الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهْبٍ قَالَ رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلاً لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قَالَ مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِى فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عليها. طرفاه 389، 808 - تحفة 3329
دخل في مسألة التعديل وبدأها من الركوع على هيئته في الصلاة وهو عبارة عن تبدل الحركة بالسكون وعود كل عضو إلى مكانه.
120 - باب اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِى الرُّكُوعِ
وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِى أَصْحَابِهِ رَكَعَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ.
121 - باب حَدِّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالاِعْتِدَالِ فِيهِ وَالاِطْمَأْنِينَةِ
792 -
حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رُكُوعُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. طرفاه 801، 820 - تحفة 1781
قوله: (والاطمأنينه)، والصحيح كما في الهامش: والطمأنينة. وحدُّ الإِتمام غير مُنْضَبِطٍ.
792 -
قوله: (ما خلا القيامَ والقعودَ قريبًا من السَّوَاء)، فجعل الراوي ههنا التسوية بين المواضع الأربعة: الركوع، والسجود، والقومة، والجلسة. واستثنى القيام والقعود، لأنه ثَبَتَ التنوُّع في قيامه جدًا، فتارةً جَعَلَه أطول من أطول، وأخرى قَصَرَه حسبما دَعَتْهُ الحاجةُ، بخلاف تلك المواضع الأربعة، فإنها كانت على شاكلةٍ واحدةٍ غالبًا. وعند مسلم ما يَدُلَّ على التسوية بين القيام والقعود، وبين هؤلاء الأربعة بدون استثناء، والظاهر أنه مسامحةٌ. والتسويةُ راجعةٌ إلى الأربعة فقط، ولا حاجةَ إلى تأويل ألفاظ الرواة عند ظهور المراد جُمُودًا على لفظهم فقط، ومن تأوَّل فيه أراد منه التناسُب، أي: إن كان قيامه طويلا، فسائرُ الأفعال أيضًا كانت طويلةً بحَسَبِهِ، وإن كان قصيرًا، فسائرُها أيضًا كذلك. والأرجح عندي كما في «صحيح البخاري» .
122 - باب أَمْرِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِى لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ
793 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عليه السلام فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» . ثَلَاثًا. فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِى. قَالَ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِى صَلَاتِكَ كُلِّهَا» . أطرافه 757، 6251، 6252، 6667 - تحفة 14304 - 201/ 1
793 -
قوله: (ارْجِعْ فَصَلِّ) وعُلِمَ منه: أن الصلاةَ إذا اشتملت على كراهة التحريم وَجَبَت إعادتها، ومقتضاه أن تجب الإِعادةُ على من ترك الجماعةَ، وصلَّى في بيته مُنْفَرِدًا، فإِن الجماعةَ واجبةٌ، فإذا تَرَكَهَا وَجَبت إعادتُها. وتردَّد فيه ابن عابدين الشامي، لأنه إن قُلْنَا بوجوب الإِعادة، فلا فائدةَ فيه لأنه إن يُعِدْها يُعِدْها مُنْفَرِدًا. وإن قُلْنَا بعدم وجوبها، يَلْزَمُ نقض الكلية.
قلتُ: ولي جَزْمٌ بأنه لا يعيدها، والكلية فيما كانت في الإِعادة فائدة. ولا تمسُّك فيه على فرضية التعديل، لأن الأمر بالإِعادة ليس مبنيًّا على فرضيته، كما زَعَم، بل أمكن أن يكون ضربًا من التعزير، وهو الظاهر من الأمر بإِعادة عمل عمل عمله مرةً. وحينئذٍ لم يَبْقَ فيه دليلٌ على ما راموه. فأمعن النظر فيه، فإِن المعاني تختلف باختلاف الاعتبارات، وذلك عند أهل العرف كثيرٌ.
ثم اعلم أن حديثَ مُسِيء الصلاة لا يرويه إلا أبو هريرة ورِفَاعة بن رافع. وفي جملة طُرُق حديث أبي هُرَيُرَة رضي الله عنه: «ثم اقرأ ما يتسَّر معك من القرآن» .
