الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع والثلاثون
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَدِمَ الْحَجَّاجُ، فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا، إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَوْا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ كَانُوا أَوْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ.
قوله: "قدم الحَجّاج"، بفتح الحاء المهملة وتشديد الجيم، وهو ابن يوسف الثقفي الآتي تعريفه قريبًا، وغلط من زعم أنه بضم الحاء جمع حاج، ويوضح رواية المصنف وسبب السؤال ما أخرجه أبو عَوانة في صحيحه عن شعبة:"سألنا جابر بن عبد الله في زمن الحجّاج، وكان يؤخر الصلاة عن وقت الصلاة"، وفي رواية مسلم عن شعبة:"كان الحجاج يؤخر الصلاة"، وكان قدوم الحجاج المدينة أميرًا عليها من قبل عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين، وذلك عقب قتل ابن الزبير، فأمَّره عبد الملك على الحرمين وما معهما، ثم نقله بعد هذا إلى العراق.
وقوله: "بالهاجرة"، قد مرَّ سبب تسميتها بالهاجرة، وظاهره يعارض حديث الإبراد المتقدم، لأن قوله: كان يفعل، يُشعر بالكثرة والدوام عرفًا، ويجمع بينهما بأن يكون أطلق الهاجرة على الوقت بعد الزوال مطلقًا، لأن الإبراد، كما تقدم، مقيدٌ بحال شدة الحر وغير ذلك كما مرَّ، فإن وُجدت شروط الإبراد أبردوا، وإلا عجل. فالمعنى كان يصلي الظهر بالهاجرة إلا إنْ احتاج إلى الإبراد، وتُعقب بأنه لو كان ذلك مراده، لفصل كما فصل في العشاء.
وقوله: "نقية"، بفتح النون، أوله، أي: خالصة صافية لم يدخلها صُفرة ولا تَغَيُّر. وقوله: "إذا وجبت"، أي: غابت، وأصل الوجوب السقوط، والمراد سقوط قرص الشمس. وفاعل وجبت مستتر وهو الشمس، وفي رواية أبي داود:"والمغرب إذا غربت الشمس"، ولأبي عَوانة:"والمغرب حين تجب الشمس"، وفيه دليل على أن سقوط قرص الشمس يدخل به وقت المغرب، ولا يخفى أن محله إذا كان لا يحول بين رؤيتها غاربة، وبين الرائي، حائلٌ.
وقوله: "والعشاء أحيانًا وأحيانًا"، والعشاء بالنصب، أي: ويصلي العشاء، ولمسلم:"أحيانًا يؤخرها، وأحيانًا يعجل، كان إذا رآهم قد اجتمعوا"، إلخ. وللمصنف في باب العشاء عن مسلم بن إبراهيم:"إذا كثر الناس عجّل، وإذا قلّوا أخّر"، ونحوه لأبي عَوانة. والأحيان جمع حين، وهو اسم مبهم يقع على القليل والكثير من الزمان على المشهور. وقيل: الحين ستة أشهر، وقيل: أربعون سنة، وحديث الباب يقوّي المشهور. وقال ابن دقيق العيد: إذا تعارض في شخص أمران، أحدهما: أن يقدم الصلاة في أول الوقت منفردًا، أو يؤخرها في الجماعة أيهما أفضل. الأقرب أن التأخير لصلاة الجماعة أَفضل، وحديث الباب يدل عليه، لقوله:"واذا رآهم أبطاوا أخّر"، فيؤخر لأجل الجماعة، مع إمكان التقديم. ورواية مسلم بن إبراهيم المتقدمة تدل على أخص من ذلك، وهو أن انتظار من تكثر بهم الجماعة أَوْلَى من التقديم، ولا يخفى أن محل ذلك ما لم يفحش التأخير، ولم يشق على الحاضرين. قاله في الفتح.
قلت: مذهب مالك أن الفَذّ ومن في حكمه كالجماعة لا تنتظر الأفضل له تقديمها مطلقًا، ولو كان عالمًا بجماعة في آخر الوقت. والجماعة المنتظرة غيرها الأفضل لها تقديم غير الظهر، وتأخير الظهر لربع القامة، ويزاد لشدة الحر على ما مرَّ مبينًا، وروي عن مالك تأخير العشاء قليلاً في حق مساجد القبائل بقدر اجتماع الناس، وقال الطحاوي: تأخير العشاء إلى ثلث الليل مستحب، وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم. قاله الترمذي. وإلى النصف مباح، وبعده مكروه، وحكى ابن المنذر أن المنقول عن ابن مسعود وابن