المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ابتداء فتح الشام وما لخص عنه - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٣

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌ذكر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمونسبه ومولده ومبعثه وما لخّص من معجزاته وآياته وسيرته

- ‌ذكر ما لخّص من ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر المؤذين له صلى الله عليه وسلممن قريش

- ‌ذكر المستهزئين به صلى الله عليه وسلممن قريش

- ‌ذكر المؤلّفة قلوبهممن قريش وغيرها

- ‌ذكر أصول قريش وفروعهاوشعوبها وقبائلها

- ‌ذكر الأعياص من بنى أميّةابن عبد شمس

- ‌ذكر شئ من بعض كلامه صلى الله عليه وسلمممّا لم يسبق إليه

- ‌ذكر للشبّهين به صلى الله عليه وسلممن قريش وغيرها

- ‌ذكر زوجاته أسماءمن غير نسبة

- ‌ذكر أولاده الذكور والإناثجملة من غير تفصيل لما يأتى بعد ذلك

- ‌ذكر ابتداء سياقة ذكر النيل المباركفى أوّل كلّ عام من أوّل الهجرة

- ‌ذكر فصل لطيف فى نيل مصريليق بهذا المكان ذكره

- ‌ذكرالسنة الأولى من الهجرة النبويّة

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين للهجرة النبويّةالنّيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث للهجرة النّبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌[ما لخّص من الحوادث]

- ‌ذكر سنة أربع للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة خمس للهجرة النبويّةالنيّل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌[ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ للهجرة النبويّةالنيّل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة سبع للهجرة النّبويّةالنّيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح مكّة-شرّفها الله تعالى-فى هذه السّنة

- ‌المعجزة فى سقوط الأصنام

- ‌ذكر سنة تسع للهجرة النّبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة عشر للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر حجّة رسول الله صلى الله عليه وسلموهى حجّة الوداع

- ‌ذكر سنة إحدى عشرةللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر صفاته المعنويّة صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما لخّص من كتاب الشفاءمن معجزاته صلى الله عليه وسلموعظّم وكرّم

- ‌ذكر أزواجه وأنسابهنّ وعدّتهنّرضوان الله عليهنّ أجمعين

- ‌(94) ذكر أولاده الذكور والإناث ومن تزوّج بهن

- ‌ذكر من تزوّج ببناته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أعمامه وعمّاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شئ من ابتداء أمرهولمع من خبره

- ‌تفسير كلمات من هذا الرجز

- ‌مخيلة ما ليس فيها لىتفسير ذلك

- ‌ذكر عمّاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الإناث من مواليه ومن اصطفى منهنّ لنفسه

- ‌ذكر من خدمه من الأحرار صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر من كان يحرسه فى غزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رسله إلى الملوك والقبائل

- ‌ذكر كتّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رفقائه النجباء رضوان الله عليهم أجمعين

- ‌ذكر دوابّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر نعمه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر سلاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أثوابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خلافةالإمام أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهونسبه وبعض سيرته

- ‌تفسير كلمات من هذا الخبر

- ‌ذكر شئ من أمر الرّدّة ومنع الزّكاة

- ‌ذكر سنة اثنتى عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر لمع من خبر مسيلمة وسجاح

- ‌ذكر ابتداء فتح الشام وما لخّص عنه

- ‌ذكر سنة ثلاث عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ومن كلام عائشة رضى الله عنها فى أبيها بعد وفاته

- ‌صفة الإمام أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه

- ‌(126) ومن كلامه رضى الله عنه

- ‌أسماء كتّابه رضى الله عنه

- ‌أسماء حجابه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌ذكر خلافةالإمام الفاروق عمر بن الخطّابونسبه وبعض سيرته رضى الله عنه

- ‌ذكر إسلام عمر بن الخطّاب رضى الله عنه

- ‌ومما يستحسن من عدله وإنصافه

- ‌ذكر سنة أربع عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح دمشق وحمص وما معهما ملخّصا

- ‌ذكر وقعة اليرموك

- ‌ذكر سنة خمس عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح إيلياء

- ‌ذكر ابتداء دخول المسلمين العراق

- ‌ذكر وقعة القادسيّة مع رستم

- ‌ذكر سنة سبع عشرةللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر وقعة جلولا بين الفرس والمسلمين