وتمسَّك منه الحنفية على عدم ركنية الفاتحة. قلتُ: وهذا ليس بصحيحٍ، لأن الفاتحةَ وإن لم تكن رُكْنًا، لكنها واجبةٌ عندنا أيضًا. والسياقُ سياقُ التعليم، فلو فرضنا أنه لم يعلِّمه الفاتحة يَلْزَم درج كراهة التحريم في سياق التعليم، ولا يجوز أصلا، مع أنها مذكورةٌ في حديث رِفَاعة صراحةً، وإن كانت مجملةً في حديث أبي هُرَيْرَة، على أن التيسيرَ مُعْتَبَرٌ في الطول، لا في العرض، كما مرَّ تقريره في المقدمة.
وحاصله: إن الله تعالى لمّا عَلِمَ الاستثقالَ عليهم في القيام بالليل، رخَّص لهم أن لا يطوِّلوه كما كانوا يفعلونه في الليل كلِّه، أو أكثره، بل لهم أن يقوموه حسبما تيسَّر لهم. فهذا تيسير في حصص الليل، لا في الفاتحة كما فَهمُوه، ثم أقول: إن قوله: «ثم اقرأ ما يتسر معك من القرآن» ، ليس بناء على ركنية الفاتحة، بل لكون الرجل بدويًا أعرابيًا لا يدري أنه كان عنده شيءٌ من القرآن، أم لا. وحينئذٍ ينبغي أن يكون التعبيرُ هكذا، ولذا قال:«وإلاّ فاحمد الله، وكَبِّرْهُ» ، فدَلَّ على أنه كان ممن لا يُسْتَبْعَدُ منه أن لا يكون عنده قرآنٌ أصلا، وإذن لا يُلائِمُه أن يأمره بالفاتحة والسورة تفصيلا، وإنما الأَلْيَقُ بحاله الإِجمالُ، فيقرأ بما يَقْدِرُ، ولذا ورد عند الترمذيِّ:«فإن كان معك قرآن»
…
إلخ. وتُرَاك فَهِمْت الآن حسن التعبير.
قوله: (حتى تَطْمَئِنَّ راكعًا)، وفي حديث أبي حُمَيْد الساعدي حتى جعلنكا فقار مكانه، ومنه يَعْلَمُ قدر التعديل، وقدَّره فقهاؤنا بتسبيحةٍ، وما وراءها فسنةٌ.
قوله: (ثم افعل ذلك في صلاتك كلِّها) تمسَّك به الشيخ ابن الهُمَام على وجوب الفاتحة في الأُخْرَيَيْن أيضًا، واختاره
(1)
العيني رحمه الله تعالى. والمشهور أنها مستحبةٌ لِمَا ثَبَتَ عن عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما: «أنهما كانا يُسَبِّحان في الأُخْرَيَيْن» . وقوَّى ابن أَمير الحاج
(1)
قلت: قال الشيخ رحمه الله تعالى: إن العيني رحمه الله تعالى إنما اختار الوجوب في شرح البقخاري بحثًا فقط، وإلا فهو قائل بالاستحباب. هكذا أتذكر عنه، والله تعالى أعلم بالصواب.
في «شرح المنية» الاستحباب. وعن الحسن بن زياد بالوجوب، نحو ما اختاره الشيخ. ويمكن الجواب عن استدلاله بأن قوله: «ثم افعل
…
» إلخ لا يَرْجِعُ إلى القراءة وإن جعله الشيخ محطًّا، بل المحطُّ عندنا هو التعديل، لأنك قد علمت فيما مرَّ أن هذا الرجل قد كان خفَّف في صلاته وترك التعديل، كما في لفظ الترمذي:«فأَخفَّ في صلاته» . وإذن التَّبَادُرُ أن أمره يَنْصَرِفُ إلى ما قَصَرَ فيه، لا إلى القراءة. ثم ذكر له بعض الأشياء تكميلا وتتميمًا، وجعل الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى محطِّه الفاتحة وسورة.
