات ما تزال تعزز نماذج سلوكية مميزة عند الأطفال وبنات مرحلة ما قبل المدرسة، فالذكور يتوقع أن يكونوا نشطون فعاليون بصورة نسبية، وأكثر عدوانية وأكثر تسلطًا في حين ينظر إلى الإناث أكثر سلبية وأكثر اعتمادًا، وأكثر ميلا في التماس المساعدة في علاقاتهن مع الآخرين.
جملة القول فإن الأطفال يصبحون على دراية وإدراك بالخصائص الشخصية لآبائهم وأخوتهم الأكبر، كما أن تقمصاتهم وتوحداتهم توجههم نحو ازدياد الأدوار النوعية والاتجاهات المرتبطة بنوع جنسهم وسوف نعود مرة أخرى إلى هذه العملية "تقمص دور الجنس" في مناقشتنا لمرحلة الطفولة الوسطى.
تأثير البرامج التليفزيونية على السلوك العدواني والسلوك الغيري لأطفال ما قبل المدرسة:
غير خاف علينا جميعا كيف ينتشر التليفزيون في بيوتاتنا، فالأطفال يبدءون عادة ما مشاهدة البرامج التليفزيونية عندما يصلون إلى سن العاملين تقريبًا وبالتدريج تزداد وقت مشاهدتهم للبرامج التليفزيونية.
وتشير نتائج دراسة Murray؛ "1973" أن هؤلاء الأطفال الصغار عادة ما يقضون ما بين 2، 4 ساعات يوميًا، ويستمر ذلك حتى بداية فترة المراهقة، إلا أنها تنقص نسبيًا أثناء تلك الفترة، وعندما يصل المراهق أو المراهقة إلى سن 16 سنة نجد معظم المراهقين عادة ما يقضون وقتًا أطول في مشاهدة البرامج التليفزيونية.
وعمومًا فإن أطفال ما قبل المدرسة وبصفة خاصة سريعو التأثير بالبرامج التليفزيونية، فلقد بلغوا من النمو درجة يمكنهم أن يضعوا أنفسهم في نماذج معينة على شاكلة الآخرين، إلا أنهم ما زالوا صغارًا
لعمل الأحكام الجيدة لمن يقلدونهم ويحاكون سلوكهم، وتشير الدراسات في هذا المجال أن الأطفال الصغار يميلون إلى اعتبار الشخصيات التليفزيونية على أنها شخصيات حقيقية، أو يشبهون الشخصيات الواقعية، وتشير نتائج دراسات Murray؛ "1972" أن الأطفال في الطفولة الوسطى وحتى في مرحلة المراهقة يمكنهم إدراك التعارض والتناقض بين الحياة الواقعية والحياة، كما تصور على الشاشات التليفزيونية، وعلى ذلك فإن النماذج الجيدة أو غير الجيدة على شاشة التليفزيون عادة ما يقلدها الأطفال الصغار، والموضع الذي أثار اهتمام دارسي علم النفس بصفة عامة وعلم نفس النمو والاجتماع بصفة خاصة موضوع تأثير العنف للبرامج التليفزيونية على عدوانية الأطفال.
وإحدى وجهات النظر في ذلك كانت تتمركز حول الافتراض التنفيسي Catharsis حيث تشير نتائج دراسات Freshbach وآخر "1971" أن مشاهد العدوان يمكن أن تستخدم كمتنفسًا للحوافز العدوانية عند الأطفال وبالتالي يقلل من كمية العدوان الذي يظهر في حياتهم الواقعية اليومية، وتشير نتائج دراستهما المشهورة على مجموعة مكونة من أطفال ذكور تتراوح أعمارهم ما بين 8، 18 سنة شاهدت برامج تليفزيون عنيفة، ومجموعة أخرى لم تشاهد أي برامج عدوانية، واستمرت التجربة لمدة ستة أسابيع وأشارت النتائج أن الأطفال الذين لم يشاهدوا برامج غير عدوانية، لوحظ أنهم قد أصبحوا أكثر عدوانية سواء من الناحية اللفظية أو الجسمية بينما كانت المجموعة الأخرى التي شاهدت برامج تليفزيونية وكانت تتسم بالعنف أو العدوان لم تظهر أي تغيرات على أنماط سلوكهم.
وعلى الرغم من أن كثير من الدراسات والأبحاث نوعت إلى عدم ضرر مشاهدة الأطفال للعدوان التليفزيوني، بل زادت على ذلك لفائدة هذه البرامج التليفزيونية، إلا أن دراسة فسباخ وسبينجر كانت تتصف ببعض العيوب، وأولها، فمن الممكن أن الجماعة التي كانت محددة بمشاهدة برامج تليفزيونية غير عدوانية قد تكون غير راضية لعدم السماح لهم بمشاهدة بعضد برامجهم المفضلة، ثانيًا: كما أن استجابة الأطفال ما بين 8، 18 سنة قد لا تعكس بصورة كاملة تأثير البرامج التليفزيونية على الأطفال الأصغر سنًا.
