الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذى بخيبر، وقلت: يا رسول الله، إنّ الله نجّانى بالصدق، وإنّ من توبتى ألاّ أحدّث إلاّ صدقا ما حييت. والله ما أعلم أحدا من الناس أبلاه الله فى صدق الحديث منذ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل (205) ممّا (1) أبلانى، والله ما تعمّدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومى هذا، وإنّى لأرجو أن يحفظنى الله فيما بقى، وأنزل الله عز وجل:{لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ»} (2) الآية. ثم قال: «وعلى الثلاثة الذين خلّنوا» ، إلى قوله:{وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ»} (3).
وأنزل الله سبحانه فى الذين كذبوا: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا اِنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ، فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ، إِنَّهُمْ رِجْسٌ، وَمَأْااهُمْ جَهَنَّمُ، جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ، فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ»} (4).
ومن مناقب عثمان رضى الله عنه
قال ابن عمر رضى الله عنه: كنّا جلوسا أنا وأبو سعيد الخدرى ورافع بن خديج، فجاءنا غلام لعثمان بن عفّان، فقال: قوموا معى إلى أمير المؤمنين عثمان، فسلوه أن يكاتبنى، ففعلنا، فقال: إنّى شريته بخمسين ومائة، فإذا جاءنى بها
فهو حرّ، فأحضر المال، فقال له عثمان: أتذكر يوم عركت أذنك؟ قال: بلى يا سيّدى، قال: ألم أنهك أن تقول سيّدى، قم فخذ أذنى، فأبى، فلم يزل به حتى أخذ أذنه فعركها، وهو يقول شدّ، حتى إذا رأى أنّه قد بلغ منه قال:
حسبك، أنت حرّ، والمال الذى أتيت به لك، والقصاص فى الدنيا أهون من القصاص فى الآخرة.
وكان الحسن يقول، إذا ذكر قتل عثمان: عجبا، لهم أرزاق دارّة، وخير كثير، وذات بين حسن، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمنا إلاّ يودّ نصره وينصره ويألفه، فلو صبروا على الأثرة لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والأرزاق (206)، ولكن لم يصبروا، فسلّوا السيوف مع من سلّ، فصار عن الكفّار مغمدا وعلى المسلمين مسلولا إلى يوم القيامة.
وذلك أنّ عثمان كان يقول: أيّها الناس، اغدوا على أعطياتكم، فيغدون فيأخذونها وافية، ثم يقول: أيّها الناس، اغدوا على أرزاقكم، فيأخذون السمن والعسل.
وكان عثمان هيّنا ليّنا، إذا قام من اللّيل يتوضّأ لا يوقظ أحدا من أهله.
قالت عائشة رضى الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: «ادع لى بعض أصحابى، فقلت: هو أبو بكر؟ قال: لا! فقلت: فعمر؟ قال: لا! قلت: هو ابن عمّك؟ قال: لا! فقلت: عثمان؟ قال: نعم» ! فأتاه فسارّه فى أذنه، ولون عثمان يتغيّر، فلمّا كان يوم الدار وحصر قيل له: ألا تقاتل؟ قال: لا! إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلىّ عهدا وأنا صابر نفسى عليه.
وحفظ عثمان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أتى عثمان رضى الله عنه منزل عائشة، فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:
ذهب يبتغى لأهله قوتا، وإنّه ما أوقد فى أبياته نارا منذ سبعة أيّام، فقال:
رحمك الله، أفلا أعلمتنى؟ فلمّا رجع بعث بطعام وشاة إلى بيت كلّ واحدة من نسائه، فلمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما هذا يا عائشة؟» ، قالت: بعث به عثمان قال: «ابعثى منه للنسوة» ! قالت: ما منهنّ امرأة إلاّ أتاها مثل هذا.
فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، وقال:«اللهم لا تنسها لعثمان» .
وكان عثمان رضى الله عنه تاركا لكلّ ما يعاب عليه، كان له جليس يأنس به فحدّ فى الشراب، فقال له عثمان: لا تعد إلى مجلسى والخلوة معى، ما لم يكن معنا ثالث.
وقال علىّ عليه السلام وذكر عثمان: أما والله لقد سبقت له سوابق من الله عز وجل لا يعذّبه الله بعدها أبدا.
دخل عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (207) مضجع، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة رضى الله عنها: لم تفعل هذا بأبى بكر حين دخل، ولا بعمر، فقال:
ولما حجّ عمر رضى الله عنه فكان الحادى يحدو به ويقول:
إنّ الأمير بعده ابن عفّان
فلمّا ولى عثمان وحجّ كان الحادى يحدو به ويقول:
إنّ الأمير بعده علىّ
…
وفى الزبير خلف [رضىّ](1)
لمّا تزوّج عثمان نائلة بنت الفرافصة قال لها أبوها: إنّك تقدمين على نساء من قريش هنّ أقدر منك على العطر، فلا تغلبى عن الكحل والماء وتطهّرى، وأتت المدينة مع أخيها ضبّ بن الفرافصة، فقالت:
[ألست ترى](2)
…
يا ضبّ بالله أنّنى
مصاحبة نحو المدينة أركبا
نؤمّ أمير المؤمنين أخا التقى
…
وخير قريش منصبا ومراكبا
ومهرها عثمان عشرة آلاف درهم، وأعطاها غلاما اسمه وكيسان (3) وامرأته فأعتقتهما نائلة.
ولما أهديت نائلة إلى عثمان رضى الله عنه جلست على سرير، وجلس عثمان على سرير، فلمّا وضع عثمان قلنسوته بدت صلعته، قال لها: لا تكرهى ما ترين من الصلع، فإنّ وراءه ما تحبّين، فقالت: إنّى من نسوة أحبّ بعولتهنّ إليهنّ الشيخ السّيد (4)، فقال: إمّا أن تقومى إلىّ وإمّا أن أقوم إليك، فقالت:
ما تجشّمته من مسافة السماوة أبعد من عرض هذا البيت، فلمّا جلست إليه مسح رأسها، ثم قال: اطرحى ملحفتك، ففعلت، ثم قال: اطرحى خمارك، ففعلت، ثم قال: اطرحى درعك، ففعلت، ثم قال: وإزارك، فقالت: أنت وذاك (208) فلم تزل عنده حتى قتل.