الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع عشر
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ. فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ.
قوله: "خطبنا"، استدل به الجَوْزيّ على أنَّ الصلاة المذكورة كانت الجمعة، وفيه نظر. نعم وقع التصريح بذلك في رواية ابن عُلَيَّة، ولفظه:"أن الجمعة عزمة". وقوله: "في يوم رَزْغٍ" بإضافة يوم. ورزغ بفتح الراء وسكون الزاي بعدها غين معجمة، كذا للأكثر هنا، ولابن السكن والكُشمَيهنيّ وأبي الوقت بالدال المهملة بدل الزاي. وقال القرطبي: انها أشهر. قال: والصواب الفتح، وإنه الاسم، وبالسكون المصدر، والفتح رواية القابسيّ. قال صاحب الحكم: الرزغ: الماء القليل في الثِّماد، وقيل: انه طين ووحل، وفي العين الرَّدْغَة الوحل، والرَّزْغَة أشد منها، وفي "الجمهرة": الردغة والرزغة الطين القليل من مطر أو غيره، وفي رواية الحجبيّ الآتية:"في يوم ذي رزغ" وهي أوضح. وفي رواية ابن عُلَيّة: "في يوم مطير".
وقوله: "فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة، فأمره أن ينادي"، كذا فيه، وكأنّ هنا حذفًا تقديره: أراد أن يقولها، فأمره. ويؤيده رواية ابن علية: إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة. وبوّب عليه ابن خُزيمة، وتبعه ابن حِبَّان، ثم المُحبّ الطَّبَري؛ حذف حي على الصلاة في يوم المطر، وكأنه نظر إلى المعنى؛ لأن حي على الصلاة معناه: هلموا إلى الصلاة.
والصلاة في الرحال، وصلوا في بيوتكم يناقض ذلك.
وعند الشافعية وجه أن يقول ذلك بعد الأذان، وآخر أنه يقوله بعد الحَيْعَلَتين، والذي يقتضيه الحديث هو ما تقدم، وقوله:"الصلاة في الرِّحال" بنصب الصلاة، والتقدير صلوا الصلاة. والرحال جمع رَحْل، وهو مسكن الرجل وما فيه من أثاثه. قال النَّوويّ فيه: أن هذه الكلمة تقال في نفس الأذان. وفي حديث ابن عمر الآتي في باب الأذان للمسافر، أنها تقال بعده. قال: والأمران جائزان كما نص عليه الشافعي، لكن بعده أحسن، ليتم نظم الأذان. قال: ومن أصحابنا من يقول: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهو ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس. فكلامه يدل على أنها تزاد مطلقًا، إما في أثنائه وإما بعده، لا أنها بدل من حي على الصلاة. وقد مرَّ عن ابن خُزَيْمة وغيره ما يخالفه. وقد ورد الجمع بينهما في حديث آخر أخرجه عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن نُعَيْم النَّخَّام، قال:"أذّن مؤذن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للصبح في ليلة باردة، فتمنيت لو قال: ومن قعد فلا حرج، فلما قال: الصلاة خير من النوم قالها".
وقوله: "فقال فعل هذا"، كأنه فهم من نظرهم الإنكار، وفي رواية الحجبي:"كأنهم أنكروا ذلك"، وفي رواية ابن عُليّة:"فكأنَّ الناس استَنكروا ذلك". وقوله: "من هو خيرٌ منه"، وللكُشميهنيّ:"منهم"، وللحجبيّ:"مني" يعني النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، كذا في أصل الرواية، ومعنى رواية الباب:"من هو خير من المؤذن"، يعني فعله مؤذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو خير من هذا المؤذن. وأما رواية الكشميهني ففيها نظر، ولعل من أذن كانوا جماعة إن كانت محفوظة، أو أراد جنس المؤذنين، أو أراد خير من المنكرين.
وقوله: "وإنها عَزْمَة"، أي: الجمعة كما مرَّ، عزْمة بسكون الزاي، ضد الرخصة. زاد ابن عيينة:"وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين". وفي رواية الحجبي: "إني أؤثمكم" وهي ترجح رواية من روى: "أحرجكم" بالحاء