الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع عشر
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ، أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ، أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ، لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ". وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الأُخْرَى، ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.
قوله: "عن أبي عُثمان النَّهديّ"، قال في "الفتح": لم يُرو هذا الحديث عن ابن مسعود إلا من رواية أبي عُثمان عنه، ولم يُرو عن أبي عثمان إلا من رواية التيمي، وله شاهد عند مسلم من حديث سَمُرة بن جُندب. وقوله:"أحدكم أو أحدًا منكم"، شك من الرّاوي، وكلاهما يفيد العموم، وإن اختلفت الحيثية. وقوله:"من سَحوره"، أي: بفتح أوله اسم لما يؤكل في السحر، ويجوز الضم، وهو اسم الفعل. وقوله:"ليرجع قائمكم"، أي: بفتح الياء وكسر الجيم المخففة، يستعمل هكذا لازمًا ومتعديًا. يقال: رجع زيدٌ ورجعتُ زيدًا، ولا يقال في المتعدي بالتثقيل. فمن رواه بالضم أخطأ؛ لأنّه لا يصير من الترجيع، وهو الترديد، وليس مرادًا هنا، فإن معناه يرد القائم، أي: المتهجد إلى راحته، ليقوم إلى صلاة الصبح نشيطًا، أو تكون له حاجة إلى الصوم فيتسحر، ويوقظ النائم ليتاهب لها بالغسل ونحوه. فقوله: قائمكم ونائمكم، مفعولان.
وقوله: "ليس أن يقول الفجر أو الصبح"، شك من الراوي، والفجر اسم ليس، وخبره أن يقول. وفيه إطلاق القول على الفعل، أي: يظهر. وهذا من
قول النبي عليه الصلاة والسلام. وقوله:"وقال بأصابعه ورفعها"، أي: أشار، فهو أيضًا من إطلاق القول على الفعل. وفي رواية الكُشمَيهنيّ "بأُصبعيه، ورفعهما".
وقوله: "إلى فوق"، بضم القاف على البناء، وكذا أسفل لينة المضاف إليه دون لفظه، نحو:{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} ، وقوله:"وطأْطَأَ" بوزن دحرج، أي: خفض أصابعه إلى أسفل. وقال أبو ذر: إلى فوقٍ، بالجر والتنوين، لأنه ظرف متصرف، وبالضم على البناء، وقطعه عن الإضافة. قال في "المصابيح": ظاهره أن قطعه عن الإضافة يختص بحالة البناء على الضم دون حال تنوينه، وقد ذهب إليه البعض ففرق بين جئت قبلًا، وجئت من قبلُ، بأنه أعرب الأول لعدم تضمين الإضافة، ومعناه جئت متقدمًا، وبنى الثاني لتضمنها، ومعناه جئت متقدمًا على كذا، والذي اختاره بعض المحققين أن التنوين عِوض عن المضاف إليه، وأنه لا فرق في المعنى بين ما أعرب من هذه الظروف المقطوعة، وما بُني منها. قال: وهو الحق، وما ذكر هنا إشارة منه عليه الصلاة والسلام إلى الفجر الكاذب، المسمى عند العرب بذَنَبِ السرحان، وهو الضوء المستطيل من العلو إلى السفل، وهو من الليل، فلا يدخل فيه وقت الصبح. ويجوز فيه التسحر.
وقوله: "حتى يقول هكذا"، أي: حتى يظهر من إطلاق القول على الفعل كما مر. وقوله: "وقال زهير"، أي: الراوي. وقوله: "بسبابتيه"، أي: اللتين تليان الإبهام، وسميتا بذلك لأنهما يشار بهما عند السب، والمعنى أشار بهما، ففيه أيضًا إطلاق القول على الفعل. وقوله:"ثم مدهما عن يمينه وشماله"، يعني: أنه مد أصبعيه متفرقتين عن يمينه وشماله، أي: إحداهما ذاهبة إلى جهة اليمين، والأخرى ذاهبة إلى جهة الشمال. كأنه جمع بين أصبعيه ثم فرقهما ليحكي صفة الفجر الصادق؛ لأنّه يطلع معترضًا، ثم يعمم الأفق ذاهبًا يمينًا وشمالًا، بخلاف الفجر الكاذب كما مرّ.
وفي رواية الإسماعيليّ: "فإن الفجر ليس هكذا ولا هكذا، ولكن الفجر