الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(198) ذكر سنة أربع وعشرين
النيل المبارك فى هذه السّنة:
الماء القديم ذراعان وأربعة عشر إصبعا، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وستّة أصابع.
ذكر خلافة الإمام ذى النورين
عثمان رضى الله عنه ونسبه وبعض سيرته
أمّا نسبه رضى الله عنه فهو: أبو عمرو، وأبو عبد الله، وأبو ليلى، عثمان ابن عفّان بن أبى العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، يلقى النبى صلى الله عليه وسلم فى عبد مناف.
أمّه رضى الله عنه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمّها أمّ حكيم البيضاء بنت عبد المطّلب، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والزبير ابن العوّام بأمّيهما فى عبد المطّلب؛ لأنّ أمّ الزبير صفيّة بنت عبد المطلب، وهما عمّتا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت أمّ حكيم البيضاء ترقّص عثمان فى صغره، وتقول:
ظنّى به صدق وبر
…
فأمره فيأتمر
من فئة بيض صبر
…
يحمون عورات الدّبر
قال عثمان رضى الله عنه: قدمت من الشام، فلمّا كنت بموضع كذا إذا أنا بمناد ينادى: أيّها النوام هبّوا، إنّ أحمد قد خرج بمكّة، فلم يتمالك دون أن قدم حتى أتى النبى صلى الله عليه وسلم، فأسلم. ولما أسلم أخذه الحكم بن العاص بن أميّة عمّه
فأوثقه رباطا، وقال: أترغب عن ملّة آبائك إلى دين محمّد، والله لا أحلّك حتى تدع ما أنت عليه، قال: والله لا أدعه أبدا، فلمّا رأى صلابته فى دينه تركه.
وحلفت أمّه أروى ألاّ تأكل له طعاما، ولا تلبس له ثوبا، ولا تشرب له شرابا حتى يدع دين محمّد، وتحوّلت إلى بنت أختها فأقامت حولا، فلمّا يئست منه عادت إلى منزلها.
وهاجر عثمان رضى الله عنه (199) الهجرتين إلى أرض الحبشة، فرارا من قريش، وكانت معه فى الهجرة الثانية زوجته رقيّة بنت النبى صلى الله عليه وسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنهما لأول من هاجر إلى الله سبحانه بعد إبراهيم ولوط» (1) يريد قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»} (2).
وكان عثمان رضى الله عنه تاجرا فى الجاهليّة والإسلام، يدفع ماله قراضا، ولم يشهد عثمان بدرا بسبب مرض رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدّم ذكر ذلك (3)، وتخلّف عثمان عن بيعة الرضوان، وكانت من أجله، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجّهه إلى مكّة فى أمر لا يقوم فيه غيره مقامه من صلح قريش، فأتاه صلى الله عليه وسلم خبر كاذب بأنّ عثمان قتل، فجمع عليه السلام أصحابه، وبايعهم على قتال أهل مكّة، وبايع عن عثمان، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، وقال:
«هذه لعثمان» ، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من يد عثمان لنفسه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سألت ربّى ألاّ يدخل النار أحدا صاهرته أو صاهر إلىّ» .
نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان فقال: «هذا المؤمن التّقى الشهيد شبيه إبراهيم عليه السلام» .
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنّة.
وكان علىّ كرّم الله وجهه يقول: كان عثمان أوصلنا للرحم، وكان من الذين آمنوا واتقّوا وأحسنوا، والله يحبّ المحسنين.
وكان عثمان رضى الله عنه يتختّم فى يساره، ويشدّ أسنانه بالذهب، وكان به سلس البول، وكان يتوضّأ لكلّ صلاة، وكان بالليل يلى وضوءه بنفسه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «أصدق أمّتى حياء عثمان» وقال صلى الله عليه وسلم: (200)«أرحمكم أبو بكر، وأشدّكم فى الدين عمر، وأقرؤكم أبىّ، وأصدقكم حياء عثمان، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأقضاكم علىّ، وأفرضكم زيد، ألا وإنّ لكلّ أمة أمينا، وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجرّاح» .
تمارى عثمان والزبير فى شئ، فقال الزبير: يا ابن صفيّة، فقال عثمان: هى أدنتك من الظلّ، ولولاها كنت ضاحيا.
واشترى عثمان بئر دومة، وكانت ركيّة (1) ليهودىّ، فاشترى نصفها باثنى عشر ألفا فجعلها للمسلمين، فاشتكى اليهودىّ، فقال له عثمان: إن شئت جعلت على نصيبك قربتين، وعلى نصيبك قربتين، وإن شئت فلى يوم ولك يوم، فقال اليهودى: لى يوم ولك يوم، فإذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم