الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رفع الصوت بالذكر
841 -
842 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ {عَنْ عَمْرٍو} قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ. طرفه 841 - تحفة 6512
قال عليٌّ: حَدَّثَنَا سفيانُ عن عمرو قال: كان أَبو مَعبدٍ أصدقُ موالي ابن عباس قال عليٌّ واسمه نافِذٌ.
842 -
وفي الحديث الثاني، عن ابن عباس رضي الله عنه:(كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالتنكير). تَمسَّك بظاهره ابن حَزْم، وذَهَبَ إلى سُنِّيَة الجهر بالتكبير دُبُر الصلوات، وأنكرها الجمهور. واخْتُلِفَ في توجيهه: فقيل: إن المراد بالتكبير تكبيرات الانتقالات في خلال الصلوات، أي كنتُ أَعْرِفُ انقضاءَ الصلاة بانقطاع تلك التكبيرات. وقيل: المراد به تسبيح فاطمة رضي الله عنها، أي إذا كان الناس يُسَبِّحُون بها، كنتُ أعرفُ أنها قد انْقَضَتْ. وقيل: المراد به: القول بالله أكبر، وكان الأمراءُ يفعلونه في الجيوش أَوَانَ الحرب.
والذي تبيَّن لي في بيان مراده: أن هذا الحديث والحديث الأول متحدٌ سندًا ومتنًا، فالمراد من التكبير: هو الذكر مطلقًا، كما في الحديث الأول، لا خصوصَ التكبير، كما سيقت إليه الأذهان. وهذا موضعٌ مُشْكِلٌ، فإنك إن رَاعَيْتَ لفظ التكبير، دَلَّ على سُنيته لا مَحَالة. وإن رَاعيت لفظ الذكر، فهو يُنَاقِضُهَا. ويُشْكِلُ في مثل هذه المواضع تعيين اللفظ على مثل البخاريِّ أيضًا، وهذا الذي عَرَاه في حديث: «إذا أمَّنَ الإِمَامُ
…
» إلخ. ففي لفظٍ: «إذا أمَّنَ القارىءُ» ، وفي لفظ: «إذا قال الإمامُ: غير المغضوب عليهم
…
» إلخ. ولمَّا لم يَنْفَصِلْ عنده شيءٌ، بَوَّبَ على كلَ ما ناسب له. فينبغي الغَوْر عند تغايرُ اللَّفْظَيْنِ من حديثٍ: إنهما متبادلان، أو متصادقان، أو مجامعان لتبيين صورة العمل. وقد ظَهَرَ لي: أن اللفظَ في الحديث: هو الذكر، وقَصْرُه على التكبير مسامحةٌ للراوي.
ثم إن الشافعيَّ رحمه الله تعالى حَمَلَ الجهرَ بالتكبير على التعليم، وبمثله قال صاحب «الهداية» في التسمية، والبِرْكِلي، والجُرْجَاني في التأمين. فالأصلُ في جملة الأذكار هو الإخفاء. نعم وَرَدَ الجهر بها أحيانًا، لفائدة وداعية، ولا تَثْبُتُ به السُّنية، وإنما تَثْبُتُ أن أكثر عمله صلى الله عليه وسلم كان بالجهر. وقد ثَبَتَ عندي جَهْرُ الأذكار والأدعية كلِّها تقريبًا غير التشُّهد والتسبيحات، حتى جهر الآية في السِّرِّية أيضًا، فدَلَّ على أن معاملة الجهر والإخفاء هيِّنٌ عند الشرع، لا أن الجَاهِرَ بالتأمين مُتَّبِعٌ للسُّنة، والمُسِرَّ بهِ مُخَالِفٌ لها، وإنما بَالَغ فيه المبالغون فقط.
ثم إن تسبيحَ فاطمة رضي الله تعالى عنها علَّمها إياه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عند النوم، لا دُبُرَ الصلوات. وإنما سُمِّيَت بتسبيح فاطمة رضي الله تعالى عنها، لكونها على الصِّفة التي علَّمها النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَقِيب الصلوات أيضًا. وقد وَرَدَتْ فيها ثلاث صفاتٍ: تقسيم المئة على التسبيح، والتحميد، والتكبير ثلاثًا، مع زيادة التكبير لواحدة تكملةً للمئة. وكذلك مع زيادة كلمة التوحيد تكلمة للمئة. والثالث: ما رآه رجلٌ في النون من تقسيمها أرباعًا، والرابع: لا إله إلا الله.
وما عند مسلم من الصفة الرابعة، فهي وَهْمٌ نشأ من تقسيم ثلاث وثلاثين على الثلاث، ولَيْسَتْ صفةً مستقلةً. فتلك مئة على جميع الصفات، وكلُّها عندي على سبيل التبادل، فحينًا كذا، وحينًا كذا. والأحسنُ فيها ما عليه اليوم عمل الأمة، وهو ترتيبٌ حسنٌ عندي. ولو خَالَفَ الترتيبَ، لا بأس لِمَا في الحديث:«بأيهن بدأت أجزأ عنك» . ولو جمع بينها لا يكون آثمًا، كما لا يكون سنةً، فإنها خيرٌ محضٌ. والأذكار إذا أتى بها في غير محلِّها في الصلوات، لم يَمْنَعْ عنها الشارع، بل ربما أَثْنَى على صاحبها، فكيف بما كانت خارج الصلاة.
وإليه تَرْجِعُ مسألةَ الفاتحة عندي، فإن أحدًا إذا قرأها بدون عهدٍ منه، ولا سابقيَّة أمرٍ وعنايةٍ، لم يَمْنَعْ عنها صراحةً لكونها من القرآن، وأباحها إباحةً مرجوحةً، وتحمَّلها لكونها قرآنًا وخيرًا محضًا.
843 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلَاّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» . فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ «تَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» . طرفه 6329 - تحفة 12563 - 214/ 1
843 -
قوله: (ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور): أي المال الكثير، وأصله في المال الذي يكون بعضه فوق بعض. (يعني وه مال ته به ته هو).
قوله: (أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُم). وقد مرَّ الكلامُ في لفظ الإدراك، ماذا حقيقته؟ وأن حديث: «من أَدْرَكَ
…
» إلخ وَرَدَ في المسبوق، ولم يَرِدْ في مسألة المواقيت. وأن الإدراك فيه كالإدراك ههنا. سَبَقَهُم ناسٌ، فأدركوهم بعدهم. وليس هذا في الأوقات أصلا، بحيث جلس يَرْقُبُ الشمسَ حتى إذا لم يَبْقَ إِلا قدر ركعةٍ، قام ودَخَلَ في الصلاة، وعُدَّ بذلك مُدْرِكًا لها. كيف، وبناءُ الكلام على مثل هذا الرجل بعيدٌ من الشارع، فمن أخلَّ فيه، المتعمِّدُ فقد خَالَفَ الحديثَ. والشافعيةُ أدخلوا تحته النائم، والناسي. والتحقيقُ فيه مرَّ سابقًا.