المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر قتلة محمد بن أبى بكر الصديقرضى الله عنه - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٣

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌ذكر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمونسبه ومولده ومبعثه وما لخّص من معجزاته وآياته وسيرته

- ‌ذكر ما لخّص من ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر المؤذين له صلى الله عليه وسلممن قريش

- ‌ذكر المستهزئين به صلى الله عليه وسلممن قريش

- ‌ذكر المؤلّفة قلوبهممن قريش وغيرها

- ‌ذكر أصول قريش وفروعهاوشعوبها وقبائلها

- ‌ذكر الأعياص من بنى أميّةابن عبد شمس

- ‌ذكر شئ من بعض كلامه صلى الله عليه وسلمممّا لم يسبق إليه

- ‌ذكر للشبّهين به صلى الله عليه وسلممن قريش وغيرها

- ‌ذكر زوجاته أسماءمن غير نسبة

- ‌ذكر أولاده الذكور والإناثجملة من غير تفصيل لما يأتى بعد ذلك

- ‌ذكر ابتداء سياقة ذكر النيل المباركفى أوّل كلّ عام من أوّل الهجرة

- ‌ذكر فصل لطيف فى نيل مصريليق بهذا المكان ذكره

- ‌ذكرالسنة الأولى من الهجرة النبويّة

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين للهجرة النبويّةالنّيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث للهجرة النّبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌[ما لخّص من الحوادث]

- ‌ذكر سنة أربع للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة خمس للهجرة النبويّةالنيّل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌[ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ للهجرة النبويّةالنيّل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة سبع للهجرة النّبويّةالنّيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح مكّة-شرّفها الله تعالى-فى هذه السّنة

- ‌المعجزة فى سقوط الأصنام

- ‌ذكر سنة تسع للهجرة النّبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة عشر للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر حجّة رسول الله صلى الله عليه وسلموهى حجّة الوداع

- ‌ذكر سنة إحدى عشرةللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر صفاته المعنويّة صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما لخّص من كتاب الشفاءمن معجزاته صلى الله عليه وسلموعظّم وكرّم

- ‌ذكر أزواجه وأنسابهنّ وعدّتهنّرضوان الله عليهنّ أجمعين

- ‌(94) ذكر أولاده الذكور والإناث ومن تزوّج بهن

- ‌ذكر من تزوّج ببناته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أعمامه وعمّاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شئ من ابتداء أمرهولمع من خبره

- ‌تفسير كلمات من هذا الرجز

- ‌مخيلة ما ليس فيها لىتفسير ذلك

- ‌ذكر عمّاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الإناث من مواليه ومن اصطفى منهنّ لنفسه

- ‌ذكر من خدمه من الأحرار صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر من كان يحرسه فى غزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رسله إلى الملوك والقبائل

- ‌ذكر كتّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر رفقائه النجباء رضوان الله عليهم أجمعين

- ‌ذكر دوابّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر نعمه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر سلاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أثوابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خلافةالإمام أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهونسبه وبعض سيرته

- ‌تفسير كلمات من هذا الخبر

- ‌ذكر شئ من أمر الرّدّة ومنع الزّكاة

- ‌ذكر سنة اثنتى عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر لمع من خبر مسيلمة وسجاح

- ‌ذكر ابتداء فتح الشام وما لخّص عنه

- ‌ذكر سنة ثلاث عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ومن كلام عائشة رضى الله عنها فى أبيها بعد وفاته

- ‌صفة الإمام أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه

- ‌(126) ومن كلامه رضى الله عنه

- ‌أسماء كتّابه رضى الله عنه

- ‌أسماء حجابه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌ذكر خلافةالإمام الفاروق عمر بن الخطّابونسبه وبعض سيرته رضى الله عنه

- ‌ذكر إسلام عمر بن الخطّاب رضى الله عنه

- ‌ومما يستحسن من عدله وإنصافه

- ‌ذكر سنة أربع عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح دمشق وحمص وما معهما ملخّصا

- ‌ذكر وقعة اليرموك

- ‌ذكر سنة خمس عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر فتح إيلياء

- ‌ذكر ابتداء دخول المسلمين العراق

- ‌ذكر وقعة القادسيّة مع رستم

- ‌ذكر سنة سبع عشرةللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر وقعة جلولا بين الفرس والمسلمين

- ‌(156) ذكر سنة ثمانى عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة تسع عشرة للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة عشرين للهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر عمر بن العاصولمعا من خبره رضى الله عنه

- ‌تفسير كلم من هذا الحديث

- ‌ذكر مصر ومبتدئهاملخّصا من وجه

- ‌ذكر سبب دخول عمرو بن العاص مصرفى الجاهليّة

- ‌ذكر فتح مصر على يد عمرو بن العاصرضى الله عنه

- ‌ذكر بعض شئ ممّا وردفى صفة مصر

- ‌ذكر شئ مما ورد من الحديثفى الوصيّة بقبط مصر

- ‌ولنعد إلى سياقة التّاريخ

- ‌ذكر سنة إحدى وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر وفاة الإمام عمر رضى الله عنه

- ‌ذكر أولاد عمر بن الخطابرضى الله عنه

- ‌ومن كلامه رضى الله عنه

- ‌ومن أولاد عمر رضى الله عنه

- ‌صفته رضى الله عنه

- ‌كتّابه رضى الله عنه

- ‌حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌(198) ذكر سنة أربع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ذكر خلافة الإمام ذى النورينعثمان رضى الله عنه ونسبه وبعض سيرته

- ‌ذكر نبذ مما جرى فى هذه الغزاة

- ‌ومن مناقب عثمان رضى الله عنه

- ‌ذكر أمر الشورىوبيعة عثمان رضى الله عنه

- ‌أوّل خطبة خطبها عثمانرضى الله عنه

- ‌ذكر خطبة عثمانبعد تلك الأولى

- ‌ذكر سنة خمس وعشرينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ستّ وعشرينالنّيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة سبع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة تسع وعشرينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاثينللهجرة النبويّةالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة إحدى وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السّنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة اثنتين وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثلاث وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سنة أربع وثلاثونالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر سنة خمس وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ذكر مقتل عثمان بن عفّان رضى الله عنه

- ‌نبذ من أخبار بنى عثمانرضى الله عنه

- ‌صفة الإمام عثمان رضى الله عنه

- ‌كاتبه رضى الله عنه

- ‌حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه رضى الله عنه

- ‌ذكر خلافة الإمام الأنزع والبطل السميدععلىّ بن أبى طالبكرّم الله وجهه ونسبه وما لخّص من أخباره

- ‌تفسير كلمات من هذا الخبر

- ‌تفسير ألفاظ من هذا الخبر

- ‌ذكر أول خطبة خطبها كرّم الله وجهه

- ‌ومن خطبه عليه السلام

- ‌ذكر سنة ست وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر نبذ ممّا جرى فى وقعة الجمل

- ‌ذكر طلحة بن عبيد الله وأخباره ومقتله

- ‌ذكر الزّبير وأخباره ومقتله

- ‌وكتب جوابه:

- ‌ذكر حرب صفّين بين علىّ ومعاوية رضى الله عنهما

- ‌ذكر سبب قدوم عمرو بن العاص على معاوية

- ‌ذكر سنة سبع وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة ثمان وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر الحكمين وأمر التّحكيم

- ‌ذكر وقعة الخوارج بالنّهروان

- ‌ذكر قتلة محمّد بن أبى بكر الصّدّيقرضى الله عنه

- ‌ذكر سنة تسع وثلاثينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر سنة أربعين هجريّةالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌(313) ذكر مقتل الإمام علىّ كرّم الله وجهه

- ‌ذكر شئ من أحكام علىّ رضى الله عنه وقضاياهوبعض سيرته

- ‌ذكر أزواجه وأولاده رضوان الله عليهم

- ‌ذكر صفته كرّم الله وجهه

- ‌ذكر كتّابه عليه السلام

- ‌ذكر حاجبه رضى الله عنه

- ‌نقش خاتمه عليه السلام

- ‌ذكر خلافة أحد شباب أهل الجنّةالحسن بن علىّ صلوات الله عليه

- ‌ذكر سنة إحدى وأربعينالنيل المبارك فى هذه السنة:

- ‌ما لخّص من الحوادث

- ‌ذكر صفته عليه السلام

- ‌نقش خاتمه عليه السلام

- ‌فصل يتضمّن ذكر بقيّة الشعراءالمخضرمين

- ‌(329) حسّان بن ثابت الأنصارىرضى الله عنه

- ‌لبيد بن ربيعةوقد تقدم ذكره فى الجاهليّة

- ‌(330) النّابغة الجعدىّ

- ‌الحطيئة فى المشبّهات من العقم

- ‌عمرو بن شأس

- ‌الشمّاخ

- ‌عبدة بن الطبيب

- ‌(331) متمّم بن نويرة

- ‌كعب بن زهير

- ‌عمرو بن معد كرب

- ‌العبّاس بن مرداس

- ‌الخنساءوقد تقدّمت

- ‌(332) الزّبربان

- ‌عمرو بن الأهتم

- ‌أوس بن [مغراء]

- ‌أبو ذؤيب الهذلى

- ‌الوليد بن عقبة

- ‌وبتمام ذكر هذه الطبقة من الشعراء، وهو الجزء الثالثتمّ الجزء ولله الحمد والمنّة

