الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يمكن عليه زيادة، وإنّ موقع الإطناب، من هذا الباب، من قول النبى صلى الله عليه وسلم:
«الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، إلاّ ابنى الخالة عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريّا» ، فهذه هى النجابة المؤبّدة المحتومة، والسيادة المخلّدة المعصومة.
روى أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، ومعه الحسن بن علىّ عليهما السلام فجعل يقبل على العبّاس مرّة وعلى الحسن مرّة، ثم قال:«إنّ ابنى هذا سيّد، ولعل الله عز وجل أن يصلح به بين (324) فئتين عظيمتين من المسلمين» ، ولهذا الحديث سلّم الحسن عليه السلام الأمر لمعاوية رضى الله عنه.
فكان أوّل من بايع الحسن عليه السلام قيس بن سعد، ثم تلاه الناس، وكانت يوم الأربعاء ثالث شوّال البيعة للحسن رضى الله عنه، ثم أقام متمسّكا بالأمر ستّة أشهر، وستّة أيام، لم يحدث أمرا، ثم سار إلى معاوية، والتقيا بمسكن (1) قادما من الكوفة، وسلّم الأمر له، كما يأتى ذكر ذلك فى سنة إحدى وأربعين، إن شاء الله تعالى.
ذكر سنة إحدى وأربعين
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم ثمانية أذرع وستّة عشر إصبعا، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وستّة أصابع.
ما لخّص من الحوادث
الإمام الحسن صلوات الله عليه أمير المؤمنين إلى حين ما سلّم الأمر لمعاوية،
لخمس بقين من شهر ربيع الأوّل من هذه السنة، وقيل إنّه صالحه بأرض بأذرح (1)، من عمل العراق، فى جمادى الأولى، وأخذ منه مائة ألف دينار، روى ذلك أبو بشر الدولابى رحمه الله تعالى.
وقال المسعودى (2) رحمه الله: إنّ الحسن عليه السلام لمّا صالح معاوية، واتّفقا على ما اتّفقا عليه، واجتمعا بالكوفة، كلّم عمرو بن العاص معاوية فى أن يأمر الحسن أن يقوم فيخطب الناس، قال: فكره ذلك معاوية، وقال: ليس برأى، فقال عمرو: إنّما أريد أن يخطب الناس، فيندو وجهه منهم، ولم يزل عمرو بمعاوية حتى أطاعه، فخرج معاوية فخطب الناس، ثم أمر رجلا فنادى: قم يا حسن، فكلّم النّاس، فقام الحسن فتشّهد فى بديهته، ثم قال: أمّا بعد، أيّها الناس، إنّ الله هداكم بأوّلنا، وحقن (325) دماءكم بآخرنا، وإنّ لهذا الأمر مدّة، والدنيا دول، وقد قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم:{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ»} (3).
وروى الشعبى رحمه الله ما ذكره الروحى رحمه الله قال (4): شهدت خطبة الحسن حين سلّم الأمر لمعاوية، قال: قام الحسن عليه السلام، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، وصلّى على النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: أمّا بعد، فإنّ أكيس الكيس التّقى، وأحمق الحمق الفجور، وإنّ هذا الأمر الذى اختلفت فيه أنا ومعاوية إنّما هو
لامرئ كان أحقّ به منّى، أو أحقّ به منه، فتركته له إرادة صلاح الأمّة، وحقنا لدمائهم، «وإن أدرى لعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين» ، فكانت مدّة خلافة الحسن عليه السلام ستّة أشهر وستّة أيام، متّفق عليه من أرباب التّواريخ (1).
وروى سفينة ما ذكره الرّوحى وغيره متّفق عليه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الخلافة بعدى ثلاثون عاما ثم تكون ملكا» ، أو قال ملوكا، فكان آخر خلافة الحسن عليه السلام تمام ثلاثين سنة، وثلاثة عشر يوما، من أوّل خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه.
ثم خرج الحسن بن علىّ عليهما السلام إلى المدينة فى سنة إحدى وأربعين، ومات بها فى شهر ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين مسموما، فاشتكى أربعين يوما ثم توفّى صلوات الله عليه وكان له من العمر سبع وأربعون سنة، ولد نصف رمضان سنة ثلاث، وولد الحسين صلوات الله عليهما بعده بعشرة أشهر واثنى عشر يوما، وقتل عليه السلام فى سنة إحدى وستّين، وعمره يوم ذاك تسع وخمسون سنة، كما يأتى ذكر ذلك فى موضعه، إن شاء الله تعالى.
وقيل مات الحسن عليه السلام ليلة السبت، لثمان خلون من المحرّم (326) سنة خمسين، وذكر المسعودى أنّ وفاة الحسن رضى الله عنه كانت وله خمسة وخمسون سنة (2) مسموما، وذلك أنّ معاوية بن أبى سفيان دسّ إلى جعدة