المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثمانون حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٨

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌بابٌ وقت الظهر عند الزوال

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله أربعة

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تأخير الظهر إلى العصر

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌باب وقت العصر

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وقت العصر

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب إثم من فاته العصر

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من ترك العصر

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل صلاة العصر

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من أدرك ركعة من العصر قبل المغرب

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب وقت المغرب

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ثلاثة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب مَنْ كَرِهَ أن يقال للمغرب العشاء

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وقت العشاء إذ اجتمع الناس أو تأخروا

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب فضل العشاء

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يكره من النوم قبل العشاء

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب النوم قبل العشاء لمن غُلِب

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وقت العشاء إلى نصف الليل

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب فضل صلاة الفجر

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب وقت الفجر

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من أدرك من الفجر ركعة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أدرك من الصلاة ركعة

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب لا تُتَحرَّى الصلاة قبل غروب الشمس

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يُصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب التبكير بالصلاة في يوم غيم

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الأذان بعد ذهاب الوقت

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قضاء الصلاة الأولى فالأُولى

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب ما يكره من السمر بعد العشاء

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب السمر مع الأهل والضيف

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب أبواب الأذان

- ‌باب بدء الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الأذان مثنى

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإقامة واحدة إلا قوله قد قامت الصلاة

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب فضل التأذين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب رفع الصوت بالنداء

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يحقن بالأذان من الدماء

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يقول إذا سمع المنادي

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب الدعاء عند النداء

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاستهام في الأذان

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الكلام في الأذان

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الأذان بعد الفجر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب الأذان قبل الفجر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله تسعة:

- ‌باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر إقامة الصلاة

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من انتظر الإقامة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجَمْعٍ وقوله المؤذن الصلاةِ في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا وهل يلتفت في الأذان

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قول الرجل فاتتنا الصلاة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجال خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإِمام عند الإقامة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يقوم إلى الصلاة مستعجلًا وليقم إليها بالسكينة والوقار

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل يخرج من المسجد لعلة

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا قال الإِمام مكانكم حتى نرجع انتظروه

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما صلينا

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإِمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب الكلام إذا أقيمت الصلاة

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌أبواب صلاة الجماعة والإمامة

- ‌باب وجوب صلاة الجماعة

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب فضل الجماعة

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب فضل صلاة الفجر في جماعة

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب فضل التهجير إلى الظهر

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب احتساب الآثار

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب اثنان فما فوقهما جماعة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله تسعة:

- ‌باب حد المريض أن يشهد الجماعة

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل يصلي الإِمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة في المطر

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌ورجاله خمسة:

- ‌باب إذا دعى الإِمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من قام إلى جنب الإِمام لعلة

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإِمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا زار الإمام قوما فأمهم

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إنما جعل الإمام ليؤتم به

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب متى يسجد من خلف الإمام

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام

الفصل: ‌ ‌الحديث الثمانون حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:

‌الحديث الثمانون

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ". وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ، قَالَ فَهْوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، فَلَا أَدْرِي، قَالَ وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ، أَوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ؟ قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَاّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا. قَالَ: يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا. فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، يَعْنِى يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ.

قوله: "أن أصحاب الصُّفَّةِ"، الصُّفة بضم الصاد، مكان في مؤخر المسجد النبوي مظلل، أُعد لنزول الغرباء فيه، ممن لا مأوى له ولا أهل. وكانوا يكثرون

ص: 193

ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر، وقد سرد أبو نعيم أسماءهم في "الحلية" فزادوا على المئة. وقوله:"فليذهب بثالث"، أي: من أهل الصُّفة المذكورين، وفي رواية مسلم:"فليذهب بثلاثة". قال عياض: هو غلط، والصواب رواية البُخاريّ، لموافقتها لسياق باقي الحديث، وقال القُرطبيُّ:"إنْ حُمل على ظاهره فَسَد المعنى؛ لأن الذي عنده طعام اثنين إذا ذهب معه بثلاثة، لزم أن أكله في خمسة، وحينئذ لا يكفيهم ولا يسد رمقهم، بخلاف ما إذا ذهب بواحد، فإنَّه يأكله في ثلاثة، ويؤيده قوله في الحديث الآخر: "طعام الاثنين يكفي أربعة"، أي: القدر الذي يشبع الاثنين يسد رمق أربعة، ووجَّهها النووي بأن التقدير: فليذهب بمن يتم من عنده ثلاثة، أو: فليذهب بتمام ثلاثة.

