الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتسألها إيفاد علىّ إليها، فانطلق جعفر، ففعل ذلك، وجاء بعلىّ رضى الله عنه وقد حضر عند أبى طالب، فلما رآه بشّ به، وأجلسه على فخذه، وجعل كفّه على رأسه، ووضع فى فيه لقمة، فلاكها علىّ رضى الله عنه ثم لفظها، وبكى، فقال أبو طالب: يا فاطمة، خذى إليك هذا الطفل، وانظرى ما شأنه! فأخذته أمّه، ولا طفته، وسكّتته، وسألته، فقال: أتكتمين علىّ؟ فقالت:
نعم (248) قال: يا أمّاه، إنّى لأجد لكفّ محمد بردا، ولطعامه قداوة، وإنّى وجدت لكفّ أبى حرّا، ولطعامه وخامة ونغلا، فقالت له: لا تفه بهذا، وإن سألك أبوك فقل: إنّى مغست، ولمّا فرغ أبو طالب من غدائه قال:
يا فاطمة ما بال ابنى؟ فقالت: إنّه كان مغس، ثم قد عوفى، فقال: كلاّ وهبل، ما به إلاّ إيثار محمّد علينا، فألحقيه به، ولا تعرضى له بعد، فيوشك أن يهصر به أصلاب قريش.
تفسير كلمات من هذا الخبر
قوله: فلاكها ثم لفظها: الّلوك المضغ، واللفظ: إلقاء الشئ من الفم، وقوله:
أجد لطعامه قداوة، أى طيبة وطيب رائحة، وقد قدى اللحم قديا، وقدوا، وقداوة، وقوله: ونغل: النغل: تغيّر الرائحة وفسادها، وقوله: يوشك: معناه يسرع، والوشيك السريع، وقوله: يهصر، أى يعطف، ويثنى ليكسر، والله أعلم.
وروى عن ابن عبّاس رضى الله عنه (1) أنّ علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه
قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ»} (1)، قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أمرنى أن أنذر عشيرتى الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعلمت أنّى متى أبادههم بهذا الأمر أرمنهم ما أكره، فصمت عليه حتّى أتانى جبريل، فقال لى: يا محمّد إن لا تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك، فأمر عليّا أن يصنع [صاعا من طعام](2)، وأن يجعل عليه رجل شاة (3)، واملأ لنا عسّا من لبن، ثم اجمع إلىّ بنى عبد المطّلب، حتّى أكلّمهم وأبلّغهم ما أمرت به.
قال علىّ: فصنعت ذلك ما أمرنى به، ثم دعوتهم إليه، وهم يومئذ أربعون رجلا، (249) يزيدون رجلا، أو ينقصون رجلا، فيهم أعمامه: أبو طالب، والعبّاس، وحمزة وأبو لهب، فلمّا اجتمعوا إليه، دعانى بالطعام الذى صنعت لهم، فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم حذية من اللحم، فشقّها بأسنانه، ثم ألقاها فى نواحى الصحفة (4)، ثم قال: كلوا بسم الله، قال فأكل القوم حتى ما لهم بشئ حاجة، وما أرى إلاّ مواضع أيديهم، وأيم الذى نفسى على بيده، إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل الذى قدّمته لجميعهم.
ثم قال: اسق القوم يا على، فجئتهم بذلك العسّ، فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلمّا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلّمهم بدّد أبو لهب الكلام (5)، فقال: شدّ ما (6) سحركم