الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدرسة سويًا ويلعبون ويأكلون سويًا وينامون في بيوت كل منهم ويتقاسمون هوايات مشتركة، وكذلك مخاوف مشتركة وعادة ما تكون هذه العلاقات لها الاستمرارية في فترة النمو اللاحقة.
والأطفال الذين يحرمون من هذه الصداقات القريبة الحميمة قد يدخلون فترة مراهقتهم بسمات شخصية غير سوية، وبدون أن يخبر الطفل هذا النمط من الصداقات القريبة الحميمة مع زملاء من نفس الجنس قد يكون لديه صعاب فيما بعد لإقامة الصداقات الحميمة مع بعض الأفراد من الجنس المغاير أثناء فترة المراهقة وسنرى تفصيل ذلك في باب المراهقة.
ثالثًا: هوية دور الجنس
عادة ما يرتدي أطفال ما قبل المدرسة "البنين والبنات" ملابس مختلفة، وقد يظهرون بعض الاختلافات في النشاطات المفضلة، ويعملون قليلا من التمييزات بين أنفسهم، ويلعبون سويًا بصورة مشجعة، ومع ذلك فإنه بنهاية السنة السادسة وبداية السنة السابعة تقريبًا نجدهم يميلون إلى تكوين جماعات لعب منفصلة ويعملون تمييزات بين أنماط سلوك كل منهم، وكيف يجب أن يسلك كل منهم، وهذه التغيرات تعكس ثمة حقيقة أنه خلال سنوات المدرسة الابتدائية يبدأ الأطفال تكوين هوية نفسية كأعضاء في جنس معين.
وجدير بالذكر فإن أصول هوية دور الجنس تتسم بالتركيب والتعقيد ولم تفهم بصورة كاملة، ومع ذلك فيمكن التعرف على ثلاثة عوامل تلعب دورًا رئيسيًا في هذه العملية النمائية.
1-
يشير كل من Maccoby & Jacklin؛ "1974" نتيجة لاستعراضها لعديد من الأبحاث عن الفروق الجنسية، إلى أنه توجد بعض من الاختلافات الولادية بين الذكور والإناث والتي توجد في كل المجتمعات وتكون ظاهرة جلية في مرحلة مبكرة من حياتهما، وكما أشرنا فيما سبق أن الذكور يميلون في أن يكونوا أكثر عدوانية من الإناث. ويميلون كذلك إلى التفرق في القدرات المكانية والعددية في حين أن الإناث عادة ما يتفرقن في القدرة اللفظية، بالإضافة إلى بعض الفروق البيولوجية في القدرات العقلية ونمط الشخصية
تميل إلى أن تسهم في تنمية شعورًا مختلفًا لهوية دور الجنس بين الذكور والإناث.
والعوامل البيولوجية تمدنا بتوضيح محدد لهذه العملية، فالاختلافات البنيوية التي تؤثر على نمو الشخصية، توجد أصلا بين الأفراد أكثر من وجودها بين الأجناس "إناث أو ذكور" وذلك كما يشير كل Burs & plomin؛ "1975"، فمعدل السلوك العدواني قد يوجد بصورة أكبر بين الذكور أكثر عدوانية من كثير من الذكور، وعلى ذلك فإننا لا يمكن أن نعول فقط على العوامل البيولوجية لكي نعلل هويات دور الجنس، ولكن بالإضافة يجب أن نتأمل ونفسر أنواع الخبرات الخاصة التي تتكون عند الأطفال أثناء نموهم.
2-
كما أن الاختلافات في كيفية تنشئة البنين والبنات التي يتبعها الوالدان قد تنتج اختلافات سيكولوجية معينة بينهم، فالآباء عادة ما يميلون إلى التعامل واللعب مع ذكورهم بصورة أكثر خشونة عما يفعلونه مع الإناث في مرحلة ما قبل المدرسة، كما يشير هوفمان إلى ذلك Hoffman؛ "1967"، ويارو Yarrow؛ "1972"، بالإضافة إلى أن الآباء عادة ما يعاقبون الذكور جسميًا أكثر من الإناث، وهذا قد ينتج أن يكون الأولاد أكثر خشونة من الناحية الجسمية أثناء ألعابهم ونماذج لعبهم عن الإناث، وتتفق نتائج دراسة Allaman وآخرين "1972"، مع ما سبق الإشارة إليه، كما تشير أن معاملة الآباء لأولادهم الذكور والإناث عادة ما تكون بطرق متاشبهة في كثير من الأمور، حيث نجد الآباء عادة ما يظهرون نفس درجة التعاطف نحو أولادهم سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، كما أن الآباء قد يسمحون ويشجعون كل من الجنسين أن يكونوا في حالة استقلالية، وعمومًا فإن بعض الآباء يعاملون أولادهم سواء كانوا ذكورًا أم إناثًا تبعًا لميولهم وقدراتهم وليس تبعا لمقولبات جنسية معينة.