وقوله: "وإن أربع فخامس أو سادس"، أو، فيه للتنويع أو للتخيير، وفي الرواية الآتية في "علامات النبوة"، و"من كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس بسادس"، ومعنى هذه: فليذهب بخامس إن لم يكن عنده ما يقتضي أكثر من ذلك، وإلا فليذهب بسادس مع الخامس إن كان عنده أكثر من ذلك. والحكمة في كونه يزيد كل أحد واحدًا فقط، أن عيشهم في ذلك الوقت لم يكن متسعًا، فمن كان عنده مثلًا ثلاثة أنفس لا يضيق عليه أن يطعم الرابع من قوتهم، وكذلك الأربعة وما فوقها، بخلاف ما لو زيدت الأضياف بعدد العيال، فإنما ذلك إنما يحصل الاكتفاء فيه عند اتساع الحال.

وقوله: "وإن أربع فخامس"، في رواية الباب بالجر فيهما، والتقدير: فإن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو بسادس، فحذف عامل الجر وأبقى عمله، كما يقال: مررت برجل صالح، وإن لا صالح فطالح، أي: إلا أمر بصالح، فقد مررت بطالح. ويجوز الرفع على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، وهو أوجه. قال ابن مالك: تضمن هذا الحديث حذف فعلين، وعاملي جر مع بقاء عملهما بعد إن والفاء. والتقدير من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن قام بأربعة فليذهب بخامس أو سادس. وهذا قاله في رواية الباب، وأما الرواية الأخرى، وهي بخامس بسادس، فيكون حذف منها شيء

ص: 194

آخر، والتقدير: أو إن قام بخمسة، فليذهب بسادس، ويحتمل أن يكون معنى قوله:"أو سادس" في رواية الباب: وإن كان عنده طعام خمس فليذهب بسادس، فيكون من عطف الجملة على الجملة.

وقوله: "وإن أبا بكر جاء بثلاثة، وانطلق النبيُّ صلى الله تعالى عليه وسلم بعشرة"، عبر عن أبي بكر بلفظ المجيء لبعد منزله من المسجد، وعبر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالانطلاق لقربه، وفي رواية علامات النبوءة زيادة:"وأبو بكر ثلاثة"، أي: بالنصب للأكثر، أي: أخذ ثلاثة، فلا يكون قوله قبل ذلك جاء بثلاثة تكرارًا لأن هذا بيان لابتداء ما جاء في نصيبه، والأول بيان لمن أحضرهم إلى منزله، وأبعد من قال:"ثلاثة" بالرفع، وقدره أبو بكر أهله ثلاثة، أي: عدد أضيافه، وفي رواية الكُشْمَيهَنيّ:"وأبو بكر بثلاثة"، فيكون معطوفًا على قوله:"وانطلق النبيُّ"، أي: وانطلق أبو بكر بثلاثة، وهي رواية مسلم، والأول أوجه، ودلَّ هذا على أن أبا بكر كان عنده طعام أربعة، ومع ذلك فأخذ خامسًا وسادسًا وسابعًا، فكأنَّ الحكمة في أخذه واحدًا زائدًا عما ذكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أنه أراد أن يؤثر السابع بنصيبه، إذ ظهر له أنه لم يأكل أولًا معهم.

قوله: "قال: فهو أنا وأبي"، زاد الكُشميهنيّ:"وأمي"، وللمستملي:"أنا وأمي"، القائل هو عبد الرحمن بن أبي بكر. وقوله:"فهو"، أي: الشأن. وقوله: "أنا"، مبتدأ وخبره محذوف يدل عليه السياق، وتقديره في الدار. وقوله:"فلا أدري، قال: وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر"، والقائل لا أدري، قال: هو أبو عثمان الراوي عن عبد الرحمن، كأنّه شك في ذلك. وقوله:"وخادم" بغير إضافة في رواية الكُشميهنيّ، ولغيره:"وخادمي"، بالإضافة. وقوله:"بين بيتنا"، أي: خدمتها مشتركة بين بيتنا وبيت أبي بكر، وهو ظرف للخادم، واسم امرأة عبد الرحمن أُمَيمَة بنت عَدي بن قَيْس السَّهْمِيَّة، والدة أكبر أولاده أبي عتيق ومحمد، والخادم لم يعرف اسمها.

وقوله: "وإن أبا بكر تَعشَّى عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم لبث

ص: 195

حتى صلى العشاء، ثم رجع فلبث حتى تعشى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"، في رواية: "حيث صليت العشاء"، وفي رواية: "حتى صليت العشاء"، في هذا المحل ارتباك في المعنى من جهة ما يقتضيه ظاهر اللفظ من التكرار بين أول الكلام وآخره، وقد شرحه الكرماني بما لا يشفي الغليل عندي، فقال: هذا، يعني آخر الكلام، يشعر بأنَّ تعشِّي أبي بكر كان بعد الرجوع إلى النبيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم، والذي تقدم بعكسه، والجواب أن الأول بيان حال أبي بكر في عدم احتياجه إلى الطعام عند أهله، والثاني فيه سياق القصة على الترتيب الواقع. قلت: يصح هذا الوجه بجعل "لبث" في داره، وجعل "حتى صلى العشاء"، أو "صليت" بمعنى حان وقت صلاتها؛ لأنها صليت بالفعل؛ لأن صلاتها بالفعل معه صلى الله تعالى عليه وسلم، ويكون قوله بعد: "ثم رجع"، أي: من منزله إلى النبي عليه الصلاة والسلام، أو يقال: إن الأول تعشِّي الصديق، والثاني تعشِّي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، والأول من العشاء بفتح العين، أي: الأكل، والثاني بكسرها، أي: الصلاة. قلت: وهذا لا يصح إلا بتقدير "بعد" ثم الأولى، والتقدير: ثم رجع إلى بيته، ولبث فيه حتى صلى العشاء، أي: حان وقتها، كما مرّ. وعلى هذا يكون قوله: "رجع"، أي: إلى النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، لا إلى منزله؛ لأنه كان فيه على ما قررنا.

ويدل لما قررنا من كونه رجع إلى منزله ما في الرواية الماضية من قوله. "وأبو بكر بثلاثة"، وما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: نزل بنا أضياف، وكان أبو بكر يتحدث عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: لا أرجع إليك حتى تفرغ من ضيافة هؤلاء، وما في رواية المصنف في الأدب عنه بلفظ: "إن أبا بكر تضيّف رهطًا، فقال لعبد الرحمن: دونك أضيافك، فإني منطلق إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فافرغ من قِراهم قبل أن أجيءَ. فهذا يدل على أن أبا بكر أحضرهم إلى منزله، وأمر أهله أن يُضَيِّفوهم، ورجع هو إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.

ووقع عند الإسماعيلي: "ثم ركع" بالكاف مكان: "ثم رجع"، أي: صلى النافلة بعد العشاء. قال في "الفتح": وعلى هذا فالتكرار في قوله: "فلبث حتى

ص: 196

تعشى" فقط. قلت: ينفي التكرار ما مرّ من جعل: "لبث" الأُولى في بيته، و"لبث" الثاني عند النبيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم، وعلى هذا يكون "تعشى" رسولُ الله الكائن بعد من العَشاء بالفتح، لا من العِشاء بالكسر. وفي رواية لمسلم والإِسماعيلي أيضًا: "فلبث حتى نَعَس" بعين وسين مهملتين مفتوحتين، من النعاس، وهو أوجه. قال عياض: إنه الصواب، وبه ينتفي التكرار من المواضع لها، إلا في قوله: "لبث"، وسببه اختلاف تعلق اللَّبْث، فالأول قال: لبث حتى صلى العشاء، ثم قال: فلبث حتى نعس. قلت: التكرار منتف بما مر من أن الأول في داره، والثاني عنده عليه الصلاة والسلام، والحاصل أنه تأخر عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، حتى صلى العشاء، ثم تأخر حتى نعس النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقام لينام، فرجع أبو بكر حينئذ إلى بيته، ولم أقف على من حرر الكلام على هذا المحل، وقد أبديت فيه من التقرير ما أبديت، راجيًا من الله تعالى أن يكون هو الصواب.

وقوله: "ما حبسك عن أضيافك؟ كذا في رواية الكشميهنيّ، ورواية مسلم، وفي رواية: "من أضيافك"، وقوله: "أو ضيفك"، شكٌّ من الراوي، والمراد به الجنس لأنهم كانوا ثلاثة، واسم الضيف يطلق على الواحد وما فوقه، وقيل: هو مصدر يتناول المثنى والجمع، وليس بواضح. وقوله: "أو عشيتهم"، في رواية الكُشميهنيّ: "أو ما عشيتهم" بزيادة ما النافية، وكذا في رواية مسلم والإسماعيلي، والهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر، وفي رواية: "عشيتيهم" بإشباع الكسرة.

