الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطور الجنين:
إن تطور الكائن الآدمي من خلية متفردة في حقيقة الأمر عملية إعجازية وهبها الله عز وجل للإنسان فاللاحقة تصبح كائنًا غير عادي ومركب من ملايين الخلايا، تتضمن على 100 نوع مختلف ونظام عضوي يكون على علاقة متبادلة بأعضاء مثل المخ والقلب والرئتين والمعدة والكليتين
…
إلخ وعلى الرغم من أن اللاقحة لا تمتلك أيا من مقومات الحياة أو الأنظمة التي نجدها عند الكائن الإنساني إلا أنها تكون باعثا ومسببة لهذا الكائن، كما أنا ندرك أن هذا يرجع لا بسبب أن اللاقحة ما هي إلا كائن في صورة مصغرة، ولكنها بالأحرى تتضمن خصائص وبرنامج عمل لتركيب الكائن.
وعلى الرغم من أن تطور عملية مستمرة إلا أن هذه العملية يمكن أن تقسم لسلسلة متدرجة من المراحل، وذلك تبعًا للتغيرات الرئيسية التي تحدث في كل مرحلة، وعلى الرغم أنه من المناسب أن ننعت الكائن النامي أثناء مرحلة قبل الولادة على أنه بمثابة جنين، إلا أننا سنرى أنه توجد اصطلاحات أو تعبيرات نوعية مختلفة للجنين أثناء المراحل المتعاقبة للنمو قبل الولادة، وكما سنرى كذلك، أنه من المفيد أن نتفهم هذه المراحل المتعاقبة حتى ندرك أن هناك أوقات معينة يكون فيها الجنين أكثر عرضة للتأثيرات البيئية بصورة عالية مثل مرض الأم أو تعاطي العقاقير أو المخدرات وذلك أكثر من أي وقت آخر.
فترة البلاستوسيست Blastocyst Period:
عادة ما تسمى الفترة من الإخصاب حتى اليوم الخامس عشر من النمو بفترة البلاستوسيست، فعندما تبدأ اللاقحة "وهي خلية تنتج من اندماج مشيجين" في إنتاج خلية وليدة، فإنها تكون عددًا كبيرًا حيث تتحرك إلى أسفل في قنوات فالوب، وبعد ذلك تلتصق بجدران الرحم، وبعد ذلك تبدأ في إنتاج بناءات حيث توفر التغذية لعملية النضج المتعاقب ويكون أول هذه البناءات هو المشيمة Chorion أو الجرثومية الغذائية Trophoblart، وتتكون من طبقات عديدة من الخلايا وتكون وظيفتها امتصاص الغذاء من بيئتها أو محيطها خاصة من أنسجة جدار الرحم، وبعد ذلك فإن هذه الجرثومة الغذائية تتطور إلى المشية Placenta أي
غشاء الجنين وهي عبارة عن اتحاد من أنسجة جنينية وأنسجة رحمية تعمل كقناة أو أنبوب رئيسية للأكسجين والغذاء والفضلات الزائدة بين الجنين والأم.
وجدير بالذكر فإن كتل الخلايا أثناء هذه الفترة المبكرة تتغير في طرق ومناحي متعددة، فالخلايا التي تكون قرب التجويف الداخلي للباستوسيت تصبح متميزة عن تلك الموجودة على السطح الخارجي. ويبدو هذا اختلافًا رئيسيًا لأنماط الخلايا والتي ستصبح أكثر بروزًا وجلاء فيما بعد، والخلايا التي تحيط الأسطح الخارجية للبلاستوسيت تسمى بالطبقة الخارجية Ectoderm وفيما بعد نجد أن الطبقة الداخلية Endoderm للجنين ستكون معظم أعضاء جسم الكائن بالإضافة إلى المظاهر السطحية الداخلية للجسم، في حين نجد خلايا الطبقة الخارجية ستبني بنية الجلد الخارجية.
وفي أثناء فترة البلاستوسيت فإن خلايا المضغة "الطبقة الخارجية" تنتشر وتتحرك منفردة لكي تكون تجويفًا داخليًا جديدًا يسمى بالتجويف النخطي Amnoion Cavity كما أن الغشاء المحيط بالتجويف المكون من خلايا المضغة "الطبقة الخارجية" يسمى بالسلي وهو عبارة عن غشاء داخلي يحيط بالجنين مباشرة Amnion، وكلما تقدم الجنين في تطوره نجد التجويف النخطي يملأ بسائل مكونًا حجابًا واقيًا للجنين النامي، وفي أثناء ذلك يبدأ نمو تجويف آخر مكونا من خلايا الطبقة الداخلية للجنين Nedoderm وتسمى ويطلق عليها مع الخلايا المحيطة والكيس أو الجيب المحي Yolk Sac ويوجد تشابها جزئيًا مع بيضة الدجاجة فالقوقعة قد تكون السلى "الغشاء الداخي الذي يحيط بالجنين مباشرة"، والبياض قد يشبه السائل السلي، كما أن المحي "الجزء الأصفر من البيضة" قد يتساوى أو يشبه الكيس أو الجيب المحي، إلا أن الصفار الكبير لبيضة الدجاجة هو نوع من التأسل وإحدى نتائجه Threawback، أو قد يرجع إلى مرحلة نشوئية تطورية، حيث إن أغلب غذاء النمور النضج تتكون من الصفار "المح"، ولكن في الإنسان نرى أن نمو المشيمة Placenta بواسطة تغذية الجنين من الأم يزيل الحاجة إلى مح كبير، حيث إن كيس المحي Yolk Sac الإنساني له أغراض أخرى سنراها فيما بعد.
وتتكون خلايا الطبقة الخارجية والطبقة الداخلية للجنين بين السلى
وكيس المح، والتي تكون الجنين الحقيقي المميز، وكلما تضاعفت هذه الخلايا كلما يبدأ نموذج ثالث في الظهور وهو المعروف بخلايا الطبقة الوسطى للجنين Mesoderm، حيث تكون البنية التركيبية للجسم بما في ذلك العظم والعضلات والنظام الدوري، وجدير بالذكر أن هذه الطبقات الجنينية الثلاثة والتي تقع بين التجويف النخطي وكيس المح تسمى بطبقة الجرثومية الأولية Primary germ Layer وكلما تقدم النمو بالجنين فإنه يتغير في شكله ومظهره، ويرتبط بالجزء الأوسط أو برأس المشيمة، وينمو الحبل السري الذي يحمل دم الجنين من وإلى المشيمة، وأثناء فترة البلاستوسيت نجد التغذية والحماية تمد للجنين، وبالتالي يبدأ في أن يصبح مميزًا داخل طبقة الجرثومة الأولية، وأثناء هذه الفترة الأولى نجد أن أكثر من 90% من أنسجة الجنين تبنى وتركب من بناءات مؤقتة كالمشيمة والسلى وكيس المح، والتي تكون في جوهرها ضرورية لعملية النمو اللاحقة.
فترة الجنين غير المكتمل أو الخلوى Embryonic Period:
يطلق على الفترة ما بين الأسبوع الثالث إلى الأسبوع الثامن فترة الجنين غير المكتمل أو الخلوي، حيث نجد أثناءها بناء أعضاء جسمية مختلفة، وأول جهاز ينمو خلال هذه الفترة هو الجهاز الدوري والأحبال والخلايا في أجزاء الجنين المختلفة، فالسلى Amnion "الغشاء الداخلي الذي يحيط بالجنين مباشرة" والمشيمة "الغشاء المغلف للجنين" وكيس المح تنمو داخل فراغات تجويفية تمكنها من نقل وإرسال السوائل وهذه القنوات الأولية تتحد كل منها بالآخر لكي تكون نظامًا يتكامل مع بناءات من الأجواء المختلفة للجنين، وتصبح أوعية القلب أحد أكبر الأوعية، والتالية لها الأوعية الشعرية والأوردة والشرايين وتبدأ دقات قلب الجنين في الخفقان في اليوم الثاني والعشرين تقريبًا من حمله، وبعد يوم أو اثنين يبدأ ضخ الدم داخل المشيمة حيث توزع كل من الأكسجين والطعام للجنين. ويجب أن نشير هنا إلى أنه لا يوجد انتقال مباشر للدم بين الأم والجنين، فعندما تجتاح المشيمة الجدار الرحمي وتصبح غشاء للجنين دائمًا ما تغمر في الدم الرحمي، وكما أن الغذاء الذي يمر من دم الأم إلى الجنين يصفي ويرشح بواسطة كتل من خلايا المشيمة وبطريقة مماثلة فإن نتاج فضلات الجنين لا ينقل مباشرة إلى الأم ولكنه ينتشر أو يصب من خلال جدران المشيمة.
وفي اليوم الخامس والثلاثين لنمو الجنين تصبح أعضاء الهضم مميزة
كما يمكن تمييز بناءات خلايا المريء والمعدة والأمعاء، كما أن الأعضاء الأخرى مثل البنكرياس والكبد تنمو كانتفاخات لجدران الخلية المعوية.
وبحلول اليوم الخامس والثلاثين تتكون القصبة الهوائية للجنين والرئتين في صورة براعم مطوية صغيرة، ولا تكون ذات فعالية أو قادرة على العمل حتى لحظة الميلاد.
وأثناء هذه الفترة نجد أن الملامح الجسمية للجنين تأخذ شكلا واحدًا وأن أكثر العمليات تركيبًا يتمركز في تكوين وجه الجنين، والذي يتكون عندما تمتد وتتسع أجزاء الجسم المختلفة وتنمو سويًا ويشبه ذلك عملية نحت تمثال نصفي من الصلصال وذلك بواسطة الدفع الداخلي من الجوانب إلى أسفل، ومن القمة إلى القاع لكي تكون الملامح الوجهية لهذا التمثال، كما أن الأجزاء الأخرى من الجسم تنمو بصورة سريعة كالبراعم والأطراف حيث تظهر خلال اليوم الثامن والعشرين، وعمومًا فإنه بحلول اليوم السابع والأربعين لحمل الجنين فإنه لا يمكننا فقط تمييز بدايات ونهايات الجنين "الأزرع والأرجل" ولكن بالإضافة يمكن تمييز الأيدي والقدم وأصابع الأقدام.
وينمو الجهاز العصبي من البناء المبكر للطبقة الوسطى والطبقة الخارجية، وبحلول اليوم الثاني والعشرين تتكون القناة العصبية ونتيجة النمو المسامي "الخلوي" من القناة العصبية إلى جميع أجزاء الجسم تبدأ في بناء شبكة عصبية لنقل وتوصيل المعلومات جيئة وذهابًا من الجسم والجهاز العصبي المركزي، وينمو المخ من أحد طرفي القناة العصبية بواسطة الطبقات المتعاقبة للخلايا المطوية والمعاد طيها. وعند حدوث ذلك ترتبط الوصلات بأطراف وأعضاء الجسم المختلفة. ولذلك فإن كل جزء من الجسم يمثل في بعض أجزاء من المخ. وبنهاية الشهر الثالث يمكن تمييز أجزاء المخ المختلفة، حيث يمكن تمييز المخ والمخيخ والنقي "نخاع العظم" أو النسيج الداخلي من الأعضاء بوضوح.
وجدير بالذكر فإن ما أشير إليه ما هو إلا وصفًا موجزًا غير كامل لقليل من البناءات التي تتكون خلال الفترة الجنينية، ويجب أن نؤكد مع ذلك أن هذه البناءات بأجمعها غاية في الدقة والصغر، حيث نجد أنه بنهاية تلك الفترة فإن الجنين بأكملة لا يلغ طوله أكثر من بوصة واحدة تقريبًا، وفي المرحلة التالية فإن الجنين يحصل على الحجم الذي سيكون عليه عند الميلاد.