المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر نبذ مما جرى فى وقعة الجمل - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٣

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌ذكر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمونسبه ومولده ومبعثه وما لخّص من معجزاته وآياته وسيرته

- ‌ذكر ما لخّص من ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر المؤذين له صلى الله عليه وسلممن قريش

- ‌ذكر المستهزئين به صلى الله عليه وسلممن قريش

- ‌ذكر المؤلّفة قلوبهممن قريش وغيرها

- ‌ذكر أصول قريش وفروعهاوشعوبها وقبائلها

- ‌ذكر الأعياص من بنى أميّةابن عبد شمس

- ‌ذكر شئ من بعض كلامه صلى الله عليه وسلمممّا لم يسبق إليه

- ‌ذكر للشبّهين به صلى الله عليه وسلممن قريش وغيرها

- ‌ذكر زوجاته أسماءمن غير نسبة

- ‌ذكر أولاده الذكور والإناثجملة من غير تفصيل لما يأتى بعد ذلك

- ‌ذكر ابتداء سياقة ذكر النيل المباركفى أوّل كلّ عام من أوّل الهجرة

- ‌ذكر فصل لطيف فى نيل مصريليق بهذا المكان ذكره

- ‌ذكرالسنة الأولى من الهجرة النبويّة

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين للهجرة النبويّةالنّيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث للهجرة النّبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌[ما لخّص من الحوادث]

- ‌ذكر سنة أربع للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة خمس للهجرة النبويّةالنيّل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌[ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ للهجرة النبويّةالنيّل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة سبع للهجرة النّبويّةالنّيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح مكّة-شرّفها الله تعالى-فى هذه السّنة

- ‌المعجزة فى سقوط الأصنام

- ‌ذكر سنة تسع للهجرة النّبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة عشر للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر حجّة رسول الله صلى الله عليه وسلموهى حجّة الوداع

- ‌ذكر سنة إحدى عشرةللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر صفاته المعنويّة صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما لخّص من كتاب الشفاءمن معجزاته صلى الله عليه وسلموعظّم وكرّم

- ‌ذكر أزواجه وأنسابهنّ وعدّتهنّرضوان الله عليهنّ أجمعين

- ‌(94) ذكر أولاده الذكور والإناث ومن تزوّج بهن

- ‌ذكر من تزوّج ببناته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أعمامه وعمّاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شئ من ابتداء أمرهولمع من خبره

- ‌تفسير كلمات من هذا الرجز

- ‌مخيلة ما ليس فيها لىتفسير ذلك

- ‌ذكر عمّاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الإناث من مواليه ومن اصطفى منهنّ لنفسه

- ‌ذكر من خدمه من الأحرار صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر من كان يحرسه فى غزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رسله إلى الملوك والقبائل

- ‌ذكر كتّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رفقائه النجباء رضوان الله عليهم أجمعين

- ‌ذكر دوابّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر نعمه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر سلاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أثوابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خلافةالإمام أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهونسبه وبعض سيرته

- ‌تفسير كلمات من هذا الخبر

- ‌ذكر شئ من أمر الرّدّة ومنع الزّكاة

- ‌ذكر سنة اثنتى عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر لمع من خبر مسيلمة وسجاح

- ‌ذكر ابتداء فتح الشام وما لخّص عنه

- ‌ذكر سنة ثلاث عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ومن كلام عائشة رضى الله عنها فى أبيها بعد وفاته

- ‌صفة الإمام أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه

- ‌(126) ومن كلامه رضى الله عنه

- ‌أسماء كتّابه رضى الله عنه

- ‌أسماء حجابه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌ذكر خلافةالإمام الفاروق عمر بن الخطّابونسبه وبعض سيرته رضى الله عنه

- ‌ذكر إسلام عمر بن الخطّاب رضى الله عنه

- ‌ومما يستحسن من عدله وإنصافه

- ‌ذكر سنة أربع عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح دمشق وحمص وما معهما ملخّصا

- ‌ذكر وقعة اليرموك

- ‌ذكر سنة خمس عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح إيلياء

- ‌ذكر ابتداء دخول المسلمين العراق

- ‌ذكر وقعة القادسيّة مع رستم

- ‌ذكر سنة سبع عشرةللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر وقعة جلولا بين الفرس والمسلمين

- ‌(156) ذكر سنة ثمانى عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة تسع عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة عشرين للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر عمر بن العاصولمعا من خبره رضى الله عنه

- ‌تفسير كلم من هذا الحديث

- ‌ذكر مصر ومبتدئهاملخّصا من وجه

- ‌ذكر سبب دخول عمرو بن العاص مصرفى الجاهليّة

- ‌ذكر فتح مصر على يد عمرو بن العاصرضى الله عنه

- ‌ذكر بعض شئ ممّا وردفى صفة مصر

- ‌ذكر شئ مما ورد من الحديثفى الوصيّة بقبط مصر

- ‌ولنعد إلى سياقة التّاريخ

- ‌ذكر سنة إحدى وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر وفاة الإمام عمر رضى الله عنه

- ‌ذكر أولاد عمر بن الخطابرضى الله عنه

- ‌ومن كلامه رضى الله عنه

- ‌ومن أولاد عمر رضى الله عنه

- ‌صفته رضى الله عنه

- ‌كتّابه رضى الله عنه

- ‌حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌(198) ذكر سنة أربع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ذكر خلافة الإمام ذى النورينعثمان رضى الله عنه ونسبه وبعض سيرته

- ‌ذكر نبذ مما جرى فى هذه الغزاة

- ‌ومن مناقب عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر أمر الشورىوبيعة عثمان رضى الله عنه

- ‌أوّل خطبة خطبها عثمانرضى الله عنه

- ‌ذكر خطبة عثمانبعد تلك الأولى

- ‌ذكر سنة خمس وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ وعشرينالنّيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة سبع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة تسع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاثينللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة إحدى وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سنة أربع وثلاثونالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر سنة خمس وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر مقتل عثمان بن عفّان رضى الله عنه

- ‌نبذ من أخبار بنى عثمانرضى الله عنه

- ‌صفة الإمام عثمان رضى الله عنه

- ‌كاتبه رضى الله عنه

- ‌حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌ذكر خلافة الإمام الأنزع والبطل السميدععلىّ بن أبى طالبكرّم الله وجهه ونسبه وما لخّص من أخباره

- ‌تفسير كلمات من هذا الخبر

- ‌تفسير ألفاظ من هذا الخبر

- ‌ذكر أول خطبة خطبها كرّم الله وجهه

- ‌ومن خطبه عليه السلام

- ‌ذكر سنة ست وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر نبذ ممّا جرى فى وقعة الجمل

- ‌ذكر طلحة بن عبيد الله وأخباره ومقتله

- ‌ذكر الزّبير وأخباره ومقتله

- ‌وكتب جوابه:

- ‌ذكر حرب صفّين بين علىّ ومعاوية رضى الله عنهما

- ‌ذكر سبب قدوم عمرو بن العاص على معاوية

- ‌ذكر سنة سبع وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر الحكمين وأمر التّحكيم

- ‌ذكر وقعة الخوارج بالنّهروان

- ‌ذكر قتلة محمّد بن أبى بكر الصّدّيقرضى الله عنه

- ‌ذكر سنة تسع وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة أربعين هجريّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌(313) ذكر مقتل الإمام علىّ كرّم الله وجهه

- ‌ذكر شئ من أحكام علىّ رضى الله عنه وقضاياهوبعض سيرته

- ‌ذكر أزواجه وأولاده رضوان الله عليهم

- ‌ذكر صفته كرّم الله وجهه

- ‌ذكر كتّابه عليه السلام

- ‌ذكر حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه عليه السلام

- ‌ذكر خلافة أحد شباب أهل الجنّةالحسن بن علىّ صلوات الله عليه

- ‌ذكر سنة إحدى وأربعينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر صفته عليه السلام

- ‌نقش خاتمه عليه السلام

- ‌فصل يتضمّن ذكر بقيّة الشعراءالمخضرمين

- ‌(329) حسّان بن ثابت الأنصارىرضى الله عنه

- ‌لبيد بن ربيعةوقد تقدم ذكره فى الجاهليّة

- ‌(330) النّابغة الجعدىّ

- ‌الحطيئة فى المشبّهات من العقم

- ‌عمرو بن شأس

- ‌الشمّاخ

- ‌عبدة بن الطبيب

- ‌(331) متمّم بن نويرة

- ‌كعب بن زهير

- ‌عمرو بن معد كرب

- ‌العبّاس بن مرداس

- ‌الخنساءوقد تقدّمت

- ‌(332) الزّبربان

- ‌عمرو بن الأهتم

- ‌أوس بن [مغراء]

- ‌أبو ذؤيب الهذلى

- ‌الوليد بن عقبة

- ‌وبتمام ذكر هذه الطبقة من الشعراء، وهو الجزء الثالثتمّ الجزء ولله الحمد والمنّة

- ‌الختام

- ‌استدراكات

- ‌تصويبات

الفصل: ‌ذكر نبذ مما جرى فى وقعة الجمل

الشام، فلمّا مضى لقيه رجال من الشام فقالوا: من أنت؟ قال: أمير على الشام، قالوا:

إن كان عثمان بن عفّان بعثك فأهلا بك، وإن كان غيره فارجع من حيث جئت، فرجع، وأمّا قيس بن سعد لمّا وصل إيلة فلقيه خيل، قالوا: من أنت؟ قال:

من [فالة](1) عثمان، فأنا أطلب من أوى إليه فأنتصر به، فمضى حتى (256) دخل مصر، فافترق الناس فرقا، حتى قتل محمّد بن أبى حذيفة، واستقرّ قيس بن سعد بمصر.

وفيها كانت وقعة الجمل بين علىّ وعائشة رضى الله عنهما.

‌ذكر نبذ ممّا جرى فى وقعة الجمل

كانت وقعة الجمل بين علىّ وطلحة والزبير وعائشة رضى الله عنهم يوم الجمعة لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ستّ وثلاثين، وذلك أنّ طلحة والزبير وعائشة لما قدموا تلقاهم الناس، وكان عثمان بن حنيف عامل علىّ عليه السلام على البصرة، فخرج إليهم فى جمع فتواقعوا، حتى زالت الشمس، ثم اصطلحوا، وكتبوا بينهم كتابا أن يكفّوا عن الحرب حتى يقدم علىّ عليه السلام وعلى أن يكون لعثمان بن حنيف الإمارة والصلاة وبيت المال.

فلمّا قدم علىّ عليه السلام وصحبته عمّار بن ياسر، ومعهما أهل الكوفة، وكان علىّ عليه السلام قبل خروجه من المدينة دخل بيت المال فوجد فيه مالا، فقسّمه بين النّاس، وساوى بينهم، وكنسه ونام فيه، وعزم على التوجّه إلى العراق لمّا بلغه خبر طلحة والزبير وعائشة رضى الله عنهم، فأشار عليه عبد الله بن سلاّم بلزوم المدينة، وقال له: أين تريد؟ قال: العراق، قال: عليك بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،

ص: 325

فالزمه، ولا أراه يحرّرك، والذى نفسى بيده لئن خرجت إلى العراق لا ترجع إلى منبر رسول الله فيما بقى، فكان كذلك، وأقام علىّ بالمدينة بعد المبايعة بالخلافة أربعة أشهر، ثم توجّه للعراق، والله أعلم.

فلمّا قدم علىّ عليه السلام ومعه عمّار بن ياسر، وكان قد أتى عليّا فى سبعة آلاف من أهل الكوفة، وكان علىّ فى أربعة آلاف من أهل المدينة، فقال عمّار:

والله إنّى لأعلم أنّ عائشة زوجته فى الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بهذا لتتّبعوه أو لتتّبعوها، وكان عمّار يوم الجمل على الخيل، والراية مع محمّد بن الحنفيّة، وعلى الميمنة الحسن، (257) وعلى الميسرة الحسين، وكان على الرجّالة محمّد بن أبى بكر الصدّيق.