- ‌الختام

- ‌استدراكات

- ‌تصويبات

الفصل: ‌ذكر قتلة محمد بن أبى بكر الصديقرضى الله عنه

ثم جمع ما كان فى عسكر الخوارج، فقسم السلاح والدوابّ بين المسلمين، وردّ المتاع والعبيد والإماء على أهاليهم، ثم خطب الناس، فقال: إنّ الله قد أحسن إليكم، وأعزّ نصركم، فتوجّهوا إلى عدوّكم، فقالوا: يا أمير المؤمنين قد كلّت سيوفنا، ونفدت نبالنا، ونصلت أسنّة رماحنا، فدعنا نستعدّ بأحسن عدّة، ونخرج لأمرك طائعين، وكان الذى كلّمه بهذا الأشعث بن قيس، ثم دخل الكوفة.

وفيها قتل محمّد بن أبى بكر الصّدّيق رضى الله عنه.

‌ذكر قتلة محمّد بن أبى بكر الصّدّيق

رضى الله عنه

وذلك أنّ محمّد بن أبى بكر كان عاملا على مصر من قبل علىّ عليه السلام حسبما تقدّم من الكلام فى ذلك، وكان قد سيّر ابن [مضاهم](1) الكلبى فى جيش إلى أهل خربتا، فأفشلوا، فهزم أهل خربتا ابن مضاهم، وقتلوه، وهزموا (308) جيشه، وفسدت مصر على محمّد بن أبى بكر، فبلغ ذلك عليّا، فقال: ما لمصر إلاّ أحد الرجلين: صاحبنا الذى عزلناه عنها، يعنى قيسا، أو مالك ابن الحارث، يعنى الأشتر.

وكان علىّ لمّا انصرف من صفّين ردّ الأشتر إلى عمله بالجزيرة، فكتب إليه وهو يومئذ بعمله أن أقدم علىّ، فقدم عليه، فعقد له على مصر، فبلغ معاوية الخبر

ص: 390

فعظم عليه، وقد كان طمع فى مصر، قال: فبعث إلى [الجايستار](1)، وهو رجل من أهل الخراج، فقال له: إنّ الأشتر سيقدم عليك طالبا مصر، فإن أنت كفيته لم آخذ منك خراجا ما بقيت، فاحتل عليه بما قدرت، قال: فخرج [الجايستار](1) حتى أتى القلزم، فأقام به حتى قدم الأشتر من العراق طالبا مصر، فلمّا انتهى إلى القلزم تلقاه [الجايستار](1)، فقال: أيّها الأمير، هذا منزل وطعام وعلف، وأنا رجل من أهل الخراج، فنزل عنده، فقدّم له طعاما، حتى إذا أكل، أتاه بشربة من عسل، قد برّد بماء، وكان الأشتر يحبّ ذلك، وجعل فيه سمّا قاتلا، فكان سبب موته، وأقبل معاوية يقول للناس من أهل الشام: أيّها النّاس، إنّ عليّا قد وجّه الأشتر إلى مصر، فادعوا الله أن يكفيكموه، فكانوا كلّ يوم يدعون على الأشتر، وقدم [الجايستار](1) على معاوية، وعرّفه بموت الأشتر، فقال: إنّ لله جندا منهم العسل، فصارت مثلا.

ثم قام خطيبا، وقال: أمّا بعد، فإنّه قد كان لعلىّ بن أبى طالب يداز، فقطعت إحداهما يوم صفّين، يعنى عمّار بن ياسر، وقطعت الأخرى اليوم، يعنى الأشتر، ثم وجّه [عمرو بن العاص إلى مصر](2) فى أربعة آلاف (3)، ووجّه معه ابن حديج، وأبا الأعور السلمى.

ولمّا قارب عمرو مصر، قام محمّد بن أبى بكر فى أهل مصر خطيبا، وانتدب (309) النّاس لحرب عمرو بن العاص، فانتدب معه نحوا من ألفى رجل،

ص: 391

واستقبل عمرو بن العاص كنانة بن بشر، وهو على مقدّمة محمّد بن أبى بكر، فلمّا دنا عمرو من كنانة سرّح الكتائب، فجعل كنانة لا يأتيه من كتائب أهل الشام كتيبة إلا شدّ عليها بمن معه، فيردّهم إلى عمرو، ففعل ذلك بهم مرارا، فلمّا رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج فأتاه فى مثل الدهم، فأحاطوا بكنانة، واجتمع أهل الشام عليهم من كل جانب، فلمّا رأى كنانة ذلك نزل عن فرسه، ونزل معه أصحابه وكنانة يقرأ:{وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً»} (1) الآية، ولم يزل يضاربهم بسيفه حتّى استشهد.

