الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلمّا افتتحها عمرو بن العاص جباها اثنى عشر ألف ألف دينار، ثم جباها بعد ذلك تسعة آلاف ألف دينار، وجباها عبد الله بن سعد بن أبى سرح أربعة عشر ألف ألف دينار، وهو الذى بنى مدينة القيروان بالغرب، والله أعلم.
ذكر سبب دخول عمرو بن العاص مصر
فى الجاهليّة
قال (1): حدّثنا عمر بن صالح، عمّن رواه من الثقاة قال: لمّا كان سنة ثمانى عشرة، وقدم عمر بن الخطّاب رضى الله عنه الجابية، خلا به عمرو بن العاص، وذكر له مصر واستأذنه فى المسير إليها وكان عمرو بن العاص قد دخلها فى الجاهليّة، وعرف طرقها، ورأى كثرة ما فيها.
وكان سبب دخول عمرو بن العاص مصر كما روى، قال: حدّثنا [يحيى ابن خلد العدوى](2)، عن ابن لهيعة ويحيى بن أيّوب، عن [خلد](3) بن يزيد، أنّه بلغه أن عمرا قدم إلى بيت المقدس، فخرج فى بعض جبالها يرعى إبله وإبل أصحابه، وكان رعى الإبل نوبا بينهم، فبينا عمرو بن العاص يرعى إبله إذ مرّ به شيخ شمّاس، وقد أصابه العطش فى يوم شديد الحرّ، حتى كاد يتلف عطشا، فوقف على عمرو فاستسقاه، فسقاه عمرو من قربته، فنهل حتى روى، ونام الشمّاس مكانه.
وكانت إلى جنب الشمّاس حيث نام حفرة، فخرجت منها حيّة عظيمة تريد الشمّاس، فبصر بها عمرو فنزع لها بسهم فقتلها، فلمّا استيقظ الشمّاس ونظر الحيّة وعظمها، وكيف نجا منها قال: وما هذه؟ فأخبره عمرو، فأقبل الشماس إلى عمرو يقبّل رأسه، وقال: قد أحيانى الله بك مرّتين؛ مرّة من شدّة العطش، ومرّة من هذه الحيّة، فما أقدمك هذه البلاد؟ قال: قدمت مع أصحاب لى نطلب الفضل فى تجارتنا، فقال الشمّاس: وكم تراك ترجو أن تصيب فى تجارتك؟ قال: رجائى أن أصيب ما أشترى به بعيرا، فإنّى لا أملك إلاّ بعيرين، فأملى أن أصيب بعيرا آخر، فتعود ثلاثة أبعرة، فقال له الشمّاس: أرأيت دية أحدكم بينكم كم تكون؟ قال: مائة من الإبل، قال الشمّاس: لسنا أصحاب إبل إنّما نحن أصحاب دنانير، قال عمرو: يكون ذلك ألف دينار.
فقال الشمّاس: إنّى رجل غريب فى هذه البلاد، وإنّما قدمت أصلّى فى كنيسة بيت المقدس، وأسيح فى هذه الجبال شهرا، جعلت ذلك علىّ نذرا، وقد قضيت ذلك، وأنا أريد الرّجوع إلى أهلى، فهل لك أن تتبعنى (169) إلى بلادى، ولك عهد الله منّى وميثاقه، أن أعطيك ديتين، لأنّ الله تعالى أنجانى بك مرّتين، فقال له عمرو: وأين تكون بلادك؟ قال: مصر، فى مدينة يقال لها الإسكندريّة، فقال عمرو: لا أعرفها ولم أدخلها قطّ، فقال الشمّاس: لو دخلتها لعلمت أنّك لم تدخل قطّ مثلها، فوثق منه عمرو، وأخذ عليه العهود، وشاور أصحابه وقال:
إن وفى لى بما قال فلكم علىّ العهد أن أعطيكم شطر ذلك، على أن يصحبنى رجل منكم آنس به، فبعثوا معه رجلا، فدخل عمرو مصر مع الشمّاس، ونظر إلى الإسكندريّة فرأى عمرو من عمارتها عجبا.