الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أذانيهما ما ذكر في حديث عائشة، ثبت أنهما كانا يقصدان وقتًا واحدًا، وهو طلوع الفجر، فيخطئه بلال ويصيبه ابن أم مكتوم. وتعقب بأنه لو كان كذلك ما أقرّه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مؤذنًا، واعتمد عليه، ولو كان كما ادعى كان وقوع ذلك منه نادرًا، وظاهر حديث ابن عمر يدل على أن ذلك كان شأنه وعادته.
وفي الحديث جواز اتخاذ مؤذنين في المسجد الوّاحد. قال ابن دَقيق العيد: وأما الزيادة على الاثنين فليس في الحديث تعرض لها، ونص الشافعي على جوازه، ونصه: ولا يتضيق إن أذن أكثر من واحد، وإذا كانوا متعددين جاز ترتيبهم واحدًا بعد واحد، إلا المغرب فيكره الترتيب فيها عند المالكية، لضيق وقتها، وإذا أدّى إلى خروج وقتها المختار حرم، وجاز جمع اثنين فأكثر على أذان واحد، ومنع منه قوم، ويقال: إن أول من أحدثه بنو أمية، ويشترط أن يكون كل واحد على أذان نفسه وإلا كره، وهذا إذا لم يؤد إلى تقطيع اسم الله أو اسم نبيه وإلا حرم، وحينئذ لا يحكى.
وقالت الشافعية: لا يكره إلا إن حصل من ذلك تهويش. واستدل به على جواز تقليد الأعمى للبصير في دخول الوقت، وهو جائز كما مرّ. وقال في "الفتح": وفيه أوجه. واختلف فيه الترجيح، وصحح النووي في كتبه أن للأعمى والبصير اعتماد المؤذن الثقة، وعلى جواز شهادة الأعمى، وقيد بأنّ تكون في قول لا في فعل، وعلى جواز العمل بخبر الواحد، وعلى أن ما بعد الفجر من حكم النهار، وعلى جواز الأكل مع الشك في طلوع الفجر؛ لأن الأصل بقاء الليل، وخالف في ذلك مالك، ففي مذهبه يحرم عليه الأكل حينئذ، ويجب عليه القضاء، ولا كفارة اتفاقًا، وعلى جواز الاعتماد على الصوت في الرواية إذا كان عارفًا به، وإن لم يشاهد الراوي وخالف في ذلك شعبة، لاحتمال الاشتباه، وعلى جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة إذا كان بقصد التعريف ونحوه، وجواز نسبة الرجل إلى أمه إذا اشتهر بذلك واحتيج إليه.
رجاله خمسة:
وفيه ذكر بلال وابن أم مكتوم.
الأول: عبد الله بن مسلمة، وقد مرّ في الثاني عشر من الإيمان، ومرّ سالم بن عبد الله في السابع عشر منه، ومرّ عبد الله بن عمر أوله، قبل ذكر حديث منه، ومرّ بلال في التاسع والثلاثين من العلم.
وأما ابن أم مكتوم القُرَشيّ، ويقال: اسمه عبد الله وعمرو أكثر، وهو ابن قَيْس بن زائدة بن الأصمّ، ومنهم من قال: عمرو بن زائدة، ولم يذكر قيسًا. ومنهم من قال قيسًا بدل زائدة.
واسم الأصم جُندبُ بن هرم بن رَواحة بن حِمْير بن مَعيص بن عامر بن لُؤَيّ القُرشيّ العامريّ، واسم أمه أم مكتوم، عاتكة بنت عبد الله بن عَنْكَثَة، بمهملة ونون ساكنة، وبعد الكاف مثلثة، ابن عائذ بن مخزوم. وهو ابن خال خَديجة أم المؤمنين، فإن أم خديجة أخت قيس بن زائدة، واسمها فاطمة. أسلم قديمًا بمكة، وكان من المهاجرين الأولين مع مصعب، قدم المدينة قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل بعده، وبعد وقعة بدر بيسير. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلفه في عامّة غزواته يصلي بالناس. يقال: إنه استخلفه في ثلاث عشرة غزوة: في الأبواء وبُوَاط وذي العشيرة، وغزوته في طلب كُرْز بن جابر، وغزوة السَّويق، وغَطَفان، وغزوة أحد وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرِّقاع، وفي خروجه في حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر، ثم استخلف أبا لُبابة لما رده من الطريق. وأما رواية قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين فلم يبلغه ما بلغ غيره.
وهو المذكور في سورة عبس وتولى، ونزلت فيه:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، لما نزلت:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} ، لما قال ابن أم مكتوم:"يا رسول الله، رجل ضرير". خرج إلى القادسية، فشهد القتال، وكان معه اللواء حينئذ، واستشهد هناك. وقيل: بل رجع إلى المدينة فمات بها، ولم يسمع له بذكر بعد عمر بن الخطّاب. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه في كتب السنن. وروى عنه عبد الله بن شَدّاد بن الهاد، وعبد الرحمن بن أبي ليلي وأبو رَزِين الأسديّ وآخرون.
ثم قال المصنف: