الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَقْرًا. فهذه تعبيراتٌ وملاحظاتٌ لا حَجْر فيها، فعبَّر كيف شئت ولا حرج.
19 - باب إِذَا لَمْ يُطِقْ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ
وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى الْقِبْلَةِ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ.
1117 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَتْ بِى بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» . طرفاه 1115، 1116 - تحفة 10831 - 60/ 2
بوَّب بالاضطجاع وتَرَك الاستلقاء، وهو المختار عند الشافعية. ويجوز عندنا الاستلقاء أيضًا. واستدل له الزَّيْلَعِي بما أخرجه النَّسائي، وليس في «صغراه» ، فالظاهر أنه يكون في «الكبرى» ، وفيه الاستلقاء أيضًا. وتمسَّك الشافعيةُ بقوله تعالى:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] حيث اقتصر على الصُّور الثلاثِ ولم يتعرَّض إلى الاستلقاء
(1)
.
قوله: (وقال عَطَاء)
…
إلخ سقط عنه الاستقبال. ثُمَّ في القدرةِ بالغير كلامٌ في كُتُبِنَا، وليراجع له «شَرْحُ الوِقاية» .
1117 -
قوله: (فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْب)
…
إلخ. واعلم أن الصحابي في هذا الحديث، وفي حديث تنصيفِ الأجر - المار آنفًا - واحدٌ، ولكنَّ الظاهر أنهما حديثانِ مختلفانِ لاختلاف مَتْنِ الحديثين. ثم لا يخفى عليك أنَّ الحديث لم يفصل فيه بين مُتنفلٍ ومُفْتَرِض مع أنه لا يأتي إلا على النافلةِ، وعليه فليعتبر قوله:«إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا»
…
إلخ. لم يَسُقْه في الفريضة أو النافلة خاصَّةً، بل أطلقه، فيحملُ على ما لا يخالِفُ قواعِدَ الشَّرْع.
فشاكلةُ حديثِ الجحوش، والسقوط عن الفرس كشاكلةِ أحاديثِ تنصيفِ الأجر، والتخيير بين الصلاة قائمًا وقاعدًا وعلى جَنْب، وشاكلةُ أحاديثِ الائتمام:«إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتمَّ به» . فيبقى بين هذه الأحاديثِ ومسائل جواز القعود وعدمِه عمومٌ وخصوصٌ من وَجْهٍ، قد تجتمعُ في مادة وقد لا تجتمع في أخرى، فعليك أن تَحْمِلها على مَحَالِّهَا، وتأتي البيوتَ من أبوابها. ثم معنى قوله في الحديث:«فإنْ لم تستطع» أي فإن لم ترغب، والمرادُ منه في الفِقْه عدمُ القدرة لا عدمُ الرغبة.
20 - باب إِذَا صَلَّى قَاعِدًا ثُمَّ صَحَّ أَوْ وَجَدَ خِفَّةً تَمَّمَ مَا بَقِىَ
وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ شَاءَ الْمَرِيضُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا وَرَكْعَتَيْنِ قَاعِدًا.
1118 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ
(1)
يقول العبد الضعيف: والجوابُ عنه سَهْل، فإن التمسُّك به ليس من فروع مفهوم المخالف، بل بالسكوت في غير مَعْرِض البيان.
أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى صَلَاةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ رَكَعَ. أطرافه 1119، 1148، 1161، 1168، 4837 - تحفة 17167
وهو مذهبُ الإماام رحمه الله تعالى، خلافًا لمحمد رحمه الله تعالى بناءً على خلافية أُخْرى، وهي اقتداءُ القائم بالقاعد، فإذا لم يَجُز عنده هناك عَدَل عنه في هذه أيضًا. ودلَّ ذلك على شِدَّةِ مراعاتِهِ بين شاكلةِ الإِمام والمقتدي، حتى لم يتحمَّل الاختلاف بينهما في القعود والقيام أيضًا. ومن فروعه عَدَمُ جوازِ اقتداء المتوضىء خَلْفَ المتيمم عنده، ثُمَّ هذا من مراحل الاجتهاد، ويعتبرُهُ المجتهد إلى أيِّ مرتبة شاء.
وأما صلاةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فتنقل على الأَنحاء كلها، وقد صلَّى قائمًا وركع وسجد وهو قائم، وقد صلَّى قاعدًا وركع وسجد كذلك، وقد صلَّى قاعدًا، فإذا بلغ قبيل الركوع قام وركع وسجد وهو قائم. وهذا يُشْعِر بأنَّ الأحبَّ عند الشارع أن يكونَ الركوعُ والسجودُ عقيبَ الكلام، وهذا الذي كنتُ نَبَّهتك عليه: أَنَّ ركوعَ القائم وسجوده أَتمَّ ولذا عَبَّر البخاري رحمه الله تعالى عن رُكوعِ القاعد وسجوده بالإِيماء.
ثُم إنَّ ابنَ شاهين أخرج حديثًا في «كتاب الناسخ والمنسوخ» يدُلُّ على عدم جواز اقتداء المتوضىء بالمتيمم، وادَّعى أنه منسوخٌ. والذي تبين أنَّه من باب الاقتداء بالقاعد، أعني أن الشارع رَغَّب في كونِ حالِ الإمام أقوى من المقتدي، فعليه أن لا يتحرَّى الاقتداء بالمعذور، كالقاعد والمتيمم مثلا، بل ينبغي له أن يكون إمامُهُ على حال قويَ مِثْله. فإذا كان يَقْدر على القيام نَاسَب له أن يكون إمامُهُ أيضًا مِثْلَه، وكذلك إِنْ كان متوضئًا حَسُن أن يكون إمامُهُ أيضًا كذلك. فالنهي عنه مَحْمولٌ على نَهْي التحري عنه والتَطُّلبِ له، وليس فيه مسألةُ الجواز وعدمه، والله تعالى أعلم.
1119 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهْوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِىَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَسْجُدُ، يَفْعَلُ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَى تَحَدَّثَ مَعِى، وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ. أطرافه 1118، 1148، 1161، 1168، 4837 - تحفة 17732، 17709
1119 -
قوله: (فإنْ كُنْتَ يَقْظي تَحَدَّثَ مَعِي) واعلم أنَّ في الكلام بعد سُنة الفجر ضَيِّقٌ عند الحنفية. وثبت عن السلف أنهم كانوا يكرهونه أيضًا، وفيهم أسوةٌ للحنفية، ومَنْ أَراد الاطلاعَ على آثارهم فلييراجع «مصنف» ابن أبي شيبة، نعم ثَبَت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم الكلامَ بعدها، ولا
يُقاس كلامُ أَحَدٍ على كلامِهِ.
1119 -
قوله: (وإنْ كُنْتُ نائمةً اضْطَجَعَ). قال النَخَعي: إن الاضجطاع بِدْعَةٌ .. ثُمَّ نُسِبَ ذلك إلى الحنفية، مع أنه لم يَقُلْهُ مِنَّا أَحَدٌ. والصواب أنَّ الكلَّ ثابتٌ، ولكنه لم يكن من العبادات، بل كان عادةً له صلى الله عليه وسلم فمَنْ أرادَ تحصيلَ الأَجْر في اتباع عاداتِهِ صلى الله عليه وسلم فله في ذلك سلفٌ، فَلْيُحْرِزِ الأَجْر ولا حَرَج. ومَنْ قصد أن يَتَّبع في عباداتِهِ فليفعل، ولْيَحْظَى بما قدر له.
***