الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ثمان للهجرة النبويّة
النيل المبارك فى هذه السّنة:
الماء القديم أربعة أذرع وثلاثة أصابع، مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعا وخمسة أصابع.
ما لخّص من الحوادث
سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ومكّة بأيدى قريش إلى حين فتحها فى هذه السّنة.
وفيها ولدت مارية القبطيّة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الذى بشّر به أبو رافع، فوهب له صلى الله عليه وسلم عبدا، وكان مولده فى ذى الحجة.
وفيها كانت غزاة حنين والطّائف.
ذكر فتح مكّة-شرّفها الله تعالى-فى هذه السّنة
قال ابن إسحاق: لمّا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز إلى مكّة دخل أبو بكر رضى الله عنه على عائشة رضى الله عنها فقال: أى بنيّة، أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهّزوه؟ قالت: نعم، قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: لا والله ما أدرى.
ثم إنّه عليه السلام أعلم النّاس أنّه يريد مكّة، وأمرهم بالجدّ والتأهّب، ثم قال: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى لا يعلموا ما نريد (1).
قال الطبرىّ: فلمّا أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم (46) السير (1) إلى مكّة، كتب حاطب ابن أبى بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاه لامرأة يزعم محمّد بن جعفر أنّها من مزينة، وزعم غيره أنّها سارة مولاة لبعض بنى عبد المطّلب، وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا، فجعلته فى رأسها ثم ضمّت (2) عليه قرونها، ثم خرجت من المدينة، فنزل الوحى بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه والزبير بن العوّام رضى الله عنه فقال: أدركوا (3) امرأة قد كتب معها حاطب كتابا إلى قريش يحذّرهم بما اجتمعنا له (4)! فخرجا فى طلبها، فأدركاها واستنزلاها والتمسا رحلها فلم يجدا (5) شيئا، فقال لها علىّ عليه السلام: إنّى أحلف ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا؛ ولتخرجنّ هذا الكتاب أو لنكشفنّك! فلمّا علمت أنّ لا لها بدّ من إخراجه وخافت الفضيحة قالت: أعرض عنّى! ثم استخرجته من قرونها ودفعته إلى علىّ عليه السلام، [فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم](6) فدعا رسول الله حاطبا، وقال: ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله، إنّى والله مؤمن ولست بمنافق، ما غيّرت ولا بدّلت، ولكن لى بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم عليهم، فقال عمر رضى الله عنه: دعنى أضرب عنقه يا رسول الله فإنّ الرجل
قد نافق! فقال صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر، لعلّ الله اطّلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد [غفرت](1) لكم.
قال ابن عبّاس: فأنزل الله تعالى فى حاطب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ»} الآية (2).
قال: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره، واستخلف على المدينة كلثوم بن حصين الغفارى، وخرج [لعشر](3) مضين من رمضان، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بين عسفان (47) وأمج أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سار حتى نزل مرّ الظهران فى عشرة آلاف من المسلمين مع جميع المهاجرين والأنصار فلم يتخلف عنه منهم أحد. وعمّيت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم خبر.
قال: فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسّسون الأخبار، وكان العبّاس بن عبد المطّلب قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض الطريق، وكان قبل ذلك مقيما بمكّة على سقايته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عنه راض، فلمّا نزل صلى الله عليه وسلم مرّ الظهران قال العبّاس: واصبح (4) قريش، والله لئن بغتها رسول الله صلى الله عليه وسلم بغتة، ودخل مكّة عنوة إنّه لهلاك قريش إلى آخر الدهر، قال:
فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت عليها حتى أتيت الأراك، فقلت لعلّى أجد حطّابا أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتى إلى مكّة، فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلّ أن يأتوه يستأمنون منه قبل أن يدخلها عنوة، فو الله إنّى
لأطوف فى الأراك ألتمس ما خرجت إليه إذ سمعت صوت أبى سفيان وبديل ابن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قطّ ولا عسكرا، فقال بديل بن ورقاء: هى والله نيران خزاعة حمشتها الحرب، فقال أبو سفيان: خزاعة ألأم من ذلك وأذلّ! قال العبّاس: فعرفت صوته فقلت: أى أبا حنظلة! فعرف حسّى وصوتى فقال: العبّاس؟ قلت: نعم! قال: ما وراءك بأبى وأمّى أنت؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الناس، واصباح قريش والله! قال: فما الحيلة فداك أبى وأمّى؟ قلت: لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك، فاركب فى عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول الله تستأمن منه!