وقوله: "قد عُرّضوا فأبوا"، أي: بضم أوله وتشديد الراء، أي: أُطعموا من العراضة، وهي الهدية. قاله عياض: قلت: على هذا تكون الفاء في "فأبوا" سببية، أي: فبسبب ذلك أبوا. قال: وفي الرواية بتخفيف الراء، وتوجيهه، أي: عرض الطعام عليهم، فحذف الجار ووصل الفعل، أو هو من باب القلب، كعرضت الناقة على الحوض. وفي رواية: قد عرضوا عليهم، بفتح العين والراء، أي: الأهل من الابن والخادم والزوجة، يعني أن آل أبي بكر عرضوا على

ص: 197

الأضياف العشاء فأبوا، فعالجوهم فامتنعوا حتى غلبوهم. وفي رواية:"قد عرضنا عليهم فامتنعوا"، وفي رواية:"عرصوا" بصاد مهملة، ووجه بأنها من قولهم:"عرص"، إذا نشط، فكأنه يريد أن أهل البيت نشطوا في العزيمة عليهم، ولا يخفى بُعده.

وفي رواية الجَريريّ: "فانطلق عبد الرحمن فأتاهم بما عنده، فقال: أطعموا، فقالوا: أين رب منزلنا؟ قال: اطعموا. قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيء. قال: اقبلوا عنا قِراكم، فإنه إن جاء ولم تطعموا لنلقينَّ منه، أي: شرًّا، فأبوا، وفي رواية مسلم: "ألا تقبلوا عنا قِراكم"، بتخفيف اللام على استفتاح الكلام. قال القُرطبيُّ: ويلزم عليه أن تثبت النون في "تقبلون" إذ لا موجب لحذفها، وضبطه أبو جعفر بتشديد اللام، وهو الأوجه. قلت: تكون هناك إن شرطية مدغمة في اللام، محذوف جوابها، تقديره يفعل بنا كذا.

وقوله: "قال: فذهبت فاختبأت"، أي: خوفًا من خصام أبي بكر له، وتغيظه عليّ. وفي رواية الجريريّ:"فعرفت أنه يجِد عليّ"، أي: يغضب، فلما جاء تغيبت عنه، فقال: يا عبد الرحمن، فسَكتُّ، ثم قال: يا عبد الرحمن، فسكتُّ. وقوله: فقال يا غنثر، فجدع وسبّ. وفي رواية الجريريّ:"فقال يا غُنْثَر، أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي لما جئت، فخرجت فقلت: والله ما لي ذنب، هؤلاء أضيافُك فسلهم. قالوا: صدق، قد أتانا".

وغُنْثَرْ بضم المعجمة وسكون النون وفتح المثلثة على الرواية المشهورة، وحُكي ضم المثلثة. وحكى عياض فتح أوله وثالثه، وحكاه الخطابيّ عنتر بلفظ اسم الشاعر المشهور، وهو بالمهملة والمثناة المفتوحتين، بينهما نون ساكنة. قيل: معناه الذباب، وأنه اسم ذباب أزرق، وأنه سمي بذلك لصوته، فشبهه به حيث أراد تحقيره وتصغيره. وقيل: معنى الرواية المشهورةِ الثقيلُ الوَخِمُ. وقيل: الجاهل، وقيل: السفيه، وقيل: اللئيم، وهو مأخوذ من الغَثَر، ونونه زائدة.

وقوله: "فجدع وسبّ"، أي: دعا عليه بالجَدْع، وهو قطع الأذن والأنف أو

ص: 198

الشفة. وقيل: المراد به السب، والأول أصح. وسب، أي: شتم، وحذف المفعول للعلم به. وفي رواية الجريريّ:"فجزع" بالزاي بدل الدال، أىِ: نسبة إلى الجزع بفتحتين، وهو الخوف. وقيل: المجازعة المخاصمة، فالمعنى خاصم. قال القرطبيّ: ظن أبو بكر أن عبد الرحمن فرّط في حق الأضياف، فلمّا تبيّن له الحال أدبهم بقوله: كلوا لا هنيئًا. وقوله: "وقال: كلوا لا هنيئًا"، كذا في الرواية. وفي رواية مسلم: أي: لا أكلتم هنيئًا"، وهو دعاء عليهم. وقيل: خبر، أي: لم تتهنوا به في أول نضجه.

