الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنقد فأجيزوه وما كان بنسيئة فردوه (1)» وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع (2)» وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة (3)» .
أما الإجماع فقد انعقد على مشروعية الشركة في الجملة، فقد ورد في المغني (4):" وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة " وقال صاحب كشاف القناع (5): " وهي جائزة بالإجماع " وقال صاحب مغني المحتاج (6): " والأصل فيها قبل الإجماع " كقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} (7) وجاء في شرح منح الجليل: " ودليلها الإجماع في بعض صورها "، وجاء في العناية:" والشركة جائزة لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث والناس يتعاملون بها فقررهم عليها، وتعاملها الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير منكر ".
(1) رواه أحمد والبخاري بمعناه انظر المنتقى من أخبار المصطفى من 374/ 2ط ونشر رئاسة البحوث العلمية والإفتاء 1403.
(2)
أخرجه البخاري بمعناه (ح 2499 وح2331) ومسلم انظر شرح النووي على مسلم 10/ 208.
(3)
أخرجه البخاري بمعناه (ح2496) ومسلم بمعناه انظر شرح النووي على مسلم 11/ 46.
(4)
5/ 3.
(5)
3/ 495.
(6)
2/ 211.
(7)
سورة الأنفال الآية 41
الحكمة من مشروعية الشركة:
فهذه الأدلة من الآيات والأحاديث والإجماع دليل على مشروعية
الشركة قهرا أو إجبارا وابتداء، ولا يخفى ما للمشاركات من فوائد في تنمية الاقتصاد وتقوية المجتمع من تنشيط الحركة في شتى مجالات الأعمال، قال صلى الله عليه وسلم:«احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن (1)» . ولما في الشركات من التعاون الذي أمر الله به، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) ومعلوم تفاوت أفراد الناس بالعقلية والذكاء وحسن التدبير والحنكة والحذق، فهذا أقوى ببدنه وهذا أقوى بعقله وهذا حسن التصرف، فالمسلمون أغنياء بتعاليم إسلامهم فيما ينشط اقتصادهم ويرفع معنوياتهم في دنياهم من دون مساس في دينهم وأخلاقهم.
(1) أخرجه مسلم (ح 2664) وابن ماجه (ح179) وأحمد في السنن 2/ 366 - 370
(2)
سورة المائدة الآية 2
تعريف شركة الأبدان:
القول بشركة الأبدان موجود عند ثلاثة من المذاهب الأربعة، واختلفوا في تطبيق جزئياتها وفي التصريح بها أو إدخالها ضمنا، والمقصود لا يخلو مذهب من القول بها غير الشافعية، وسيتضح هذا إن شاء الله مما أسوقه من تعاريفهم.
جاء عند الحنابلة " وشركة الأبدان هي أن يشترك اثنان فأكثر فيما يكتسبونه بأيديهم كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم "(1).
وعرفها ابن مفلح في الفروع " بأن يشتركا فيما يتقبلان في ذممهما من عمل "(2).
وعرفها في المبدع بقوله: " وهي أن يشتركا أي اثنان فأكثر فيما
(1) المغني لابن قدامة 5/ 5.
(2)
الفروع 4/ 400.
يكتسبان بأبدانهما أي يشتركون فيما يكتسبون بأيديهم وصنائعهم فما رزق الله فهو بينهم " (1).
وعرفها الفتوحي في المنتهى: " أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانهما من مباح كاحتشاش واصطياد وتلصص على دار الحرب ونحوه "(2).
وعرفها الشافعية بقولهم: " أن يشترك الدلالان أو الحمالان أو غيرهما من أهل الحرف على ما يكسبان ليكون بينهما متساويا أو متفاضلا "(3) وبعبارة أخرى كما عند الشربيني هي: " الاشتراك بين محترفين على أن كسبهما بينهما متساويا أو متفاوتا مع اتفاق الصنعة أو اختلافها "(4).
لكن من حيث حكمها لم يقولوا بها، بل اعتبروها باطلة ففي تعريفهم لها تصوير لإبطالها بخلاف الثلاثة فالشافعية وافقوا الثلاثة في التعريف لا في الحكم.
وعرفها المالكية بقولهم: " أن يشترك صانعان فأكثر على أن يعملا معا ويقتسما أجرة عملهما بنسبة العمل بشرط أن تكون الصنعة متحدة كحد أدنى أو أن يتلازم عمل أحدهما مع عمل الآخر وأن يتساويا في العمل أو يتقاربا فيه "(5).
وعرفها الحنفية بقولهم: " أن يشتركا على عمل من الخياطة أو القصارة أو غيرهما فيقولا اشتركنا على أن نعمل فيه على أن ما رزق الله عز وجل من أجرة فهي بيننا على شرط كذا "(6).
(1) ابن مفلح المبدع 5/ 39.
(2)
المنتهى مع شرحه 2/ 339.
(3)
روضة الطالبين 4/ 279.
(4)
الغرر البهية شرح البهجة 3/ 3 / 170.
(5)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/ 361.
(6)
بدائع الصنائع للكاساني 6/ 57 وانظر فتح القدير لابن الهمام 5/ 28.
وبإمعان النظر في هذه التعاريف نجد بعضها أعم من بعض، فعند الحنابلة تناولت التعاريف أعمال البدن فيما يصنع أو يكسب من المباحات وفيما يتقبل في الذمة ويشترط المالكية اتحاد الصنائع والمكان وتساوي العمل أو تقاربه.
أما تعريف الحنفية فمفهومه تخصيصها في الصنائع دون الذمم وكسب المباحات ويتضح لنا من هذه التعاريف ما يأتي:
1 -
شمول بعضها للماهية وهو المطلوب في التعاريف وإضافة الشروط لبعض التعاريف.
2 -
اتفاق الفقهاء على تعريف شركة الأبدان في الجملة.
3 -
اختلافهم في حكمها.
4 -
اختلافهم في اشتراط التساوي في العمل عند من قال بها.
5 -
اختلافهم في مسماها، كما سيأتي.
تسمياتها:
تعددت مسميات شركة الأبدان عند الفقهاء فسميت بـ:
1 -
شركة الصنائع.
2 -
شركة التقبل.
3 -
شركة الأعمال.
4 -
شركة الأبدان.
5 -
شركة التضمين.
وأسباب تعدد مسمياتها ما يلي:
1 -
سميت هذه الشركة بـ " شركة الصنائع " لأنها شركة بين أصحاب الحرف والصنائع.
2 -
وسميت بـ " شركة التقبل " لأن المشتركين يتقبلون الصنائع والأعمال من الناس.
3 -
وسميت بـ " شركة الأعمال " لأن مدارها على العمل.
4 -
وسميت بـ " شركة الأبدان " لأن العمل بالبدن غالبا.
5 -
وسميت بـ " شركة التضمين " لأن كل واحد من الشركاء ضامن لما يتقبله الآخر.
مشروعيتها:
شركة الأبدان مشروعة في الجملة بالأدلة - لما فيها من التعاون على المعيشة ومقومات الحياة والتكاتف. .
1 -
من الكتاب العزيز:
(أ) قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) فيعم هذا الأمر المصالح الدينية والدنيوية.
(ب) قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (2).
والولاية تتناول ما فيه نصرة وعون وتشجيع وتأييد في شتى المجالات.
2 -
من السنة المطهرة:
(أ) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء "(3).
(ب) عن رويفع بن ثابت قال: إن كان أحدنا في زمن رسول الله
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة التوبة الآية 71
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع (ح 3388) وابن ماجه (ح 2288) والبيهقي 6/ 79.