الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولمّا دخل أهل مصر لقتل عثمان رضى الله عنه، ضرب رجل منهم عجيزتها، فقالت: أشهد أنّك لفاسق، وأنّك لم تأت غضبا لله تعالى، ولا محاماة عن الدين، وضربه رجل بالسيف، فاتقته بيدها، فأصاب السيف إصبعين من أصابعها، كما يأتى ذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله تعالى.
وولدت نائلة لعثمان مريم، يزوّجها عمرو بن الوليد بن عقبة، وكانت سيّئة الخلق، وكانت تقول لزوجها: جئتك بردا وسلاما، فيقول: أفسد بردك وسلامك سوء خلقك.
ولمّا خطب معاوية نائلة بنت الفرافصة بعد قتلة عثمان وألحّ عليها قالت:
ما الذى قال يعجبه منّى؟ قالوا: ثغرك، فأخذت المرآة، ونظرت إلى ثغرها فرأته حسنا، فتناولت الفهر، وكسرت ثناياتهما، وقالت: لا يحتلبنكن أحد بعد عثمان، فلمّا بلغ معاوية ذلك أمسك عنها.
ورثت فائلة عثمان، فقالت:
وما لى لا أبكى وتبكى قرابتى
…
وقد نزعت عنا فضول أبا عمرو
إذا جئته يوما ترجّى نواله
…
بدا لك من سيماه أبيض كالبدر
ذكر أمر الشورى
وبيعة عثمان رضى الله عنه
لما طعن عمر رضى الله عنه استدعى عليّا، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقّاص فلمّا دخلوا لم يكلّم أحدا إلاّ عليّا وعثمان، فقال: يا علىّ، لعلّ هؤلاء سيعرفون قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإن وليت هذا الأمر فاتّق الله، ثم قال لعثمان: لعل هؤلاء يعرفون لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن وليت هذا الأمر فاتّق الله، ولا تحملنّ بنى معيط على رقاب الناس، ثم دعا صهيبا فقال (209) له: صلّ بالناس إلى أن يتّفقوا على إمام، فلمّا خرجوا قال عمر: إن وليها الأجلح (1) سلك بهم الطريق، فقال له ابنه: فما يمنعك منه يا أمير المؤمنين؟ قال:
أكره أن أتحمّلها حيّا وميّتا.
قال ابن عبّاس رضى الله عنه: قال لى عمر قبل أن يطعن: ما أدرى كيف أصنع بأمّة محمّد صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقلت: استخلف عليهم! فقال: صاحبكم؟ قلت:
نعم، لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسابقته وبلائه، فقال: إنّ فيه فكاهة، قلت:
فأين أنت عن طلحة؟ قال: أين الزهو والنخوة؟ أنف فى السماء واست فى الماء، قلت: فعبد الرحمن بن عوف؟ قال: صالح على ضعف فيه، قلت: فسعد؟ قال: ذاك صاحب مقنب ومال، لا يقوم بقرية لو حمل أمرها، قلت: فالزبير؟ قال:
مؤمن الرضا، كافر الغضب، شحيح، قلت: فأين أنت عن عثمان؟ قال: لو وليها لحمل بنى معيط على رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه.
وكان طلحة غائبا فى أيّام الشورى، فبعثوا إليه من يستحثّه، فلم يحضر إلاّ بعد المبايعة لعثمان، فجلس فى بيته، وقال: أعلى مثلى يفتأت؟ فجاءه عثمان، فقال له طلحة: إن رددت الأمر تردّه؟ قال عثمان: نعم! قال: فأنا أمضيه، وبايعه.
ولمّا دفن عمر رضى الله عنه أمسك أصحاب الشورى، ولم يحدّثوا شيئا، ودفن عمر رحمه الله يوم الأحد، مستهلّ المحرّم من سنة أربع وعشرين، وهو اليوم الرابع من طعنه، وعمره يومئذ ثلاث وستّون سنة، وفيه خلاف.
ولمّا اجتمعوا فى بيت المال أو فى دار المسوّر بن مخرمة، وحكموا عبد الرحمن ابن عوف على أن يخرج نفسه من الخلافة، أخذ بيد علىّ عليه السلام وقال:
عليك عهد الله وميثاقه إن بايعتك ألاّ تحمل بنى عبد المطّلب على رقاب الناس، ولتسيرنّ بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تحول عنها (210) ولا تغضى ولا تقصّر فى شئ منها! فقال علىّ عليه السلام: لا آخذ عهد الله وميثاقه على ما لا أدركه ولا يدركه غيرى، من ذا يطيق سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولكن أسير من سيرة رسول الله بما يبلغه الاجتهاد منّى، وبقدر علمى، فأرسل عبد الرحمن يده، ثم أخذ بيد عثمان، ثم استخلفه بالعهود والمواثيق ألاّ يحمل بنى أميّة على رقاب الناس وأن يسير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر، ولا يخالف شيئا من ذلك، فحلف له، فقال علىّ عليه السلام لعبد الرحمن: قد أعطاك أبو عبد الله الرضا، فشأنك فبايعه، فعاد وأخذ بيد علىّ عليه السلام، وعرض عليه ما كان عرضه، فقال على:
الاجتهاد، فبويع لعثمان رضى الله عنه ليلة السبت ثالث المحرّم، وقيل: مستهلّ المحرّم وهو الصحيح، والله أعلم.
وحجّ بالناس فى هذه السنة عبد الرحمن بن عوف بأمر عثمان، ثم حجّ عثمان فى خلافته كلّها عشر سنين، خلا السنة التى حوصر فيها، وهى سنة خمس وثلاثين وجّه عثمان عبد الله بن عبّاس فحجّ بالناس.