قال: فركب خلفى ورجع صاحبه، فجئت به، فكلّما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: عمّ رسول الله (48) على بغلة رسول الله، حتى مررت بنار عمر ابن الخطّاب فقال: من هذا؟ ثم قام إلىّ، فلمّا رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان عدوّ الله ورسوله؟ الحمد لله الذى أمكن منك بغير عهد ولا ميثاق! ثم خرج يشتدّ نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا قد ركضت البغلة، ودخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر فى إثرى، فقال: يا رسول الله: هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فأمرنى أضرب عنقه! فقلت: يا رسول الله إنّى قد أجرته! فلمّا أكثر عمر فى شأنه قلت: مهلا يا عمر، فو الله لو كان من رجال عدىّ بن كعب ما أكثرت فيه، ولكنّك عرفت أنّه من رجال عبد مناف! فقال: مهلا يا عبّاس، فو الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحبّ إلىّ من أن أسلم الخطّاب لو أسلم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب به يا عمّ إلى رحلك فإذا أصبحت مأتنى به.
قال العبّاس: فذهبت به إلى رحلى، فلمّا أصبح غدوت به إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فلمّا رآه قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنّه لا إله إلاّ الله؟ قال:
بأبى وأمّى أنت، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، والله لقد ظننت أنّه لو كان مع الله غيره لقد أغنى عنّا شيئا بعد، قال: ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنّى رسول الله؟ قال: بأبى وأمّى أنت، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه فإنّ فى النفس منها شيئا بعد الآن، فقال العبّاس: ويحك أسلم قبل أن يأمر بك فتضرب عنقك! قال: فأسلم وتشهّد شهادة الحقّ.
قال العبّاس: يا رسول الله، إن أبا سفيان يحبّ الفخر فاجعل له منه نصيبا! فقال عليه السلام: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فقال: وما يغنى منزلى والمسجد، فدتك نفسى، فقال عليه السلام: ومن أغلق بابه فهو آمن، فلمّا ذهب أبو سفيان لينصرف قال النبى صلى الله عليه وسلم للعبّاس: يا عمّ احبسه بمضيق الوادى حتى تمرّ به جنود الله فيراها.
قال العبّاس: فخرجت به حتى حبسته بمضيق الوادى، قال: ومرّت علينا القبائل (49) فكان كلّما مرّت قبيلة يقول: من هذه يا عبّاس؟ فأقول له: هذه سليم، فيقول: مالى ولسليم، ثم تمرّ بنا أخرى فيقول: ومن هذه أيضا فأقول: مزينة، فيقول: ما لى ولمزينة، وعادت القبائل تمرّ بنا أولا فأوّلا، وهو يسألنى وأنا أخبره وهو يقول كذلك حتى مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتيبته الخضراء فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى فيهم إلاّ حماليق الحدق من الحديد، فقال: سبحان الله يا عبّاس، من هؤلاء الذين قد ملئت منهم رعبا وخوفا؟
فقلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المهاجرين والأنصار! فقال: ما لأحد بهؤلاء قبل، والله يا عبّاس لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما! فقلت: يا سبحان الله، إنّها النبوّة، ثم قلت: التجئ الآن إلى قومك!
قال: فخرج حتى [إذا](1) جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، ها محمّد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دارى فهو آمن! قال: فقامت إليه هند بنت عتبة زوجته فأخذت بشاربه وقالت: قاتلك الله، وما تغنى عنهم دارك؟ قال: ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن! قال: فتفرّق الناس فى كلّ موضع من هؤلاء المواضع.
فلمّا انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذى طوى، فرّق جيشه فأمر الزبير بن العوّام وكان على الفرقة اليسرى أن يدخل ممّا يليه، وأمر سعد بن عبادة الأنصارى أن يدخل ممّا يليه أيضا، قال ابن إسحاق: فزعم بعضهم أنّ سعدا حين وجه داخلا قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ [الحرمة](2)، فسمعها بعض المهاجرين، فقال: يا رسول الله، ما بال سعد بن عبادة أنّه لا يؤمن أن يكون له فى قريش صولة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه:
«أدركه فخذ الرّاية منه وكن أنت الذى تدخل بها من جهته التى هو بها» .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه (50) وكان على الفرقة اليمنى أن يدخل من أسفل مكّة، قال: وكان عكرمة بن أبى جهل وصفوان بن أميّة قد جمعا جمعا وعزموا على القتال، فلمّا دخل خالد بن الوليد لقيهم فناوشهم القتال
فقتل من المسلمين رجلان وأصيب من المشركين نحو من ثلاثة عشر رجلا، ثم انهزموا، هذه رواية ابن إسحاق.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعلى مكّة وضرب هناك قبّته، قال ابن إسحاق:
وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه حين أمرهم بالدخول إلى مكّة ألاّ يقتلوا أحدا إلاّ من قاتلهم، إلا أنّه سمّى جماعة أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، منهم: عبد الله بن أبى سرح وكان قد أسلم ثم ارتدّ، وكان يكتب بين يدى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الوحى فيكتب مكان الغفور الرحيم:
العزيز الحكيم، ومكان عليما حكيما: غفورا رحيما، وما أشبه ذلك، وقال إن محمّدا يملى علىّ فأكتب أنا ما شئت أن أكتب، فنزل الوحى بذلك، فهرب حتى لحق بالمشركين من قريش، وكان أخا لعثمان بن عفّان من الرضاعة، فغيّبه عثمان وسيّره حتى اطمأنّ أهل مكّة، فجعل يستأمن له من النبى صلى الله عليه وسلم ويشفع فيه، قال ابن الحصين: فصمت النّبىّ صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال: نعم! فلمّا انصرف عثمان به قال النبى صلى الله عليه وسلم لمن حوله: أما والله لقد [صمتّ](1) ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه، فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلىّ يا رسول الله؟ فقال:
ما كان لنبىّ أن يكون له خائنة عين (2)، ثم إنّ ابن أبى سرح أسلم وحسن إسلامه، ونفع الله به وفتح إفريقية.
