الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - باب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ» .
399 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ) فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ - وَهُمُ الْيَهُودُ - مَا وَلَاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ. أطرافه 40، 4486، 4492، 7252 - تحفة 1804
400 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإِذَا أَرَادَ الْفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. أطرافه 1094، 1099، 4140 - تحفة 2588
هذا البابُ مأخوذٌ مِنَ القرآن.
قوله: (حيث كان) ما المراد منه حيث كانت قِبْلَة، أو حيث كان مسقتبِلا، وعند أبي داود في روايةٍ ما يدل على أنَّه ينبغي له أَنْ يَتَوَجَّهُ إليها عند التحريم ثم يُرْسِل دابتَه على الطريق تسير حيث شاءت، ووسع فيه الحنفية فلم يَشْتَرِطوا الاستقبال عند التحريمة أيضًا.
ثم إني ترددت في رسالتي أنَّ قَلْبَ الصلاةِ التحريمة أو موضع التأمين. والاهتمام في الشرع وإنْ كان بالتحريمة لكن القلب هو الثاني لأنَّ الأجر في إدراك التحريمة أجر المبادرة إلى الصلاة، أما مغفرة الذنوبِ بما تقدم وما تأخر ففي إدراك التأمين هو القلب والله تعالى أعلم.
بقي إدراك الركعة بإدراك الركوع فليس لكونه قلبًا باعتبار أنَّ إدراكَ الرَّكعة إلى أي جزء منها فهو لقاصرِ الهمَّةِ إذ لم يُوَفَّقْ لإِدراكِ التأمين وفات عنه، ثم دَخَلَ في الرُّكوعِ، عَدَّهُ الشرع مُدْرِكًا للركوع، ولذا كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: لا تسبِقْني بآمين. (عند مالك رحمه الله تعالى) فكان يهتم بآمين ما لم يكن يهتم بالفاتحة. ومن الناس مَنْ زَعَمَهُ قائلا بالقراءة خَلْفَ الإِمام، مع أنه يراعي آمين ولا يبالي بالفاتحة لأنه صحابي يَعْلَم أَنَّ آمين هو الطابع، أما الفاتحة فقد كَفَى عنه إمامهُ بخلاف آمين، فإِنه وظيفتُهُ، ولا ينوب عنه إمامه.
قوله: (قال أبو هريرة رضي الله عنه
…
إلخ قطعةٌ مِنْ حديثٍ طَوِيلٍ في مُسيء الصلاة.
قوله: (فَتَحرَّف القَوْمُ) لا يُقالُ إنَّه نَسْخٌ فكيف عملوا بخبر الواحد. لأنا نقول: أصلُ الخبرِ قطعي، نعم بلوغه بطريق ظنِّي، فالظنُّ في الطريق لا في الناسخ، وإنَّما لم يُؤثر فيه ظنِّية الطريق
لأنه كان عندهم ذريعة التحقيقِ، وأمكن لهم تبين الحال بذهابهم إلى المدينة، فالأصلُ أنَّه لا بَأْسَ بالعَمَلِ على الظنِّي إذا كان قطعيًا مِنْ أصله، ولذا لم يُشْتَرط في تبليغ الدين عدد التواتر عند أحد، ولا يُسَوَّغُ لكافرٍ أَنْ يقول إنَّ دينَكُم وَإِنْ كان قطعيًا في نفسه لكنه لمّا لم يَبْلُغ إليّ إلا مِنْ أخبارِ الآحادِ فلا يكون حجةً ملزمةً. ولم يَكْتُبه الأصوليون، وإنما تنبهتُ له. وقد ذكرته في «نيل الفرقدين» و «إكْفَارُ الملحدين» ، وقد مرَّ هذا البحث في المقدمة فَرَاجعهُ مع بيان أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا تَكَفَّل بإِخبارِهم لزِم أَنْ تصحَّ صلواتُهم التي صلَّوْها إلى بيت المقْدِس قَبْلَ بلوغِ الناسخ إليهم. وقد فَرَغْنَا من تحقيق أَنَّ النَّاسِخَ نَزَلَ في صلاةِ الظهر أو العصر، وصرح الحافظ بُرْهَان الدين الحلبي الحنفي في شرح البخاري: أَنَّ التَحْوِيلَ كان في ركوعِ الرَّكعة الثالثة. وقد كان «تيمر» حَرَق كتبه وتصانيفه.
واعلم أن الواو في «تيمور» إنِّما هو على مذهبِ مَنْ يرسمون الإِعراب بالحركاتِ في صورة الحروف.
قوله: (هشام) بن عبد الله وهذا هو الذي تُوفي محمدٌ رحمه الله تعالى في بيته، وفي هذا اليوم تُوفي الكِسَائي رحمه الله تعالى أيضًا، وكان محمدٌ رحمه الله تعالى قاضيًا في الرَّقَّة، ولما بَلَغَ الرشيد قال: دفنا اليوم الفقه والنحو معًا.
*أَسِفْتُ على قاضي القُضَاةِ محمدٍ
…
وأذريتُ دمعي والفؤادُ عميدُ
*فَقُلْتُ إذا ما أَشْكَلَ الخَطْبُ مَنْ لنا
…
بإيضاحه يومًا وأَنْتَ فَقِيْدُ
401 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا أَدْرِى زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِى الصَّلَاةِ شَىْءٌ قَالَ «وَمَا ذَاكَ» . قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِى الصَّلَاةِ شَىْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِى، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» . أطرافه 404، 1226، 6671، 7249 - تحفة 9451 - 111/ 1
401 -
قوله: (لا أدري أزاد أو نَقَصَ) وسيأتي في البابِ الذي بعده أنَّه جَزَمَ بالزِّيَادةِ، فلعله شَكَّ فيه مرةً وجَزَمَ به أُخْرَى.
قوله: (فليتحرَّى الصَّوَابَ) والمسألةُ عندنا فيمن عَرَضُه الشَّك أَوَّلَ مرةٍ أَنْ يَسْتَقْبِلَ، وإلا تَحَرَّىَ وعَمِلَ بِغَلَبَة الظنِّ، وإلا أَخَذَ بالمُتَيَقَّنِ وهو الأقل وتفصيله في الفقه، وعند الشافعية يَأْخُذ بالأقل في جميعِ الصُّورِ.
ثمَّ اختلفَ مشايخُنَا في إيجابِ سجدةِ السَّهْوِ في الصَّورَة الثانية، ففي «الجوهرة النَّيِّرَة» و «رَدِّ المحتار» نقلا عن «السراج الوهاج» أنَّه لا يسجدها وهو الأقرب، والأكثر إلى أنَّه يسجدها كما في «الفتح» . وأما في الصورة الثالثة فيسجد للسهو قطعًا.