الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إطعامهم أو تركهم ينامون، وتكيفوا إلى التغيرات بصورة بطيئة، وكانوا يميلون إلى القلق والإزعاج في المواقف الجديدة وبجانب الأشخاص الغرباء، وغالبًا ما كانوا يتسمون بالمزاج السيئ صائحين ولديهم نوبات غضب حتى عندما يجابهون إحباطات عادية، وبسبب سلوك هؤلاء الأطفال صعب الإرضاء كان شعور الآباء تجاههم سلبيًا، بالإضافة إلى شعورهم بالذنب والقلق من احتمال كونهم السبب في هذه المشكلات عند أطفالهم، والحقيقة أن الآباء ليسوا مسئولين بدرجة كبيرة عن تلك الحساسية والمزاج المتقلب للطفل صعب الإرضاء، والأطفال من هذا النوع يمكن أن يتكيفوا تمامًا عندما يكبرون قليلا إن كان آباؤهم لديهم من الصبر الكافي لمساعدتهم على تعلم كيفية التغلب على الإحباطات التي تواجههم وزيادة قدرتهم على ذلك.
وتشير نتائج دراسة Thomas وآخرين "1977" أن الأطفال بطيئو المودة وجد من الصعب عليهم التكيف للأفراد والمواقف الجديدة، إلا أنهم يعبرون عن ذواتهم بصورة صاخبة صارخة تمامًا، فهم يقلقون ويهتاجون بصورة معتدلة بالأشياء الجديدة أو يبدون مقاومة سلبية غير فعالة كما في حالة تركهم الطعام يسقط من أفواههم، ولكنهم لا يلفظون الطعام بعنف كما في حالة الطفل صعب الإرضاء، ويمكن أن يتجاوز هؤلاء الأطفال تلك المشكلات الشخصية في حالة وجود الآباء ذوي الصبر، والذين لا يدفعونهم إلى الإسراع في أوجه نموهم أكثر مما لديهم وما بإمكانياتهم بالإضافة ألا يفقدوا الاهتمام والميل إلى رعايتهم والاهتمام بهم.
تطبيقات لتنشئة الرضيع:
من استعراضنا لأنواع الدراسات التي عرضت فيما سبق، نستطيع أن نستنتج بأن علماء نفس النمو قد أدركوا أن كل مرحلة من الطفولة وبعض جوانبها تلازم وتصاحب مزاجًا خاصًا، ومعدلاتها النضجية، جميعها تتفاعل مع شخصيات الآباء لتحدد النموذج الأبوي في تنشئة الطفل، وعملية التفاعل هذه بين الآباء والأطفال تفسر حقيقة أن الأطفال الذين نشئوا في نفس الأسرة لا يكون لديهم بالضرورة نفس أنواع الخبرات مع آبائهم، كما أن الاختلافات الولادية بين الأخوة والأخوات تميل إلى أن تظهر استجابات مختلفة من الآباء والتي بدورها تؤثر تأثيرات مختلفة في نمو شخصيات أطفالهم.
وفيما يتعلق بمسألة أوسع وهي تنشئة الأطفال، فإن دور المزاج في نمو الشخصية له تطبيقات ذات دلالة وهما.
أولا: لا توجد طريقة متفردة أو طريقة مثلى في تنشئة الطفل، فسواء كان الطفل يستفيد من الإمساك به أو حمله في أغلب الأحيان أو في مناسبات، فإن ذلك يعتمد عما إذا كان الطفل يتسم بالألفة بطبيعته أو لا يتسم بها، وسواء كان الطفل يزدهر في نموه بسبب تعريضه لخبرات كثيرة جديدة، أو أنه قد يصيب نجاحًا أفضل عن طريق النظام المألوف العادي والبيئة المتغيرة ببطء يعتمد ذلك عما إذا كان هذا الطفل سهل الطباع أو غير ذلك.
ومهما يكن فإننا يجب أن نضع في الاعتبار تدريبات الطفل "مثل الإطعام وتوفير الاستثارة والتدريب والتهذيب" ومهما كان هدف تنشئة الطفل "كمساعدته في أن يشعر بالأمان، وتمكينه أن يكون محبًا ومحبوبًا فإن ذلك يعزز من نضالهم للاستقلال، والطريقة الأكثر نفعًا وأحسن تأثيرًا في العناية بالأطفال سوف تختلف تبعًا لمزاج وحساسية الطفل الخاصة، وعلى ذلك فإن الملاءمة والتوافق الجيد بين مزاج الطفل وبين نموذج تنشئته وتربيته هو مفتاح النمو الإيجابي للشخصية، وأي توجيه أو إشارة بأنه توجد طريقة واحدة مثلى للعناية بجميع الأطفال يجب أن تؤخذ بتحفظ.
ثانيًا: وعند دراستنا تأثيرات تدريبات تنشئة الطفل فإننا ابتداء يجب أن نسلم بالاختلافات المزاجية، وكذلك في درجة الحساسية، ولقد افترضت كثيرًا من الدراسات في هذا الميدان أن الأطفال يتشابهون بصورة أساسية وبالتالي فإن أنوع معينة من السلوك الأبوي قد تؤثر في كل الأطفال وبنفس الطريقة والنتيجة في كثير من الحالات كانت نتائج غير متسقة وخاطئة وجدير بالذكر فإن الخطأ في هذه الدراسات يمكن في أنها لم تضع في الحسبان تفاعل الآباء والأبناء ولم تول هذه المسألة الالتفات الكامل واللائق بها.