الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قرب المسجد الجامع. يكنى أبا سعيد، وقيل: أبا عبد الرحمن، وقيل: أبا زياد. قال الحسن: كان عبد الله بن مغفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر يفقِّهون الناس، وكان من نقباء أصحابه، وكان له سبعة أولاد. وعن معاوية بن قرة، قال: أول من دخل من باب مدينة تُسْتَر عبد الله بن مغفل المزنيّ، يعني يوم فتحها.
وروى عنه عنترة أنه قال: "إني لآخذ بغصن من أغصان الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها، أظله بها، فبايعناه على أن لا نَفِرّ"، وفي رواية:"إني لممن يرفع أغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب". له ثلاثة وأربعون حديثًا اتفقا على أربعة، وانفرد البخاريّ بحديث، ومسلم بآخر. روى عنه جماعة من التابعين بالكوفة والبصرة. وأروى الناس عنه الحسن البصريّ، وهو أحد البكّائين في غزوة تبوك. مات بالبصرة سنة تسع وخمسين أو ستين، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي، فصلى عليه، وليس في الصحابة عبد الله بن مغفل سواه.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وبالإفراد في موضع، والعنعنة في موضع، والقول. ورواته كلهم بصريُّون. وهذا الحديث من أفراد البخاريّ.
ثم قال المصنف:
باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا
أي هذا باب في بيان ذكر العشاء والعتمة في الآثار، من رأى إطلاق اسم العتمة على العشاء واسعًا، أي: جائزًا، والعَتَمة بالتحريك صلاة العشاء الآخرة. وقال الخليل: هي بعد غيبوبة الشفق، وأَعْتَم إذا دخل في العتمة، والعتمة الإبطاء؛ يقال: أعتم الشيء، وعَتَمَه إذا أخّره، وقد غاير المصنف بين هذه الترجمة والتي قبلها، مع أن سياق الحديثين الواردين فيهما واحد، وهو
النهي عن غلبة الأعراب على التسميتين، وذلك لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إطلاق اسم العشاء على المغرب، وثبت عنه إطلاق اسم العَتَمة على العشاء، فتصرف المصنف في الترجمتين بحسب ذلك.
والحديث الذي ورد في العشاء أخرجه مسلم عن ابن عمر، بلفظ:"لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، فإنها في كتاب الله العشاء، وإنهم يعتمون بحلاب الإبل"، ولابن ماجه نحوه بإسناد حسن عن أبي هريرة، ولأبي يعلى والبيهقيّ عن عبد الرحمن بن عوف كذلك. زاد الشافعيّ في روايته عن ابن عمر:"وكان ابن عمر إذا سمعهم يقولون العَتَمة صاح وغضب".
وأخرج عبد الرزاق الموقوف من وجه آخر عن ابن عمر، وروى ابن أبي شيبة عن ميمون بن مِهران، قال: قلت لابن عمر: من أول من سمى صلاة العشاء العَتَمة؟ قال: الشيطان. واختلف السلف في ذلك، فمنهم من كرهه كابن عمر راوي الحديث، ومنهم من أطلق جوازه، نقله ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصِّديق وغيره، ومنهم من جعله خلاف الأولى، وهو الراجح، وسيأتي للمصنف قريبًا، وكذا نقله ابن المنذر عن مالك والشافعيّ، واختاره ونقل القرطبيّ: إنما نهى عن ذلك تنزيهًا لهذه العبادة الشرعية الدينية، عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفِعلة دنيوية، وهي الحَلْبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت، ويسمونها العَتَمة، وذكر بعضهم أن تلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفًا من السؤال والصعاليك، فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة لا تطلق على فعلة دينية محبوية. وقال الطبري: العتمة بقية اللبن تغبق بها الناقة بعد هَوِيّ من الليل، فسميت الصلاة بذلك لأنهم كانوا يصلونها في تلك الساعة.
ثم قال: وقال أبو هُريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر". وقال: "لو يعلمون ما في العتمة والفجر
…
" شرع المصنف في إيراد أطراف أحاديث محذوفة الأسانيد، كلّها صحيحة مخرّجة في أمكنة أخرى، حاصلها ثبوت تسمية هذه الصلاة تارة عشاء، وتارة عتمة. وأما الأحاديث التي لا تسمية فيها، بل فيها إطلاق الفعل كقوله: "أعتم النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم" ففائدة ايراده لها الإشارة الى أن النهي عن ذلك إنما هو لإطلاق الاسم، لا لمنع تأخير هذه الصلاة عن أول الوقت. وأبو هريرة مرّ في الثاني من الإيمان، والأول أسنده البخاريّ في فضل العشاء في جماعة، والثاني أسنده في باب الاستفهام في الأذان والشهادات.
ثم قال: قال أبو عبد الله: والاختيار أن يقول: "العشاء"، لقوله تعالى:{وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} أبو عبد الله هو المصنف، وقد قال ابن المنير: هذا لا يتناوله لفظ الترجمة، لأن لفظ الترجمة يشعر بالتسوية، وهذا ظاهر في الترجيح. وفيما قاله نظر، إذ لا تنافي بين الجواز والأولوية، فالشيئان، إذا كانا جائزي الفعل، قد يكون أحدهما أولى من الآخر، وإنما صار عنده أولى لموافقته لفظ القرآن، ويترجح أيضًا بأنه أكثر ما ورد عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وبأن تسميتها عشاء يُشعر بأول وقتها، بخلاف تسميتها عتمة، لأنه يُشعر بخلاف ذلك، وبأن لفظه في الترجمة لا ينافي ما ذكر أنه الاختيار، لأنه أشار بالترجمة إلى الخلاف، وما فيه الخلاف لا يمتنع فيه الاختيار.
ثم قال: ويذكر عن أبي موسى، قال: "كنا نتناوب النبيّ صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء، فأَعْتَم بها. كأنه لم يجزم به، لأنه اختصر لفظه، قد أجاب بذلك من اعترض على ابن الصلاح حيث فرق بين الصيغتين، وحاصل الجواب أن صيغة الجزم تدل على القوة، وصيغة التمريض لا تدل. ثم بين مناسبة العدول في حديث أبي موسى عن الجزم، مع صحته إلى التمريض، بأن البخاري قد يفعل ذلك لمعنى غير التضعيف، وهو ما ذكر من ايراد الحديث بالمعنى، وكذا الاقتصار على بعضه لوجود الاختلاف في جوازه، وإن كان المصنف يرى الجواز.
وهذا التعليق وصله البخاريّ في باب فضل العشاء مطولًا بعد باب واحد، وأبو موسى مرَّ في الرابع من الإيمان.
ثم قال: وقال ابن عباس وعائشة: "أعتم النبيُّ صلى الله عليه وسلم". قوله: "أعتم"، أي:
دخل في وقت العَتَمة، ويطلق "أعتم" بمعنى "أَخَّر"، كما مرَّ. وحديث ابن عباس وصله في باب النوم قبل العشاء، وابن عباس مرَّ في الخامس من بدء الوحي، وحديث عائشة وصله في باب فضل العشاء، وباب النوم قبل العشاء، وعائشة مرت في الثاني من بدء الوحي.
ثم قال: وقال بعضهم عن عائشة: "أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعتمة" وهذا التعليق وصله البخاريّ في باب "خروح النساء إلى المساجد بالليل"، من طريق شعيب، عن الزهري، وأخرجه النّسائيّ أيضًا من هذا الطريق.
وقال جابر: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء". وهذا التعليق طرف من حديث وصله في باب "وقت المغرب"، وفي باب "وقت العشاء"، الذي يلى هذا الباب، وجابر مرَّ في الرابع من بدء الوحي.
ثم قال: وقال أبو برزة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء"، وهذا التعليق طرف من حديث وصله البخاري في باب "وقت العصر"، الذي مضى، وأبو برزة مرَّ في الثامن عشر من كتاب المواقيت.
ثم قال: وقال أنس: "أخَّر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة"، وهذا التعليق طرف من حديث وصله البخاري في باب "وقت العشاء" إلى نصف الليل، يأتي قريبًا إن شاء الله، وأنس مرَّ في السادس من الإيمان.
ثم قال: وقال ابن عمر وأبو أيوب وابن عباس: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء"، أما حديث ابن عمر وأبي أيوب، فقد وصلهما البخاري في لفظ الأول:"صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا"، ولفظ الثاني:"جمع في حجة الوداع بين المغرب والعشاء"، وأما حديث ابن عباس، فقد وصله في باب "تأخير الظهر إلى العصر" فيما مرّ، وابن عمر مرّ أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه، ومرّ أبو أيوب الأنصاري في العاشر من الوضوء، ومرَّ ابن عباس في الخامس من الوحي.