ولمّا قدم علىّ عليه السلام البصرة، قال لعبد الله بن عبّاس: ائت الزبير، ولا تأت طلحة، فإن الزّبير ألين، وطلحة كالثور عاقص بقرنه، يركب الصّعوبة، ويقول هى أسهل (1)، فأقرئه منّى السّلام، وقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتنى بالحجاز، وأنكرتنى بالعراق؟ فما عدا [ممّا] بدا (2)، فلمّا أبلغه ابن عبّاس مقالة علىّ قال له الزّبير: قل له: بيننا وبينك عهد خليفة، ودم خليفة، واجتماع ثلاثة، وانفراد واحد، وأمّ مبرورة، ومشاورة العشيرة، ونشر المصاحف، نحلّ ما أحلّت، ونحرّم ما حرّمت، قال علىّ كرّم الله وجهه: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى أدرك ولده عبد الله، فلفته عنّا.

ص: 326

وخطبت عائشة رضى الله عنها يوم الجمل، وكان فى عسكرها لغط، فقالت:

صه صه، فكأنّما قطعت الألسن فى الأفواه، فقالت: أيّها الناس، إن لى عليكم حقّ الأمومة، وحرمة الموعظة، مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحرى ونحرى، وأنا إحدى نسائه فى الجنّة، ذخرنى له ربّى، وبى ميّز بين منافقكم ومؤمنكم، وإنّ أبى ثالث ثلاثة من المؤمنين، فهو ثالث الإسلام، وثانى اثنين فى الغار، وأوّل من سمّى صدّيقا، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض، طوقّه طوق الإمامة، ثم اضطرب حبل الدين فمسك أبى بطرفيه، ورتق فتقه، وأغاض نبع الرّدة، وأطفأ ما أو قدت يهود، وأنتم يومئذ جحظ العيون، تنظرون الغدوة وتستمعون الصّيحة، رأب الثأى (1)، وأودم (2) الغلطة، وانتأش (3) من المهواة، واحتجن دفين الدواء، حتى أعطن (4) الوارد، وأورد الصادر، وعلّ الناهل، فقبضه الله عز وجل (258) واطئا على هامات النفاق، مذكيا نار الحرب للمشركين، فانتظمت طاعتكم بحبله، ثم ولّى أمركم رجلا مرعيا إذا ركن إليه، بعيد ما بين اللابتين، يقظان اللّيل فى نصرة الإسلام، فسلك مسلك السابق، وفرّق شمل الفتنة، وجمع أعضاد ما جمع القرآن، وأنا نصب المسألة عن مسيرى هذا، لم ألتمس فيه إثما، ولم أوطئكم فتنة، أقول قولى هذا، وأستغفر الله لى ولكم، وأسأله أن يصلّى على محمّد، وأن يخلفه فيكم بأفضل الخلافة، خلافة المرسلين.

ص: 327

وكتبت عائشة إلى أمّ سلمة رضى الله عنها كتابا تقول فيه: ولنعم المطلع مطلع فرّقت فيه بين فئتين متشاجرتين، فإن أقعد فعن غير حرج، وإن أمض فإلى ما لا غنى لى عن الازدياد منه.

وخطب علىّ عليه السلام يوم الجمل، فقال فى خطبته، بعد حمد الله تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم: أمّا بعد، فإنّ الله عز وجل بعث محمّدا صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين كافّة، والناس فى اختلاف، والعرب بشرّ المنازل، فرأب الله به الثأى، ولأم به الصدع، ورتق به الفتق، وأمّن به السّبل، وحقن به الدماء، وقطع به العداوة الواغرة للقلوب، والضغائن المخشّنة للصدور، ثم قبضه الله إليه مشكورا سعيه، مرضيّا عمله، مغفورا ذنبه، كريما عند الله نزله، فيالها مصيبة عمّت المسلمين، وخصّت الأقربين، وولى أبو بكر رضى الله عنه فسار بسيرة رضيها المسلمون، ثم ولى عمر فسار بسيرة أبى بكر رضى الله عنهما ثم ولى عثمان، فنال منكم ونلتم منه، حتّى إذا كان من أمره ما كان، أتيتموه فقتلتموه، ثم أتيتمونى فقلتم: بايعنا، فقلت:

لا أفعل، وقبضت يدى، فبسطتموها، ونازعتكم بكفّى، فجذبتموها، وقلتم:

