الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ». طرفه 1163 - تحفة 12123 - 121/ 1
ونقل ابنُ بَطَّال عن أَهْلِ الظاهرِ وجوبَها، ونَسَبَ إلى البَعْضِ وُجوبَ التهجدِ والضُحى وسُنَّة الفَجْر، فهذه فروضٌ مختلِفة زَادَت على الصلوات الخمسِ، ولكِنْ إذا قال الإِمامُ الأعظم بوجوبِ الوترِ جَلَبوا عليه من كُلِّ جانب وصاحوا.
444 -
قوله: (قبل أَنْ يَجْلِس) والعوامّ يُصَلُّونَها بعد الجلوس مع هذا القيد صَراحة.
61 - باب الْحَدَثِ فِى الْمَسْجِدِ
445 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلَاّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» . أطرافه 176، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 13816
وقد مَرَّ أَنَّ للحنفيةِ فيه قولان، ففي «الكبير» من «الغاية» أنَّه مكروه تحريمًا، وقيل: إنَّه مكروه تنزيهًا، ويجب عندي استثناء المعتكِف وإنْ لم يَكُنْ له نقل.
445 -
قوله: (تُصَلِّي على أحدِكم)
…
إلخ وهذا صريحٌ في إطلاق الصَّلاةِ على غيرِ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام وفي التنزيل: {خُوَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] ذَهَبَ المُفْتُون مِنَ المذاهب الأربعة إلى هجرِها وهكذا ينبغي، فإنَّ لفْظَ الصَّلاةِ صار شِعارًا للأنبياء عليهم الصّلاة والسلام في زماننا، فلا يُصَلَّى على غيرهم إلا أنْ يكونَ تَبَعًا، وما قِيلَ في جوابِهِ إِنَّ الصَّلاةُ في القرآن بمعنى الدعاء فلغو، لأنَّه لا بَحْثَ لنا عن المعنى، وإنَّما الكلام في إطلاق هذا اللفْظِ وهو موجود، ثُمَّ أَقُولُ إنَّ الصَّلاةَ لفظ مُشْتَرك في معانٍ فإذا كان كذلك فللمُفتي أَنْ يُخَصِّص إطلاقات القُرآن ببعضِ المعاني.
445 -
قوله: (ما لم يُحْدِث)
…
إلخ ولعلهم يَدْعون عليه إذا أحدث تأذيًا عن الرائحة الكريهة، وعلى هذا ينبغي للفقيه أن يُمْعِن النظر في الكراهة فيها أنَّها تحريمية أو تنزيهية، والنَّظر يتردد في الأمور التي تشتمل على الضررِ كنومِ الجنب والوضوءِ بدون التسمية، والطعامِ، والجماعِ بدون أنَّها في أيِّ مرتبة تعتبر. والذي يَظْهر أَنَّ الوجوبَ، والحرمة، يتبعان الأمر والنهي، دون النظر المعنوي، فلا يَجِبُ الشيءُ ولا يَحْرمُ إلا بالأمر والنهي، وبعبارةٍ أُخْرَى أنَّ المأمورَ به لا بُدَّ أَنْ يكونَ نافعًا في النَّظَر المَعْنوي، وكذلك المنهي عنه لا بُدَّ أنْ يكون مُضرًا فيه، ولا يَلْزَم أَنْ يكون كلَّ مضرٍ منهيًا عنه، وكلُّ نافعٍ مأمورًا به.
62 - باب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ. وَقَالَ أَنَسٌ يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَاّ قَلِيلاً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
446 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ. تحفة 7683
قوله: (والجَريد) وهي الغُصْن التي جُرِّدَتْ عن أورَاقِها.
قوله: (أكِنَّ) يعني "بجانا جاهتاهون".
قوله: (وإياك أَنْ تُحمِّرَ أو تُصَفِّر) واعلم أنَّه قد يَخْتَفي مرادُ الأحاديث الجلِيَّة لعدمِ الاطلاعِ على غَرَضِ الشارع والفَحْص فيه كالأحاديث في نهي تجصيص البيوت فإنَّ ظاهرها تدل على أن التجصيص لا يجوز، وبعد التحقِيق والإِمعان يُعْرَف أَنَّ النَّهْيَ عنه لإِظهارِ كَرَاهَتِه على حَسَبِ مَوْضُوعه فقط وما كان للنَّبي أَنْ يرغب في الدنيا ويُحرض في تزيينها، فإنَّ موضوع الأنبياء عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ أَنْ يكون الإنسان في الدُّنيا كأنَّه غريب أو عابر سبيل، وتلك الكراهةُ قد تَرْتَفِع لأجل المصالح.
وكذلك ما في المِشكاة «لا تدعوا على ملوككم الظلمة، ولكن أصلحوا أنفسكم فإنكم كما تكونون يؤمَّرُ عليكم» ، أو كما قال. تمسك به بعضُهم أنَّ الدُّعاء على الملوك لا يجوز، مع أَنَّ غَرَض الحديث التوجيه إلى ما يَغْفَل عنه الإِنسان، فإن الدُعاء على الظالِم لا ينساه أحد، ولكنَّه لا يكاد يَتَوجَّه إلى حال نفسه فَوجِّه إلى ما هو الأهم. وكقوله صلى الله عليه وسلم لمن كان يَتهَجدِ في الليل ثم تركه «أنه لو لم يكن صلاها لكان أحسن» أو كما قال: وبَحَثَ فيه الشارحون: أنَّ المتهجد أحيانًا أفضلُ أو التاركُ لها مطلقًا؟ قلتُ: بل المتهجدُ تارة أفضل يقينًا إلا أنَّهَم مشوا على الألفاظ فقط ولم يتوجهوا إلى المراد، وإنَّما مرادُهُ التحريض على المواظبةِ وكَرَاهة تركِها.
والحاصل: أنَّ المقصودَ قد يكون في غيرِ المَنْطُوق والنَّاس يقتصرون أنظارَهم على المنطوقِ فقط، ويَغْفُلون عن المقصودِ فَيُفْقَد الغَرض، فالأحاديثُ الواردة في النَّهي عن تَجْصِيص البيوت لم يَرِد في الحِل والحُرمة بل لبيان ما ينبغي أَنْ يكون من حال الإِنسان في الدنيا، هل يناسبه التَّطَاول في البُنيان، والتَّخَبُّط كالعُمْيان؟ أو الاكتفاءُ بِقَدْرِ ما يحتاج والإِعداد لدار الجِنَان.
وكذلك قوله في النَّهي عن الدعاءِ على الظَّلمَة لم يَرِد في جواز الدُّعاء أو عَدَمِه، بل لِتوجِيه الأَذْهان إلى الأهم لتغافُلِهم عنه، وكذلكَ الحديث الثالث لم يَرد في بيان فَضْلِ شيءٍ على شيءٍ، بل لتحريضِ قيامِ الليل والمُدَوَامَةِ عليه، وإنَّما يَفْهَمُه من رُزِقَ فَهْمَا سليمًا.
إذَا عَلِمْتَ هذا فاعلم أنَّ الأحاديثَ قد كَثُرَت في كونِ تَجْصِيص المساجد من أمارات السَّاعة، ومع هذا جَصَّصَه عثمان رضي الله تعالى عنه من ماله، فالصحابة رضي الله عنهم نظروا