- ‌(156) ذكر سنة ثمانى عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة تسع عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة عشرين للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر عمر بن العاصولمعا من خبره رضى الله عنه

- ‌تفسير كلم من هذا الحديث

- ‌ذكر مصر ومبتدئهاملخّصا من وجه

- ‌ذكر سبب دخول عمرو بن العاص مصرفى الجاهليّة

- ‌ذكر فتح مصر على يد عمرو بن العاصرضى الله عنه

- ‌ذكر بعض شئ ممّا وردفى صفة مصر

- ‌ذكر شئ مما ورد من الحديثفى الوصيّة بقبط مصر

- ‌ولنعد إلى سياقة التّاريخ

- ‌ذكر سنة إحدى وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر وفاة الإمام عمر رضى الله عنه

- ‌ذكر أولاد عمر بن الخطابرضى الله عنه

- ‌ومن كلامه رضى الله عنه

- ‌ومن أولاد عمر رضى الله عنه

- ‌صفته رضى الله عنه

- ‌كتّابه رضى الله عنه

- ‌حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌(198) ذكر سنة أربع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ذكر خلافة الإمام ذى النورينعثمان رضى الله عنه ونسبه وبعض سيرته

- ‌ذكر نبذ مما جرى فى هذه الغزاة

- ‌ومن مناقب عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر أمر الشورىوبيعة عثمان رضى الله عنه

- ‌أوّل خطبة خطبها عثمانرضى الله عنه

- ‌ذكر خطبة عثمانبعد تلك الأولى

- ‌ذكر سنة خمس وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ وعشرينالنّيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة سبع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة تسع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاثينللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة إحدى وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سنة أربع وثلاثونالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر سنة خمس وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر مقتل عثمان بن عفّان رضى الله عنه

- ‌نبذ من أخبار بنى عثمانرضى الله عنه

- ‌صفة الإمام عثمان رضى الله عنه

- ‌كاتبه رضى الله عنه

- ‌حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌ذكر خلافة الإمام الأنزع والبطل السميدععلىّ بن أبى طالبكرّم الله وجهه ونسبه وما لخّص من أخباره

- ‌تفسير كلمات من هذا الخبر

- ‌تفسير ألفاظ من هذا الخبر

- ‌ذكر أول خطبة خطبها كرّم الله وجهه

- ‌ومن خطبه عليه السلام

- ‌ذكر سنة ست وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر نبذ ممّا جرى فى وقعة الجمل

- ‌ذكر طلحة بن عبيد الله وأخباره ومقتله

- ‌ذكر الزّبير وأخباره ومقتله

- ‌وكتب جوابه:

- ‌ذكر حرب صفّين بين علىّ ومعاوية رضى الله عنهما

- ‌ذكر سبب قدوم عمرو بن العاص على معاوية

- ‌ذكر سنة سبع وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر الحكمين وأمر التّحكيم

- ‌ذكر وقعة الخوارج بالنّهروان

- ‌ذكر قتلة محمّد بن أبى بكر الصّدّيقرضى الله عنه

- ‌ذكر سنة تسع وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة أربعين هجريّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌(313) ذكر مقتل الإمام علىّ كرّم الله وجهه

- ‌ذكر شئ من أحكام علىّ رضى الله عنه وقضاياهوبعض سيرته

- ‌ذكر أزواجه وأولاده رضوان الله عليهم

- ‌ذكر صفته كرّم الله وجهه

- ‌ذكر كتّابه عليه السلام

- ‌ذكر حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه عليه السلام

- ‌ذكر خلافة أحد شباب أهل الجنّةالحسن بن علىّ صلوات الله عليه

- ‌ذكر سنة إحدى وأربعينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر صفته عليه السلام

- ‌نقش خاتمه عليه السلام

- ‌فصل يتضمّن ذكر بقيّة الشعراءالمخضرمين

- ‌(329) حسّان بن ثابت الأنصارىرضى الله عنه

- ‌لبيد بن ربيعةوقد تقدم ذكره فى الجاهليّة

- ‌(330) النّابغة الجعدىّ

- ‌الحطيئة فى المشبّهات من العقم

- ‌عمرو بن شأس

- ‌الشمّاخ

- ‌عبدة بن الطبيب

- ‌(331) متمّم بن نويرة

- ‌كعب بن زهير

- ‌عمرو بن معد كرب

- ‌العبّاس بن مرداس

- ‌الخنساءوقد تقدّمت

- ‌(332) الزّبربان

- ‌عمرو بن الأهتم

- ‌أوس بن [مغراء]

- ‌أبو ذؤيب الهذلى

- ‌الوليد بن عقبة

- ‌وبتمام ذكر هذه الطبقة من الشعراء، وهو الجزء الثالثتمّ الجزء ولله الحمد والمنّة

- ‌الختام

- ‌استدراكات

- ‌تصويبات

الفصل: ‌ذكر ابتداء فتح الشام وما لخص عنه

‌ذكر ابتداء فتح الشام وما لخّص عنه

وذلك أنّ أبا بكر رضى الله عنه لما حدّث نفسه بغزو الروم، وكتم ذلك فى سرّه، فبينا هو فى ذلك إذ جاءه شر حبيل بن حسنة فقال: يا خليفة رسول الله، أتحدّث نفسك أن تبعث إلى الشام جندا؟ فقال: نعم، قد حدّثت نفسى بذلك فما أطلعتك عليه؟ فقال: إنّى رأيت فيما يرى النائم كأنّك فى ناس من المسلمين فوق جبل، فأقبلت تمشى معهم حتى صعدت منه إلى قبّة عالية أعلى الجبل، فأشرفت على الناس ومعك أصحابك أولئك، ثم إنّك هبطت من تلك القبّة إلى أرض سهلة دمثة، فيها القرى والعيون والزروع والحصون، فقلت: يا معشر المسلمين شنّوا الغارة على المشركين، فأنا الضامن لكم الفتح والغنيمة، وأنا فيهم ومعى راية فتوجّهت (119) بها إلى أهل القرية، فدخلتها فسألونى الأمان، فأمّنتهم ثم جئت، فأجدك قد انتهيت إلى حصن عظيم ففتح لك، وألقوا إليك السلم، وجعل لك عرش فجلست عليه، ثم قال لك قائل: يفتح الله عليك وينصرك، فاشكر ربّك واعمل بطاعته. ثمّ قرأ عليك:{إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ. .»} إلى آخر السورة، ثم انتهت.

قال أبو بكر رضى الله عنه: نامت عينك، ثم دمعت عيناه، وقال: أمّا الجبل الذى رأيت، فإنّا نكابد من أمر هذا الجند مشقّة ويكابدونه، ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا، وأمّا نزولنا من القبّة إلى تلك الأرض الدمثة السهلة ذات الزروع والحصون، فإنّا ننزل إلى أمر أسهل ممّا كنا، فيه الخصب والمعاش، وأمّا قولى للمسلمين: شنّوا الغارة، فإنّى ضامن لكم الفتح والغنيمة، فإنّ ذلك توجيهى

ص: 161

إن شاء الله تعالى المسلمين إلى بلاد المشركين، وأمرى إيّاهم بالجهاد فى سبيل الله، وأمّا الراية التى كانت معك فتوجّهت إلى قرية فدخلتها فاستأمنوك فأمّنتهم، فإنّك تكون أحد الأمراء من المتوجّهين، ويفتح الله على يديك، وأمّا الحصن الذى فتح الله لى فهو ذلك الوجه يفتح الله علىّ، وأمّا العرش الذى رأيتنى جالسا عليه فإنّ الله عز وجل يرفعنى ويضع المشركين، وأمّا أمرى بطاعة ربّى، وقرأ علىّ هذه السورة، فإنّه نعى إلىّ نفسى، فإنّ هذه السورة حين نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أنّ نفسه نعيت إليه، ثم سالت عيناه بالبكاء رضى الله عنه.

ثم قال: لآمرنّ بالمعروف، ولأنهينّ عن المنكر، ولأجاهدنّ من ترك أمر الله عز وجل، ولأجهّزنّ الجيوش إلى العادلين بالله فى مشارق الأرض ومغاربها، حتى يقولوا أحد، أو يؤدّوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإذا توفّانى (120) ربّى لم يجدنى مقصّرا، ولا فى ثواب المجاهدين زاهدا، ثم إنّه بعد ذلك أمّر الأمراء وجهّز البعوث.

قال: حدّثنا الوليد بن حمّاد، قال: حدّثنا الحسن (1) بن زياد عن أبى إسمعيل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنى الحارث بن كعب، عن عبد الله بن أبى أوفى الخزاعى، وكانت له صحبة، قال:[لمّا (2)] أراد أبو بكر رضى الله عنه أن يجهز الجنود إلى الشام دعا عمر، وعثمان، وعليّا، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن ابن عوف، وسعد بن أبى وقّاص، وأبا عبيدة بن الجرّاح، ووجوه المهاجرين

ص: 162

والأنصار من أهل بدر وغيرهم، فدخلوا عليه، قال عبد الله بن أبى أوفى الخزاعىّ:

وأنا فيهم، فقال: إنّ الله تعالى لا تحصى نعمه، ولا تبلغ الأعمال جزاءها، فله الحمد كثيرا على ما اصطنع عندكم، قد (1) جمع كلمتكم، وأصلح ذات بينكم، وهداكم إلى الإسلام، ونفى عنكم الشيطان، فليس يطمع أن تشركوا بالله، ولا أن تتّخذوا إلها غيره، والعرب بنو أمّ وأب (2)، وقد أردت أن أستنفرهم إلى الروم بالشام، فمن هلك منهم هلك شهيدا، وما عند الله خير للأبرار، ومن عاش منهم عاش مدافعا عن الدين، مستوجبا على الله عز وجل ثواب المجاهدين، هذا رأيى الذى رأيت، فليشر علىّ كلّ امرئ بمبلغ رأيه.

فقام عمر بن الخطّاب رضى الله عنه، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال: الحمد لله الذى يختصّ بالخير من يشاء من خلقه، والله ما استبقتنا إلى شئ من الخير إلاّ سبقتنا إليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، قد والله أردت [لقاءك](3) بهذا الرأى الذى ذكرت، فما قضى الله أن يكون ذلك حتى ذكرته الآن، فقد أصبت، أصاب الله بك سبل الرشاد، سرّب إليهم الخيل فى إثر الخيل، وابعث الرجال تتبعها الرجال (121) والجنود تتبعها الجنود، فإن الله عز وجل ناصر دينه، ومعزّ الإسلام وأهله، ومنجز ما وعد رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم قام عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه، فقال: يا خليفة رسول الله، إنّها الروم وبنو الأصفر، حدّ حديد، وركن شديد، والله ما أرى أن تقحم الخيل

ص: 163

عليهم إقحاما، ولكن تبعث الخيل فتغير فى أدانى أرضهم، ثم تبعثها فتغير، ثم ترجع إليك، ثم تبعثها فتغير ثم ترجع، فإذا فعلوا ذلك مرارا أضرّ (1) بعدوّهم، وغنموا من أدانى أرضهم فقووا به على قتالهم، ثم تبعث إلى أقاصى أهل اليمن، وإلى أقاصى ربيعة ومضر، فتجمعهم إليك جميعا، فإن شئت عند ذلك غزوتهم بنفسك، وإن شئت بعثت إليهم من ترى لغزوهم، ثم جلس، وسكت الناس.

فقال لهم أبو بكر رضى الله عنه: ماذا ترون رحمكم الله؟

فقام عثمان رضى الله عنه، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، وصلّى على النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال: نرى أنّك ناصح لأهل هذا الدين، عليهم شفيق، فإذا رأيت رأيك [علّمتهم](2) رشدا وصلاحا وخيرا، فاعزم على إمضائه، فإنّك غير ظنين ولامتّهم (3) عليهم.

