الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مراحل التعبير عند الطفل:
منذ الميلاد حتى نهاية الشهر الأول ينشغل الرضيع بما يسمى بالصياح غير المميز Undifferentiated وبالتالي فإن المستمعين له لا يمكنهم التمييز بين صياح الجوع أو الألم أو الخوف أو عدم الارتياح. وتشير دراسة simmer؛ "1970" أن الرضع حديثي الولادة يبدو أنهم ذوو حساسية لصياحهم، ففي إحدى الدارسات سجل صياح لرضع جدد وأشارت النتائج أن الرضع الجدد يميلون إلى الصياح كلما استمعوا لأصواتهم.
وخلال الشهر الثاني من حياة الرضيع ينمى ما يسمى بالصياح المميز، أي كون الصياح أكثر تمييزا إلى الراشدين، فالإيماءة أو الإشارة قد تشير إلى الجوع أو المضايقة والانزعاج، والصياح المميز يبدو أنه يدعم في كمه وكيفه بواسطة كلام الراشدين حول الرضيع وبواسطه أنه التدعيم الاجتماعي بصفة عامة، والفورية أو الحزم Promptness التي يستجيب بها الآباء إلى صياح الرضيع يكون لها أثر ذو دلالة حيث تؤدي إلى التقليل من الصياح وذلك خلال السنة الأولى، وتشير نتائج دراسات Bell أنها لا تقلل فقط من كمية الصياح وطوله، ولكنها كذلك تعزز المهارات الاتصالية عند الرضيع من 8 إلى 12 شهرا من عمره، وعلى ذلك فإن الاستجابة الفورية للرضيع يمكن أن يكون لها تأثيرات مفيدة طويلة المدى على شخصية هذا الرضيع فيما بعد.
والمرحلة الثانية هي الثرثرة أو الخرير Babbing، والتي تنمو أثناء الشهر الثاني، ولكنها تمتد حتى الشهر الثامن أو التاسع من عمر الرضيع. ويبدأ في إصدار ما يسمى بالفونيمية Phonome، وهي وحدات الصوت الأساسية للغة، ويبدو أن الثرثرة مرتبطة بالنمو الفسيولوجي كما أنها
فونيمية عامة، وتجعل من الممكن تكوين اللغة، وعن طريق التفاعل مع الراشدين يتخلص الرضيع تدريجيًا من الأصوات غير المرتبطة بلغة المحيطين به، ويوسع أو يظهر تدريجيًا الأصوات التي تكون في لهجتهم، وعلى ذلك فإن مرحلة الثرثرة أو الخرير تمكن الرضيع أن يبدأ في اكتساب لغة مجتمعه الخاص.
وأثناء المرحلة الأخيرة من الثرثرة أي في حوالي 6 أشهر إلى 8 أشهر، يبدأ الرضيع في عمل أصوابت متكررة مثل بابا، ماما، ويستطيع الرضيع في هذا الوقت من إجراء الحروف اللينة والساكنة، وأثناء هذه المرحلة "الثرثرة" نجد الرضيع لا يصدر الأصوات من أجل الاتصال بالآخرين، ولكن من أجل أن يلعب ويلهو بجهازه الصوتي، وأثناء هذه المرحلة يمكن أن يستهل خرير الرضيع وثرثرته عن طريق حركات فمه أو بواسطة كلام الآخرين المجاورين له، وعموما، فإن هذه المرحلة تعتبر بمثابة تهيئة لمرحلة صدور الأصوات اللغوية الاتصالية.
ومنذ الشهر العاشر تقريبًا ينتقل الرضيع إلى المرحلة الأخيرة للفترة ما قبل اللغوية، وهي مرحلة التقليد الصوتي والقدرة على فهم أصوات كلام الراشدين من حوله، وعلى الرغم من أن الرضيع الصغير يمكنه تمييز صوته من أصوات الرضع الآخرين، وذلك كما ذكرنا سابقًا، إلا أن تمييز الأصوات الكلامية تأتي في مرحلة لاحقه وذلك أثناء مرحلة الثرثرة. كما أننا نجد الرضيع عندما يصل إلى شهره العاشر تقريبا يمكنه التمييز والاستجابة بصورة تبيانية لكلمات الراشدين من حوله، كما أن بعض الأطفال الرضع في هذه المرحلة يمكنهم تفهم بعض الكلمات مثل لا، وعلى الرغم من أن هذه الكلمة قد تكون مصحوبة بإشارات أو إيماءات معينة أو تنغيم صوتي معين، ولذلك نجد الرضيع قد يستجيب إلى الموقف ككل وليس إلى الكلمات نفسها، وبنهاية السنة الأولى من عمر الرضيع نجده يمكنه التمييز بين الكلمات وإعادة أو نسخ الكلمات الصوتية اللغوية للآباء والأمهات.
الكلام المبكر:
وفي نفس الوقت تقريبا نجد الطفل يتكلم بأول كلمات الدالة، مما هو جدير بالذكر، فإنه ليس من السهل دائما تحديد موعد صدور الكلمة الأولى من فم رضيعهم، حيث نجد الآباء دائما ما يكونون شغوفين
لسماع الكلمات الأولى من فم رضيعهم، وبعد الكلمة الأولى فإن نمو المفردات اللغوية يميل إلى أن يكون سريعا للغاية، وعلى الرغم من أنه من الصعوبة قياس مفردات الطفل الصغير اللغوية، إلا أنه توجد بعض من الاختبارات تتضمن كلمات يعرفها الطفل، إلا أنها قد لا تكون مفيدة بصورة كبيرة، وعموما فإن الطفل عندما يصل عمره إلى عامين عادة ما تصل مفرداته اللغوية إلى 250 كلمة، كما أن طفل السادسة عادة ما يصل محصوله اللغوي إلى 2500 كلمة.
كما أن النمو في حجم المفردات اللغوية عادة ما يقارن بكفاءة الطفل النحوية والاتصالية، وفي الحقيقة يوجد بعض الجدل حول كيفية وصف وتفسير ملكة الطفل اللغوية، وأحد هذه الاتجاهات ما دعى إليه كومسكي Chomsky حيث يشير، بما أن البناءات أو التراكيب اللغوية تكون في صورة أولية، فإن القدرة اللغوية تسبق الفهم المعرفي، ويرى جان بياجيه وآخرون يذهبون إلى منحى آخر إذ يشيرون أن البناءات أو التراكيب اللغوية مكتسبة وتشبه في ذلك الكلمات، وعمومًا، هل اللغة تسبق الفكر؟ أو أن الفكر يسبق اللغة؟
وينظر كثير من السيكولوجيين المعاصرين في الوقت الحاضر إلى النمو اللغوي على أنه محاولة تدريجية، أكثر من كونه شيئًا مركبًا يقدم مخططات معرفية للذات والعالم، ويعارضون وجهة نظر كومسكي في أن قواعد النحو والصرف والتراكيب اللغوية والإعراب فطرية أو مشكلة مسبقًا كما يدعي، ولكنها مبادئ تبنى بواسطة الطفل في مجهوده لكي يتقدم ويوصل خبرته إلى الآخرين، وتشير وجهة النظر في هذه أن الأطفال يتعلمون تراكيب الجملة ومبادئ الصرف والنحو بنفس الطريقة التي يتعلمون بها المفاهيم، فإنهم يخبرون استعمال الراشدين لمعاني الكلمات ويحاولون استعمالها في كلامهم.
وكلمات الطفل الأولى تشبه عملة تلفظه الأول، عادة ما تكون غير مميزة، وعادة ما تكون الكلمات الأولى شاملة مختلطة بالمعاني، وكذلك باللغة المستخدمة بواسطة الأشخاص الأكبر من حوله، فطفل العالم الواحد الذي يقول:"ماما"، قد يعني:"أريد أن آكل يا ماما"، أو "احمليني يا ماما"، أو "انظر إلى ماما"
…
إلخ ومن الخطأ أن تقول أن الطفل يستخدم في ذلك ما يسمى بالجملة الكلمة حيث إنه لم يصل بعد إلى تفهم ماهية
الجملة، ولكن بالأحرى يمكن أن تقول أنه يستخدم ما يسمى بالكلمة الجملة، كما أن استخدامه المتنوع لنفس الكلمة عادة ما تكون محملة بتنغيمات أو طرق أداء مختلفة وتعبيرات وجيهة وهكذا، والتي قد تكون لا شعورية إلى حد كبير ويتعلم الولدان تفسير كلمات وليدهم الأولى بالتأمل إلى المضمون العام لسلوك رضيعهم، والتكلم عمومًا يعتبر صورة من مجهودات الطفل العامة للاتصال بالآخرين من حوله.