ومنهم عبد الله بن خطل من بنى الأدرم أعراب قريش (1)، كان مسلما فبعثه النبى صلى الله عليه وسلم مصدقا، وبعث معه فنزل [منزلا، وأمر المولى](2) أن يذبح له شاة أو تيسا ويصنع له طعاما، فنام واستيقظ ولم يصنع له شيئا، فعدا على الغلام فقتله وارتدّ مشركا، وكان له قينتان تغنّيان بما لا يسمع فى هجوهما للنبى صلى الله عليه وسلم فقتل يوم الفتح وهو متعلّق بأستار الكعبة وقتلت إحدى القينتين، وتخفّت الأخرى ثم وطئها بعد ذلك فرس فقتلها.
ومنهم [مقيس بن صبابة (3)] كان مسلما، فقتل رجلا من الأنصار وارتدّ مشركا، فقتله ذلك اليوم رجل فى معترك الحرب.
ومنهم عكرمة بن أبى جهل، نجاه فزارة، ثم إنّ امرأته أسلمت وهى أمّ حكيم [بنت الحارث (4)] بن هشام، واستأمنت له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع من فزارة وأسلم، وصار الناس يقولون فيه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات.
ومنهم [الحويرث بن نقيذ (5)]، قتله علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه، لأنّه كان ممّن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكّة.
ومنهم سارّة مولاة بعض بنى عبد المطّلب، كانت تؤذى النبى صلى الله عليه وسلم فقتلت يومئذ.
ومنهم [قريبة (1)]، قتلت أيضا، ومنهم هند بنت عتبة أم معاوية، بايعت ونجت.
قال ابن إسحاق: فلمّا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة واطمأنّ الناس، خرج حتى جاء البيت، وأقبل الناس يبايعونه.
قال الطبرى: ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام قائما حتى (2) وقف على باب الكعبة، فقال: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا [كلّ مأثرة (3)] أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدمىّ هاتين إلاّ سدانة البيت وسقاية الحاجّ، ثمّ، يا معشر قريش، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهليّة [وتعظّمها (4)] بالآباء، [الناس (5)] من آدم (52) وآدم [خلق](6) من تراب، ثم تلا هذه الآية:{يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى،»} -الآية (7). ثم قال: يا معشر قريش-أو قال: يا أهل مكّة -ما ترون أنّى فاعل بكم؛ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم! قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء! فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ثم اجتمع الناس لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، وكذلك كانت بيعته لمن بايع من الناس على الإسلام، فلمّا فرغ
من بيعة الرجال بايع النساء، وكان صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء ولا يمسّ امرأة ولا تمسّه امرأة من غير حلّة، فاجتمع إليه نساء قريش فيهنّ هند بنت عتبة متنكّرة، لما كان من صنيعها بحمزة فى غزاة أحد، فلمّا [دنون (1)] منه للمبايعة قال النبى صلى الله عليه وسلم: لتبايعننى على ألاّ تشركن بالله شيئا! قالت هند: والله إنّك لتأخذ علينا أمرا ما تأخذه على الرجال! قال: ولا تسرقن! قالت: والله إن كنت لأصيب من مال أبى سفيان الهنة وما أدرى أكان ذلك حلالا أم لا؟ فقال أبو سفيان، وكان حاضرا شاهدا لما تقول: أمّا ما أصبت فيما مضى فأنت [منه](2) فى حلّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإنّك لهند بنت عتبة، قالت: أنا هند بنت عتبة فاعف عمّا سلف [عفا (3)] الله عنك! ثم قال: ولا تزنين! قالت:
وهل تزنى الحرّة؟ قال: ولا تقتلن أولادكن! قالت: قد ربيناهم صغارا وقتلوا يوم بدر كبارا وأنت بهم أعلم، قال (4): فضحك عمر بن الخطّاب من قولها، قال: ولا [تعصيننى (5)] فى معروف! قالت: ما جلس هذا المجلس ونحوه من شهد أنّه يعصيك! فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم لعمر (53): بايعهنّ واستغفر لهنّ الله، فبايعهنّ عمر رضى الله عنه.
قال ابن إسحاق: وأتى أبو بكر رضى الله عنه بأبيه أبى قحافة يقوده-فقد كان كفّ بصره-إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد، فلمّا رآه قال: هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ فقال أبو بكر: بأبى أنت وأمّى يا رسول الله هو أحقّ أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه! قال: