الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: النمو العقلى
الجوانب الكمية للنمو العقلى
…
ثانيا: النمو العقلي
النمو العقلي للرضيع يشبه ما يوجد عند الأطفال الأكبر والراشدين ويمكن أن يلاحظا تبعًا لمنظورين.
أ- أحدها الاختبار العقلي الكمي والذي يتساءل عن مقدار ما يمتلكه طفل معين من قدرة عقلية معينة إذا ما قورن بأطفال آخرين في مثل عمره الزمني؟
ب- والثاني الناحية الكيفية النمائية النفسية والتي تتساءل عن أنواع القدرات والمفاهيم التي يظهرها الرضيع بصورة واضحة، وكيف تتطور أثناء السنتين الأوليين أو بعد ذلك في حياة الطفل، وسوف نتأمل سويًا كل من الجانبين الكمي والكيفي للنمو العقلي.
أ- الجوانب الكمية للنمو العقلي:
عادة تتضمن اختبارات الذكاء عددًا من الاختبارات الفرعية، وكل منهما مصمم لقياس قدرة معينة، ونجد في كل اختبار فرعي عدد من المواقف تتدرج من حيث صعوبتها، كما أن صعوبة كل موقف يحدد بواسطة استجابة عينة كبيرة من الحالات "المجموعة المعيارية" للموقف.
ولنفترض أن موقف اختبار ذكاء الطفل "الرضيع" هو "رفع الرأس"، حيث إن 90% من عينة كبيرة للرضع ذوي الثلاثة أشهر يستطيعون عمل ذلك فإن رفع الرأس بالتالي يكون موقفًا عاديًا لطفل الثلاثة أشهر. ولنفترض أن الانصراف عن الأشياء يمكن أن يؤتي 10% فقط من أطفال عينة الأطفال السابقة، فإن هذا الموقف يجب بالتالي أن يكون موقفًا صعبا لهذه الجماعة في هذا السن، وعمومًا فإن معظم اختبارات القدرات بصفة عامة واختبارات الذكاء بصفة خاصة تبنى على طريق اختيار الموقف والتي يمكن أن تؤدي بواسطة 75% من الجماعة المعيارية في كل مستوى متتالي، وبالتالي يوفر سلاسل من المواقف متدرجة الصعوبة.
ومعظم اختبارات الذكاء يمكن أن تقدر لنا العمر العقلي Mental age وهو عبارة عن عمر الجماعة المعيارية والتي تكمل بنجاح نفس عدد المواقف كالحالة التي تجري عليها الاختبار والرضيع الذي يؤدي بصواب
مواقف كثيرة كما هو الحال لطفل الواحد للجماعة المعيارية فإن عمره العقلي بالتالي يكون سنة واحدة بغض النظر عن عمره الزمني Chronolgical age ولحساب الذكاء IQ تجرى المعادلة التالية:
وهذا المعدل دليل لذكاء الفرد النسبي، ومن الواضح أن الطفل الذي يكون عمره العقلي أكبر من عمره الزمني أكثر ذكاء من المتوسط، بينما الطفل الذي يكون عمره العقلي أقل من عمره الزمني يكون عادة أقل ذكاء من المتوسط.
وتوجه لاختبارات الذكاء كثير من الانتقادات بأنها لا تعتبر بمثابة مقاييس مناسبة لقياس ذكاء الأطفال، كما أنها لا تستطيع التنبؤ بكيفية أداء الطفل في اختبارات أخرى، وكذلك كيفية أدائه في عمر زمني لاحق "1972" Bayley؛ "1970" إلا أنه في حالة استخدام هذه الاختبارات مصحوبة ببيانات أخرى كالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة نجدها ذات قيمة تنبؤية كبيرة، بالإضافة إلى استخدامها بجانب الملاحظة الإكلينكية يمكن أن تشخص بدقة الضعف العقلي والتلف المخي Knobloch& Pasamanick؛ "1967".
ويمكننا أن نوجز الأسباب التي تكمن وراء القدرة التنبؤية الضعيفة لاختبارات ذكاء الأطفال الصغار فيما يلي.
أولا: اختبارات ذكاء الأطفال تختلف جوهريًا عن تلك المستخدمة لتقييم القدرة العقلية للمراهقين الراشدين، فالأولى تقيس بعض الأشياء مثل "الوصول إلى الأشياء، والإمساك بها، والقبض عليها ومتابعة الموضوعات عن طريق الرؤية، وذلك عندما يكون الطفل في أشهره الأولى، كما أن القدرة على التقليد وأن يضع مكعبات وأشكالا في فراغات معينة، وأن يتعرف على الصور في
نهاية عامه الأول، كل هذه الأشياء قد تكون مفقودة وبدرجة كبيرة في اختبارات الذكاء، كما أن اللغة تلعب دورًا أساسيًا في اختبارات الأطفال الأكبر سنًا. حيث يجب عليهم اتباع تعليمات لفظية تعطى بواسطة المختبر. ومن ثم يجب عليهم الاستجابة اللفظية بأنفسهم. فالمهارة اللغوية ترتبط بصورة كبيرة بالقدرة العقلية، ودعوى أن اختبارات ذكاء الأطفال لا تستخدم اللغة، قد يكون أحد الأسباب في كونها ليست وسيلة تنبؤية جيدة لأداء الأطفال في الاختبارات اللاحقة والتي تطلب استخدام اللغة.
ثانيًا: وثمة عامل آخر قد يسهم في القدرة التنبؤية الضعيفة لاختبارات الأطفال الصغار "الرضع" يتمركز حول الأطفال أنفسهم. فالاختبار يفترض سلفًا التعاون من جانب الحالة، إلا أن الأطفال عادة ما يحذرون من الغرباء وبالتالي نجد تعاونهم الكامل مع المختبر مشكوك فيه، بالإضافة إلى حالاتهم الانفعالية وتحول انتباههم يجعل من الصعب على المختبر أن يحدد عما إذا كان سبب إخفاقهم في الأداء قد يرجع إلى نقص في قدرتهم وقد يرجع إلى اضطراب خاطف سريع الانقضاء وعلى الرغم من وجود مشكلة مؤداها عما إذا كان أداء الأطفال الصغار على الاختبارات يعكس بدقة وبصورة مضبوطة الكفاية في أداء الاختبارات لأي عمر زمني، فإنه من الصعب بصفة خاصة أن نفسر استجابات الأطفال الصغار على الاختبار.
ثالثًا: والعامل الثالث الذي يسهم في القدرة التنبؤية الضعيفة لاختبارات ذكاء الأطفال الصغار، يرتبط باختبارات الذكاء نفسها فالذكاء ليس كمية ثابتة أو قدرة ثابتة حيث يتأثر بصورة مستمرة بواسطة العوامل البيئية. وعلى الرغم من وجود حدود احتمالية وراء عما إذا كانت البيئة لا تستطيع أن تعدل الموهبة الطبيعية للشخص إلا أن هذه الحدود غير معروفة. ومن جانب آخر يشير Scarr Salapatek؛ "1971" أن الأطفال الذين ينمون في بيئات فقيرة مجدية عقيمة قد لا يتحقق وتظهر بصورة كاملة إمكاناتهم وقدراتهم إلى بيئة عقلية فقيرة مجدبة في مثيراتها العقلية، أو العكس، فإن أداء هذا الطفل على اختبارات الذكاء سوف يعكس هذا التغير سواء إلى الأحسن أو الأسوء.