الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ولأن أبا معاوية أحفظ في حديث الأعمش من غيره، ومنهم من سلك عكس ذلك، ورجح أنه كان إماما، وقد جزم بذلك الضياء وابن ناصر وقال: إن صح وثبت أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى خلف أبي بكر مقتديًا به في مرض موته، ولا ينكر هذا إلا جاهل، وقد ثبت في صحيح مسلم أنه صلى خلف عبد الرحمن بن عَوْف في غزوة تبوك صلاة الفجر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج لحاجته، فقدم الناسُ عبدَ الرحمن، فصلى بهم، فأدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأخيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام النبيّ صلى الله عليه وسلم يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح، فلما قضى عليه الصلاة والسلام صلاته، أقبل عليهم ثم قال:"أحسنتم أو قد أصبتم" يغبطهم لأنهم صلوا لوقتها. ورواه أبو داود ونحوه.
وقد روى الدارقُطنِيّ عن المُغيرة بن شُعْبَة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما مات نبي حتى يؤمه رجل من قومه" ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدد، ويؤيده اختلاف النقل عن الصحابة عن غير عائشة، فحديث ابن عباس فيه أن أبا بكر كان مأمومًا كما في رواية موسى بن أبي عائشة الآتية، وكذا في رواية أرْقَم بن شُرحبيل عن ابن عباس السابقة. وفي حديث أنس أن أبا بكر كان إمامًا، أخرجه التِّرمِذِيّ وغيره، من رواية حُمَيد عن ثابت عنه بلفظ "آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في ثوب" وأخرجه النَّسائيّ من وجه آخر عن حُميد عن أنس، فلم يذكر ثابتًا، وقد مرَّ بيان ما يترتب على هذا الاختلاف من الحكم مستوفى في باب الصلاة في السطوح، عند ذكر الحديث الذي فيه "إنما جُعل الإِمام ليوتم به" وتأتي بقية فوائده مستوفاة في الحديث الذي بعده، جمعًا بين فوائدهما لاتحادهما.
رجاله ستة:
وفيه ذكر أبي بكر، ولفظ رجلين مبهمين، وهما عليّ والعباس. وقيل أسامة بن زَيد والفَضْل بن العباس. أما رجاله الستة:
فالأول: عُمَر بن حَفْص.
والثاني: أبو حفْص، وقد مرا في الثاني عشر من كتاب الغسل، ومرَّ الأعمش وإبراهيم بن زيد في الخامس والعشرين من الإيمان، ومرَّ الأسْوَد بن يزيد في السابع والستين من العلم، ومرَّ علي في السابع والأربعين منه، ومرت عائشة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ العباس في الثالث والستين من الوضوء ومرَّ أسامة في الخامس منه، ومرَّ أبو بكر في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق، بعد الحادي والسبعين منه.
وأما الفضل، فهو الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه أم الفضل، لُبابَةُ الكبرى بنت الحارث الهِلالية، أخت أم المؤمنين مَيْمونة بنت الحارث، كان أسن إخوته، وبه كُني أبوه وأمه، يكنى أبا العباس، وقيل أبا عبد الله، وقيل أبا محمد، وبه جزم ابن السكن، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحنينًا، وثبت معه حينئذ، وشهد معه حجة الوداع. ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أرْدَفه في حجة الوداع، وفي حديثه هذا "لما حول وجهه عن الخَثْعَمية رأيتُ شابًا وشابة، فلم آمن عليهما الشيطان" وكان أجمل الناس وجهًا، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم زوجه وأَمْهَر عنه، وسمى البَغَوِيّ امرأته صفية بنت مَحْمِيَة بن جَزْء الزبيدي.
شهد غسل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان يصب الماء عليه حينئذ، له أربعة وعشرون حديثًا اتفقا على اثنين، روى عنه أخواه وقُثَم، وأبو هُريرة وابن أخيه عباس بن عُبيد الله والشّعبيّ وغيرهم. وأخرج البَغَوِيّ عن ابن عباس عن أخيه الفَضْل فقال "جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذ بيدي، وقد عصب رأسه، فأخذت بيده، فأقبل حتى جلس على المِنبر، فقال: نادِ في الناس، فصحت فيهم فاجتمعوا له، فذكر الحديث.
واختلف في وقت موته، فقال ابن السّكْن: قتل يوم أجنادَين في خلافة أبي بكر سنة ثلاث عشرة، وقيل مات يوم مرج الصُّفَّر، وذلك أيضًا سنة ثلاث عشرة، إلا أن الأمير كان يوم الصفر خالد بن الوليد، وكان بأجنادَين أربعة أمراء، وكان عليهم جميعًا عمرو بن العاص يومئذ، وقيل: مات في طاعون عَمَوَاس بناحية