ويستفاد من ذلك جواز الدعاء على من لم يحصل منه الإنصاف، ولاسيما عند الحرج والتغيظ، وذلك أنهم تحكموا على رب المنزل بالحضور معهم، ولم يكتفوا بولده مع إذنه لهم في ذلك. وكان الذي حملهم على ذلك رغبتهم في التبرك بمواكلته. ويقال: إنه خاطب بذلك أهله لا الأضياف. وأنه لم يرد الدعاء أيضًا، وإنما أخبر أنهم فاتهم الهناء به، إذ لم يأكلوه في وقته.

وقوله: "فقال والله لا أطْعَمه أبدًا"، كذا في رواية مسلم. وفي رواية الجريري:"فقال: فإنما انتظرتموني، والله لا أطعمه أبدًا، فقال الآخرون: والله لا نَطْعَمه حتى تَطْعَمه"، وفي رواية أبي داود:"فقال أبو بكر: فما منعكم؟ قالوا: مكانك. قال: والله لا أطعمه أبدًا، ثم اتفقا، فقال: لم أر في الشر كالليلة، ويلكم مالكم لا تقبلون عنا قِراكم؟ هات طعامك، فوضع فقال: بسم الله الأول من الشيطان، فأكل وأكلوا"، وهذه الرواية ترد على ابن التين قوله:"لم يخاطب أبو بكر أضيافه بذلك إنما خاطب أهله".

وقوله: "وايمُ الله"، همزته همزة وصل عند الجمهور، وقيل: يجوز القطع، وهو مبتدأ خبره محذوف، أي: أيم الله قَسَمي، وأصله أَيْمُنُ الله، فالهمزة حينئذ همزة قطع، لكنها لكثرة الاستعمال خففت فوصلت. وحكي فيها لغات، أيمن الله مثلثة النون، ومن الله مختصرة من الأولى مثلثة النون أيضًا، وأيم الله كذلك. ومُ الله كذلك، وبتثليث ميم أيمن أيضًا، مع تثليث نونها وبكسر همزة أيمن، وضم الميم، ومُن مثلث الميم والنون، وإم بكسر الهمزة، وتثليث الميم، وأيم

ص: 199

الله بزيادة الياء بعد الهمزة، وبفتح همزة أم أيضًا، وبإبدال همزة أم هاء، فيقال: هُم الله، وليست الميم في قولك م الله بدلًا من الواو، ولا أصلها "مُنْ" بضم الميم، وليست أيمن المذكور جمع يمين، خلافًا للكوفيين؛ لأن همزة أيمن همزة وصل، بخلاف أيمن جمع يمين، فإنها همزة قطع، ولأنها قد تكسر، ويجوز فتح ميمها وكسره كما مرّ. ولا تضاف غالبًا إلا إلى الله خاصة، وقد تضاف نادراً إلى الذي والكاف والكعبة، وقد جمع المختار بن بَوْن الجكنيّ جميع لُغاتها وما تضاف إليه في احمراره، نقال:

وجرَّ بالبا وأضفه وأضف

أَيمن لله وفيه قد أُلف

أيُمن أيَمن كذا وأيمِنُ

إِيمَنُ اثمُ ايمُ مٌ إمُ مُنُ

وإمُ ثلث وافتح الهمز وزد

همُ وتثليث مُن ومِ يَرِدْ

وربما إلى الذي أُضيفا

والكاف والكعبة لا تحيفا

وقوله: "إلا ربا"، أي: زاد. وقوله: "من أسفلها"، أي: الموضع الذي أخذت منه. قلت: الظاهر أن القائل: "وايم الله"، أبو بكر، ولابد من تقديرٍ في الكلام دلت عليه رواية أبي داود المتقدمة، يعني أن أبا بكر بعد أن أقسم عن الأكل رجع فأكل معهم، ثم قال: وايم الله، الخ، ويحتمل أن يكون ابنه عبد الرحمن. وقوله:"فنظر إليها أبو بكر، فإذا هي كما هي أو أكثر"، أي: الجفنة، كما كانت أولًا أو أكثر، وهكذا رواية مسلم والإسماعيليّ، وفي رواية:"فنظر أبو بكر، فإذا شيء أو أكثر"، والتقدير: فإذا هي شيءٌ، أي: قدر الذي كان، والصواب الأولى.

وقوله: "يا أخت بني فِراس، ما هذا"، خاطب أبو بكر بذلك امرأته أم رَومان، وبنو فراس بكسر الفاء وتخفيف الراء آخره مهملة ابن غَنْم بن مالك بن كنانة. قال النوويّ: التقدير: يا من هي من بني فِراس. وفيه نظر، فإن العرب تطلق على من كان منتسبًا إلى قبيلة أنه أخوهم، كما مرّ في العلم "ضِمام" أخو بني سعد بن بكر، وقد مرّ أن أم رومان من ذرية الحارث بن غنم، وهو أخو فراس، فلعل أبا بكر نسبها إلى بني فراس لكونهم أشهر من بني الحارث، ويقع

ص: 200

في النسب كثير من ذلك، وينسبون أحيانًا إلى أخي جدهم، أو المعنى: يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أن الحارث أخو فراس، فأولاد كل منهما إخوة للآخرين، لكونهم في درجتهم.

وحكى عياض أنه قيل في أم رَومان إنها من بني فراس بن غنم لا من بني الحارث، وعلى هذا فلا حاجة إلى هذا التأويل، لكن ابن سَعْد لم يذكر لها نسبًا إلا إلى بني الحارث بن غنم. وقوله:"لا وقرة عيني"، قُرَّة العين يعبّر بها عن المسرّة، ورؤية ما يحبه الإنسان، ويوافقه. يقال: ذلك لأن عينه قَرّت، أي: سكنت حركتها من التلفّت لحصول غرضها، فلا تستشرق لشيء آخر، فكأنه مأخوذ من القرار. وقيل: أنام الله عينك، وهو يرجع إلى هذا.

وقيل: بل هو مأخوذ من القُرّ، وهو البَرد، أي أن عينه باردة لسروره، ولهذا قيل: دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة. ومن ثم قيل في ضده: أسخن الله عينَه، وإنما حلفت أم رَومان بذلك، لما وقع عندها من السرور بالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصّدِّيق رضي الله تعالى عنه. وزعم الداودي أنها أرادت بقرة عينها النبيَّ عليه الصلاة والسلام، فأقسمت به، وفيه بُعد. قلت: لا بعد فيه، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قرة عين كل مؤمن حاضر في ذهنه، فضلًا عن الصحابة.

و"لا" في قوله: "لا وقرة عيني" زائدة، أو نافية، على حذف تقديره:"لا شيء غير ما أقول". وقوله: "لهي الآن"، أي: الجفنة أو البقية. وقوله: "أكثر مما قبل"، بالمثلثة للأكثر، ولبعضهم بالموحدة، وفي رواية مسلم:"أكثر منها قبل"، وهي أوجه. وقوله:"إنما كان الشيطان"، يعني يمينه، وقع هكذا وفيه حذف تقديره: وإنما كان الشيطان الحامل على ذلك، يعني على يمينه التي حلفها في قوله: والله لا أَطْعَمُه أبدًا. وعند مسلم والإسماعيلي: "وإنما كان ذلك من الشيطان"، يعني يمينه، وهو أوجه.

وظاهر سياق رواية سُلَيمان التَّيْمي هذه مخالف لرواية الجَريريّ. قال

ص: 201

عِياض: والصواب ما في رواية الجَريريّ، وذلك أن رواية سُلَيمان التَّيْميّ هذه تقتضي أن سبب أكل أبي بكر من الطعام ما رآه من البركة فيه، فرغب في الأكل منه، وأعرض عن يمينه التي حلف، لما رجح عنده من التناول من البركة. ورواية الجريري تقتضي أن سبب أكله من الطعام لجاج الأضياف، وحلفهم أنهم لا يَطعَمون الطعام حتى يطعَمه أبو بكر، ولا شك في كونها أوجه.

لكن يمكن رد رواية سليمان التيمي إليها بأن يكون قوله: "فأكل منها أبو بكر" معطوفًا على قوله: "والله لا أطعمه" لا على القصة التي دلت على بركة الطعام، وغايته أن حلف الأضياف أن لا يطعموه، لم يقع في رواية سليمان التيميّ، والظاهر أن ذلك من ابنه معتمر لا منه، لما في "الأدب" عند المصنف، عن ابن أبي عديّ، عن سليمان التيميّ:"فحلفت المرأة، لا تَطعمه حتى تَطعموه، فقال أبو بكر: هذه من الشيطان، فدعا بالطعام، فأكل، وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربا من أسفلها"، وعلى هذا الجمع يكون في رواية التيمي تقديم وتأخير، فيكون قوله:"وايم الله"، إلخ، معترضًا بين المعطوف عليه، الذي هو لا أطعمه أبدًا، والمعطوف الذي هو فأكل منها أبو بكر. ويحتمل أن يجمع بأن يكون أبو بكر أكل لأجل تحليل يمينهم شيئًا، ثم لما رأى البركة الظاهرة عاد للأكل منها لتحصل له. وقال كالمعتذر عن يمينه التي حلف: إنما كان ذلك من الشيطان، ولذلك كان أكله الأخير قليلًا، بيَّن ذلك بقوله:"ثم أكل لقمة" مفسرًا بها قوله السابق: "فأكل منها"، وبذلك ينتفي التكرار بين "فأكل منها، ثم أكل" وهذا الجمع يتنزل على ما قررناه سابقًا من الحذف قبل وايم الله.