لا نرضى إلاّ بك، ولا نجتمع إلاّ عليك، (259) وتداككتم علىّ تداكّ الإبل الهيم على حياضها يوم وردها، حتى ظننت أنّكم قاتلىّ، أو بعضكم قاتل بعضا، فبايعتمونى على الأمر، وبايعنى طلحة والزبير، فما لبثا أن استأذنانى إلى العمرة، فصارا إلى البصرة، ففعلا بها الأفاعيل، وهما يعلمان والله أنّى لست بدون واحد ممّن مضى، ولو أشاء أن أقول لقلت: الّلهمّ إنّهما قطعا قرابتى، ونكثا بيعتى، وألّبا علىّ عدوّى، الّلهمّ فلا تحكم لهما ما أبرما، وأرهما المسألة فيما عملا وأمّلا.

ص: 328

قال الحارث بن سويد، وكان يوم الجمل فى عسكر طلحة: والله ما رأيت مثل يوم الجمل، لقد أشرعوا رماحهم فى صدورنا، وأشرعنا رماحنا فى صدورهم، فلو شاءت الرجال أن تمشى عليها لمشت، يقول هؤلاء: لا إله إلاّ الله والله أكبر، ويقول الآخرون كذلك، فو الله لوددت أنّى لم أشهد الجمل، وأنّى أعمى مقطوع اليدين والرجلين.

وقال عبد الله بن سلمة: ما يسرّنى أن غبت عن ذلك اليوم، ولا عن مشهد شهده علىّ رضى الله عنه بحمر النعم.

وكان اسم جمل عائشة عسكرا، وكان يعلى بن منية وهبه لها، وجعل لها هودجا من حديد، وجهّز من ماله خمس مائة فارس بأسلحتهم وأزوادهم، وكان يعلى بن منية أكثر أهل البصرة مالا.

وكان علىّ يقول: بليت بأنضّ النّاس، وأنطق النّاس، وأطوع النّاس فى الناس (1)، يريد بأنضّ النّاس يعلى بن منية كان أكثرهم ناضا (2)، ويريد بأنطق الناس طلحة بن عبيد الله، وبأطوع النّاس فى النّاس عائشة رضى الله عنها، وروى أنّ عليّا كان يقول: بليت بأشجع النّاس، يعنى الزبير، وأسخى الناس، يعنى طلحة.

وكان كعب بن سور ممسكا زمام الجمل، فأتاه (260) سهم فقتله، فتعاقد النّاس الزّمام، كلّما أخذه واحد قتل، حتّى عدّ من قتل الزّمام سبعون رجلا، وقيل

ص: 329

قطعت عليه سبعون يدا، وشكّت السهام الجمل حتى صار كأنّه جناح نسر، وأخذ بزمامه رجل من بنى ضبّة وهو يقول:

نحن بنو ضبّة أصحاب الجمل

الموت أحلى عندنا من العسل

ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل

ردّوا علينا شيخنا ثم بجل

ولمّا عقر الجمل، احتمل الهودج حتى وضع بين يدى علىّ، فأمر به فأدخل فى منزل عبد الله بن بديل، وكان الذى احتمله محمّد بن أبى بكر، أخا عائشة، وعمّار ابن ياسر، وكان علىّ قد دنا من الهودج، ولمّا سار إليه، فكلّم عائشة، فقالت له: ملكت فأسجح، فجّهزها وأحسن جهازها، وبعث معها أربعين امرأة، ويقال: جهّز معها سبعين امرأة، أكثرهم من نساء همدان، فلم يزالوا معها حتّى قدمت المدينة.

قال الشاعر ممّن شهد الجمل:

شهدت الحروب فشيبننى

فلم ترعينى كيوم الجمل (1)

أشدّ على مؤمن فتنة

وأقتل منه لخرق بطل (2)

فليت الظعينة فى بيتها

وليتك عسكر لم ترتحل

كنى بعسكر عن الجمل إذ كان اسمه.

قال قتادة: قتل يوم الجمل مع عائشة رضى الله عنها عشرون ألفا، منهم ثمانمائة من بنى ضبّة، وقتل من أصحاب علىّ خمسمائة.

ص: 330