وكلما تدرج الرضيع في عامه الثاني فإنه ينتقل إلى ما وراء الاستخدام غير المميز للكلمات المفردة لكي يوحدها في كلمتين أو أكثر، ونطق الجملة ذات الكلمتين تعكس مستوى جديدًا من التمييز اللغوي، حيث نرى فيها تطبيقًا لإدراك الطفل لنظام الجملة وإضافة الكلمات وطريقة الأداء والتنغيم نجدها تحمل المعاني كذلك إلا أن نطق الرضيع للجملة ذات الكلمتان تختلف بصورة جوهرية عن تكوينها عند الراشدين، والاستخدام اللغوي في تلك الفترة يسمى بالكلام التلغرافي أو شديد الإيجاز Telegraphic Speech بمعنى أن الطفل عادة ما يهمل أدوات التعريف أو التنكير، والأفعال المساعدة، وحروف العطف الأخرى، وفيما يلي بعض جمل طفل 21 شهرًا من عمره.
- ماما كتاب.
- أرى ماما.
- كتاب ماما.
وهذا الكلام شديد الإيجاز يمكن أن يفهم بواسطة الكبار من حول الطفل، بشرط أن يدركوا تلميحات ومشعرات الطفل الأخرى أثناء كلامه، وسنورد هنا تسجيلا فعليًا في كيفية استجابة أم لحديث وليدها شديد الإيجاز.
الطفل الأم
ماما سندوتش أريد سندوتش يا ماما
جلس الأرض أنه جلس على الأرض
ماما عصير ماما عملت عصير برتقال
والحقيقة فإننا نرى الطفل الصغير يحاول أن يستخدم اللغة لكي يتعامل مع الأفكار أو يوصلها، وهذه تعكس مظهرًا أو جانبًا آخر من اللغة المبكرة للطفل، وتسمى بالتكرارية Repetition، وهناك أنواع عديدة من الأحداث يمكن أن تسهم في النمو اللغوي المبكر نوجزها فيما يلي:
- النضج ونمو جهاز الكلام والذي يمكن الأطفال من إنتاج الأصوات الأكثر ضبطا ودقة.
- النمو المعرفي للطفل والذي عن طريقه يستطيع أن يكون جوانب تصوره لذاته وللعالم.
- التعرف على أن كلمات الطفل يمكن أن ترمز إلى جوانب من خبراته ومفاهيمه.
- التصور المطرد للغة نفسها ومجهود الطفل المستمر لربط المفاهيم اللغوية بتلك التي تشتق من العالم المحيط به وكذلك من نفسه ولقد سمى Elkind؛ "1976" هذا المجهود بالتعلم الفطري أو المتضمن Connative Learning، وعموما فإن الطفل يبدأ في تفهم اللغة في نفس الوقت الذي يكشف فيه ذاته والعالم المحيط به، ويحاول أن يربط اللغة والفكر معا، وفي نفس الوقت يطور ويوسع ويتقن استخدام كل منهما بصورة منفصلة.
وقبل أن نختم هذا الجزء، يجب أن نشير إلى ما يسمى باللغة التقبلية أو الحسية Receptive Language، فهي تسبق الكلام كما أن الطفل يفهم اللغة قبل أن يتمكن من التكلم بها، وللأسف لأن هذا المجال يعتبر مجالا بكرًا ولم تجرِ فيه دراسات يعتد بها كما يشير Elkind إلى ذلك ويجب أن تتوفر لدينا معلومات أكثر لما يسمى باللغة الحسية أو التقبلية لتكمل التفهم للنمو السريع للمحصول اللغوي عن الأطفال.