الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخصوصية، ومن يكون بَعْدَهُ من يُدخل بصلاته نورٌ على أهل القبور. ومرَّ عليه الحافظ وقال: إنَّه مدرج دخلت فيه قطعة من الحديث الآخر، وهو وهم من الراوي.
قلتُ: وإذا كان حديثًا فكيفما كان يكون حجة، وإليه أشار محمد رحمه الله تعالى في الصَّلاة على الغائب، وقال: وليس النَّبي صلى الله عليه وسلم في هذا كغيرِهِ، يعني به الإِشارة إلى الخصوصية وقد ذكرناه.
73 - باب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِى الْمَسْجِدِ
459 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى الرِّبَا، خَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ. أطرافه 2084، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543 - تحفة 17636
أي لا بأس بِذِكْرِ المسألة، وإنْ كانت الخمر خبيثة نجسة لا سيما إذا كان ذُكِرَ تحريمها.
459 -
قوله: (ثُمَّ حَرَّم تجارةَ الخمر) وأما التناسب بين الرِّبا والخمر، فقال تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} وهذا التخبط في الخمر أيضًا، وقيل: لا حاجةَ إلى بيان التناسب، وإنَّما ذَكَرَ الأمرين بيانًا للنَّاس، ثم إنه متى حُرِّم الربا؟ فحرَّرَه الطحاوي في «مشكِله» .
74 - باب الْخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهُ.
460 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً - أَوْ رَجُلاً - كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ - وَلَا أُرَاهُ إِلَاّ امْرَأَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ. طرفاه 458، 1337 - تحفة 14650
قوله: ({ومحرَّرًا}) وهو في الفِقه مَنْ رُفِعَ عنه قَيد الرَّقبة أي مُعْتَقًا، ومعناه ههنا من اختص بأمر وترك لأجله، وكان من عاداتهم النذر بذكور أولادِهم وولدت أنثى فقالت اعتذارًا {رَبّ إِنّي وَضَعْتُهَا أُنثَى} .
75 - باب الأَسِيرِ أَوِ الْغَرِيمِ يُرْبَطُ فِى الْمَسْجِدِ
461 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِى اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِى
سُلَيْمَانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ». قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا. أطرافه 1210، 3284، 3423، 4808 - تحفة 14384 - 125/ 1
لم يكن دار الحبس في زمنه صلى الله عليه وسلم وإنَّما كانوا يشدون بسارية من سواري المسجد ثم بناه عمر رضي الله عنه.
461 -
قوله: (عِفْريت) سركش طاغ.
قوله: (تَفلَّتَ عليَّ) وفي مصنَّف عبد الرزاق: أنَّه كانَ في صورة الهرة، وفي كتاب «الأسماء والصفات» للبيهقي: أنَّه تقدَّم إليه بِشُعْلَةٍ من نارٍ في وجهه صلى الله عليه وسلم.
قوله: (ليَقْطع عليَّ الصَّلاة) إما بالمرورِ بين يديهِ أو إلجائِهِ إلى العملِ الكثير، واختارَهُ في «أحكام المُرجان» للقاضي بدر الدين الشِّبْلي وهو تلميذ الذهبي عالمٌ جليل القدر، إلا أنَّه توفي في شبابه فلم يُشْتَهر بين الناس وَكَتَبَ ترجمتَه أستاذُهُ؛ والقَطْع على الأول على معناه الحقيقي، فإنَّك قد عَلِمت أنَّ بين المُصلِّي وبين ربه جل وعلا وصلة المناجات، فإنَّ المصلي يناجي ربَّهُ، وإنَّ رَبَّهُ بينه وبين القِبْلَة، وإنَّ الرحمةَ تواجِهُه كلُّها عبارة عن تلك الوِصلة، فإِذا مرَّ بين يديهِ فقد قَطَع تلك الوَصْلَة حقيقة، وليس القَطْع بمعنى قَطْع الخُشوع ولا بمعنى الفساد كما حَمَله أحمد رحمه الله في مرور الكلبِ، قال الترمذي في باب ما جاء أنَّه لا يقطعُ الصَّلاةَ إلا الكلبَ والحمارَ والمرأةَ، قال أحمد رحمه الله: الذي لا شك فيه أنَّ الكلبَ الأسودَ يَقْطَعُ الصَّلاةَ، وفي نفسه من الحمارِ والمرأةِ شيء.
قلتُ: وذلك لأنَّ فيهما عِنْدَهُ حديثًا، أما في المرأةِ فما روتْهُ عائشةُ رضي الله عنها «أنَّها كانت تعترض بين يدي النَّبي صلى الله عليه وسلم اعتراض الجنازة وهو يصلي» ، وأما في الحمار فحديث ابن عباس «أنَّه جاء على أتان وأرسلها تَرْتَع بين أيدي المُصلين» وأما الكلب فليس عنده شيء يخالفُ حديثَ القَطْعِ فأبقاه على عمومه، والقطع على الشرح الثاني بمعنى الفساد فإنَّه إذا اضطرَّهُ إلى العمل تَفْسد صلاتُهُ لا محالة.
قوله: (لا ينبغي لأحدٍ من بعدي) واعلم أنَّ المشي في الدعاء والنَّذر يكونُ على الألفاظِ لا على الغرض. والمعنى كما يدل عليه ما في «مسند أحمد» : أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مرةً من عند عائشةَ رضي الله عنها وقال: «قطع اللَّهُ يديك» ، أو كلمة مثلها، فلمَّا رجع رأى يديها شُلتا، فسأل ما بالُ يديها قالت: هي كذلك منذ قلت ما قلت إلخ، أو كما قال. مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يُرِد به قَطْعَ يديها حقيقة، ولكن مشى التكوينُ على عموم ألفاظه فاعلمه، ومن ثمرة دعائه تسخير الجن، ولا بحث للبخاري بكونه جنًا أو غيره فاسْتَدلَّ به على الأسير مطلقًا.
واعلم أنَّه قد بَيّنّا لك في المقدمة أنَّ العامَّ ظني عند ما وراء النهرين مِنْ أصحابِنَا وهو مذهبُ الجمهور، ولا يقومُ حجة ما لم تَتَّصِل به قرائن مِنْ خَارج، فإِذَا وَرَدَ خاصٌ في موضع وشَمِلَه العام أيضًا وتعارض في الحُكْمَين لا يُعتدُّ بهذا العام أصلا ويكون الحكم حكم الخاص،