والحاصل أن الله أكرم أبا بكر، فأزال ما حصل له من الحرج، فعاد مسرورًا، وانفك الشيطان مدحورًا، واستعمل الصديق مكارم الأخلاق، فحنث نفسه زيادة في إكرام ضيفانه، ليحصل مقصوده من أكلهم، ولكونه أكثر قدرة منهم على الكفارة. وفي رواية الجَريريّ عند مسلم: "فقال أبو بكر: يا رسول الله، برُّوا وحنثت، فقال: بل أنت أبرُّهم وخيرهم. قال: ولم يبلغني كفارة، وسقط ذلك من رواية الجريري عند المصنف، وسبب حذفه لهذه الزيادة أن فيها إدراجًا بينته

ص: 202

رواية أبي داود، حيث جاء فيها:"فأُخبرت" بضم الهمزة أنه أصبح على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

" إلخ.

وقوله: "أبرُّهم"، أي: أكثرهم بِرًّا، أي: طاعة. وقوله: "خيرهم"؛ لأنك حنثت في يمينك حنثًا مندوبًا إليه مطلوبًا، فأنت أفضل منهم بهذا الاعتبار. وقوله:"ولم تبلغني كفارة"، اسْتُدِلَّ به على أنه لا تجب الكفارة في يمين اللجاج والغضب، ولا حجة فيه؛ لأنه لا يلزم من عدم الذكر عدم الوجود، فلمن أثبت الكفارة أن يتمسك بعموم قوله:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} الآية، ويحتمل أن يكون ذلك وقع قبل مشروعية الكفارة في الأيمان، لكن يعكر عليه ما يأتي عن عائشة أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين حتى نزلت الكفارة.

وقال النوويّ: قوله: "ولم تبلغني كفارة" يعني أنه لم يكفِّر قبل الحنث، وأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه، وهذا المعنى بعيد، وقال غيره: يحتمل أن يكون أبو بكر لما حلف أن لا يطعمه، نوى وقتًا معينًا أو صفة مخصوصة، أي: لا أطعمه الآن، أو لا أطعمه معكم، أو عند الغضب، وهذا مبني على أن اليمين هل تقبل التقييد في النفس أم لا؟ ومذهب المالكية قبولها لذلك، وقول أبي بكر: لا أطْعَمه أبدًا، يمين مؤكدة لا تحتمل أن تكون من لغو الكلام، ولا من سبق اللسان.

ثم حملها إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فأصبحت عنده، أي: الجفنة على حالها، وإنما لم يأكلوا منها في الليل لكون ذلك وقع بعد أن مضى من الليل مدة طويلة. وقوله:"فَفَرَقَنا" الفاء فيه الفصيحة، أي: فجاؤوا إلى المدينة، ففرقنا. وهو بتحريك القاف من التفريق، أي: جعلنا فرقًا، وضمير الفاعل المستتر راجع إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. وقوله: اثنا عشر رجلًا، قال: من ضمير "نا" المفعول به، أي: حال كون المفرّق اثنا عشر، وجاء اثنا بالألف في حال النصب على طريق من يُلزم المثنى الألف في الأحوال الثلاثة، ومنه قوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ، وعند مسلم اثني عشر، بالنصب، وهو ظاهر. وحكى الكرمانيّ في بعض الروايات:"فقرينا" من

ص: 203

القِرى، وهو الضيافة، ويحتمل أن يكون ففُرقنا، بضم أوله على البناء للمجهول. وفي رواية:"فعرفنا" ووقع عند الإسماعيليّ قولًا واحدًا، وسمي التعريف عريفًا لأنه يُعَرّف الإِمام أحوالَ العسكر. واختلف الرواة على مسلم، هل قال: فرقنا أو عرفنا؟ كما اختلف على البخاريّ.

وقوله: "مع كل رجل منهم أناس"، يعني مع كل رجل من الاثني عشر أناسٌ من القادمين إلى المدينة. وقوله:"غير أنه بعث معهم"، يعني أنه تحقق أنه جعل كليهم اثني عشر عريفًا، لكنه لا يدري كم كان تحت يد كل عريف منهم، لأن ذلك يحتمل الكثرة والقلة، غير أنه يتحقق أنه بعث مع كل ناس عريفًا.