وعلى نقيض نتائج الدرسات السابقة، أجرى كل من Leifer & robersts؛ "1972" دراسة على أطفال ما قبل المدرسة في إمكانية زيادة السلوك
العدواني نتيجة الأفلام التليفزيونية التي تتصف بالعنف والعدوان، حيث قورنت مجموعة من أطفال ما قبل المدرسة شاهدت فيلما لطفل في الثانية عشر من عمره يظهر سلوكًا عدوانيًا نحو دامية ما، أو يوجه سلوكًا عدوانيًا تجاه شخص آخر، وشاهدوا كذلك طفلا كان يلعب بصورة بناءة غير هدامة مع الدمى، ولقد لوحظ فيما بعد أثناء لعب هؤلاء الأطفال الذين شاهدوا الفيلم العدواني كانوا أكثر ميلا إلى التصرف بعدوانية كضرب الدمية وكانوا أكثر ميلا للقول بأنهم يجب أن يستخدموا العدوان لحل أي صراع مع زملائهم.
وفي دراسة أخرى أجراها Steuer & Others؛ "1971" حيث لاحظوا أزواجًا من أطفال ما قبل المدرسة يلعبون سويًا لفترات متعددة قبل وبعد أن يعرض على أحد هذين الطفلين أفلام كرتون تليفزيونية متسمة بالعنف، والطفل الآخر في كل زوجين شاهد أفلام كرتون غير عنيفة، وقورنت أفعال كل زوج من هذه المجموعة بعد مشاهدة الأفلام، ولوحظ أن الأطفال الذين شاهدوا أفلام العنف كانوا أميل إلى الضرب والرفس والخنق، وكثيرًا ما يدفعون زملاءهم في اللعب في حين وجد هؤلاء الأطفال الذين شاهدوا أفلام غير عنيفة أقل عدوانية من زملائهم الآخرين.
وأيدت نتائج دراسة Friedrich & OTHER؛ "1973" ما جاءت به الدراسة السابقة، حيث لوحظ مجموعة من أطفال مدرسة الحضانة لفترة أكثر من 9 أسابيع حيث كان يعرض على بعض منهم وبصورة منتظمة أفلاما تليفزيونية تتصف بالعدوان والعنف، وتشير النتائج أن الأطفال الذين شاهدوا تلك الأفلام قد أصبحوا أقل امتثالا وطاعة بصورة جلية، كما أنهم كانوا أقل رغبة وميلا في ممارسة الضبط على ذواتهم كما كانوا أقل احتمالا للإحباطات غير الهامة أو الخفيفة.
وعمومًا فإن هذه الدراسات السابقة، وأخرى كذلك قد ألقت الشك حول صدق الرأي الذي سينادي بأن هذه الأفلام التليفزيونية العنيفة تكون وسيلة تنفيسية تفريغية لأطفال ما قبل المدرسة، ويشير Libert وآخرون "1972" إلى تلخيص لمجموعة دراسات في هذا الموضوع بقوله:
"إنه يوجد اتفاق ملحوظ، وتقارب في الدلائل التي اعتقد أنها ترتبط بمشاهدة العنف والسلوك العدواني بين الأطفال، فكل من الدراسات
المختبرية والميدانية والتجارب الطبيعية قد أظهرت أن عرض أفلام العنف والعدوان غالبا ما يجعل المشاهد أكثر عدوانية بصورة ملحوظة، كما أشير إلى أن تأثيرات هذه العروض تعتمد كذلك على ميل الطفل بمعنى أن الأطفال الذين كانوا يتأثرون بمشاهدة أفلام العدوان والعنف التليفزيونية كانوا يتصفون بتلك السمات قبل مشاهدتهم، حيث أظهر الأطفال الذين يتسمون بالعدوانية قبل المشاهدة، أظهروا عدوانية أكبر بعد مشاهدتهم تلك الأفلام إذا ما قورنوا بزملائهم الذين كانوا أقل عدوانية.
ولكن هل هذه النتائج تفسر لنا تأثير العنف بأفلام التليفزيونية تفسيرًا كليًا؟ فلقد أجريت دراسة طولية لمئات عديدة من الأطفال، وأشارت النتائج أن تلاميذ الصف الثالث الابتدائي الذين فضلوا مشاهدة البرامج التليفزيونية العنيفة كانوا أكثر عدونية وعنفًا داخل المدرسة، حسب ما قيموا عن طريق أقرانهم، إذا ما قورنوا بالتلاميذ الذين كان تفضيلهم أقل لهذه البرامج، وبعد عشرة سنوات من إجراء التجربة الأولى لوحظ أن تفضيلات التلاميذ بالصف الثالث كانت تنبئ بالسلوك العدواني لديهم، ويستطرد Erin أن ارتباطًا مرتفعًا وجد بين مشاهدة العنف في البرامج التليفزيونية في سن التاسعة والسلوك العدواني في سن التاسعة عشر بمعدل 0.031.
ويشير Stein وآخر "1972" أن تأثير العنف لبرامج التليفزيون يبدو أنه يعزى إلى السلوك التقليدي للأطفال الذي يتتبع هذه البرامج عادة، فهذه البرامج يمكن أن تدعم أحاسيس العدوان وكذلك أحاسيس الغيرة، والواقع فإن الدراسات العديدة في هذا المجال تشير إلى أن الأطفال يقلدون النماذج الإنسانية التي يرونها في البرامج التليفزيونية بالإضافة إلى النماذج العدوانية وتشير نتائج الدراسة السابقة أن أطفال الحضانة الذين شاهدوا بعض البرامج الإنسانية وجد أنهم أطاعوا القواعد عن طيب نفس كما أصبحوا على درجة كبيرة من التسامح بعضهم مع البعض، ويعملون بمثابرة ومواظبة في أعمار زمنية مختلفة، ويظهرون ميلا أكبر للمساعدة والاشتراك مع الآخرين وكذلك في أنماط السلوك الودي.
وفي إحدى الدراسات قيم Sprafkin وآخرون "1975" سلوك مساعدة الآخرين لأطفال الصف الأول الابتدائي في موقف تجريبي وذلك بعد أن شاهدوا إحدى البرامج التليفزيونية التي انتهت بمثال مشوق مثير لطفل
صغير يقدم المساعدة لكلب في حادثة عرضية، وتشير النتائج أن هذا البرنامج كان له تأثير قوي في تعزيز السلوك الغيري لدى الأطفال الصغار.
وعمومًا فإن تطبيقات هذه النتائج على السلوك العدواني والغيري تبدو واضحة، فالتليفزيون يمكن أن يمارس تأثيرًا قويًا على الأطفال من خلال تأثير النماذج المعروضة خاصة أثناء سنوات ما قبل المدرسة، وعلى ذلك فإن القائمين على البرامج التليفزيونية ينبغي عليهم أن تختبر بعناية وتتروى في اختيار أنواع البرامج التي تعد الأطفال، كما أن الآباء من جانب آخر يجب عليهم أن يمارسوا مسئوليتهم في الإشراف على البرامج التي يمكن أن يشاهدها أطفالهم.
التقمص
…
الآخر حيث يجذب الآباء انتباه الطفل إلى الطرق التي يكون سلوكه مؤذيًا إلى الآخرين مثل قولهم "أنا حزين لمضايقتك أخيك، وعندما تفسد شيئًا فإن صاحبه يجب أن يصلحه وهذا يكلفه أو هو عمل شاق بالنسبة له
…
".
وتشير الدرسات في تأكيد القوة، وسحب الحب، ووسائل الحث أن الطريقة المختارة التي تتخذ لها تأثيرا ذات دلالة في ما إذا كان الطفل سينمي تنظيمًا سلوكيًا تذويتيًا "خلق قوي" أو وضعًا خرجيا للضبط الذاتي "خلق ضعيف" فاستخدام تأكيد القوة يرتبط بالنمو الخلقي الضعيف للأطفال في حين نجد وسائل الحث Induction خاصة عندما تكون موجهة ذاتيًا ترتبط بالنمو الخلقي المتقدم، ومما يجدر الإشارة إليه أننا بإعطاء الأطفال التفسيرات والتأويلات للأفعال السلوكية يساعدهم على تكوين موقف داخلي من القواعد والتوقعات والتي تساعدهم بالتالي على التحكم في أنماط سلوكهم، وأخيرًا فإن سحب الحب لا يدل على أنه يحمل أية علاقة متسقة بالنمو الخلقي، وكما سنرى فيما بعد أن تعبيرات التعاطف الإيجابية تساعد بصورة منتظمة على التعجيل بتكوين النماذج السلوكية التذويتية "الداخلية".
السلوك التدريبي الموجه:
إن التدريب يمكن أن يوجه سواء إلى سلوك الطفل مثل قولنا: "إن هذا الشيء سيئ فلا تفعله". أو يمكن أن يوجه إلى الطفل كشخص: "لماذا أنت شخص سيئ؟ ". وبصورة عامة فإن التدريب أو التهديد الموجه نحو سلوكهم يساعد الأطفال على المحافظة على احترام ذواتهم، في حين نجد التهذيب الذي يهدف شخصياتهم يميل إلى جعلهم يحسون بأنهم غير محبوبين أو يشعرون بعدم الحب وعدم الكفاءة ويشير Haim Gimolt؛ "1965" أن الآباء يجب أن يميزوا في معاملتهم بين أطفالهم كأشخاص "الذين يحبونهم دائمًا" وبين أفعال أطفالهم، والتي قد تكون محببة أو غير محببة لهم، وبالتالي فإن الأطفال يتقبلون التدريب بصورة أفضل ويتعلمون بصورة أكثر فعالية، إذا ما قورنت بنتائج النقد للأطفال باعتبارهم أشخالص غير محبوبين.
وليس بغريب أن نجد إدارة التدريب بواسطة اتجاهات دافئة محبة يساعد الأطفال على تذويت معايير السلوك، فتقبل الآباء لصغيرهم يجعلهم معولا ومصدرًا للمكافأة، وعلى ذلك نجد الآباء النابذين أو