الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
71 - باب التَّقَاضِى وَالْمُلَازَمَةِ فِى الْمَسْجِدِ
والملازمة أي ملازمةُ الغريم يدور معه حيثما دار، وأخرجه المصنِّف رحمه الله تعالى في باب الصُّلْح وفيه:(فلقيه فلزمه)
…
إلخ وهو موضعُ الترجمةِ.
457 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِى حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِى بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى «يَا كَعْبُ» . قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا» . وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَىِ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُمْ فَاقْضِهِ» . أطرافه 471، 2418، 2424، 2706، 2710 - تحفة 11130 - 124/ 1
457 -
قوله: (في المسجد) متعلقٌ بالتقاضي.
قوله: (وهو فِي بَيْتِهِ) يعني وهو في معتكَفِه المُتَخَذِ مِنْ حَصِير في المسجد، كذا حَرَّرَهُ الشارحون لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان إِذْ ذاكَ مُعْتَكِفًا، ولعلَّ عِلْمُ ليلةِ القدر ارتفعَ من هذا التلاحي والمراد به عِلمُ خصوص ليلة هذه السنة لا مطلق الليلة، وقد مرَّ الكلامُ في العِلم، وليس عندي نقل صريحٌ في أنَّ الرجلين كانا هذيْنِ وإنَّما هو تَخْمِين مني.
قوله: (فاقْضِهِ) واعلم أَنَّ بعض الأشياءِ يَرِدُ في الأحاديث ويكون من باب المُروءة، فلو يم يُجْرِه العلماءُ إلى مسائل الفقه لكان أحسن، فإني قدُ أَجِدَ أشياءَ ما لا يَدْخُل تحت قواعِدِهم ويكونُ مِنْ باب المُروءة وحُسْنِ المعاملة، فعلى المتيقِظِ أَنْ يراعيَهُ».
فائدة
قال الشيخ ابنُ الهُمام رحمه الله تعالى في «الفتح» : إنَّ الكلامَ في المسجد يأكل الحسنات وقيده في «البحر» : إذا قصد ذلك، أما إذا جَاءَ للصَّلاةِ فتشاغل بالتَّكلُّمِ فلا.
72 - باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقِ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ
458 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ - أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ. قَالَ «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِى بِهِ دُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ» . - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفاه 460، 1337 - تحفة 14650
ومن عادة المصنِّف رحمه الله تعالى كما قد عَلِمْتَ مِرَارًا أنَّه يَبْسط الأبوابَ على الجزئيات التي سُمِّيَت في الأحاديث وإنْ لم يكن مدارًا للمسألة.
458 -
قوله: (يَقُمُّ) أي يَكْنُس، وعند أبي داود في باب في حَصَى المسجد عن أبي صالح
قال: «كان يُقَال إنَّ الرَّجُلَ إذا أَخْرَج الحصى من المسجدِ، يُنَاشِده» . وفي رواية أخرى رَفَعَهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم «أَنَّ الحصاة لتناشِد الذي يُخْرِجها من المسجد» . قلت: إنَّها تُنَاشِد لأنَّ فَضْلها فيه، ونحن نُخْرِجُها فإنَّ الفضل لنا فيه فَدَعْهَا تناشدك.
قوله: (مات) أي في الليل فلم يُوقِظُوا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لكراهَةِ إيقاظِ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم وخِفة أمره عندهم كما هو عند مسلم.
قوله: (فصلى عليها) قال أبو عمرو في «التمهيد» : إنَّه قد ثَبَت سبعة أحاديث في الصَّلاةِ على القبرِ وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى إلا أنَّ النووي نسب إليه خلافه فقال: أصحابُ مالك منعوا الصَّلاةَ على القبرِ والمسألة فيها عندنا أنَّه لو دُفِن بدونِ الصَّلاةِ يُصلَّى على قَبْرِهِ ما لم يَتَفَسَّخ، وعيَّنَهُ المشايخ بِثلاثةِ أيام وإنْ لم يكن الوليُّ حاضرًا فله أَنْ يُصلّي عليه وإنْ كان قد صلى عليه مرة، ثم صرحوا أنَّ الفريضةَ قَدْ سَقَطت مِنَ الأُوْلَى وصلاتُهُ الثانية قضاء لحقه فقط، ثم إنَّه هل يُصلِّي منفرِدَا أو يُصلِّي معه من لم يُصلِّ أوَّل مرة أيضًا، ويُعْلَم من كُتِب الشافعية أنَّه يدخل معه ما لم يصلِّ أول مرة، وأظنُّ فيه خلافًا عن مشايخنا، وتستفاد الإِجازة مِنْ كلامِ البعض والممانعة من بعض، وليس فيه عندي نَقْلٌ صريح إلا ما قال السَّرَخْسِي في تعدد الصَّلوات على النبي صلى الله عليه وسلم إنَّ الوَلِيَّ كان هو الصديق الأكبر فصلى عليه بعد كونه أميرًا، وإنْ كانت قد صُلِّيَت عليه قبله أيضًا. ورأيت في الخارج أنَّه صلى معه آخرون منا، وهو مشعر بجواز دخول آخرين مع الولي.
وأمَّا في حديث البابِ فادَّعى الحنفية أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان وليًا فلا بأس بإعادته. وفي «الخصائص الصُّغْرى» للسيوطي رحمه الله تعالى عن بَعْضِ الحنفية: أنَّ صلاة الجَنَازَة لا تصح بدون حضور النَّبي صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمْكَن شِرْكَتَه. قلت: ومَنْ ذَهَبَ هذا المذهب فقد أصاب وأجاد، وهو الذي يُعْلَم من التتبع أنَّ الصَّلاة وقتيةً كانت أو جنازة لا تَصِح بدونه صلى الله عليه وسلم وهو الذي نبه عليه أبو بكر رضي الله عنه ولم يَفْهَمْهُ النَّاس ولا أدركوا كلامه حيث قال: ما كان لابن أبي قُحافة أَنْ يَتَقَدَّم بين يَدَيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحاصله: أنَّ غيرَ النَّبي لا يَصْلِح لإمامة النَّبي صلى الله عليه وسلم فكيف يصلح لي أمامتك؟ ثم في «المسند» لأحمد رحمه الله تعالى أَنَّهُ لا يُتوَفَّى نبي ما لم يَؤمه أحَدٌ مِنْ أمّته، وكان هذا نداء على رحيل النبيِّ وأنّ أمته قد صهرت وبهرت، ودينه قد كمل وتمَّ حيث يصلح منهم من يؤم نبيًا، وأمَّا إمامة المهدي لعيسى عليه الصلاة والسلام فإنما يكون في أول صلاة يصلي بهم وذلك أيضًا بعد تقريرِ عيسى عليه الصلاة والسلام، وإنَّما لم يُؤخره لأنَّه كان بَلَغَ موضِعَ الإمامة وقد أُقِيمَت الصَّلاة ولم يَبْقَ إلا التحريمة، فلو أَخَّرَه لربما تُوهم عدم أهليتِهِ لها، ولذا وَرَدَ في بعضِ أَلفاظهِ: أنَّها لك أقيمت، وبعدَه يكونُ الإمامُ هو عيسى عليه الصلاة والسلام.
والحاصل: أنَّ الصلاة بمحضر النبي لا تصحُ بدونه ما لم تُوجَد قرينة الإِجازة من جانبه، وههنا قد أمكن شِرْكَتُه ولنا أيضًا أن نعدَّها من خصائِصهِ صلى الله عليه وسلم لِما عند مسِلم «إِنَّ هذه القُبور مملوءة ظُلمة على أهْلِها، وإنَّ الله لَيُدْخِل عليهم نورًا من صلاتي» ، أو كما قال. فَعُلِم منه وجه