وجدير بالذكر فإننا مازلنا نلاحظ تناقضا كبيرًا بين مفاهيم الآباء الذين يتسمون بالفكر المفتوح وسعة الأفق، وبين الآباء ذوي الفكر والاتجاهات الصارمة لمفاهيم دور الجنس لأطفال ما قبل
المدرسة، ففي إحدى الدراسات التي أجريت بواسطة Looft؛ "1971" على أطفال ما بين السادسة والثامنة من الذكور والإناث، وجه إلى الأطفال سؤالا "ماذا تريد تكون عندما تكبر؟ " وأشار الأولاد الذكور أنهم يحبون أن يكونوا لاعبي كرة، رجال بوليس، طبيب أسنان قسيس، عالم، طيار، رائد فضاء، على الترتيب، وأشارت البنات بأنهن يفضلن أن يكن "مدرسات" ممرضات، ربة بيت، أم مشرفة على منزل، بائعة في متجر، على الترتيب، وكانت من نتائج هذه الدراسة ودراسات أخرى أجريت في نفس المجال أن الأطفال في مثل هذا السن عادة ما يكون لديهم مفاهيم مقولبة لأدوار الجنس والتي تحدد مدى اتساع المهن التي ينظر إليها ومدى تناسبها سواء كانت للبنين أو للبنات.
3-
كما أن بعض جوانب هوية دور الجنس تميل إلى أن تكون مكتسبة بواسطة التقليد والتقمص التي ناقشناه في الفصل السابق، فكلما ناضل الطفل أن يكون شبيهًا بأبوه من نفس جنسه فإنه بالتالي ينمي شعورًا أوضح عن كيفية تفكير كل من الإناث، والذكور، وكيف يشعرون؟ وكيف يعملون؟ وتشير نتائج Masters، J وآخر "1976" إلى حيث طلب من أطفال بنين وبنات في سن الرابعة والسابعة والثامنة ترتيب دمى وبعض الألعاب وتصنيفها تبعًا لدور جنس كل مجموعة "بنين أو بنات" وأشارت النتائج أن الأطفال الأكبر سنًا كانوا تقولبًا في وجهات نظرهم، وكانت آراؤهم متفقة بصورة كاملة، في حين وجد الأطفال الصغار لم يكونوا بعد وجهات نظر محددة عن سلوك دور الجنس المناسب.
وتشير نتائج هذه الدراسات أن هناك عوامل معينة داخل الأسرة تدعم عملية التقمص وتسهم إلى تكيف نفسي واجتماعي أفضل، وخاصة فإن الأطفال يكون في مقدرتهم تنمية هوية دور الجنس ويكونوا أكثر تكيفًا داخل الأسرة إن كانت الأدوار ثابتة مستقرة في الأسرة بالإضافة إلى وجود تمييز واضح في الأدوار لأفراد الأسرة.
وجدير بالذكر فإن كلا من عمليتي التقمص والتقليد قد لا يمكنهما تفسير بعض جوانب هوية دور الجنس لدى أطفال سن المدرسة الابتدائية،
وعمومًا فإننا عادة ما نجد الأطفال يحددون فصلا صارمًا لجماعات لعبهم الخاصة، كما نجدهم في بعض الأحيان يتمسكون بمفاهيم صارمة للأدوار المناسبة، للأولاد والبنات، وقد تكون متناقضة مع النماذج داخل أسرهم فقد أشارت نتائج دراسة كل من ماكجوبي، وجاكلين أن طفلة صغيرة كانت تعتقد بصورة ثابتة، أن البنات يمكن أن يصبحن ممرضات، ولكن الأولاد فقط يمكن أن يصبحوا أطباء، على الرغم من أن أم هذه الطفلة كانت تعمل طبيبة في إحدى المستشفيات.
وعمومًا فإن الأطفال عادة لا ينمون هوية دور الجنس في الاستجابة إلى العمليات البيولوجية والتنشئة الاجتماعية، وعمليات التقمص فقط، ولكن كذلك بواسطة مفاهيمهم المشوهة أو المبالغ فيها فيما يمكن للإناث والذكور عمله، بالإضافة إلى ما يجب أن يكونوا عليه، وكما أشار كوهلبرج وآخرون، أن الحكم غير الناضج يظهر في التمسك ببعض المفاهيم ويتساوق مع مهاراتهم المعرفية غير الناضجة.
