الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتلة عثمان المقتول ظلما، أفاد (1) الله من محمد بن أبى بكر، وأهدى (242) إلى الأشتر سهما من سهامه، وهراق دم ابن بديل فو الله ما [من] القوم أحد إلاّ أصيب بدعوتها.
نبذ من أخبار بنى عثمان
رضى الله عنه
ومن أولاده عمرو بن عثمان، وهو أكبر ولده وأشرفهم، وأمّه رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)، دعاه مروان إلى الشخوص معه إلى الشام ليبايع له بالخلافة فأبى، ولعمرو هذا مع مسلم بن عقيل فى وقعة الحرّة خبر يذكر فى موضعه إن شاء الله تعالى، وكان عمرو بن عثمان هذا تزوّج امرأة من ولد السائب، فلمّا نصّت عليه طلّقها على المنصّة، فجاء أبوها إلى عبد الله بن الزبير فأخبره خبره، وقال:
أخشى أن يظنّ الناس أنّ طلاقها عن عاهة بها، فقم فادخل عليها لتنظرها، فقال ابن الزبير: أو خير من ذلك، جيئونى بالمصعب، فجاء، فزوّجها عبد الله من أخيه المصعب، فما يعرف امرأة نصّت على زوجين فى ليلة غيرها.
ومن أولاد عمرو بن عثمان: عبد الله، كان يدعى المطرف لجماله وحسنه، كانت تحت الحسن بن الحسن بن علىّ بن أبى طالب فاطمة بنت الحسين بن علىّ ابن أبى طالب وكانت جميلة يرغب فيها، فلمّا حضرت الحسن الوفاة، قال لفاطمة زوجته: كأنّى بك إذا متّ نظرت إلى عبد الله بن عمرو بن عثمان المطرف مرجّلا
جمّته (1)، لا بسا حلّته، متعرّضا لخطبتك، فانكحى من شئت غيره! فحلفت بعتق عبيدها وصدقة مالها أنّها لا تتزوّجه، ثم مات الحسن وخرج بجنازته، وحضرها المطرف عبد الله بن عمرو بن عثمان، فنظر إلى فاطمة حاسرا تلطم وجهها، فأرسل إليها أنّ لنا فى وجهك حاجة، فارفقى به، فعرف فيها الاسترخاء، وخمّرت وجهها، فلمّا حلّت (243) خطبها، فقالت: كيف أصنع بيمينى؟ قال: لك مكان كلّ شئ شيئان، فقبلت، وتزوّجها، وأبرّ يمينها، فولدت له محمّدا الذى يقال له الديباج.
وكان جميل بثينة يقول لبثينة: ما رأيت عبد الله بن عمرو بن عثمان يخطر على البلاط إلاّ دخلتنى الغيرة عليك، خوفا أن تريه أو ترى مثله وإن بعدت دارك، وكان عبد الله بن عمرو كثير التزويج والطلاق، قالت له امرأة من نسائه:
مثلك مثل الدنيا، لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجائعها، وأخذه المنصور مع الطالبيّين أيام محمّد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن حسن (2)، فضرب عنقه صبرا.
ومن ولد عثمان رضى الله عنه سعيد بن عثمان، ولى خراسان من قبل معاوية، وفتح سمرقند، وكان أعور بخيلا، وكان عند سعيد بن عثمان غلمان من أبناء الملوك من السغد، دفعوا إليه رهائن، فقدم بهم سعيد حين عزله معاوية لمّا خاف أن يطلب الخلافة لنفسه، فلمّا صار بهم إلى المدينة أخذ كسوتهم ومناطقهم،
ودفعها لغلمانه، وكساهم الصوف، وألزمهم أعمالا صعبة، فدخلوا عليه فى مجلسه، فقتلوه، ثم قتلوا أنفسهم.
فقال الوليد بن عقبة:
ألا إنّ خير النّاس نفسا ووالدا
…
سعيد بن عثمان قتيل الأعاجم
ولمّا بايع معاوية لولده يزيد قال صبيان المدينة فى أقوالهم:
والله لا مبايعا يزيد
…
حتّى ينال رأسه الحديد
إنّ الأمير بعده سعيد
فلمّا قدم سعيد بن عثمان على معاوية قال له: يا بن أخى، ما شئ بلغنى عنك من ترشيحك للخلافة؟ قال: وما ينكر من ذلك يا معاوية؟ والله إنّ أبى لخير من أبى يزيد، وإنّ أمّى لخير من أمّه، ولأنا خير منه، ولقد استعملناك (244) فما عزلناك، ووصلناك فما قطعناك، وصار أمرنا فى يديك، فخلأتنا عنه أجمع، فقال معاوية: صدقت فى أنّ اباك خير منّى، وأنّ أمّك خير من أمّه، لأنّ أمّك من قريش وأمّه من كلب، وبحسب امرأة أن تكون من صالحى نسائها، وأمّا قولك أنّك خير منه، فو الله ما يسرّنى أنّ بينى وبين العراق حبلا نظم لى فيه أمثالك، الحق بالعراق عمل زياد، فقد أمرته أن يولّيك خراسان، ثم عزله بعد ذلك خوفا منه.
ومن ولد عثمان رضى الله عنه أبان بن عثمان، شهد أبان الجمل مع عائشة، وولى المدينة فى أيّام عبد الملك بن مروان، فقال عروة بن الزبير: الله أكبر، جاء فى الحديث أنّ:«هلاك بنى أميّة عند ولاية رجل أحول» ، وكان أبان
أحول أبرص، وكانوا يظنّونه الأحول الذى هلاك بنى أميّة عند ولايته، وكان ذلك الأحول هشام بن عبد الملك، وكان أبان صاحب رشوة وجور، وأصابه فالج، فمات فى خلافة يزيد بن عبد الملك.
ومن ولد أبان عبد الرحمن، كان يصلّى فى كلّ يوم ألف ركعة، ويكثر الحجّ والعمرة، وله خطر، ومروءة، وصلاح، وصدقة، كان إذا تصدّق قال: اللهمّ هذا لوجهك الكريم، فخفّف عنّى الموت، فصلّى الغداة فى خروجه إلى الحجّ، ثم نام، فأيقظوه فوجدوه ميتا.
وكان محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان يسمّى الديباج لحسنه، وأمّه فاطمة بنت الحسين صلوات الله عليه، فقدم الرمّاح بن ميّادة المدينة، وأميرها عبد الواحد ابن سليمان، فسمع عبد الواحد يقول: إنّى لأهمّ بالتزويج فابغونى أيّما! فقال ابن ميّادة: أنا أدلّك، قال: على من؟ وفّقك الله؟ فقال: دخلت مسجدكم هذا فإذا أشبه شئ به وبمن فيه الجنّة وأهلها، فبينا أنا أمشى (245) إذ قادتنى رائحة عطر من رجل، فوقعت عينى عليه، واستلهانى حسنه، وتكلّم فكأنّما قرأ قرآنا، وتلا زبورا، حتى سكت، فلولا علمى بالأمير لقلت إنّه هو، فسألته عنه، فأخبرت أنّه من الحيّين للخليفتين عثمان وعلىّ: وأنّه قد نالته ولادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلها نور ساطع فى غرّته، فإن اجتمعت أنت وهو على ولد، بأن تتزوّج ابنته ساد العباد، وجاب ذكره البلاد، فقال: ذاك محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، ولد [فاطمة](1) بنت الحسين، فقال ابن ميّادة:
لهم بهجة لم يعطها الله غيرهم
…
وكلّ عطاء الله فضل مقسّم