الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغصنُ ففعل، فلما جاء هناك مرَّةً أخرى بعد خمس وأربعين سنة خَفَضَ رَأْسَهُ فَسُئِلَ عنه، فقال هناك شجرة، فقيل له ليست هناك شجرة ولا شيء، فَنَزَل الشَّاطبي مِنْ مَرْكَبه وَزَعَم أنَّه ساء حِفْظه فلا ينبغي له رواية الحديث، فَدَعى الناس عن هذا المَوْضِع وَسَأَلهم عن الشَّجرة فقال له شيوخهم: إنَّه كان به شَجَرة ولكنَّها قُطِعَت، فاطمأنَّ به ثُمَّ مضى لحاجته. ولذا قُلْتُ إِنَّ معنى ما رُوي عن سُفْيَان حين سأل عن تَرْك ابن عمر رَفع اليدين، فأنْكَرَهُ أي لم يعرفه، فأي بأس فيه إنْ لم يَعْرِفه سُفْيَان فقد عَرَفه الناس وليس معناه أنَّه نَفَاه.
قوله: (والوادي) وهو الذي سال السيلُ منه الرآبِ وبقي الحَصْبَاءُ تَلُوح. وهو البَطْحَاء.
قوله: (قال ابن شِهَاب) وهذا تحويل مِنْ آخَرِ السَّنْد على خلاف طريق الآخَرِين، ووجهه أنَّ سائرَ المصنِّفين يُخَرِّجُون جميعَ أسانيدِ الحديث في بابٍ واحد، فيحولون في ابتداءِ الإسنادِ بخلافِ المصنِّف رحمه الله تعالى فإنَّه يَقْطَعُ الحديثَ الواحد في أبوابٍ متفرقةٍ بِحَسَب المناسبات فيكون التحويلُ عندهُ في آخره.
47 - باب التَّيَمُّنِ فِى دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى.
426 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِى شَأْنِهِ كُلِّهِ فِى طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ. أطرافه 168، 5380، 5854، 5926 - تحفة 17657
أي التيامنُ وراجع له النَّووي.
426 -
قوله: (في شأنه) أي شُغْلِه وترجمته في الهندية دهتدا.
قوله: (في طُهُورِه وتَرَجُّله) وفي «شرح الوقاية» أنَّه كان عادةً لا عبادةً، وإلا فالمواظبة تُفيد السُنِّية، فَفَرْقٌ بين التعبُد والتعود.
48 - باب هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ
؟
لِقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» . وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ فِى الْقُبُورِ. وَرَأَى عُمَرُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ الْقَبْرَ الْقَبْرَ. وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ.
427 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أطرافه 434، 1341، 3873 - تحفة 17306 - 117/ 1
وعلَّلَه المصنِّف رحمه الله تعالى بقولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ اللَّهُ اليهودَ والنَّصارى اتخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجد» .
واخْتَلفوا في وجه تعليله بالحديث:
فقال الكَرْماني: إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَصَّصَ اللَّعْنَ باتخاذِ قُبور الأنبياء مساجد وَمَنْ في حُكْمِهم كالصالحين من أمتهم، دلَّ على جواز اتخاذ قبور المشركين مساجد بعد نبشها.
قلتُ: وكأنَّه فَهِم أَنَّ اليهودَ والنَّصارى إنما لُعِنوا لأنَّهم كانوا يَنْبُشونُ قبور أنبيائِهم، ثُمَّ كانوا يبْنُون عليها المساجد فَلُعِنُوا لكونِهِ توهينًا لهم، وهذا المعنى لا يُوجد في نَبْش قُبور المشركين، فيجوز نَبْشُها واتخاذ القبور عليها لانتفاءِ المَنَاط.
قلتُ: هذا باطل قطعًا فإنَّ اليهودَ والنَّصارى لم يفعلوه قَطْ، ولكنَّهم كانوا يَبْنُون عليها المساجد مع إبقائِها على حالِهَا تبركًا بهم، وحينئذٍ مناط اللعنةِ هو التشبه بالعبادة.
وقال الحافظ رحمه الله تعالى في وجه التعليل به: إِنَّ الوعيدَ يتناولُ من اتخذ قُبورَهم مساجد تعظيمًا، وَمَنِ اتخذ أمكنة قبورهم مساجد بِأَنْ تُنْبَش وتُرْمَى عظامُهم، فهذا يَخْتَصُ بالأنبياء ويلحق بهم أتباعهم. وأما الكفرة فإنَّهم لا حَرَج في نبشِ قبورهم إذ لا حرج في إهانَتِهم.
قال الطيبي: وأما من اتخذ مسجدًا بجوارِ صالحٍ بحيث يَبْقَى قبرُهُ خارجَ المسجد، وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا بأس به ويُرْجَى فيه النفع أيضًا.
427 -
قوله: (وما يكره)
…
إلخ وعندي مِنْ تبعيضية في جميع المواضع، وفي «الجامع الصغير» أنَّه لو صلى إلى قبرٍ كُرِه، وإنْ وَضَعَ سُتْرَة بينه وبين القَبْرِ ارتفعت الكراهة.
قوله: (رَأَيْنَها بالحبشة) والهجرةُ إلى الحبشةِ وَقَعت مرتين بل ثلاث مِرَار، ولعلهما ذهبتا إليها في هجرةٍ ولم تكونا دَخَلَتَا في نِكاح النَّبي صلى الله عليه وسلم فلمَّا نَكَحهما النبي صلى الله عليه وسلم ذكرتا له القِصَّة.
428 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ، فِى حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَأَقَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِى النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِى السُّيُوفِ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِى أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّىَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّى فِى مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِى النَّجَّارِ فَقَالَ «يَا بَنِى النَّجَّارِ ثَامِنُونِى بِحَائِطِكُمْ هَذَا» . قَالُوا لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَاّ إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ أَنَسٌ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ
«اللَّهُمَّ لا خَيرَ إِلا خَيرُ الآخِرَهْ
…
فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ» أطرافه 234، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 - تحفة 1691
428 -
قوله: (فَنَزَل أعلى المدينة) يعني لم يَدْخل في المدينة وَذَهَبَ مِنْ أعلاه إلى قُبَاء، والأصوب أَنَّه دَخَلَ المدينةَ الثامنة مِنْ ربيع الأول.
قوله: (بنو عمرو بن عوف) فعمرو بنٌ لعوف وليس ابن عوف بدلا عن عمرو، وهكذا يكون في أنساب الجاهلية بخلافه في الإِسلام، فَإِنَّه يكون بدلا ومبدلا منه في الأكثر. كعبد الله بن مُبَارك، فإنَّ ابنَ المُبَارك بَدل عن عبدِ الله، وذلك لأنَّه لم يَكُنْ للرُّواة عباءة بِذكْرِ أسمائهم وكِنَاهم بخلاف مَنْ كان أهلَ إِسلام فَإِنَّهم يُذُكَرون بأسمائهم وكُنَاهم ليُعْرَفوا ويُوَقَّروا ويُجَلُّوا بين النَّاس وليس كذلكَ الكُفَّار.
قوله: (أربعًا وعشرين) وفي الهامش أَرْبَعَ عَشْرَة ليلة، قال الحافظُ رحمه الله تعالى: وهو الصحيح. قلتُ: وهذه النُّسخة مِنْ أَجُوَدِ النُّسَخ إلا أنَّ الآفَةَ فيها أنَّ النُّسَخ المرجوحة فيها في الصلب والراجحة في الهامش، ثم إنَّ الجمعةَ فُرِضَت بِمَكَّةَ ولم يَتَمَكَّن النبي صلى الله عليه وسلم على إقامتِها حتى ورد المدينةَ فأقامَ بها، وفيه استدلالٌ للحنفيةِ رحمهم الله تعالى اشتراط المصر حيث لم يَجْمع النَّبي صلى الله عليه وسلم في قُبَاء مع قِيامه أَرْبَعَ عَشْرَةَ يومًا، وأولُ جُمُعَةٍ أقامَها حين ورد المدينةَ في محلَّتِهَا كما في الرِّوايات، وأولُ من استدلَّ به المولوي فيضُ عالم الهزاروي.
قوله: (فجاءوا مُتَقَلِّدِين السيوف)
…
إلخ وهذا على عادتهم عند ذهابهم إلى أَحَدٍ من عُظَمَائِهِم.
قوله: (حتى أَلْقَى بِفَنَاءِ أبي أيوبَ) واعلم أنَّ التبع حين كان وَرَدَ المدينةَ قال له حَبْرٌ من اليهود إنَّ هذه مهاجر خاتم الأنبياء عليهم الصَّلاة والسلام فلا تُقَاتَل ههنا، فَبَنَى بيتًا للنَّبي صلى الله عليه وسلم وَأَوْصَى به أَنْ يكونَ له حين يُبْعَثُ ويهاجِرُ إليها فكان في يد أبي أيوب ولذا بَرَكت به راحلته بفنائه.
قوله: (ثامنُوني) وكان هذا الحائطُ ليتيمينِ في حِجْر زُرَارَة رضي الله عنها فلينظر فيه أنَّه هل يجوز للولي التصرف في عَقار الأيتام أم لا؟ أما التصرفُ في المنقولاتِ فَأَجَازَهُ الفقهاء، وليراجع الفقه للعقَار، ولعلَّه أيضًا جائز في بعض الصُّور.
قوله: (فصفوا النَّخْلَ) وفَهِمَ الحافظُ رحمه الله تعالى: أنَّ النَّخْلَ كانت في الجدار القِبْلي بين اللَّبِنِ والطين، وفَهِمَ السمهوري أنها كانت عمودًا في الحصة المُسْقَفة قِبَل القِبلة. قلت: وهو الأصوب.
قوله: (وهو يقول اللهم لا خير)
…
إلخ قال الأَخْفَش إنَّ الرَجَزَ ليس مِنْ بحور الأشعار، وَعَدَّهُ الباقون منها. أقول: وما قاله الأَخْفَش قوي، لأنَّ الرَجَزَ من أسماء الجاهلية، وترجمتُهُ في الهندية: فقرة بندى - تك بندى وهذا نوع مغاير للأشعار قطعًا، والبُحور في الألسنة كلها خرجت