ثم إن كنت سَمْحًا تَقْدِرُ أن لا تُنَازِعَ المُخَاطب قبل أن تفهم كلامه، فاعلم أن الأمرَ لمطلق الطلب عندي، فيندرجُ تحته الوجوب والاستحباب معًا، لا على طريق القول بعموم المجاز، ولا الجمع بين معاني المُشْتَرك، بل على ما هو رأي المَاتُرِيدِي. فإِن الأمرَ - مثلا - اضرب حكايةٌ من قوله: افعل فعل الضرب، ونحو: صلِّ حكايةٌ من قوله: افعل فعل الصلاة. وحقيقةُ الصلاة لا تختلف بين الفريضة والنافلة، فتتناول كِلْتيهما، وهكذا الصومُ والحجُّ كلُّه يتنوَّع وينقسم إلى الفريضة، والواجب، والمندوب مع اتحاد الحقيقة في كلِّها. فإذا وُسِّع التفصيل في المحكي عنه مع اتحاد العبارة، فليكن في الأمر أيضًا. كيف، وهو حكايةٌ عنه فكما أن الفريضةَ، والواجبَ، والمستحبَ كلَّها تدخُلُ في لفظ الصلاة بدون تكلُّف، كذلك فلتدخل كلُّها في الأمر، ويكون الأمر لطلب تلك الحقيقة فقط على صفتها التي في الخارج. وليس هذا من الجمع بين معاني المُشْتَرَك في شيءٍ، بل هو طلبٌ للحقيقة المختلفة بحَسَب الأنواع.
فالتنوُّع في الأمر ليس من قِبَل نفسه ومدلوله، بل من جهة اختلاف تلك الحقيقة، فإِن كانت واجبةً يكون طلبها أيضًا واجبًا، وإن غيره فغيره. وهل يَلْصَق بالقلب أن مِصْدَاق قوله تعالى:{صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] هو الصلاة التي صلَّى عليه مرةً في عمره، والباقية خارجة عن مِصْدَاقه، بل الأمر فيه لطلب مطلق الصلاة على النبيِّ: إن كانت واجبةً فوجوبًا، وإن كانت غيره فغيره. وليس هذا الاختلاف من جهة الأمر، بل لاختلاف تلك الحقيقة بعينها. وإذا فَهِمْتَ أن اللفظَ الواحدَ يُطْلَقُ على الأنواع المختلفة في زمانٍ واحدٍ، ولا يكون ذلك عندهم مجازًا، ولا جمعًا بين معاني المُشْتَرَك، فكذلك الأمر لطلب هذه الحقيقة، وإن اختلفت بحَسَب العَوَارِض.
فاعلم أن قوله: «افعل في صلاتك كلِّها» أيضًا يتناول الوجوبَ والاستحبابَ، فمعناه: أن اقرأ القرآن في كلِّ الصلاة، فمتى كان واجبًا فوجوبًا، ومتى كان مستحبًا فاستحبابًا. وحينئذٍ جاز أن تكون القراءةُ واجبةً في الأُوَلَيَيْنِ، ومستحبةً في الأُخْرَيَيْن مع دخولها تحت أمرٍ واحدٍ، ولا يَثْبُت ما رامه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله. أمَّا دخول الأنواع المختلفة تحت لفظٍ واحدٍ، فالاتحاد حقيقة الفرض والنفل، وإنما الفرقُ من حيثُ لُحُوق الأمر وعدمه، وذلك من العَوَارِض، فلا تختلف بها الحقيقةُ. وأَبْعَدَ من ذهب إلى تبايُن تَيْنِكَ الحقيقتين، وقد قرَّرناه من قبل، والتفصيل في «فصل الخِطَاب» . وبعد، فلي بعض تردُّد في استحباب القراءة في الأُخْرَيَيْن