الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِمْرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه مع تغاير بينهما، فحملهما النَّووي على تعدد الوقائع حَذَارًا عَنْ لزومِ الإضطراب فِي واقعة واحدة، حَمَلهما الحافِظُ رضي الله على الوَحدة وهو الأصوب عندي، والاضطراب لا ينفعنا، ولا يضر الشافعية، لأَنَّهما يتفقان في إثباتِ الكَلامِ في خلال الصَّلاة وهو المقصود، وإنَّما الاختلافِ في أمورٍ خارجية فلا يَضُرُّ أصلا، وإليه يُشِير هذا الراوي، ولهذا يستمد في حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه من تَفْصِيلِ عِمْرَان بن حُصَيْن، فَدَلَّ على أَنَّهما قِصة عندَهُ، فَإِنْ كان بعضُ أَلْفَاظِهِ لا تَنْزِل على الوحدة فدعها إِنْ كان وُجدَانُك شَهِد بحقيقةِ الحالِ.
89 - باب الْمَسَاجِدِ الَّتِى عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِى صَلَّى فِيهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم
-.
483 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّى فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّى فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى فِى تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَحَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى فِى تِلْكَ الأَمْكِنَةِ. وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَاّ وَافَقَ نَافِعًا فِى الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَاّ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِى مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ. أطرافه 1535، 2336، 7345 - تحفة 7031، 8475
وقد مَرَّ نُبْذَة مِنَ الكلامِ على دَأْبِ النَّبي صلى الله عليه وسلم باتخاذِ مكانٍ على حِدَة للصَّلاة في سَفَرِهِ، وهذه تُدْعَى المساجد في كتب التاريخ والسِيَر وإنْ لم تكن مساجد عند الفقهاء. ثم إنَّ الناس بنوا على بعض تلك المواضِع مساجد بَعْدَ النَّبي صلى الله عليه وسلم إبقاءً لمآثِره صلى الله عليه وسلم ولذا يُفَرِّق الراوي بين التعبير، فتارةً يقول في موضِع المسجد، وهذا حيث لم يُبْنَ هناك مسجد، وأُخْرَى يقول في المسجد وهذا حيث بُني المسجد بعده صلى الله عليه وسلم وكان سَفَره صلى الله عليه وسلم هذا ممتدًا إلى سبعةِ أيامٍ، فتكون جملة مواضِع صلاتِه صلى الله عليه وسلم خمسًا وثلاثين، إلا أَنَّ الرُّواةَ ذكروا بعضَها وتَرَكوا أكثرها لداعيةٍ دَعَت لهم.
واعلم أنَّ هذا الحديث طويل ولم يَتَحَصَّل لنا منه شيء، لأنَّ فيه ذِكر آثار النَّبي صلى الله عليه وسلم ما قد عَفَت اليوم، وفيه مسألة: وهو أَنَّه كيفَ التَّحَرِّي لِمَا صَدَر عنه صلى الله عليه وسلم اتفاقًا، وما يترشّح من كلام الحافظ ابن تيمية رضي الله عنه أنّهُ يجب فيه التضييق، فاتباع ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم اتفاقًا حسنٌ إذا كان بطريق الاتفاق، وأمَّا إذا تَعَمَّده وتَحَرَّاها فَلَعَلَّه لا يراه حسنًا، وعندي في تَحَرِّي الاتفاقيات أيضًا أجر. وكان ابنُ عمر رضي الله عنهما ممن يتحراها، وإِنْ أنكره جماعة إلا على سنن النَّبي صلى الله عليه وسلم كَنُزُول المُحَصَّب فإِنَّ ابنَ عمر رضي الله عنه يراهُ سُنَّة، وأَمَّا ابنُ عباس رضي الله عنه فقد اشتُهر في اجتهاده، وكان عمَلُه بخلاف ابنِ عمر رضي الله عنه حتى صارت شدائِد ابن عمر رضي الله عنهما. ورُخَص ابن عباس رضي الله عنهما تُضْرَب بها الأمثال، وهو مراد السفَّاح بقوله حين أمر مالكًا رحمه الله أن يُصنِّف كتابًا: اتق فيه بشدائد ابن عمر رضي الله عنهما ورخص ابن عباس رضي الله عنه ووطئه للنَّاس توطئة.
484 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ بِذِى الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِى حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ، تَحْتَ سَمُرَةٍ فِى مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِذِى الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِى تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِى عَلَى شَفِيرِ الْوَادِى الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِحِجَارَةٍ، وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِى عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّى عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فِى بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَّ يُصَلِّى، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى فِيهِ. أطرافه 1532، 1533، 1799 - تحفة 8475 - 131/ 1
484 -
قوله: (بذي الحُلَيْفَة) على ستةِ أميالٍ من المدينة، ويُقال له اليوم آبار عليّ وهو غير أمير المؤمنين.
484 -
قوله: (وليس عند المسجد)
…
الخ. وهذا يَدُلُّ على محوِ تلك الآثار في زمانِه فكيف بها اليوم.
485 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِى دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِى الْمَسْجِدِ تُصَلِّى، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. تحفة 8475
486 -
وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّى إِلَى الْعِرْقِ الَّذِى عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ، دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ. وَقَدِ ابْتُنِىَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى فِى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّى أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلَا يُصَلِّى الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِىَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّى فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّىَ بِهَا الصُّبْحَ. تحفة 8475
486 -
(عِرق) منتهى الجبل.
487 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِى مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِىَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا، فَانْثَنَى فِى جَوْفِهَا، وَهِىَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِى سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ. تحفة 8475
488 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِى طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، عَلَى الْقُبُورِ رَضْمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّى الظُّهْرَ فِى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ. تحفة 8475
489 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، فِى مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ الْمَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّى إِلَى سَرْحَةٍ، هِىَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهْىَ أَطْوَلُهُنَّ. تحفة 8475 - 132/ 1
488 -
قوله: (على القبور) وثَبَتَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أيضًا وضع حجرٍ عند رأس قبر عثمان بن مظعون عَلَمًا له، ثم أفرط فيه النَّاس في زمانِنا، وأفسدوا فيه أي مفسدة.
488 -
قوله: (سَلِمات) وهو في الأصل لنوع منه.
490 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ فِى الْمَسِيلِ الَّذِى فِى أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِى بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَاّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ. تحفة 8475
490 -
قوله: (أدنى مر الظهران) ولفظ أَدْنَى صادق على جانبيه، ولذا عينه أَنَّه أَدْنَى من جانبِ المدينة.
491 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ بِذِى طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّى الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِى الْمَسْجِدِ الَّذِى بُنِىَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. طرفاه 1767، 1769 - تحفة 8475، 8460
492 -
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَىِ الْجَبَلِ الَّذِى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِى بُنِىَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّى مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ. تحفة 8462، 8475 أبواب سترة المصلى
492 -
قوله: (نحو) ظرف للصفة المشبهة أعني الطويل - والراوي عدد تلك المواضع بقوله وإن عبد الله بن عمر حدث.
***