الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ. طرفاه 245، 1136 - تحفة 3336
وهذا الحديثُ لمّا كان على شَرْطه فكان المناسب له أن يُخَرِّجه في أبواب الوضوء لأنَّه من سُنَن الصَّلاة والوضوء على اختلاف الأصلين. ومع هذا لم يُخَرِّجه فيه وراجع الكلام في أبواب الوُضوء، ومُرادُ الحديث أنّي مأمورٌ بالسّواك ولولا مَخافةُ المشقّةِ لأَمَرْتُكُم به أيضًا كما قد أُمِرْت.
9 - باب مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ
890 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِى هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَأَعْطَانِيهِ فَقَصَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى صَدْرِى. أطرافه 1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 تحفة 16945
ولو بَوَّب به في أبواب الوضوء لكان أَحْسَن، فإنّ هذا البابَ ليس له كثيرُ تَعَلّقٍ مع أبواب الجمعة، وهو جائزٌ عندنا أيضًا إذا لم يُوجِب كراهةً، سِيَّما إذا كان القصدُ تحصيلَ التبرّك وكان المحلّ صالحًا.
10 - باب مَا يُقْرَأُ فِى صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
891 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِى الْجُمُعَةِ فِى صَلَاةِ الْفَجْرِ (الم (1) تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ، وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} طرفه 1068 - تحفة 13647
وفي «البحر» أنّه يَنْبَغي المُراعاة في القراءة للسُّوَر المسنونة.
11 - باب الْجُمُعَةِ فِى الْقُرَى وَالْمُدْنِ
892 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ الضُّبَعِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ. طرفه 4371 - تحفة 6529 - 6/ 2
893 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قال سمعتُ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ» . وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ - وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِى الْقُرَى - هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ. وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ، وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ، فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ - وَأَنَا أَسْمَعُ - يَأْمُرُهُ أَنْ يُجَمِّعَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ - وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . أطرافه 2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138 - تحفة 6989
ولم يُترجم لهذه المسألة إلا البخاريّ وأبو داود.
واعلم أنّ القرية والمِصْر من الأشياء العُرْفِية التي لا تكاد تَنْضَبِط بحالٍ وإن نُصَّ، ولذا ترك الفقهاء تَعريفَ المِصْر على العُرْف كما ذكره في «البدائع»
(1)
، وإنما تَوَجّهوا إلى تحديد المِصْر الجامع، فهذه الحدود كلُّها بعد كونها مِصْرًا. فإِنَّ المِصْر الجامع أخصُّ من مُطْلق المِصْر، فقد يَتَحَقَّق المِصْرُ ولا يكون جامعًا. ورأيتُ في عبارة المتقدّمين أنّهم إذا ذَكروا الاخْتلاف في حدود المِصْر يَجعلونه في الجامع، ويقولون: اختلفوا في المِصْر الجامع الخَ، فَتنبّت منه أنّهم لا يَعْنُون به تَعريفَ مُطْلق المِصْر، والنّاس لما لم يُدْرِكوا أمرَهم طَعنوا في تلك الحدود. فمنها ما قال ابن شجاع: إذا كان أهلُها بحيث لو اجتمعوا في أَكبر مساجدهم لم يَسَعْهم ذلك. فقالوا: إنّه يَصْدُق على أكثر القرى ولا يصدق على المسجد الحرام - أعزّه الله وأدام حُرْمَته - فنقضوا عليه طَرْدًا وعَكْسًا ولم يَتفقّهوا مُراده أيضًا، فإِنَّ هذا التعريفَ ليس للمِصْر بل للمِصْر الجامع.
وحاصله أنّ المِصْر الجامع هو الذي يَكْثُر أهله بحيث لا تَسَعُهم مساجدهم فَيَحتاجون إلى بناء مسجدٍ يَسَعُهم، وهو الذي بناه صاحب «العناية» فقال: قال ابن شجاع: أَحْسَنُ ما قيل فيه إذا كان أهلها بحيث لو اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يَسَعْهم ذلك حتى احتاجوا إلى بناء مسجدٍ آخر للجمعة، وهذا الاحْتِياج غالبٌ عند اجتماع من عليه الجمعة اهـ. فَفَكِّر في لفظ حتى احتاجوا الخ فإِنَّه ليس عند عامّتهم مع أنّه لا يحتاج إليه إلاّ أنّه يُفيدُك في تحصيل المراد. ويُستفاد منه ما قلنا من أنّ الحدّ المذكور فيمن وجبت عليهم الجمعة فاحتاجوا إلى بناء مسجد، لا فيمن لم تجِب عليه الجمعة بعدُوهم بِصَدَد إقامتها فجعلوا يُقدِّرون مساجدهم هل تسعُهم أو
(1)
عن سفيان الثوري: المصْرُ الجامع ما يَعُدُّه النّاس مِصْرا عند ذِكْر الأمْصار المطلقة، كذا في البدائع. وبالجملة الحدود كلُّها رُسومٌ على اصطلاح أهل العقول فهي إذن بالعَوارِض، وتلك تَتَبَدَّل بحسب الأدوار والأعصار، فَلَزِم أن يختلِف تعريفُ المِصْر أيضًا، وليس من قَبيل الحدود المَنْطِقِية لِتَطرِد وتَنعكِس في الأزمان كلها، والله تعالى أعلم بالصّواب.
لا؟ وهذا أيضًا باعتبارِ الأغلب، فإِنَّه وَسِعهم أو لم يَسَعْهم ثمّ لم يَبْنوا مسجدًا آخر فإِنّه لا يَخْرُج عن كونه مِصْرًا، بشرطٍ إن كان مِصْرًا من قبلُ وكانت الجمعة واجبةً عليهم. ولعلك قَطعتَ النّظر عمّا يَقعُ في الخارج ونزلتَ إلى العبارات فقط ولذا وقعتَ في الخَبْط ولو رَاعَيْتَ الحال في الخارج لما تَردّدتَ فيه فإنّهم يفعلون في الخارج كذلك، فإِذا كَثُر أهلُ قريةٍ لم تَسَعْهم مساجدهم فإنهم يحتاجون إلى بناء مسجدٍ يَجْمعون فيه.
وأَوْلى الحدودِ ما رُوي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: كُلّ بلدةٍ فيها سِكَكٌ وأسواقٌ ولها رَساتيق «وترجمته باندى» ، ووالٍ يُنصِف المظلوم من ظالمه، وعالم يُرجَع إليه في الحوادث. وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى وذَكَرَه أصحابُ المتون: أنَّه كلَّ مَوضعٍ له أميرٌ وقاضٍ يُنفِّذ الأحكام ويُقيم الحدود، وهذا الحدّ ناظرٌ إلى ما في «الدُرّ المختار» من كتاب القضاء أنّ المِصْر شرطٌ لِنَفاذ القضاء في ظاهر الرِّواية، فالقضاة لا يُنصَبون إلاّ في المِصْر عندنا، ولذا عَرّف به أصحابُ المتون. فإِن قُلتَ: وعلى هذا يَنبغي أن لا تَجِب الجُمُعات على أهل المِصْر أيضًا في هذا العَصْر لِعَدم صِدْقِ الحدِّ المذكور، فأين القضاة، وأين إقامة الحدود؟ قُلتُ: وقد صَرّح أصحابُنا أن المُلك إذا صار دارَ الحرب يَجْمَع بهم مَنِ اتّفق عليه القومُ، هكذا في المبسوط والشامي.
892 -
قوله: (بِجُواثَي من البحرين) وعند أبي داود قريةٌ من قُرى البحرين، واحْتَجّ به القائلون بإِقامة الجمعة في القرى. قلت: كيف وجُوَاثَي لم تكن قريةً أصلا بل كانت مِصْرًا. وفي الصّحاح: أنّ جُواثًا حِصْنٌ بالبحرين، وهو الذي يُعْلم من أشعار الجاهليّة فيقول امْرُؤُ القَيْسَ:
*وَرُحْنا كأنّا من جَوَاثَي عَشِيّةً
…
نُعاني النِّعاج بين عِدْلٍ ومِحْقَبِ
فإِنَّه يُشَبِّهه حال رُجوعه من الاصْطِياد بحال التّجار عائدين من جُواثَي مَلآنَةٌ أَخْرَاجُهُمْ من أنواع الأمتعة فَعُلم أنّها كانت مَتْجَرًا لهم وكان أَسْلَمَ أهلُها، ثمّ إذا ظهر الارْتِدَاد في قبائل العرب بعد النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حاصَرَهم الكفّار، فقال قائلٌ منهم وكان مَحْصورًا من عَساكِرِ الرِّدة يُخاطِب أبا بكرٍ رضي الله تعالى عنه:
*ألا أبْلِغ أبا بكرٍ سلامًا
…
وفتيانَ المدينةِ أَجْمَعينا
*فهل لكم إلى قومٍ ضِعافٍ
…
قُعودٍ في جُوَاثَي مُحْصَرينا
*كأنّ دِماءَهم في كلّ فَجٍ
…
دماءُ البُدْنِ تَغْشَى النّاظِرينا
ويقول آخر:
*والمسجِدُ الثّالث الشّرْقيُّ كان لنا
…
والمِنْبَرانِ وفَصْلُ القولِ بالخُطَبِ
*أيّامَ لا مِنْبَرَ في الناس نَعْرِفُه
…
إلا بِطِيبَةَ والمَحْجُوجِ ذي الحُجُبِ
يشير إلى المنبر بِجُوائي، أما كونها قرية فهو كما في القرآن:{لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] فأطلقت على مكة أيضًا شرَّفها الله تعالى ثُمّ إن أهل السِّيرَ صرَّحوا بأن هذا الوَفْدَ قد حضر المدينةَ مرتين: مرةً في السنة السادسة، ولعلها واقعةٌ تلك السنة،
وأُخرى في الثامنة، وقَدِّر في نفسك أنه كم تكون البلادُ التي دخل إِليها الإِسلام في تلك المدة. ثم يقول الراوي:«إنَّ الجُمعَة فيهم كانت أولَ جُمعةٍ بعد جُمعةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فلو كانت الجُمُعاتُ تُقام في القُرى الصغيرة، وفي العشرين والأربعين من الرجال كما قالوا. كيف جعلها أولَ جُمعةٍ؟ ألم تكن في تلك المدةِ قريةٌ أسلم من أهلِها عشرون نفسًا؟ فهذا من القرائن الدالة على أن لا جمعةَ في القُرى. ولنا أيضًا ما في البُخاري: «مَنْ أحبَّ أن ينتظرَ الجمعةَ من أهل العوالي فَلْيَنْتَظِر، ومَنْ أَحب أن يرجِع فقد أَذِنْتُ له» .
قوله: (وزاد الليث: قال يونسُ: وكتَب رُزَيْقُ بنُ حُكَيم إلى ابن شِهاب - وأنا معه يومئذٍ بوَادِي القُرَى: هل ترى أن أُجَمِّع؟ ورُزَيقٌ عامِلٌ على أرض يَعْمَلُها وفيهاجماعةٌ من السودان وغيرهم، ورُزَيقٌ يومئذٍ على أيْلَةَ، فكتب ابن شهاب - وأنا أسمعُ - يأْمُرُهُ أن يُجَمِّع) ووادي القُرى في الجانب الغربي من العرب، وهناك قريةُ شُعَيب عليه الصلاة والسلام. ويونس من سكان أَيْلَة.
قوله: (ورُزَيقُ عَامِلٌ
…
إلخ). يعني كان واليًا على أَيْلَةَ، ولم يكن إذ ذاك فيها، بل كان في أطرافها ونواحيها يحييها، فكتب إلى ابن شِهاب من نواحي أيْلَة إلخ.
قلت: أولا: يمكن أن يكون ذلك الموضعُ من فِنَاءِ المِصْر، ولا تحديد فيه عندنا، بل يُصغَّر الفِناء ويكبر بحسب صِغَر المِصْر وكِبَرِه. فقد يكون الفِناء إلى أميال. وقد ألف فيه صاحب «مراقي الفلاح» رسالة ولم تطبع.
ثم إنَّ هذا السائل لعلَّه لم يسأله عن مسألة القرية والمصر، بل عن مسألة أخرى: وهي اشتراط الإِذْن من الأمِير لإِقامة الجمعة. وكام مذهبُ عمر بن عبد العزيز اشتراط الإِذن لها. ولما كان رُزَيقٌ عاملا له على أَيْلَة، زعم أن إذْنه بإقامةِ الجمعة يمكن أن يكون مقصورًا عليها، ولا يتجاوز إلى ما حواليها، فحقِّقها، أَنَّه هل له إذنٌ في إقامة الجُمُعات في حوالي تلك المدينة أَم لا؟ فأجابه أن وِلايَتَك كما انسحبت على أَيْلَة كذلك على ما حواليها أيضًا، فيجب عليك أنْ تتعهد فرائِضَهم وتراعي رعايَتهم، لأنَّ كُلَّكُم راعٍ وكلَّكُم مسئولٌ عن رعيتِه. فتمسَّك بهذا الحديثِ العام.
وحاصل الحديث عندي: أن الإِنسان لا يخلو مِن نحو رعاية، فلو لم يكن له أحدٌ تجِب عليه رعايةُ ويُسأل عنها. ولعلك فهمت منه أن الحديث المذكور لما كان في مسألة الإِذْن، لم يناسب إخراجه في تلك الترجمة، فإِنها في مسألة أخرى، بل هو أقربُ إلى مسألة الاستئذان، لأنه ورد في باب الوِلاية والرعاية لا للفَرْق بين القُرى والأمصار.
وهذا يَدُلّك ثانيًا: أن رُزَيقًا أراد الاستئذان للجُمعة دون إقامة الجُمعة في القرى، كيف وقد ثبت عن عليَ رضي الله تعالى عنه - بإِسنادٍ على شرط الشيخين - عند عبد الرزاق أنه:«لا جُمُعةَ ولا تشريقَ إلا في مِصْر جامع» . والنووي أخرجه بإِسنادٍ ضعيفٍ وحَكَم عليه بالضَّعْف مع أن له إسنادًا يَشْرُقُ كشروق شمس الضحى. وبه يقولُ حُذيفةُ اليماني رضي الله تعالى عنه. وأما أَثَرُ عمر رضي الله تعالى عنه: «جَمِّعُوا حيثُ ما كنتم» فخطابٌ للوُلاة، وكانوا يكونون في الأمصار دون القرى.