وقوله: "قال أكلوا منها أجمعون"، أو كما قال، هو شك من أبي عثمان في لفظ عبد الرحمن، وأما المعنى، فالحاصل أن جميع الجيش أكلوا من تلك الجفنة التي أرسل بها أبو بكر إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وظهر بذلك أن تمام البركة في الطعام المذكور كانت عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، لأن الذي وقع في بيت أبي بكر أوائل البَرَكة، وأما انتهاؤها إلى أن تكفي الجيش كله، فما كان إلا بعد أن صارت عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، على ظاهر الخبر.

وقد روى أحمد والتِّرمذيّ والنَّسائيّ عن سَمُرة، قال:"أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها ثريد، فأكل وأكل القوم، فما زالوا يتداولونها إلى قريب من الظهر، يأكل قوم، ثم يقومون، ويجيء قوم فيتعاقبونه، فقال رجل: هل كانت تُمَدُّ بطعام؟ قال: أمّا من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تمد من السماء". قال بعض الشيوخ: يحتمل أن تكون هذه القصعة هي التي وقع فيها في بيت أبي بكر ما وقع.

هذا غاية الجهد في إظهار معاني هذا الحديث. ولم أر حديثًا مثله في الصعوبة وتداخل المعنى. وفيه من الفوائد، غير ما تقدم، التجاء الفقراء إلى المساجد عند الاحتياج إلى المواساة، إذا لم يكن في ذلك إلحاف، ولا إلحاح ولا تشويش على المصلين. وفيه استحباب مواساتهم عند اجتماع هذه الشروط،

ص: 204

وفيه التطويف في المخمصة، وفيه جواز الغَيبة عن الأهل والولد والضيف، إذا أُعِدّت لهم الكفاية. وفيه تصرف المرأة فيما تقدم للضيف، والإطعام بغير إذن خاص من الرجل. وفيه جواز سب الوالد للولد على وجه التأديب، والتمرين على أعمال البِرّ وتعاطيه وفيه جواز الحلف على ترك المباح، وفيه توكيد الرجل الصادق لخبره بالقسم، وجواز الحنث بعد عقد اليمين. وفيه التبرك بطعام الأولياء والصُّلَحاء. وفيه عرض الطعام الذي تظهر فيه البركة على الكبار، وقولهم ذلك.

وفيه العمل بالظن الغالب؛ لأن أبا بكر ظن أن ابنه عبد الرحمن فرّط في أمر الأضياف، فبادر إلى سبه. وقوّى القرينة عنده اختباؤه منه، وفيه ما يقع من لطف الله تعالى بأوليائه، وذلك أن خاطر أبي بكر تشوش، وكذلك ولده وأهله وأضيافه، بسبب امتناعهم من الأكل، وتكدر خاطر أبي بكر من ذلك حتى احتاج إلى ما تقدم ذكره من الحرج بالحلف وبالحنث وبغير ذلك، فتدارك الله ذلك، ورفعه عنه بالكرامة التي أبداها له، فانقلب ذلك الكدر صفاءًا، والنكد سرورًا، ولله الحمد والمنة.

وفيه فضيلة الإيثار والمواساة، وأنه عند كثرة الأضياف يوزعهم الإِمام على أهل المحلة، ويعطي لكل واحد منهم ما يعلم أنه يتحمله، ويأخذ هو ما يمكنه، ومن هذا أخذ عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، فعمله في عام الرَّمَادة على أهل كل بيت مثلهم من الفقراء، ويقول لهم: لم يهلك امرؤ عن نصف قوته، وكانت الضرورة ذلك العام. وقد تأول سفيان بن عيينة في المواساة في المسغبة قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} ، ومعناه: أن المؤمنين تلزمهم القربة في أموالهم لله تعالى، عند توجه الحاجة إليهم، ولهذا قال كثير من العلماء: إن في المال حقًا سوى الزكاة، وورد في التِّرمذيّ مرفوعًا، وفيه ما كان عليه الشارع من الأخذ بأفضل الأمور، والسبق إلى السخاء والجود، فإن عياله عليه الصلاة والسلام كانوا قريبًا من عدد ضيفانه هذه الليلة، فأتى بنصف طعامه أو نحوه، وأتى أبو بكر، رضي الله تعالى عنه بثلث طعامه أو أكثر.

ص: 205