الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِحَالنا، قال: فلا تَفْعَلا، إذ أتيتما مسجد جماعةٍ .... الخ. (يعنى بهر بهى نهين) يعني: لا تفعلوا وإن كنتم صلَّيتم في بيوتكم، فالفاء في هذه المواضع كلِّها في محل الإِنكار.
والجواب الصواب عندي: أنه لا تمسُّكَ للشافعية في هذه الأحاديث، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا سَبَقَ منه الإنكار مرةً دَلَّ على أنه لم يَرْضَ به. نعم لم يَتَعاقَبْ عليه فيما بعد، وأي حاجةٍ إلى التعاقُب إذا أنكر عليه مرةً، وهذا كما رُوِيَ عن عائشةَ رضي الله عنها عند النَّسائي، في قصة حجة الوداع:«إني صُمْتُ يا رسول الله، وأفطرتُ، وأتممتُ فَقَصَرْتُ، فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أحسنتِ يا عائشة» رضي الله عنها، مع أنه لم يَثْبُت الإتمام عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وخلفائه في السفر ولو مرةً، حتَّى تأوَّل فيه عثمان رضي الله عنه وأتمَّ، فهذا نحو مسامحةٍ وإغماضٍ عمَّا صَدَرَ منها، وهي لا تعلم المسألة، لا أنه استحسانٌ منه وإباحةٌ لِمَا فَعَلَتْهُ.
وأصرح حُجَّةً لنا في عدم قضاء سنة الفجر بعد الفرض ما أخرجه أبو داود في باب المسح على الخفين، وفيه:«فلما سلَّم - عبد الرحمن بن عَوْف - قام النبيُّ صلى الله عليه وسلم فصلَّى الركعة التي سُبِقَ بها، ولم يَزِدْ عليها شيئًا. اهـ. والظاهر أنه أراد نفي السنة، لا نفي سجدة السهو وإن بوَّب به أبو داود. وحينئذٍ تأيَّد شرح قوله: «فلا إذن» من جهة صاحب الشرع نفسه.
663 -
قوله: (يُقَال له مالك بن بُحَيْنَة) وهو خطأٌ قطعًا، لأن بُحَيْنَة ليست أم مالك، بل هي زوجته، وليس مالكٌ صدابيًا، فإنه لم يُسْلِم، ومات في الجاهلية، نعم ابنه عبد الله صحابي، وبُحَيْنَة أمه، فينبغي أن يُرْسَم الابن بالألف، ويُقْرأ مالك بالتنوين هكذا: عبد الله بن مالكِ ابن بُحَيْنَة، ليكون مالك أبوه، وبُحَيْنَة أمه، وهذا هو الصواب، وكان المناسب للبخاري أن يُنَبِّهَ عليه.
39 - باب حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ
664 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الأَسْوَدُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا، قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ، فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» . فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِذَا قَامَ فِى مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» . فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى، فَوَجَدَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّى أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِىَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ. قِيلَ لِلأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلَاتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ. وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِى بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى قَائِمًا. أطرافه 198، 665، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 15945
665 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ لِى وَهَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لَا. قَالَ هُوَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. أطرافه 198، 664، 679، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - تحفة 16309 - 170/ 1
يريد به تحديد المرض المرخِّص لترك الجماعة، ويمكن أن يُرَاد به الإيماء إلى تحديد المسافة أيضًا، أي بكم مسافة يأتي المريض، والظاهر هو الأول.
واعلم أنه قد مرَّ الكلام في شركة النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصلوات بعدما ثَقُلَ عليه، فقال البيهقيُّ: إنه لم يشهد سبع عشر صلاة إحداها عشاء يوم الخميس، وأخرى فجر يوم الاثنين، والتزم أنه صلى الله عليه وسلم كان لاحقًا في فجر الاثنين
(1)
وقد دَخَلَ في ظهرٍ من تلك الأيام أيضًا. وتَبِعَهُ الزيلعيُّ في ذلك. واختار الحافظ غيبته خمسة أيام، كما يَلُوح من حديث مسلم، وقد مرَّ الجمع بينهما، ولم يُسَلِّم الشركة إلا في ظهرٍ من تلك الأيام. وعندي ثبتت شركته في أربع صلوات، ولا أدَّعي أنها كانت متواليات.
664 -
([أَسِيفٌ] نرم دل جو مغموم رهتاهو).
قوله: (صواحب يوسف) ولمَّا كانت عائشةُ رضي الله عنها تُضْمِرُ في نفسها أن لا يَتَشَاءَمَ الناس بأبيها، ولم تكن تُظْهِرُه بلسانها، شَبَّهها بصواحب يوسف، حيث كُنَّ يَكْتُمْنَ ما في قلوبهن أيضًا، ويُبْدِينَ غيره، فَيَلُمْنَ زَلِيخَا على حبِّها يوسف عليه السلام.
664 -
قوله: (فخرج يُهَادَى)
…
الخ. يقول الحافظ رحمه الله تعالى إنه لم يَخْرُج في تلك الصلاة، بل خَرَجَ في ظُهْرٍ من تلك الأيام، ويَلْزَمُه نقض السلسلة. قلتُ: بل خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذه العشاء، كما هو ظاهر السياق ولا حاجةَ إلى النقض.
قوله: (حتى جَلَسَ إلى جَنْبِهِ
…
وزاد أبو معاوية: عن يَسَار أبي بكر رضي الله عنه وهذا هو الصحيح، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إمامًا في تلك الصلاة، وهذا هو موقف الإمام إذا كان خلفه، رجلٌ وكان أبو بكر عن يمين النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو موقف الفرد من الإمام. وعند ابن ماجه:«جلس إلى يمينه» ، وهو غلطٌ، وهذا الحديث عندي من اثني عشر كتابًا، ويلزم عليه: إمَّا مخالفة موقف الإمام، أو كونه صلى الله عليه وسلم مأمومًا، وكلاهما خلاف الواقع. وفي حديث ابن ماجه:«أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخذ القراءة من حيث تركها أبو بكرٍ رضي الله عنه» ، فلا أقل من أن تَفُوت عنه بعض الفاتحة، فتمسَّكْتُ منه على مسألة الحنفية، وبيَّنته مُفَصَّلا في رسالتي بالفارسية.
بقيت مسألة الاستخلاف، فهي محمولةٌ عندي على خصوصيته صلى الله عليه وسلم على ما مرَّ: أنه لا
(1)
قلت: ولي فيه تردد منذ زمان، وما فهمته إلى الآن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.