الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غالبًا؛ لأنه يمكن الفرار منه، أو الإخماد له بعد حصول المقصود من الزجر والإرهاب.
وفي قوله في رواية أبي داود "وليست بهم علة" دلالة على أن الأعذار تبيح التخلف عن الجماعة، ولو قلنا إنها فرض، وكذا الجمعة، وفيه الرخصة للإمام أو نائبه في ترك الجماعة لإخراج من يستخفي في بيته. ويتركها، ولا بُعد في أن تلحق بذلك الجمعة، فقد ذكروا من الأعذار في التخلف عنها خوف فوات الغريم وأصحاب الجرائم في حق الإِمام، كالغُرَمَاء. واستدل به على جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل إذا كان في ذلك مصلحة، قال ابن بُزَيْزة: وفيه نظر، لأن الفاضل في هذه الصورة يكون غائبًا، وهذا لا يختلف في جوازه. واستدل به ابن العَرَبيّ علي جواز إعدام محل المعصية، كما هو مذهب مالك، وتعقب بأنه منسوخ كما قيل في العقوبة بالمال.
رجاله خمسة:
الأول: عبد الله بن يوسف.
والثاني: مالك، وقد مرا في الثاني من الوحي، ومرَّ أبو الزِّناد والأعْرج في السابع من الإيمان، ومرَّ أبو هُريْرَةَ في الثاني منه.
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك في موضع، والعنعنة في ثلاثة، ورواته كلهم مدنيون ما خلا شيخ البخاريّ. أخرجه البخاري هنا وفي الأحكام، والنَّسائيّ في الصلاة. ثم قال المصنف:
باب فضل الجماعة
أشار الزَّيْنُ بن المُنِير إلى أن ظاهر هذه الترجمة ينافي الترجمة التي قبلها، ويكفي من الجواب عن ذلك أن كون الشيء واجبًا لا ينافي كونه ذا أفضلية، ولكن الفضائل تتفاوت، فالمراد منها بيان زيادة ثواب صلاة الجماعة على صلاة الفذ.
ثم قال: وكانَ الأسْودُ إذا فاتَتْهُ الجماعةُ ذهبَ إلى مسجدٍ آخَرَ.
يعني أنه إذا فاتته الجماعة في مسجد قومه ذهب إلى مسجد آخر يطلب جماعة، ومناسبته للترجمة هي أنه لولا ثبوت فضيلة الجماعة عنده لما ترك فضيلة أول الوقت والمبادرة إلى خلاص الذمة، وتوجه إلى مسجد آخر. كذا قال المُنِير. والظاهر أن البُخَاريّ قصد الإشارة بأثر الأَسْود وأَنَسْ إلى أن الفضل الوارد في أحاديث الباب مقصور على من جمع في المسجد دون من جمع في بيته مثلًا، لأن التجميع لو لم يكن مختصًا بالمسجد لجمع الأسود في مكانه، ولم ينتقل إلى مسجد آخر لطلب الجماعة، ولما جاء أنس إلى مسجد آخر، كما يأتي قريبًا. وقد مرَّ الكلام على الجماعة في البيت في باب الصلاة في مسجد السوق، وهذا التعليق وصله أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ بإسناد صحيح، والأَسْودُ بن يَزيد قد مرَّ في السابع والستين من العلم.
ثم قال: وجاءَ أنسٌ إلى مسجد قد صُلَّي فيهِ، فأذّنَ وأقامَ وصلّى جماعةً.
وصله أبو يَعْلى في مسنده عن الجَعْديّ أبي عثمان قال: مرَّ بنا أنَس بن مالك في مسجد بني ثَعْلَبَةَ نحوه، قال: وذلك في صلاة الصبح، فأمر رجلًا فأذّن وأقام وصلّى بأصحابه. وأخرجه ابن أبي شَيْبَةَ عن الجَعْد، وعند البَيْهَقِيّ عن الجَعْدِ نحوه. وقال: مسجد بني رِفاعة. وقال: فجاء أنَس في نحو عشرين من فتيانه، وهو يؤيد ما مر من إرادة التجميع في المسجد، وذكر الطَّحاوِيّ عن الكوفيين ومالك: إن شاء صلى في مسجده وحده، وان شاء أتى مسجدًا آخر يطلب فيه الجماعة، إلا أن مالكًا قال: إلا أن يكون في المسجد الحرام أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو القدس، فلا يخرج منه، ويصلي فيه وحده؛ لأن الصلاة في هذه المساجد أعظم أجرًا ممن صلى في جماعة.
وقال الحسن: ما رأينا المهاجرين يبتغون المساجد، وقد اختلف العلماء في الجماعة بعد الجماعة في المسجد، فروي عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود في مسجد قد جمع فيه، وهو قول عطاء والحسن في رواية، وإليه ذهب أحمد وإسحاق وأشهب عملًا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام "صلاة الجماعة
تفضل على صلاة الفذ .. " إلخ وقال طائفة: لا يجمع في مسجد جمع فيه مرة أخرى. رُوي ذلك عن سالم والقاسم وأبي قِلابَة، وهو قول مالك واللَّيْث وابن المُبَارك والثّوريّ والأوْزَاعيّ وأبي حَنِيفة والشافعيّ إلا أن مالكًا قال: لا يعيد في جماعة إلا في أحد المساجد الثلاثة، وقد مرَّ ما عنده من التفضيل في ذلك، في باب الصلاة في مسجد السوق، وقال: مخالفة الجماعة، وقال مالك والشافعي: إذا كان المسجد على طريق الإِمام له أن يجمع فيه قوم بعد قوم، وحاصل مذهب الشافعي أن لا يكره في المسجد المطروق، وكذا غيره إنْ بَعُد مكان الإِمام، ولم يخف فيه. وقد مر أنَس في السادس من الإيمان