فقال طلحة، والزبير، وسعد، وأبو عبيدة، رضى الله عنهم، وسعيد بن زيد، وجميع من حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار: صدق عثمان فيما قال ما رأيت من رأى فأمضه؛ فإنّا سامعون لك مطيعون، لا نخالف أمرك، ولا نتّهم رأيك، ولا نتخلّف عن دعوتك وإجابتك، فذكروا هذا وشبيهه، وعلىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه فى القوم لا يتكلّم، فقال له أبو بكر: ما ترى يا أبا الحسن؟ قال: أرى أنّك مبارك ميمون النقيبة (4)، وأنّك إذا سرت إليهم بنفسك، أو بعثت إليهم نصرت إن شاء الله تعالى، (122) [فقال أبو بكر: بشّرك الله] (5) بخير، فمن أين علمت هذا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال

ص: 164

هذا الدين ظاهرا على كلّ من ناوأه، حتى يقوم الدين وأهله ظاهرين».

فقال أبو بكر: سبحان الله، ما أحسن هذا الحديث لقد سرّك الله فى الدّنيا والآخرة.

ثمّ إنّ أبا بكر قام فى الناس فحمد الله وأثنى عليه، وذكره بما هو أهله، وصلّى على النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أيّها الناس، إنّ الله عز وجل قد أنعم عليكم بالإسلام، وأعزّكم بالجهاد، وفضّلكم بهذا الدين على أهل كلّ دين، فتجهّزوا عباد الله إلى غزو عدّوكم الروم بالشام، فإنّى مؤمّر عليكم أمراء، وعاقد لهم عليكم، فأطيعوا ربّكم، ولا تخالفوا أمراءكم، ولتحسن نيّتكم وسريرتكم (1)، فإنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون.

قال: وسكت النّاس، فو الله ما أجابه أحد هيبة لغزو الروم، لما يعلمون من كثرة عددهم وشدّة شوكتهم، فقام عمر بن الخطّاب رضى الله عنه فقال:

يا معشر المسلمين، ما لكم لا تجيبون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعاكم لما يحييكم؟

فقام خالد بن سعيد بن العاص، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: الحمد لله الذى لا إله إلاّ هو، بعث محمّدا، صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، فإنّ الله تعالى منجز وعده، ومعزّ دينه، ومهلك أعداءه، ثم أقبل على أبى بكر فقال: نحن غير مخالفين لك، ولا متخلّفين عنك، وأنت الوالى الناصح الشفيق، ننفر إذا استنفرتنا، ونطيعك إذا أمرتنا، ونجيبك إذا دعوتنا: ففرح أبو بكر رضى الله عنه بمقاله، وقال:

ص: 165

جزاك الله من أخ وخليل خيرا، فقد أسلمت مرتغبا (123) وهاجرت محتسبا، وهربت بدينك من الكفّار، لكى يطاع الله ورسوله وتكون كلمة الله العليا، فسر (1) رحمك الله.

قال: فتجهّز خالد بن سعيد بن العاص بأحسن جهاز، ثم أتى أبا بكر وعنده المهاجرون والأنصار، فسلّم ثم قال: والله لئن أخرّ من رأس حالق، أو تخطّفنى الطير فى الهواء بين السماء والأرض أحبّ إلىّ [من](2) أن أبطئ عنك ولا أجيب دعوتك، فو الله ما أنا فى الدنيا براغب، ولا على البقاء بحريص، وإنّى أشهدكم أنّى وإخوتى وفتياتى ومن أطاعنى من أهلى حبيس فى سبيل الله، نقاتل المشركين حتى يهلكهم الله، أو نموت عن آخرنا.

فقال له أبو بكر خيرا، ودعا له المسلمون بخير، وقال له أبو بكر: إنّى لأرجو أن تكون من نصحاء الله فى عباده: بإقامة كتابه، واتّباع سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، فخرج هو وإخوته وغلمانه ومن تبعه، فكان أوّل من عسكر إلى الروم، ثم تبعه الناس.

وأنفذ أبو بكر رضى الله عنه إلى اليمن، فأتت حمير بنسائها وأولادها، فاستبشر أبو بكر بذلك، ثم عقد الألوية وأمّر الأمراء المقدمين مثل: أبى عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبى سفيان، ومعاذ بن جبل، وشر حبيل بن حسنة، وأمّر عليهم، وأمّر على الجميع أبا عبيد بن الجرّاح، إذا اجتمعوا كان الأمير عليهم، فإن تفرّقوا فكلّ من هؤلاء أمير بحاله، وأوصاهم بما يعتمدونه.

ص: 166