وأقبل عمرو بن العاص نحو محمّد بن أبى بكر وقد تفرّق عنه أصحابه، فلمّا رأى محمّد ذلك، خرج يمشى فى الطريق حتى انتهى به إلى خربة فى ناحية الطريق، فآوى إليها، وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، وخرج معاوية ابن حديج فى خيله فى طلب محمّد بن أبى بكر، حتّى انتهى إلى قارعة الطريق، فسأل من الناس هل مرّ بكم أحد تستنكرونه، فقال أحدهم: لا والله، إلاّ أنى دخلت تلك الخربة، فإذا أنا برجل جالس [فيها، فقال ابن حديج:](2) هو وربّ الكعبة، قال (3): فانطلقوا يركضون، حتّى دخلوا عليه فاستخرجوه، وقد كاد يموت عطشا، فأقبلوا نحو الفسطاط.

قال: ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبى بكر إلى عمرو بن العاص، وكان معه فى الجند، فقال: أيقتل أخى صبرا؟ ابعث إلى ابن حديج فانهه، فبعث عمرو

ص: 392

ابن العاص إلى ابن حديج، يأمره أن يبعث بمحمّد إليه، فقال معاوية بن حديج:

قتلتم كنانة بن بشر، وأخلّى أنا محمّد بن أبى بكر؟ هيهات هيهات، {أَكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ»} (1)، فقال لهم محمّد بن أبى بكر (310):

اسقونى شربة من الماء، فقال له ابن حديج: لا سقى الله من يسقيك قطرة من الماء، أنتم منعتم عثمان أن يشرب الماء، وقتلتموه صائما محرّما، فتلقّاه الله بالرحيق المختوم، والله لأقتلنّك يا ابن أبى بكر، حتّى يسقيك الله الحميم والغسّاق، فقال له محمّد بن أبى بكر: يابن اليهوديّة النسّاجة، ليس ذلك إليك، ولا إلى من ذكرت، إنّما ذلك إلى الله عز وجل، أما والله لو كان سيفى فى يدى ما بلغتم بى هذا!

فقال له ابن حديج: أتدرى ما أصنع بك؟ أدخلك فى جوف حمل، ثم أحرقه بالنار، فقال له محمّد بن أبى بكر: إن فعلتم بى ذلك فطالما فعلتم (2) ذلك بأولياء الله تعالى، وإنّى لأرجو أن تكون هذه النار التى تحرقنى بها [أن](3) يجعلها الله عز وجل [علىّ](3) بردا وسلاما، كما جعلها على خليله إبراهيم، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك كما جعلها على نمرود وأوليائه، وأن الله عز وجل ليحرقك ومن ذكرته، يعنى معاوية بن أبى سفيان، وهذا، وأشار إلى عمرو بن العاص، بنار تلظّى عليكم كلما خمدت (4) زادها الله سعيرا.

ص: 393

فقال له ابن حديج: إنّما أقتلك بعثمان، فقال له محمّد: وما أنت وعثمان، إنّ عثمان عمل بالجور، ونبذ حكم القرآن، وقد قال الله عز وجل:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ»} (1)، {فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ»} (2)، {وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ»} (3)، فنقمنا ذلك عليه، فقتلناه، [وحسّنت](4) أنت له ذلك [ونظراؤك](5)، فقد برّ أنا الله إن شاء الله من دمه، وأنت شريكه فى إثمه وعظم ذنبه. قال: فغضب ابن حديج، وقتله، ثم ألقاه فى جوف حمار ميّت، ثم أحرقه بالنار، فلما بلغ ذلك عائشة رضى الله عنها جزعت جزعا شديدا، وأقامت شهرا تدعو على معاوية، وعمرو بن العاص دبر كلّ صلاة، وأخذت عيال محمّد (311) إليها، فكان القاسم بن محمّد بن أبى بكر فى عيالها.

وقد كان محمّد بن أبى بكر قد نفّذ إلى علىّ-عليه السلام-يستنجده، فمدّه بمالك بن كعب فى ألفين، فسار خمسا، ثم إنّ الحجّاج بن غزيّة الأنصارى قدم على علىّ عليه السلام من مصر، وكان حاضرا بما جرى، وعاين هلاك محمّد ابن أبى بكر رضى الله عنه، ثم قدم عبد الرحمن شبيب الفزارى، وكان عينه بالشام، فعرّفه أن البشر أقدمت على معاوية بن أبى سفيان بقتل محمّد بن أبى بكر رحمه الله، وقال: يا أمير المؤمنين: لم أر قوما قط أشدّ سرورا من أهل الشام، حين أتاهم قتل محمّد بن أبى بكر، فقال على عليه السلام: إنّ حزننا عليه بقدر سرورهم لا بل يزيد أضعافا، ثم استرجع.

ص: 394