الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة اثنتى عشرة للهجرة النبويّة
النيل المبارك فى هذه السّنة:
الماء القديم خمسة أذرع وسبعة أصابع، مبلغ الزيادة ثلاثة عشر ذراعا وتسعة أصابع.
ما لخّص من الحوادث
الإمام أبو بكر رضى الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه [السّنة](116) بالمدينة، على ساكنها أفضل الصّلاة والسّلام، ومكّة شرّفها الله تعالى دار الإسلام، ومصر فى يد المقوقس ملك القبط، وهو يقوم بالخراج للرّوم بالشّام والشام فى يد قيصر هرقل ملك الرّوم، والعراق وفارس والعجم فى مملكة الفرس، واليمن دار إسلام أكثرها، فيها سار خالد بن الوليد رضى الله عنه إلى اليمامة، وقتل مسيلمة الكذّاب، وصالح الحرّة من طرف بلاد العراق على تسعين ألف درهم، وصالح بانقيا وباروسما على عشرة آلاف درهم، وفتح الأنبار، واستشهد من المسلمين باليمامة ألف ومائتا رجل، منهم سبعون يحمعون القرآن.
ذكر لمع من خبر مسيلمة وسجاح
ادّعت سجاح وهى ببنى تميم النّبوّة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وكان فيما ادّعت به أنّه أنزل عليها: يا أيّها المؤمنون لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكن قريشا قوم يبغون، فاجتمعت بنو تميم كلّها لينصروها، وكان منهم الأحنف ابن قيس، وحارثة بن بدر، ووجوه تميم كلّها، وكان قيس بن عاصم مؤذّنها لأنّه ارتدّ بعد الإسلام ثم عاد فأسلم.
ولمّا بلغها خبر مسيلمة الكذّاب وأنّه ادّعى أيضا النّبوّة، وأنّه يزعم أنّه نزل عليه قرآن ووحى، فجمعت جيوشها وقالت لبنى تميم: إنّ الله لم يجعل هذا الأمر فى ربيعة وإنّما اختص به مضر، فأطاعوها وساروا معها بجموعهم لحرب مسيلمة فى بنى حنيفة، وبلغ مسيلمة خبرها فاشتدّ عليه ذلك، وتحصّن فى اليمامة، فجاءت سجاح وجيوشها من تميم وغيرها، فأحاطت به فأرسل إلى وجوه قومه، وقال: ما ترون؟ قالوا: نرى أن تسلّم هذا الأمر إليها وتدعنا، فإن لم تفعل فهو البوار (117) فقال: أنظرونى.
وكان مسيلمة داهية من أكبر دهاة العرب، ثم بعث إليها يقول: إنّ الله جلّ ذكره-عن زعمه-أنزل إلىّ كتابا وعلىّ وحيا قرآنا، وأنت تدّعين كذلك، فهلمّ نجتمع فنتدارس، فمن عرف الحقّ تبعه، فاجتمعنا فأكلنا العرب فاطبة بقومى وقومك، فأجابت لذلك، فأمر مسيلمة أن تضرب قبّة من أدم وأمر بالعود والمندل، فسجر (1) فيها، وقال: أكثروا من الطيب، فإنّ المرأة إذا تنشقت رائحة الطّيب حنّت للباه، ففعلوا ذلك، واجتمعا فى تلك القبّة، ولم يكن بينهما ثالث، فقالت: هات ما أنزل عليك. فقال: ألم تر كيف فعل ربّك بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشى، ومن بين ذكر وأنثى، ثم إلى ربّك المنتهى، قالت: ثم ماذا؟ فقال: ألم تر أنّ الله خلقنا أفواجا، وجعل النساء للرّجال أزواجا، نولج فيهن [قعسا](2) إيلاجا، ونخرجها منهنّ إخراجا، وهو مع ذلك يتراءى لها بغرموله وقد أنعظ، فلحّت ببصرها نحوه، ثم قالت وقد ألانت كلامها: فبأىّ شئ أمرك، فما أظنّك إلاّ على حقّ دونى، فقال:
ألا قومى إلى المخدع
…
فقد هيئ لك المضجع
فإن شئت سلقناك
…
وإن شئت على أربع
وإن شئت بثلثيه
…
وإن شئت به أجمع
فقالت: بل به أجمع يا نبى الله، فقام إليها، فقام إليها وواقعها، فلمّا قام عنها قالت: إنّ مثلى لا يجرى أمرها هكذا، فتكون وصمة على قومى، ولكنّى مسلّمة الأمر إليك، ومعترفة بأمرك، واخطبنى من أوليائى يزوّجوك، فخرجت وخرج، واجتمع الحيّان، فقالت لهم سجاح: إنّه قد قرأ علىّ ما أنزل عليه فوجدته حقّا فاتبعته.
ثم إنّه خطبها من قومها فزوّجوه (118) وسألوه عن المهر فقال: قد وضعت عن تميم خاصة صلاة العصر (1)، فبنو تميم إلى الآن بالرّمل لا يصلّون العصر، ويقولون هذا حقّ لنا، ومهر كريمة منّا، ويفخرون بذلك، وفى ذلك قال الشاعر:
أضحت نبيّتنا أنثى يطاف بها
…
وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
وقيل: أسلمت سجاح بعد قتل مسيلمة، وكان عمره إلى حين قتل مائة وخمسين سنة.
وفيها شرب خالد بن الوليد السّمّ، وقال: بسم الله وبالله ربّ الأرض والسّماء الذى لا يضرّ مع اسمه شئ، فلم يضرّه ذلك.
وفيها حجّ أبو بكر رضى الله عنه بالنّاس، واستخلف عثمان بن عفّان رضى الله عنه بالمدينة.
وفيها كانت البعوث إلى الشام.