وسعي الأولاد والبنات أثناء مرحلة الطفولة الوسطى للتقرب لجماعة جنسهما، والاشتراك في مقولبات دور الجنس، تعتبر بمثابة عاملا هامًا ووظيفة مؤثرة في نمو الشخصية سواء لبنين أو للبنات، وعلى ذلك فإن الأولاد أو البنات الذين لا يشاركون ويتقاسمون بصورة فعالة نشطة في اهتمامات جماعاتهم من نفس الجنس، أو الذين يقضون وقتًا طويلا مع الجنس الآخر يفتقدون كثيرًا من الفرص لتذويب ذواتهم كأولاد أو كبنات، كما أنهم بالإضافة يميلون إلى المعاناة من بعض سمات الشخصية غير العادية، كالأطفال الذين ليس لديهم أصدقاء مقربون إليهم، وذلك لأن نمو هوية دور الجنس المناسبة تساعد على إعداد الأطفال للعلاقات الجنسية المغايرة أثناء فترة المراهقة.
وأطفال المدرسة الابتدائية الذين يقضون معظم أوقاتهم في اللعب مع جماعات من جنس مغاير، قد يجدون من الصعب عليهم أن يغيروا علاقات رفاق اللعب، التي كونوها مع الجنس المغاير داخل العلاقات المستمرة مع الجنس الآخر، كما يمكن أن يكون من الصعب عليهم أن يكونوا صداقات حميمة مع الأفراد الصغار من نفس جنسهم، ففي فترة المراهقة عندما يبدأ زملاؤهم في الذهاب أزواجًا مع أعضاء من الجنس الآخر، فثمة أولاد وبنات يكون لديهم صعاب في إيجاد المكان المناسب لأنفسهم داخل
هذه الجماعات، وقد يستمر بعض من تكوين العلاقات الأفلاطونية مع الصغار من الجنس المغاير، وقد نجد بعضهم لا يكون لديه الشجاعة في تكوين صداقات مع الجنس الآخر، وبالتالي يصبح منعزلا اجتماعيًا.
الكمون النفسي الجنسي:
يسمي فرويد "1953" فترة الطفولة الوسطى وكذلك سارنوف Sarnoff بفترة الكمون النفسجنسي وعلى الرغم من أن هذه الفترة لا تتضمن فجوة بين الوقت الذي يبدأ فيه الأطفال تشكيل هوية دور جنسهم والوقت الذي يبدءون في إظهار الميل الصريح للجنس الآخر، إلا أن الكثير يحدث في الحياة الجنسية، وفي اتجاهات أطفال سن المدرسة أكثر من التقاء الأعين، ويمكن إيجاز هذه التغيرات النمائية فيما يلي:
1-
الملاحظ الجيد يمكنه ملاحظة أن أطفال هذه المرحلة عادة ما يرتدون بتأنق، وعلى الرغم من سخرية الذكور للبنات إلا أنهم يحصلون على متعة وإشباع كبير في عرض أنفسهم بتباهي أمام البنات، كما يسعون للفت أنظارهن بأنماطهم السلوكية، وقد يضايقونهن لجذب انتباههن، والبنات من جانب آخر على الرغم من تظاهرهن بتجاهل الأولاد إلا أنهن يولن الانتباه إلى أنماط سلوكهم الغريبة المهرجة، وعادة ما يستجبن لمضايقتهم بالدموع والشكوى أو الصراخ، أو إلى التأثر منهم، والذي يؤدي بدوره إلى تشجيع مضايقة الأولاد لهن، كما أن البنات يأخذن نصيبهن كذلك من التفاخر، فهن يدركن أن الأولاد يعرفون أن آدائهن أفضل من الذكور خاصة في اختبارات الإنجاز الأكاديمي المدرسي، وهذا التحدي والتفاخر يمكن تلاميذ وتلميذات المدرسة الابتدائية من تأكيد ميولهم في الوقت الذي يكونون مشغولين فيه في بناء هويات دور جنسهم.
2-
كما أن أطفال المدرسة الابتدائية عادة ما يفكرون ويندهشون بالأمور الجنسية، فعندما يصل الأولاد إلى سن العاشرة والحادية عشرة، نجد لدهيم حب استطلاع شديد عن النواحي التشريحية الجنسية والفسيولوجية والحمل، والأمراض التناسلية، وبسبب مناقشة هذه الأمور بين أنفسهم فقط ولا يجرءون على أسئلة آبائهم أسئلة صريحة معقدة، فإن الكبار من حولهم بالتالي غالبًا لا يلاحظون الازدياد المفاجئ لميلهم في الأمور الجنسية، ومع ذلك فإن أي فرد يمكن أن يلاحظ كيف أن تلاميذ المدرسة الابتدائية يتجمعون بميل